ليس من اللياقة تناول فكرة طريفة في وقت يتعرض فيه شعب مثل الشعب الليبي لمجزرة دموية علي يد مرتزقة استأجرهم الزعيم الذي يقود البلاد رغماً عنها منذ ما يزيد علي أربعين عاماً. نقول ذلك وقلوبنا مع الشعب الليبي الذي نكب بالقذافي صاحب الأفكار والتصرفات التي تجلب الابتسام للعالم أجمع. أول ما يتبادر للذهن سؤال عما يمكن أن يجري لاسم ليبيا الطويل: الجماهيرية العربية الاشتراكية الليبية الوحدوية العظمي، فالمعروف أن القذافي أضاف لقب العظمي إلي اسم البلاد الرسمي في أعقاب المواجهات التي جرت عام 1986 بين بضعة طائرات أمريكية وبين مضاداته الأرضية أسفرت عن تدمير منزله في باب العزيزية بطرابلس دون أن يطوله سوء نظراً لكونه كان خارج المنزل منطلقاً في الصحراء التي يجد فيها أمانه الشخصي، وفرصته في الوقت نفسه في التأمل والخروج إلي العالم بنظريات مثيرة للسخرية مثل حل الصراع العربي الإسرائيلي بإقامة دولة باسم »إسراطين« - جمع ما بين إسرائيل وفلسطين بتصرف - فالقذافي بعد طول تأمل، تصور أن المشكلة في هذا الصراع هو التوفيق بين مسمي إسرائيل ومسمي فلسطين، وبعد أن توصل إلي هذا الحل العبقري وصف الفلسطينيين والإسرائيليين بأنهم أغبياء كونهم عجزوا عن التوصل لهذا الحل منذ زمن طويل!! قبل أن ننسي نكمل حكاية سر إضافة لقب »العظمي« إلي اسم ليبيا بعد عام 1986. برر القذافي قراره بخلع لقب العظمي علي بلاده، بمنطق غاية في البساطة واللطف علي النحو التالي: بما أن الدول العظمي لا تحارب إلا دول عظمي مثلها، وبما أن العالم يعترف بالولاياتالمتحدةالأمريكية دولة عظمي، فإن المواجهة (العلقة التي تلقاها القذافي) مع أمريكا تعني أن ليبيا دولة عظمي!! فتخيل معي عزيزي القارئ الآن احتمال أن يتمكن القذافي من التغلب علي الثوار الرافضين لحكمه هو وأسرته، وأنه استرد قوته وسيطرته علي كامل البلاد!! ربما ينسي الفذافي لفترة قليلة تخليص حساباته مع الشعب الليبي، ومن المؤكد أنه سينسي ذلك مؤقتاً لحين البحث عن وسائل انتقام جهنمية من كل ليبي لم يثبت ولاءه له أثناء الثورة التي سيسميها حتماً باسم من تلك الأسماء التي استخدمها أثناء المواجهات مثل »هجمة الجرذان« أو »انتفاضة الجراثيم«. أما الذي لن ينساه القذافي ولو للحظة واحدة فهو البحث عن اسم جديد لليبيا يتناسب مع حجم انتصاره، فمواجهة لم تستمر سوي أقل من نصف ساعة مع الولاياتالمتحدة حولت ليبيا إلي دولة عظمي!! فما بالنا إذا ما خرج القذافي منتصراً من مواجهة جرت بين مرتزقته وبين تحالف دولي يضم 28 دولة وبقيادة حلف الناتو وعلي مدي عدة أشهر؟ قياساً علي هذه المقارنة ربما يطرح العقيد مسابقة عالمية لاختيار اللقب الجديد الملائم للجماهيرية بعد هذا الانتصار المؤزر. والرجل في الغالب لن يقتنع بأي اقتراحات وسيعلن حتماً حجب الجائزة لعدم جدارة أي متسابق بها، فهو القائل في أحد خطبه في عز تقدم الثوار »إن ليبيا تقود أفريقيا وآسيا« قبل أن يكمل »بل تقود العالم«!! فمن يستطيع أن يخترع لقباً للجماهيرية يتناسب مع هذا التصور؟ ومن يستطيع أن يوفي القذافي حقه سوي القذافي نفسه، وبناء علي ذلك: ألن يكون لديه كل الحق - إذا ما انتصر علي التحالف الدولي ذي الثمانية وعشرين دولة - أن يطالب بإلغاء الأممالمتحدة ومجلس الأمن بعد أن تمكن من هزيمة ثلاث قوي عظمي لها حق الفيتو، وأن يستبدل مؤسسات النظام الدولي بلجان شعبية ولجان ثورية تتولي توحيد العالم تحت مسمي »الجماهيرية الكونية العظمي« لصاحبها العقيد وولده أو أنجاله؟ لا أستبعد أن يفعل العقيد ذلك، فالشعارات التي يرددها الشعب المحتجز رغم أنفه في ساحة العزيزية بطرابلس تقول »الله ومعمر.. نريد إياه وبس« وهو شعار يعكس في الواقع قناعة القذافي بأن العالم لا يتسع سوي لاثنين هو والله (أستغفرك ربي من هذا الشرك).. ولك الله يا شعب ليبيا، بل لكل البشر إذا ما بقي القذافي في السلطة.