مهندس حسن المراكبى عضو غرفة الصناعات المعدنية: تعد صناعة الصلب من أكثر الصناعات نمواً فى مصر من بين مختلف الصناعات الأخرى، والدليل على ذلك هو الأرقام التى تحققها فى التصدير للأسواق الخارجية مقارنة بنحو عشر سنوات سابقة. وتعمل هذه الصناعة العملاقة فى ظل ظروف اقتصادية قاسية للغاية لأسباب متباينة ومتعددة منها وباء كورونا، والارتفاع المتواصل فى أسعار النفط بصورة لم يشهدها العالم منذ عام 2004 على وجه التحديد، وأخيراً قيام الحكومة برفع الرسوم الحمائية التى كانت مفروضة على البليت وحديد التسليح المستورد.. كل هذه العوامل أدت إلى نتائج عكسية وسلبية على الصناعة المحلية كان أبرزها تراجع حجم المبيعات، وتباطؤ الطلب على منتجات الصلب فى ظل ارتفاع كبير فى تكاليف الإنتاج.. التقيت المهندس حسن المراكبى رئيس مجموعة المراكبى للصلب وعضو غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات للوقوف على واقع ومستقبل صناعة الصلب فى مصر وكان الحوار التالى: تسعير منتجات الصلب تخضع للخامات بالبورصات العالمية بداية سألت المهندس حسن المراكبى عن انتخابات غرفة الصناعات المعدنية الساخنة والمشاكل الدائرة بين بعض المرشحين فأجاب: - الانتخابات- أى انتخابات- فى أى غرفة صناعية أو أى مكان فى العالم وليس مصر وحدها فيها اختلافات فى وجهات النظر، وهى فى النهاية منافسة شريفة لخدمة الصناعة بشكل عام، واعذرنى لن أستطيع الحديث معك بشأن الاختلاف فى وجهات النظر الدائر بين بعض المرشحين أو حتى عن القوائم المتنافسة. كيف ترى واقع صناعة الصلب المحلية فى الوقت الراهن فى ظل الارتفاع المتواصل فى أسعار الطاقة عالمياً؟ - صناعة الصلب بكل تشيكلاتها سواء حديد تسليح أو درفلة أو مسطحات أو لفائف أو أطوال أو صاج أو غيرها تعمل فى ظل ظروف صعبة، وأنت ترى الارتفاع المتواصل والكبير جداً فى أسعار الطاقة والبترول عالمياً، ووصل الأمر إلى انزعاج قيادات الدول الصناعية الكبرى وفى مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا وغيرها.. تسبب الارتفاع الكبير فى أسعار النفط فى زيادة أسعار الغاز محلياً المورد لمصانع الصلب من 4٫5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية إلى 5٫75 دولار، ومعروف أن الغاز أحد أهم المدخلات خاصة فى صناعة الصلب المتكاملة، وبالتبعية أدت الزيادات فى أسعار الغاز إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والتشغيل، أضف إلى ذلك الصعود الكبير فى أسعار الخامات بالبورصات العالمية.. وعدم توافرها بالشكل المطلوب، بالإضافة إلى الزيادات الكبيرة جداً فى أسعار الشحن والنقل.. كل هذه العوامل وغيرها أضعفت حجم المبيعات، وعدم قدرة المصانع خاصة المصانع المتكاملة وشبه المتكاملة على تصريف منتجاتها وتحقيق معدلات نمو. ولكنكم كمصانع تقومون برفع أسعار المنتجات خاصة حديد التسليح لتعويض خسائركم على حساب المواطن.. ما ردكم على ذلك؟ - لابد أن تعرف وتدرك تماماً أن كل المصانع المنتجة فى قطاع الصلب تقوم بتسعير منتجاتها وفقاً لأسعار الخامات بالبورصات العالمية، وأرجع إلى تسعير المنتجات بأى دولة منتجة للصلب ستجد أن أسعار المنتجات لديها متغيرة هى الأخرى وفقاً للأسعار بالبورصات العالمية مع الإشارة إلى أننا دولة ليست منتجة للخامات خاصة الخردة التى لا يتعدى إنتاجنا منها سوى 10٪ من حجم احتياجات الصناعة، والكميات المتبقية يتم استيرادها من الخارج.. ما أريد التأكيد عليه فى هذه النقطة أن قضية تسعير منتجات الصلب فى ظل المتغيرات المتواصلة فى أسعار النفط الآخذة فى الصعود أصبحت لحظية، بمعنى أن الأسعار قد تتغير من وقت لآخر فى لحظة! هل أنتم من المرحبين بقرار الحكومة بطرح رخص جديدة أم من الرافضين لهذا القرار فى هذا التوقيت الذى تعانى فيه الصناعة؟ - ولماذا نرفض طرح رخص جديدة؟ الأمر فى النهاية سيكون لصالح الصناعة، وإذا نظرت إلى الرخص الثلاث الجديدة- مثلاً- فستجد أن إحدى الرخص المطروحة لإنشاء مصنع مكورات، ونحن فى مصر لا نمتلك مصنعاً للمكورات وهى المادة الخام التى تدخل فى عملية الاختزال.. طبعاً أنا من المرحبين بقرار الحكومة بطرح رخص جديدة لأن ذلك سيكون كما قلت لك فى صالح الصناعة بوجه عام، وسيخلق قيمة مضافة كبيرة للصناعة المحلية. فى رأيكم.. لماذا لا تقوم مصانع الدرفلة الموجودة فى مصر بإنشاء أفران صهر عملاقة وتلجأ إلى التكامل؟ - من حق أى مصنع درفلة أن يتكامل، ولكن لا تنسَ أن إنشاء أفران صهر فى حاجة إلى رؤوس أموال ضخمة جداً وأرقام ضخمة ومرعبة. المشروعات القومية الكبرى ساعدت مصانع الحديد على الخروج من أزمتها هل الإنتاج المحلى من البليت يكفى احتياجات المصانع بما فيها مصانع الدرفلة؟ - إنتاج مصر من البليت يصل إلى 15 مليون طن وفقاً لتصميمات الطاقات الإنتاجية بالمصانع المتكاملة وشبه المتكاملة ولكن المصانع تستهلك من 6 إلى 8 ملايين طن حالياً، و10 ملايين طن تكفى استهلاكات المصانع. بالتأكيد تابعتم قمة المناخ التى عقدت مؤخراً فى سويسرا ولاحظتم اهتمام قادة الدول الصناعية الكبرى بالانبعاثات الكربونية فى المصانع.. هل صناعة الصلب المحلية سيكون لها نصيب فى المستقبل القريب من الاهتمام بقضية الانبعاثات الكربونية والطاقة الأنظف؟ - الموضوع الذى تتحدث فيه مهم للغاية، لأن كل دول العالم الصناعية الكبرى تولى اهتماماً كبيراً وبالغاً بقضية الانبعاثات الكربونية وتحديد كوتة لكل مصنع تتم مراجعتها سنوياً، وعدا ذلك سيتم فرض غرامات وضرائب على المصانع فى حالة عدم الالتزام بالقواعد والضوابط الخاصة بالانبعاثات الكربونية مع الإشارة إلى أن تكنولوجيا الD.R.i بدأت فى استخدام الهيدروجين لتقليل الانبعاثات الكربونية.. والملاحظة الجديرة بالذكر فى هذه النقطة أن الدول الصناعية الكبرى لن تعطى تمويلات للدول النامية إلا إذا كانت منتجاتها المصدرة لأسواقها صديقة للبيئة، ولهذا ستلجأ كل المصانع فى مصر إلى الاهتمام بهذه القضية بالغة الأهمية. قطعنا شوطاً كبيراً فى التصدير.. والرخص الجديدة ستخلق قيمة مضافة للصناعة فى ظل ارتفاع تكاليف التشغيل والإنتاج هل ستلجأون الفترة القادمة إلى زيادة أسعار حديد التسليح؟ - سبق أن قلت لك إن تسعير منتجات الصلب يخضع لأسعار الخامات فى البورصات والسوق كما ترى يعانى بطئاً شديداً فى تصريف المنتجات وبالتالى تراجع المبيعات. ولكنكم لجأتم إلى التصدير كأحد أهم المخرجات لمواجهة التكاليف والأعباء الموجودة فى المصانع؟ - ليس أمامنا خيار آخر فى ظل الأعباء الكبيرة التى تواجهها المصانع خاصة المصانع المتكاملة وشبه المتكاملة سوى التصدير، ونحن فى مجموعة المراكبى نصدر إلى العديد من الدول منها البرازيل، رومانيا، إسبانيا، إيطاليا، الولاياتالمتحدةالأمريكية وهناك شحنة الشهر المقبل سيتم تصديرها إلى أمريكا، بالإضافة إلى أننا نصدر إلى عدة دول عربية منها الأردن، السودان، ليبيا، وتصل صادراتنا إلى 100 ألف طن تقريباً. ألا تتفق معى على أن المشروعات القومية الكبرى والنهضة الشاملة التى تشهدها مصر ساعدت مصانع الصلب على الخروج من أزمتها؟ - نعم أتفق معك.. تماماً فعلاً المشروعات القومية التى تشهدها مصر فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى ساعدت المصانع المنتجة لحديد التسليح ومنتجات الصلب المختلفة على الخروج من أزمتها فى ظل وجود كورونا، وانتشار المصانع الصينية التى يتم إنشاؤها دون تراخيص، وارتفاع أسعار الخامات عالمياً. هل المصانع تعمل بكامل طاقتها حالياً؟ - للأسف المصانع تعمل ب50 و60٪ من طاقتها الإنتاجية بسبب تكاليف الإنتاج الباهظة. هل تعتزمون إجراء توسعات فى مجموعة «المراكبى» فى الوقت الحالى؟ - التوقيت الحالى وظروف السوق لا يسمحان بإجراء توسعات فى الوقت الحالى، فلدينا طاقات إنتاجية لا بأس بها حيث ننتج نحو 400 ألف طن بليت، و700 ألف طن درفلة ونصدر للعديد من الأسواق الخارجية، ومصانعنا مصممة لإنتاج طاقات كبيرة بمواصفات قياسية عالمية.