أصل الحكاية | رحلة العائلة المقدسة ومحطات الأنبياء في مصر    البابا تواضروس يشهد احتفالية «أم الدنيا» في عيد دخول السيد المسيح أرض مصر    رونالدينيو وبيل في ويمبلي لمتابعة نهائي دوري أبطال أوروبا.. صور    "تمهيدًا لرحيل عبدالمنعم".. الأهلي على أعتاب ضم مدافع قطري    "القليوبية" يفوز على دمياط بهدفين ويتأهل لدور الثمانية بدورى مراكز الشباب    أسامة كمال بعد كذب التصريحات الأمريكية: "الدبلوماسية بقت عنجهية ولا يدفع الضريبة إلا العزل الفلسطينيين"    مصر وقطر وأمريكا يدعون حماس وإسرائيل لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار    أحمد حلمي من شوارع هولندا يدعم القضية الفلسطينية    زعيم المعارضة الإسرائيلية: حكومة الحرب الأسوأ والأكثر فسادا    راديو إنرجي يكرم سيد أسامة عن دور «ميكا» في مسلسل خالد نور وولده نور خالد    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    حسين فهمي: أنا من الجيل اللي عاش عشان يحضر اليوبيل الذهبي لجمعية الفيلم    أسامة كمال: مصر دولة وشعبا وإعلاما لديها موقف موحد إزاء القضية الفلسطينية    مصر تشاركُ في فعالياتِ مؤتمرِ العملِ الدوليِ بجنيف    رئيس مجموعة «هلب القابضة» ل مال وأعمال- الشروق: ضخ 140 مليون دولار استثمارات لإنشاء مصنع للأدوية    انتهاء مهلة استخراج بطاقات الإعفاء من الإقامة للأجانب 30 يونيو    لأول مرة.. جامعة بنها بالتصنيف الروسي (RUR) لعام 2024    احتفالات مستمرة.. البابا تواضروس والمتحدة يحتفلون بذكرى دخول العائلة المقدسة أرض مصر    "الصحة العالمية": الأوضاع في غزة تزداد سوءًا كل يوم    للعام الثالث على التوالي.. انطلاق نهائي الدورى المصرى للجولف في مدينتي    موعد عرض الجزء الثاني من المسلسل الوثائقي "أم الدنيا" ل سوسن بدر    اكتمال السعة التخزينية لصومعة القمح بالعوينات.. وتوريد 433 ألف طن قمح بالوادي الجديد    تضامن شمال سيناء تجتمع لتعريف حجاج الجمعيات الأهلية بجميع المناسك    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    أول تعليق من نيللي كريم بعد انفصالها عن هشام عاشور    طقس المنيا الآن.. ارتفاع درجات الحرارة وتقلبات جوية ورياح شديدة.. فيديو    المشدد 10 سنوات لعاطلين بتهمة حيازة أسلحة وذخائر والتعدى على شخص بقليوب    صور.. بدء اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني    رئيس جامعة الأقصر يتفقد امتحانات كليات الفنون والآثار والحاسبات    احذر الركوب دون شراء تذكرة.. تعرف على غرامات القطارت 2024    تأكيدا ل«أهل مصر».. ليفربول يرفض مشاركة محمد صلاح في أولمبياد باريس 2024    وزير الصحة: تقديم خدمات مبادرة إنهاء قوائم الانتظار ل2.2 مليون مريض    القيادة الفلسطينية تؤكد وجوب وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة    استعدادات مجلس أمناء الحوار الوطني لانطلاق الاجتماعات ب«الوطنية للتدريب» | صور    وزير الرياضة يطمئن علي بعثة منتخب المصارعة    وزير الأوقاف: حققنا أكبر مبلغ يومي في صكوك الأضاحي بواقع 11 مليون جنيه    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    «مفيهاش علمي ولا أدبي».. وزير التعليم يكشف ملامح الثانوية العامة الجديدة    وزير البترول يفتتح توسعات مصفاة تكرير النصر للبترول بالسويس    السجن 5 أعوام ل5 أشخاص سرقوا سيارة لمساومة مالكها في الإسكندرية    جديد «سفاح التجمع».. ترك السيارة بالإسكندرية لتضليل الشرطة أثناء محاولة هروبه    بعد التحذير من تناولها وبيعها.. أعراض الإصابة بالتسمم من أسماك الأرنب    تركيا ترفض مشاركة الناتو في حرب أوكرانيا...تفاصيل    في الجول يكشف تفاصيل مفاوضات الأهلي مع كوناتي    وزير الإسكان يتابع موقف إدارة الحمأة الناتجة من محطات الصرف الصحي وإعادة استخدامها والاستفادة منها في توليد الطاقة    آخر تحديث.. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 1-6-2024    الكشف الطبي على 1425 حالة خلال قافلة طبية بقرية سمهان بمركز ديرمواس بالمنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    تعرف على تفاصيل ملف فوز القاهرة كعاصمة السياحة لأعضاء منظمة التعاون الإسلامي    شروط ورابط وأوراق التقديم، كل ما تريد معرفته عن مسابقة الأزهر للإيفاد الخارجي 2024    السيسي يبحث مع عضو الشيوخ الأمريكي سبل حل أزمة غزة    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    عبد المجيد يكشف عن مثله الأعلى محليا وعالميا.. وفريق أحلامه في أوروبا    البريد يفتح أبوابه اليوم لصرف معاشات شهر يونيو.. ويوم عمل استثنائي لبنك ناصر    ماس كهربائى يتسبب فى اندلاع حريق داخل منزل بمنطقة أوسيم    هيئة الرعاية الصحية والمنظمة الدولية للهجرة يبحثان سبل التعاون المشتركة    طب القاهرة تستضيف 800 طبيب في مؤتمر أساسيات جراحات الأنف والأذن    «إنت وزنك 9 كيلو».. حسام عبد المجيد يكشف سر لقطته الشهيرة مع رونالدو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المالك والمستأجر.. مأساة تتوارثها الأجيال
بعد تدخل البرلمان لتعديل القانون القديم
نشر في الوفد يوم 18 - 08 - 2021

مَن الظالم ومَن المظلوم؟، سؤال تتوارثه الأجيال فيما يتعلق بقضية العلاقة بين المالك والمستأجر، فهناك عقارات بملايين الجنيهات وإيجارها الشهرى ملاليم، يستغلها بعض المستأجرين ويربحون من ورائها ملايين بل ويتناقلون ملكيتها «صورياً»، بينما هناك من تمثل لهم هذه العقارات مكاناً يحميهم من غلاء المعيشة وأسعار الشقق الجديدة الباهظة.
العلاقة بين المالك والمستأجر شائكة تتخللها خيوط من الألم وحكايات ومآسٍ تضيع فيها الحقوق، فهناك ملاك على الورق لا يملكون من الدنيا سوى جدران لا يستفيدون منها، ومدرجون فعلاً ضمن ذوى الأملاك لكنهم تحت مستوى خط الفقر، ومستأجرون بعضهم يلعب بورقة قانون الإيجار القديم ضارباً برأس المالك عرض الحائط، مستغلاً وحدته لكسب الملايين، وآخرون لا يجدون ملجأ إلا شقة العائلة التى تركها الأب لأبنائه.. حكايات الملاك والمستأجرون تاهت فيها المعايير، فالظالم فى عقارات وسط البلد ربما يكون مظلوماً فى المناطق العشوائية.. ويبقى السؤال: كيف ينهى البرلمان تلك المعادلة الصعبة التى تحولت إلى كابوس للملاك وطعنة فى ظهر المستأجرين؟ فالجميع حتى الآن يخشى أن يضع يده داخل جحر القوانين، الشرع من جهته حرم أبدية العقود إلا أنه حتى الآن لم نر حلاً لآلاف المواطنين الذين تعلقت أرواحهم بجدران المنزل الذى شهد أيام العشرة الطويلة بحلوها ومرها.
فى هذا الملف نرصد مآسى المستأجرين والملاك، وخلافاتهم المستمرة التى تصل إلى المحاكم دون حلول جذرية.
13 قانوناً للإيجار.. والمشكلات «عرض مستمر»
قوانين الإيجار القديمة قنبلة موقوتة، تتسبب فى كثير من المشكلات داخل المجتمع المصرى منذ سنوات طويلة، وكثيرا ما تم الإعلان عن مناقشتها فى مؤسسات الدولة المختلفة خلال السنوات الماضية، إلا أنها تكاد تكون عصية على الحل.
1920 كان العام الذى صدر فيه أول قانون للإيجار فى مصر، وعلى مدى مائة عام صدر العديد من القوانين الخاصة بهذا الشأن كان لكل منها ظروفه الاجتماعية والاقتصادية.
وفى ظل ظروف الحرب العالمية الأولى صدر أول قانون وهو قانون رقم 11 لسنة 1920 بتقييد أجور المساكن ووضع حد أقصى للأجرة بأن يكون مساوياً للأجرة المنصوص عليها فى أول أغسطس 1914 مضافا إليها 50%، كما نص على عدم جواز قيام المؤجر بإخراج المستأجر من المسكن إلا بحكم المحكمة، وحدد أسباباً لذلك تمثلت فى عدم سداد الأجرة خلال 15 يوما من تاريخ المطالبة وإخطاره بها على يد مُحضر أو بخطاب موصى عليه، أو فى حال عدم عناية المستأجر بالعين، أو استعماله فى أغراض تتنافى وطبيعة المسكن.
بعدها بعام صدر القانون 4 لسنة 1921 بسريان التقييد على الأماكن كلها سواء السكنية أو الأماكن المستعملة لأى غرض آخر غير السكن نظرًا لظروف الحرب.
ومع الحرب العالمية الثانية، صدر القانون 151 لسنة 1941 بمنع الملاك من زيادة القيمة الإيجارية، وامتداد العقود تلقائيًا لمنع طرد المستأجرين مراعاة لظروف الحرب، حيث كان الملاك يطردون المستأجر المصرى والتأجير للأجانب بأجرة مرتفعة.
وخلال الفترة من 1952 حتى 1977، صدرت مجموعة من القوانين لتخفيض القيمة الإيجارية لجميع الأماكن السكنية وغير السكنية، بدأت بالقانون 199 لسنة 1952 الذى خفض القيمة بنسبة 15% للوحدات التى أنشئت من أول يناير 1944 حتى 18 سبتمبر1952.
ثم صدر القانون 55 لسنة 1958 الذى خفض القيمة 20% على الأماكن المنشأة من 18 سبتمبر 1952 حتى 12 يونيو 1958 اعتبارا من إيجار يوليو 1958، والقانون رقم 168 لسنة 1961 خفض بنسبة 20% على إيجارات الأماكن المنشأة منذ 12 يونيو 1958 حتى 5 نوفمبر 1961.
وفى 1962 صدر القانون 46 لسنة 1962 للأماكن المنشأة بعد نوفمبر 1961 وطبقًا لأحكامه تم تحديد القيمة الإيجارية على أساس أن يعطى الإيجار عائدًا سنويًا قدره 5% من قيمة الأرض والمبانى، و3% من قيمة المبنى مقابل استهلاك رأس المال ومصروفات الإصلاحات والإدارة، وتشكيل لجان خاصة يرأسها القضاة للتظلم من القيمة الإيجارية المحددة، وذلك نظرا لتراكم الحالات أمام اللجان التى كان البت فيها يتطلب وقتًا طويلًا مع استمرار المستأجر فى سداد الأجور المتفق عليها.
وبعد ذلك بثلاث سنوات صدر القانون 7 لسنة 1965 وقد جاء بعدد من التخفيضات تمثلت فى تخفيض إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام القانون 46 لسنة 1962 بنسبة 35% تؤخذ إما بأثر رجعى من تاريخ التعاقد إذا كان تقدير لجنة الإيجارات نهائياً فى تاريخ العمل بالقانون 7 لسنة 1965، أو اعتبارا من أجرة مارس 1965 إذا كان تقدير لجنة الإيجارات غير نهائى فى تاريخ العمل بالقانون 7 لسنة 1965.
إضافة إلى تخفيض الإيجار لجميع الأماكن الخاضعة لقوانين التخفيض السابقة المذكورة فى البنود «1، 2، 3» بنسبة 20% اعتبارا من إيجار مارس 1965، الأمر الذى يتبين معه أن جميع الأماكن الخاضعة لقوانين التخفيضات السابقة «1، 2، 3»، قد خضعت للتخفيض مرتين، الأولى بموجب القوانين الصادرة فى 1952، 1958، 1961، وذلك حسب تاريخ إنشائها، أما الثانية بموجب القانون 7 لسنة 1965 بنسبة 20% اعتبارًا من مارس 1965.
ثم جاء عام 1977 وصدر القانون رقم 49 الذى ألغى جميع قوانين الإيجارات السابقة له واستحدث أحكاما جديدة منها تنظيم إيجار الأماكن المفروشة واستحقاق المالك أجرة إضافية عن مدة التأجير مفروشا 400% إلى 100% حسب تاريخ الإنشاء بواقع نسبة من الأجرة القانونية تتراوح من الأماكن مفروشا جزئيًا، وفى حالة تأجير المكان يستحق المالك نصف النسبة.
كما صدر القانون رقم 136 لسنة 1981، ويعد هذا القانون الأول الذى اتجه إلى إحداث توازن لصالح الملاك فى سوق الإيجارات بوضع ضوابط أهمها، تحديد قيمة الإيجار للأماكن السكنية عدا الفاخر ب7% من قيمة الأرض والمبانى، وضع حد أقصى للوحدات بنظام التمليك، إشراك المستأجرين مع الملاك فى صيانة وترميم المبنى طبقا لتاريخ إنشاء المبنى بنسب، إعفاء الوحدات السكنية فيما عدا الفاخر من جميع الضريبة العقارية وألا تدخل إيرادات هذه المساكن فى وعاء الضريبة العامة على الإيراد، وزيادة أجرة الأماكن لغير السكنى بنسبة تتراوح من 30% إلى 50% حسب تاريخ إنشائها، واشترط أن يخصص المالك نصف هذه الزيادة لمواجهة تكاليف الترميم والصيانة.
وفى 1996 صدر القانون رقم 4 والمعروف بقانون الإيجار الجديد الذى أطلق حرية التعاقد بين المالك والمستأجر فيما يخص «القيمة الإيجارية - مدة العقد»، ومن ثم فقد توقف تحرير العقود طبقا للقوانين السابقة.
بعدها بعام واحد، صدر القانون رقم 6 لسنة 1997 بزيادة الأجرة القانونية للوحدات المستغلة لغير أغراض السكنى بالإضافة إلى زيادة سنوية «مركبة» بصفة دورية بنسبة 10% من قيمة آخر أجرة قانونية لجميع الأماكن غير السكنية، واستجابة لرغبة شعبية صدر القانون رقم 14 لسنة 2001 لتعديل قيمة الزيادة السنوية المركبة 10% لتصبح بقيمة ثابتة تعادل نسبة 1% أو 2% حسب تاريخ إنشاء الوحدة.
وتسببت القوانين القديمة فى عدة مشكلات، أبرزها أن القانون يعطى الحق للمستأجر فى تأجير شقة مدى الحياة، ويرثها أولاده ويدفعون نفس القيمة الإيجارية، حيث تنص المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977، أنه لا ينتهى عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أى من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك، ومعنى ذلك أنه يكفى لكى يتمتع أى من هؤلاء بميزة الامتداد القانونى لعقد الإيجار أن تثبت له إقامة مستقرة مع المستأجر بالمكان، أيا كانت مدتها وأيا كانت بدايتها، بشرط أن تستمر حتى تاريخ الوفاة أو الترك.
إلا أنه فى مارس من عام 1996، أصدرت الحكومة قرارا بوقف العمل بتلك المادة إلا فى حالات استثنائية، لكن لا تزال هناك عقارات ووحدات بعقود قديمة تخضع لتلك القوانين السابقة.
ومن أجل حل مشكلات قوانين الإيجار القديمة، تقدم النائب أحمد عبدالسلام قورة، عضو مجلس النواب بمشروع قانون بتعديل قانون 136 لسنة 1981.
وتضمن المشروع تعديل 6 مواد تسمح بإضافة حالات لإخلاء الوحدة المؤجرة حال غلقها لمدة 3 سنوات لغير غرض السفر، أو مرور المدة نفسها على استخراج ترخيص بناء جديد باسم المستأجر أو زوجته أو أولاده القصر، أو استفادته من الحصول على مسكن من برامج الإسكان التى تقدمها الدولة، إضافة إلى تحرير العقد الأصلى بعد مرور 50 عامًا على بدء العلاقة الإيجارية الأصلية للعين المؤجرة، بما يعنى تقييد حق توريث العلاقة الإيجارية بهذه المدة، مع تحديد حد أدنى للأجرة 200 جنيه للوحدات السكنية، و300 جنيه للوحدات الإدارية، أو 50% من قيمة الأجرة القانونية المتخذة أساسا لحساب الضريبة العقارية لوحدة المثل، ما يعنى أن ترتفع الأجرة مع تحسن مستوى معيشة الساكن أو حال الوحدة ذاتها، فضلا عن زيادة تدريجية للأجرة بنسبة 10% سنويا، مع إنشاء صندوق لدعم المستأجر غير القادر، تكون حصيلته من حصيلة الضريبة العقارية التى تترتب عن الوحدات المخلاة وفقا للقانون ولمدة
5 سنوات.
وقال «قورة» إن الهدف من تعديل قانون الإيجار القديم رفع الظلم عن عدد كبير من الملاك الذين حكم عليهم بالفقر مع مرور الزمن، حيث سُمح بتوريث أملاكهم للمستأجرين دون وضع قواعد تراعى زيادة هذه القيمة الإيجارية مع معدلات التضخم وزيادة الأسعار.
وأضاف: «هدفنا من هذه التعديلات هو تحقيق التوازن فى علاقات الإيجار القديم، فى ظل شكوى ملاك العقارات القديمة من عدم تحقيق القيمة الإيجارية أى توازن مع ارتفاع الأسعار»، مشيرا إلى أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وعلينا ألا ندفن رؤوسنا فى الرمال دون مواجهة تلك المشكلة القديمة التى مر عليها ما يقرب من 60 عاما، فالأفكار الاقتصادية تغيرت أيضاً كما تغيرت العلاقات الاجتماعية، وهنا يجب على الجميع العمل لحصول كل من المالك والمستأجر على حقوقه ومعرفة واجباته، بحيث تكون هناك علاقة متوازنة بينهما.
علماء دين: ظلم وفساد وحرام شرعًا
من ساحة إلى أخرى ينتقل الصراع بين الملاك والمستأجرين، فبعد ساحات القضاء اتجه الطرفان إلى أحكام الشريعة الإسلامية وكل طرف يبحث عن من ينقذه من تعسف الآخر، فهناك من يرى حرمة هذا القانون الذى يقضى بامتداد الإيجار مدى الحياة ومخالفته للشريعة الإسلامية، وذلك لأنه عقود الإيجار لا تخضع للتأبيد كما يشرع فى عقد الزواج، وهى مؤقتة ولابد أن ترتبط بمدة محددة بالإضافة إلى ضرورة تراضى الطرفين وهناك من يرى أن القانون ليس له علاقة بالدين وليس فيه حرمة لعدم وجود نص شرعى بتحريمه، وأن مسألة التراضى بين الطرفين هى بالأولى تخص الدولة وهى مسئولة عن الإشراف عليها.
يذكر أن الإيجارات القديمة تمثل مشكلات لعدة جهات، حيث تشمل: المنشآت المؤجرة للجهات الحكومية، والمشكلة الثانية هى الشقق المؤجرة بالقانون القديم ومغلقة منذ سنوات وأصحابها يعيشون بالخارج أو أن المستأجرين اغلقوها ويعيشون فى أماكن أخرى ويدفعون الإيجار سنويا فى المحكمة، وتتمثل المشكلة الثالثة فى الشقق التى يقيم فيها ساكنوها أو ورثتهم أبناء أو أحفاد وليس لديهم أماكن أخرى للعيش وهؤلاء هم أكثر المتضررين من التعديلات الجديدة إن كانت فى غير صالحهم.
كان وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع، قد تقدم بمقترح لمجلس النواب لتعديل قانون الإيجار القديم ويعتمد على تعديل للقانون 136 لسنة 1981، فى 6 مواد فقط تسمح بإضافة حالات لإخلاء العين المؤجرة حال توافر أن العين مغلقة لمدة 3 سنوات لغير غرض السفر أو مرور 3 سنوات على استخراج ترخيص بناء جديد باسم المستأجر أو زوجته أو أولاده القصر أو استفادته من الحصول على مسكن من برامج الإسكان التى تقدمها الدولة، مشددًا على ضرورة تقييد حق توريث العلاقة الإيجارية بمدة 50 عامًا تبدأ من تاريخ تحرير العقد الأصلى للمورث.
مقترح آخر قدمه المستشار ماجد صلاح، رئيس المؤسسة القومية لحقوق الإنسان، إلى مجلس النواب، وهو مشروع قانون انتقالى خلال 5 سنوات، يتضمن 9 بنود تعود بالنفع على المالك والمستأجر كان أهمها تحديد القيمة الايجارية فى الفترة الانتقالية لعقود الإيجار المبرمة قبل تاريخ 1/1/1961، تمتد لمدة عام واحد فقط، وبعدها تحرر العلاقة بين المالك والمستأجر مع احتساب القيمة الإيجارية خلال العام عقود الإيجار المُبرمة فى الفترة من 1/1/1961، إلى 31/12/1981، تمتد لمدة 3 سنوات كمرحلة انتقالية على أن تزداد القيمة الإيجارية فى السنة الثانية بواقع 20% فى السنة الأولى، وأخيرا تزداد فى السنة الثالثة بواقع 20% على آخر زيادة، وبعد العام الثالث تحرر العلاقة بين المالك والمستأجر.
أما بالنسبة للوحدات التجارية تحتسب القيمة الإيجارية حسب مساحة الوحدة المؤجرة، ويكون ذلك بواقع 25 جنيهًا للمتر المربع فى القرى أو المساكن العشوائية والشوارع الجانبية، وتصل القيمة الإيجارية إلى 50 جنيها فى المدن والشوارع الرئيسية وأخيرا يعفى المالك من سداد الضريبة العقارية على العقارات المعنية بهذا القانون طيلة الفترات الانتقالية، وبعد انتهاء الفترات الانتقالية يلتزم المالك بسداد الضرائب المستحقة على العقارات التى تكون تحررت من العلاقات الإيجارية.
الشيخ على أبوالحسن رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا أكد أن العلاقة بين المالك والمستأجر مسألة قانونية والمختص بإنهاء الخلاف هم القضاة فهم المختصون بحل الخلافات الناشئة بين الطرفين وبحث مَن منهم صاحب الحق فإن كان المستأجر إيجاره قليلا فإن أراد أن يرفع قيمة الإيجار يجوز له ذلك ولا حرج ولكن لا يجوز للمالك أن يلزم السكان بما لا يلزمهم دفعه.
وأضاف «أبوالحسن» أن العلاقة بين المالك والمستأجر علاقة مؤقتة فى الفقه الإسلامى حيث إن عملية التراضى بين الطرفين المالك والمستأجر هى بالأولى تخص الدولة وهى مسئولة عن الإشراف عليها، كما أن قانون الإيجار القديم عبارة عن اتفاق بين طرفين هما المستأجر والمالك تشرف عليه الدولة.
أما الشيخ أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر فيرى أن قانون الإيجارات القديمة للعقارات مخالف للشريعة الإسلامية وحرام شرعا، مضيفا أنه ظلم وفساد ولا يقل تحريمه عن الربا لاشتراكهما فى نفس العلة وهى أكل أموال الناس بالباطل.
وأضاف أن توريث الشقة يعتبر بمثابة إهدار للعدالة الاجتماعية، كما أن قيمة الإيجار التى حددها القانون وقت صدوره التى استمر عليها الوضع حتى الآن لا تتناسب مع ظروف المعيشة الراهنة وذلك لاختلاف قيمة الجنيه المصرى.
سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، يقول: لابد من تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر ومعرفة حقوق وواجبات كل طرف، بحيث تكون هناك علاقة متوازنة بينهما، مع أهمية وضع قواعد تراعى زيادة القيمة الإيجارية، بما يتناسب مع مكان الوحدة السكنية، ولا يضر بالبسطاء من المستأجرين، ومن ناحية أخرى الالتزام بالضوابط التى تنظم ترميم وصيانة المبانى لتأمين سلامتها أو للحفاظ عليها فى حالة جيدة.
وأكد أستاذ علم الاجتماع ضرورة توفير وحدات بديلة لسكان الإيجارات القديمة، بما يتماشى مع إمكاناتهم المالية.
المُلّاك: الإيجارات القديمة كارثة
«الاسم صاحب أملاك والحقيقة الصيت ولا الغنى».. هذه العبارة تلخص حال ملاك عقارات الإيجارات القديمة، الذين يعانون أشد المعاناة بسبب ضَعف قيمة الإيجار الشهرية فى ظل ارتفاع الأسعار والأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعيشها المجتمع المصرى حاليًا.
«الوفد» التقت مجموعة من أصحاب العقارات واستمعت لشكاواهم من الأوضاع الحالية، حيث قال مالك أحد العقارات بمنطقة الزمالك، إن الإيجارات القديمة مشكلة أسبابها معروفة للجميع والملاك يعيشون واقعا مريرا بسبب قانون الإيجار القديم، ولا تحتاج إلى دراسة جديدة، وإنما إصدار تعديلات القانون فى أسرع وقت.
وأضاف أن معظم الملاك فى منطقة الزمالك يعانون بشدة بسبب ضعف قيمة الإيجار التى يحصلون عليها من المستأجرين، متابعا «دخل زهيد جدا.. والواحد بيكون عاوز يرمى نفسه من فوق العمارة ويخلص».
وأوضح أنه يمتلك عقارا كبيرا فى المنطقة يتكون من جزأين، الأول 37 شقة والثانى 30 شقة، وقيمة الإيجار المتحصل عليها منه لا تتعدى 2000 أو 3000 جنيه شهرياً.
وأضاف «عدد كبير من الشقق مغلق وتركه المستأجر دون استفادة لأن قيمة الإيجار متدنية للغاية.. ومش هيفرق معاه يدفع 50 جنيه إيجار وممكن يدفع إيجار السنة كلها مقدم ويسيبها مقفولة والمالك مايقدرش يستفيد بالشقة».
ولفت إلى أن الشقة التى تتكون من 7 حجرات وتطل على النيل مباشرة إيجارها 70 جنيها، بينما الشقة التى تتكون من 5 حجرات إيجارها يتراوح بين 40 و50 جنيها شهريا، متابعا، «مفيش ظلم كده فى الدنيا.. فى الوقت اللى أقل إيجار شقة دلوقتى بمناطق عشوائية 700 جنيه».
ووجّه كلامه للمسئولين قائلا «لو انت وارث عمارة عن والدك وهى دى كل ما تملكه ولاقيت إيجارها كله لا يتعدى 2000 جنيه فى الشهر هتعمل إيه.. هتتجنن ولا لأ؟.. لازم القانون ده يتغير لأن كده حرام بجد..
مش معقولة عمارة يكون ثمنها ملايين وصاحبها بيجمع منها إيجار ملاليم.. إحنا فى الزمالك الشقة ب40 و50 جنيه فى حين إنه لو الشقة فاضية ممكن تأجيرها لدكتور أو محاسب أو سفارة بآلاف الجنيهات.. هل ده عدل ربنا؟!».
وأوضح مالك العقار أن هناك عدة مشاكل يواجهونها مع المستأجرين أبرزها المماطلة فى دفع الأموال المستحقة عليهم لفواتير الكهرباء والمياه التى تستفيد منها الحكومة وليس المالك، قائلا «لما أقول لحد عليك 500 جنيه فاتورة مياه وكهرباء بيكون متضايق إنه هيدفع المبلغ ده كله مرة واحدة لأنه بيقول فى نفسه الإيجار 50 جنيه وأدفع 500 جنيه مياه وكهرباء؟!.. رغم إن الفلوس دى الحكومة اللى بتاخدها مش المالك».
واختتم حديثه بقوله «المالك دلوقتى مش عارف يستفيد من أملاكه خالص.. حتى لو عاوز مثلا يهدم العمارة علشان يبنيها من جديد مش هيقدر ياخد التراخيص بكده لأننا فى منطقة تاريخية ومش سهل يهدم عقار فيها رغم إننا نتمنى كده علشان نزود الإيجار ونبنى العمارة بنظام جديد».
وقال مالك أحد العقارات فى منطقة وسط البلد، إن مشكلته مع الإيجار القديم تتشابه مع كثير من الملاك الآخرين، حيث إننا ملاك على الورق فقط، ولكن الحقيقة تشير إلى أن المستأجر أصبح هو المالك والمتحكم فى العقار بسبب الأجرة الزهيدة.
وأضاف أن منطقة وسط البلد لها طابع مختلف قليلا عن المناطق الأخرى، فهى منطقة تجارية وإدارية بشكل كبير، ولذلك فمعظم وحدات العقارات يتم تأجيرها للمكاتب والأغراض التجارية فضلا عن المخازن الخاصة بالمحلات التجارية، ولذلك فقانون الإيجار القديم يظلم ملاك هذه العقارات.
وأوضح أنه ليس من المعقول أن يكون الإيجار الخاص بالوحدات عشرات الجنيهات بينما المستأجرون يربحون أموالا طائلة من أغراضهم التجارية والإدارية.
فيما قال الحاج على أحمد، صاحب أحد العقارات بمنطقة الجمالية، إن الإيجارات القديمة مشكلة كبيرة وبالذات فى هذه المنطقة التاريخية، لأن هناك تباينا واختلافا فى قيمة الإيجار بين العقار والآخر.
وأضاف على أن هناك عقارات تتكون من 3 شقق وتجمع إيجارا شهريا آلاف الجنيهات، وفى الوقت نفسه عقارات تتكون من 10 شقق وتجمع إيجارا شهريا لا يزيد على ألف جنيه، مشيرا إلى أن منطقة الجمالية متنوعة فى شكل الإيجار فهناك إيجارات سكنية وأخرى تجارية وإدارية، ولكن الأغلبية للإيجارات السكنية وهى الأهم لأن بها تفاوتا كبيرا فى الأسعار وخاصة عندما يكون المستأجرون طلابا من جامعة الأزهر الذين يأتون من بلادهم للتعلم فى الكليات الشرعية.
وتابع «البيت عندى 10 شقق وقيمة الإيجار الشهرى لا يتعدى 80 جنيها للشقة الواحدة وبالتالى مجموع الإيجار لا يزيد على 700 جنيه، بينما هناك عقارات مجاورة تتكون من 3 شقق فقط وقيمة الإيجار تتراوح ما بين 700 و1500 جنيه للشقة الواحدة وبالتالى مجموع الإيجار يزيد على 5000 جنيه، وتزداد قيمة الإيجار إذا كان المستأجرون طلابا وبدلا من أن تكون 1500 جنيه للشقة ترتفع إلى 2000 جنيه وأكثر».
ولذلك فهناك ظلم كبير بسبب قوانين الإيجار القديمة والجديدة، فالمستأجر الذى لا تزيد قيمة إيجاره على 80 جنيها يتحكم فى المالك وكأنه هو المالك الحقيقي، وتزداد المشكلة سوءا عندما يطالب المالك المستأجرين بالأموال الخاصة بفواتير الكهرباء والمياه أو الصيانة الخاصة بالعقار ويماطلون كثيرا فى الدفع.
وأكد أن المشكلة الأكبر والأهم فى قوانين الإيجارات القديمة هى توريث الشقة للأبناء والأحفاد أيضا فى بعض الحالات، وزواج الأبناء مع آبائهم ليضعوا المالك فى موقف صعب أمام القانون حتى يثبت الابن أحقيته فى الاستمرار بإيجار الشقة بعد وفاة الأب، وبالتالى لا يستطيع المالك الاستفادة بتأجير الشقة لشخص آخر وبإيجار أعلى ويناسب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الحالية.
فى السياق ذاته، قال الحاج مصطفى عصام، مالك أحد العقارات بالجمالية أيضا، إنه يمتلك منزلا يتكون من 5 شقق مجموع إيجارها لم يكن يتعدى 400 جنيه حتى العامين الماضيين، لأن إيجار الشقة يتراوح بين 60 و70 جنيها شهريا، ولذلك لجأ إلى الاتفاق مع مستأجرى شقتين للخروج منها لأنهم يمتلكون شققا فى مناطق أخرى ولا يحتاجون إليها.
وأضاف أن المستأجرين طلبوا أموالا كثيرة مقابل الخروج من الشقق، وبالفعل دفعت لهم ما طلبوه حتى يخرجوا ويتركوها، رغم أنهم لم يدفعوا نصف هذه المبالغ عندما استأجروا الشقق أول مرة، متابعاً «كل ده علشان أعرف أعيش وأؤجر الشقة لشخص آخر بثمن مناسب لأسعار المنطقة»، مشيرا إلى أنه أصبح على المعاش والإيجار هو كل ما يستطيع الإنفاق منه على الأسرة حاليا.
المستأجرون: يطمعون فى أرباح مدى الحياة
العلاقة بين المالك والمستأجر شائكة، فالمالك يرى أن المستأجر تحول إلى مالك بموجب القانون الصادر عام 1920 الذى يمنع على المالك طرد المستأجر، أما المستأجر فيرى أن المالك يرغب فى الحصول على أرباح من المبنى طوال حياته وأن زيادة القيمة الإيجارية حق غير مشروع للمالك فقد حصل على ثمن المبنى الذى قام ببنائه من خلال عدة بنود منها «الخلو» والقيمة الإيجارية الشهرية.. ورغم تلك المبررات التى لا تنتهى بين الطرفين فإننا أمام أزمة حقيقة، فالمالك من حقه أن يستمتع بأملاكه بالطريقة التى يرغب بها والمستأجر يرى أنه قضى سنوات حياته داخل وحدته السكنية وأنها حق أصيل له لا يجوز لأحد المساس به.
وتشير الإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، إلى أن هناك 12 مليون وحدة سكنية مغلقة، منها 4 ملايين تحت التشطيب، وهناك 8 ملايين وحدة من المساكن القديمة مغلقة بداعى الإيجار القديم.
تبدأ حكاية الإيجار القديم عام 1920 عندما صدر أول قانون لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر ونص القانون على عدم جواز إخراج المالك للمستأجر إلا بحكم محكمة. ثم أتى عام 1941 وخلال فترة الحرب العالمية الثانية صدر قانون يمنع المالك من رفع قيمة الإيجار أو طرد المستأجر. وبعد ثورة 1952 صدرت العديد من القوانين التى تلزم المالك بخفض قيمة الإيجار نظرًا لاتباع سياسات جديدة للدولة، ثم جاء قانون رقم 49 لعام 1977 وألغى جميع قوانين الإيجار السابقة، واستحدث أحكام جديدة منها تنظيم إيجار الأماكن المفروشة. وعقب ذلك صدر قانون رقم 136 لسنة 1981م، وهو الأول من نوعه الذى اهتم بإصلاح العلاقة بين المالك والمستأجر ووضع تلك الضوابط وحدد قيمة الإيجار للأماكن السكنية ب7% من قيمة الأرض والمبانى، فيما عدا الأماكن الفاخرة. مع مشاركة المستأجر مع المالك فى صيانة وترميم المبنى وأصبح إيجار الأماكن غير السكنية يزيد نسبة تتراوح بين 5% و30% حسب تاريخ الإنشاء، واشترط أن يخصص المالك نصف هذه الزيادة لتكاليف الترميم والصيانة.
حكايات المستأجرين عما ينتظرهم من مصير مجهول تجعلنا نقف مصدومين أمام رجال ونساء سيصبح مصيرهم الشارع فى حالة صدور قانون يمنح المالك حق طرد المستأجر.
سارة عزام «محامية» تروى كيف تحول الملاك إلى وحوش لطرد المستأجرين، حيث كانت تسكن فى شقة إيجار قديم بعد أن دفعت «خلو» قيمته 50 ألف جنيه وذلك عام 1999 وقيمة إيجارية 100 جنيه.. بعد سنوات تحول الشارع إلى أكبر المناطق جذبا للمواطنين لأن الشارع أصبح تجاريا ولأن الشقة فى الدور الارضى طلب منى المالك حجرة لتحويلها إلى محل تجارى مع إغرائى بمبلغ نظير تلك الحجرة ولم أوافق على العرض فقام المالك برفع دعوى طرد ومع الأسف المالك كسب القضية بالتحايل على القانون والادعاءات الباطلة مثل ادعائه بأننى قمت بتغيير عقد الكهرباء والادعاء الثانى بأننى قمت باستئجار الشقة لأختى من الباطن.
وأشارت «سارة» إلى أن الملاك حاليًا يعتمدون على حيل لطرد المستأجرين ونشاهدها يوميًا فى أقسام الشرطة والمحاكم، حيث يقوم المالك ببيع العقار لأحد المقاولين وهنا قوم المالك الجديد باصطناع المشكلات لإجبار المستأجرين على المغادرة عن طريق استئجار بعض البلطجية وإقامتهم بمدخل العقار بداعى أنهم استأجروا المدخل أو أنهم مقيمون به بعلم المالك الجديد وهنا يبدأ المستأجر يدخل فى دوامة الخلافات والمحاضر والبلاغات الكيدية التى ربما تلقى به فى الحبس ولا يجد أمامه سبيل سوى مغادرة مسكنه للمالك الجديد مقابل مبلغ هزيل 15 ألفًا على أقصى تقدير، وهو ما حدث مع الطبيبة التى تم إلقاؤها من الدور السادس لاجبارها على ترك مسكنها.
أما سيف عبده «موظف» بإحدى شركات الأجهزة الكهربائية أبدى تعجبه من الملاك وطرح سؤالًا على معظم الملاك ورجال القانون «إزاى قانون زى ده يتغير وهو أساسًا بيحمى المستأجر من المالك وفى الوقت ده كان متر الأرض أرخص بكتير وكان أعظم أرض تتبنى فى حدود 7 آلاف جنيه ولو كنا نعرف إنه هيجى اليوم اللى نطرد فى الشارع كنا جبنا شقق تمليك وكانت رخيصة زمان فبعد خروجى على المعاش بحثت عن دخل اضافى فهل يعقل وبعد أن تجاوزت الستين عامًا أن أبحث عن شقة أخرى وأترك الشقة التى قضيت فيها معظم أيام حياتى»؟
خالد الجعار المحامى ورئيس لجنة الدفاع عن المستأجرين، أشار إلى أن المالك معترض على قانون دولة يسرى منذ عام 1977 وعلى اثره اكتسب عدة أفراد فى المجتمع مراكز قانونية منها من قام بإنشاء علامة تجارية وعنوان خاص به فهل يجوز أن ندمر تلك الآثار؟، فقانون الإيجار واجه عدة قضايا وحكم لصالحه من المحكمة الدستورية وطرأت عليه تغيرات منها ألا يورث العقار إلا لجيل واحد فقط الذى كان قبل الحكم لخمسة أجيال.
وأوضح «الجعار» أن كلام الملاك عن أن القيمة الإيجارية هزيلة فهو حق يراد به باطل لأن المستأجر وقت إبرام العقد كانت تلك القيمة مناسبة فى تلك الفترة فكان المواطن يقتطع جزءًا كبيرًا من راتبه من أجل الإيجار وأذكر أن والدى كان يعمل بهيئة قضايا الدولة ويتقاضى راتب 45 جنيهًا، بالإضافة إلى أن المالك حصل على «خلو» وهو مبلغ مالى يدفع للمالك وكان يصل إلى 5 آلاف جنيه فى تلك الفترة وهو وقتها كان مبلغ كبير جدا.
وأشار «الجعار» إلى أن المادة 69 والمادة 70 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أعطت للمالك مميزات، فكان وقت حصوله على رخصة البناء يسأل: هل سيكون العقار إيجارًا أم للتملك؟ فإذا كان للإيجار أعطته الدولة مواد البناء بأسعار مدعمة، وبُناءً عليه فإن المالك حصل على دعم من الدولة و«خلو رجل» وإيجار وبعد كل ذلك يأتى الآن يطالب بطرد المستأجرين.
شوقى السيد، الفقيه الدستورى، أشار إلى أن حل الإيجار القديم لابد أن يبدأ من تحقيق المعادلة الصعبة وهى التوازن الاجتماعى بين جميع أطراف الأزمة حتى لا يحدث صراع بين الطبقات، فمشكلة الإيجارات هى أزمة فى المجتمع المصرى والحل ليس قانونيًا فقط وإنما يضم كافة الجوانب المجتمعية ويجب أن يراعى كافة النواحى الاقتصادية للجميع.
وأوضح الفقيه الدستورى أن خبراء الإسكان وضعوا قائمة بالوحدات المؤجرة والتمليك، وحددوا القيمة الإيجارية لكل وحدة، مشيرًا إلى أن القانون لم ينص على أى عقوبات لتأجير الوحدات من الباطن سوى الإخلاء وذلك من خلال أن يقوم المالك برفع دعوى وتقضى المحكمة فيها بعد ثبوت الواقعة بإخلاء العقار محل النزاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.