«الاختيار».. خلّد سيرة شهداء الوطن وقدم ملحمة وطنية رصدت اعتصام رابعة والتفجيرات والعمليات الإرهابية فى سيناءوالقاهرة «القاهرةكابول» وجبة دسمة من الفكر وفضح الجماعات الإرهابية.. و «هجمة مرتدة» مباراة تمثيلية صعبة بمجرد ذكر اسم الأعمال الفنية «هجمة مرتدة، الاختيار، القاهرةكابول، الممر، السرب» أيقن الجميع أن الجرعة الفنية المقدمة حالياً أصبح لها سبيل آخر غير التسلية، فهناك هدف أسمى، وهو إعادة توطين الدراما المصرية وصناعة الوعى لدى قطاع كبير من المصريين وخاصة الشباب، وبالتالى أصبح أهم إنجازات الجمهورية الجديدة هو السعى لتقديم فن حقيقى، والتأسيس لتقديم أعمال واقعية وحقيقية فى المستقبل تناسب حجم الطفرة التى تعيشها مصر فى كل المجالات بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فإذا كانت الدولة الجديدة تعيش تطويراً فى الطرق والكبارى وارتفاع مستوى الفرد وخلق حياة كريمة حقيقية بالقضاء على العشوائيات وتطوير القرى المصرية وإنشاء مشروعات قومية ملموسة فى كل المجالات من ثروة سمكية وزراعية وصناعية وتبطين الترع وإسكان الشباب والمنظومة الذاتية، فلابد أن يكون الفن ملازماً لهذا التطوير وراصداً له باعتبار الفن مرآة حقيقية للمجتمع. فى سنوات ما بعد ثورة يناير غابت الدراما المصرية بأنواعها السينمائية والتليفزيونية والمسرحية والإذاعية عن تجسيد الواقع المصرى، وانشغلت بالتسلية وتقديم المحتوى التافه، وأصبح مطلب تقديم دراما تاريخية أو وطنية أو دينية حلماً صعب المنال، حتى عادت الدفة من جديد فى السنوات الأخيرة لتقديم دراما حقيقية ينغمس فيها الشارع المصرى، ليس من أجل المتعة والتسلية فقط، ولكن لمتابعة تفاصيل تاريخية عاشوها، وانكشافات أمنية عاصروها، واستقطابات غير مسبوقة، وأصبح البقاء للأفضل فى تقديم دراما واقعية حقيقية تسيطر عليها وقائع سياسية واضحة ونفحات وطنية ظاهرة. جاء فيلم «الممر» ليوحد الشعب المصرى كله حول عمل فنى حقيقى يستحق المشاهدة، وتبعته حلقات مسلسل «الاختيار 1» ليكون العمل التحفيزى الحقيقى لتحويل الدفة والتعرف بذوق الجمهور الذى كثيراً ما شككت فيه الجهات الإنتاجية تحت شعار «الجمهور عاوز كده»، ليعاد التوجه من جديد نحو تقديم أعمال تزيد الوعى الوطنى فجاء «الاختيار 2» ليحقق المعادلة الصعبة لعمل فنى متقن ورسالة هادفه تثير إعجاب الجمهور، وكذلك مسلسل «هجمة مرتدة» الذى حقق نجاحاً كبيراً بسبب تعطش الجمهور المصرى لأعمال الجاسوسية، المأخوذة من ملفات المخابرات العامة، ذلك الجهاز العظيم الذى يحمى المصريين من الكثير من المؤامرات التى تحاك ضده، ويوضح حجم الأخطار التى تتعرض لها حياة هؤلاء الرجال طوال الوقت، ليس فقط وحدهم بل هم وذووهم وأحباؤهم وأقرب الناس إليهم، الذين يسطرون بطولات لا يعرف عنها العامة شيئاً، وهى دراما مضمونة النجاح مثل سابقتها «رأفت الهجان، دموع فى عيون وقحة، الحفار، العميل 1001، عابد كرمان، حرب الجواسيس، الزيبق». ويأتى «هجمة مرتدة» ليمثل أنشودة حقيقية فى حب الوطن خاصة أنه يرصد بشكل حديث التطور التكنولوجى وأجهزة الترقب بزمن السوشيال ميديا. وكذلك مسلسل القاهرةكابول الذى تم تصويره بين أفغانستانوالقاهرة ليصبح عملاً حقيقياً يرصد بشكل واقعى وحقيقى كيفية «غسيل المخ» الذى يتعرض له الشباب وأدى إلى وصول الجماعة الإرهابية للحكم. التقت «نجوم وفنون» بنجوم هذه الأعمال التى حققت ردود فعل قوية، وتصدرت اهتمامات المشاهدين ليؤكد هذا أن الدولة الجديدة تحتاج لطفرة فى كل مجالات الفن تناسب الطفرة المجتمعية الجديدة. أول هذه الأعمال فيلم «الممر» الذى حقق ردود فعل غير متوقعه مطلقاً، وصفها بطل العمل أحمد عز بأنها الأهم فى مشواره الفنى، مشيراً إلى أن هذه النوعية من الأفلام لم تنتجها السينما المصرية بكثرة خلال السنوات الماضية. وأضاف: «تلقيت أفضل ردود فعل منذ بداية مسيرتى الفنية بسبب هذا الفيلم، وكان أكثر فيلم متعب اشتغلت فيه» ووجه «عز» الشكر للقوات المسلحة، ومخرج ومنتج الفيلم، وفريق العمل من الممثلين، على إنجاحه، مطالباً بإنتاج أفلام كثيرة من هذه النوعية فى المستقبل. وقد أهله نجاحه فى الممر إلى اختياره لتجسيد البطولة فى مسلسل «هجمة مرتده» بشخصية سيف العربى، وقال إن الأعمال المأخوذة من ملفات المخابرات فى الدراما التليفزيونية قليلة لكنها صاحبة تأثير كبير فى وجداننا جميعاً، وتظل راسخة فى الذاكرة، مثل «رأفت الهجان» و«دموع فى عيون وقحة»، لأنها تحدث حالة من الوعى الجماهيرى، الكل يلتف حولها كونها تناقش قضية مرتبطة ببلدنا، خاصة حينما تكون مكتوبة بسلاسة درامية وغنية فى أحداثها، وبمجرد أن عرضت علىّ الفكرة فى بداية المشروع وقعت العقود دون تفكير، لأنه شرف كبير أن يضاف إلى تاريخى عمل مأخوذ من ملف حديث للمخابرات العامة، يعكس العديد من الوقائع والحقائق، فى إطار درامى. وأضاف: العمل يرصد كذلك ثورات الربيع العربى، وإن كان الحدث الأساسى هو تجنيد بعض الأشخاص لصالح جهاز المخابرات وتفكيك خلية نفذت العديد من العمليات وأثارت البلبلة فى الشارع المصرى. وجسدت هند صبرى داخل أحداث المسلسل شخصية دينا أبو زيد وهى الشخصية التى حملت العديد من الملامح الخاصة من عميلات الجهاز، فهى ذكية وطنية محبة لبلدها، تحدثت عن اختيارها قائله: سعيدة بطبيعة العمل التى شجعتنى، فالمسلسل مستوحى من ملف المخابرات المصرية، وهذه النوعية من الأعمال اعتدنا أن تكون جذابة للجمهور، وتركت أثراً فى المشاهدين وبصمة فى تاريخ الدراما العربية، وأضافت المسلسل ملف معاصر، لا يعيدنا لفترة زمنية بعيدة، لكنه يتناول أحداثاً جديدة، أثرت فى الناس، وهو أمر مختلف عن المسلسلات الأخرى المأخوذة من ملفات مر عليها زمن. يحسب لصناع المسلسل مناقشة ورصد ملفات المخابرات فى ظل اختلاف آليات التعقب والمراقبة والمراسلات والتجنيد عما شاهدناه فى أعمال سابقة لها شعبية كبيرة، من خلال أساليب التدريب والتخفى والمراوغة والتأهيل النفسى على مستوى المكان المجهز بأحداث وسائل التكنولوجيا والأدوات المستخدمة فضلاً عن مقومات الدهاء والذكاء واختيار فريق العمل ببراعة تجمع بين الجدية والمسئولية بمزيج من الكوميديا الخفيفة، وأيضاً كيفية التعامل من جانب قادة الجهاز. أما مسلسل الاختيار، والاختيار 2 صار أيقونة نجاح يتناقل الجمهور عباراته التى جاءت على ألسنة أبطاله، ليتحول العمل بجزأيه إلى ملحمة وطنية وأحداث وقعت فى وقت غير بعيد، ومنها اعتصام رابعة والتفجيرات والعمليات الإرهابية التى شهدتها مصر خلال هذه الفترة سواء فى سيناء أو فى القاهرة، واستطاع المسلسل بكل براعة أن يقدم كواليس هذه الأحداث فى سلاسة متقنة وحركة بين كل عناصر العمل ما جعل أنظار وقلوب الجمهور تتعلق بكل مشهد وتنتظر ما يليه، وجاءت حلقات استشهاد الشهيد المنسى، والشهيد محمد مبروك وكذلك استشهاد خيرة رجال الوطن فى معركة رفح حلقات مؤثره حشدت أمامها الشعب المصرى كله، وبرع صناع العمل فى مزج مشاهد الجزء الأول بالثانى لربط الأحداث التى حدثت فى نفس الوقت، وهو ما مثل نجاحاً كبيراً فى التناول. أما التحدى الأكبر فكان لبطلى العمل أحمد مكى وكريم عبدالعزيز اللذين قدما ملحمة فنية أعاد فيها كل منهما اكتشاف نفسه ويكتشفهما الجمهور من جديد فى مناطق إبداع لم يرهما فيها من قبل. النجاح الحقيقى الذى حدث جعل كل فريق العمل يتعرض للتشويه والتهديد من الجماعات المشبوهة وتم عمل حملات تشويه عبر وسائل السوشيال ميديا، وكان من بينهم الفنانون محمد علاء وأحمد حلاوة وغيرهما. نجح معظم المشاركين فى الاختيار فى تقديم أدوارهم بصورة متقنة وبأداء رائع، حتى من قاموا بمشاهد قليلة فى العمل، وتميز العمل بالتوازن بين الدراما والأكشن والحركة والجوانب الإنسانية، والإبداع فى انتقال الأحداث بين القاهرةوسيناء، والاستعانة بأحداث ومشاهد حقيقية فى مزج رائع يضفى على المسلسل جوانب واقعية. تحدث أمير كرارة عن المشاركة فى الاختيار بشخصية الشهيد «المنسى» قائلاً: فخور بتقديم شخصية مقاتل من أفضل مقاتلى الصاعقة فى العالم، وهو شعور بالسعادة والفخر بأن تحمل فى تاريخك الفنى تقديم شخصية حقيقية استطاعت أن تحقق نجاحات فى مواجهة الإرهاب، وتقدم روحها ودمها فداء للوطن والأرض، فهو لم يكن قائداً فى كتيبة، بل كان قائداً للإنسانية وشجاعاً وقوياً.. وعندما قرأت وسمعت ودخلت فى تفاصيل شخصيته تمنيت مقابلته، وكم كان دمث الخلق وأسطورة بمعنى الكلمة. أما مواجهة الإرهاب بالدراما فوضحت بشكل كبير فى «القاهرةكابول» منذ الحلقة الأولى وأصاب الجمهور بالانبهار الكبير بالسيناريو الذى رصد واقعاً مخيفاً بعيداً عن الأذهان لا يمكن أن يعرفه الجمهور إلا إذا شاهده ومثل له صدمة تكشف عملية التشويه واللعب فى العقول التى ينتهجها أعضاء هذه الجماعات المشبوهة، فناقش قضايا خطيرة مثل استقطاب الشباب، وتطور الجماعات بشكل مخيف يفوق الحدود ومصادر التمويل الخفية التى تستهدف ضرب الوطن وتشويهه وإسقاطه للوصول إلى حلم الخلافة. أكدت الفنانة حنان مطاوع أن «العمل يسلّط الضوء على فترات متعاقبة من تاريخ المنطقة ومصر والعالم بأسره، من ضمنها حقبة التسعينيات وما شهدته من أحداث، حيث تَبرز دور الأيادى الخارجية التى حاولت تنمية الأفكار المتطرّفة فى مجتمعاتنا بهدف النيل منها». وتابعت: «عندما نتابع العمل سنشعر بأننا قابلنا منال فى مكان فى مصر، فهى شخصية شديدة الجاذبية والواقعية»، مختتمة: «هذا أول عمل يجمعنى بخالد الصاوى الذى ألتقى وإيّاه فى مَشاهد مؤثرة للغاية.. فيما جمعتنى بطارق لطفى مشاهَد أكبر عدداً ومواقف أكثر تنوّعاً خلال الأحداث، وكذلك الأمر بالنسبة لنبيل الحلفاوى الذى يلعب دور والدى فى المسلسل، ولذلك اعتبرته مباراة تمثيلية حقيقية». وعن ردود الفعل التى تلقاها الفنان طارق لطفى، الذى جسد شخصية الشيخ رمزى، وقال: قالوا لى صورتك جنب أسامة بن لادن شكله أطيب منك، بسبب تقمص الشخصية واللوك الذى ظهرت به، والمسلسل ظل أمامى طوال العام، وهو ما ساعدنى على اختيار طريقة المشى وطبقة الصوت، وهى كانت صعبة للغاية وتستنفد النفس بشكل كبير، فكان من الصعب أن أقول جملة كاملة». وتابع: «الشخصية التى أجسدها، تدرجت بشكل كبير حتى وصلت لمرحلة من التطرف، والشخصية تحمل كماً كبيراً من التناقض، والمسلسل يناقش قضية مهمة لأساليب المتطرفين للسيطرة على العقول، وأتمنى أن يستمتع الناس بالمسلسل».