ارتفاع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية الأحد 19 مايو 2024    إعلام فلسطيني: 6 شهداء بقصف على حي الدرج شرقي مدينة غزة    الكرملين: الإستعدادات جارية لزيارة بوتين إلى كوريا الشمالية    هجمات الحوثي في البحر الأحمر.. كيف تنسف سبل السلام؟    ميدو يوجه نصائح للاعبي الزمالك في نهائي الكونفدرالية    متى تنتهى الموجة الحارة وتتحسن حالة الطقس؟ الأرصاد الجوية تُجيب (تفاصيل)    ظاهرة عالمية فنية اسمها ..عادل إمام    خبير اقتصادي: صفقة رأس الحكمة غيرت مسار الاقتصاد المصري    سعر الدينار الكويتي اليوم الأحد في تعاملات البنوك وشركات الصرافة    زعيمة حزب العمال الجزائري لويزة حنون تعلن ترشحها للانتخابات الرئاسية    ولي العهد يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    8 مصادر لتمويل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وفقًا للقانون (تعرف عليهم)    انخفاض أسعار الفائدة في البنوك من %27 إلى 23%.. ما حقيقة الأمر؟    إصابة 10 أشخاص في انقلاب ميكروباص بطريق "قنا- سفاجا"    تعليم النواب: السنة التمهيدية تحقق حلم الطلاب.. وآليات قانونية تحكمها    حملات لإلغاء متابعة مشاهير صمتوا عن حرب غزة، أبرزهم تايلور سويفت وبيونسيه وعائلة كارداشيان    رامي جمال يتصدر تريند "يوتيوب" لهذا السبب    الاحتلال الإسرائيلي يخوض اشتباكات في حي البرازيل برفح الفلسطينية    الخارجية الروسية: مستقبل العالم بأسرة تحدده زيارة بوتين للصين    حظك اليوم برج العقرب الأحد 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عاجل.. موجة كورونا صيفية تثير الذعر في العالم.. هل تصمد اللقاحات أمامها؟    القومي للبحوث يوجه 9 نصائح للحماية من الموجة الحارة.. تجنب التدخين    نصائح لمواجهة الرهبة والخوف من الامتحانات في نهاية العام الدراسي    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    خاص- تفاصيل إصابة علي معلول في مباراة الأهلي والترجي    "التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    بوجه شاحب وصوت يملأه الانهيار. من كانت تقصد بسمة وهبة في البث المباشر عبر صفحتها الشخصية؟    عاجل.. إصابة البلوجر كنزي مدبولي في حادث سير    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    ظهر بعكازين، الخطيب يطمئن على سلامة معلول بعد إصابته ( فيديو)    الداخلية تكشف حقيقة فيديو الاستعراض في زفاف "صحراوي الإسماعيلية"    مع استمرار موجة الحر.. الصحة تنبه من مخاطر الإجهاد الحراري وتحذر هذه الفئات    عيار 21 الآن بالسودان وسعر الذهب اليوم الاحد 19 مايو 2024    نشرة منتصف الليل| الحكومة تسعى لخفض التضخم.. وموعد إعلان نتيجة الصف الخامس الابتدائي    محافظ بني سويف: الرئيس السيسي حول المحافظة لمدينة صناعية كبيرة وطاقة نور    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    جريمة في شارع ربيع الجيزي.. شاب بين الحياة والموت ومتهمين هاربين.. ما القصة؟    رامي ربيعة: البطولة لم تحسم بعد.. ولدينا طموح مختلف للتتويج بدوري الأبطال    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    نقص أوميغا 6 و3 يعرضك لخطر الوفاة    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مركز الأهرام يكشف خطة التكويش
نشر في الوفد يوم 15 - 02 - 2013

تغير المجال العام فى مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير تغيرا جوهريا بحيث غلبت عليه الصبغة التعددية وذلك بوصول الدكتور محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة
الاخوان المسلمين الى سدة الحكم فى مصر بحيث اتسع ليشمل شريحة أكبر من الفاعلين داخل الفضاءات السياسية والاجتماعية والثقافية وقد برز بشكل خاص نشاط الفاعلين السياسيين الإسلاميين وتنامي دورهم فيما يتعلق بالعمل السياسي وبأساليب الحكم والإدارة في الدولة بعد انخراطهم بشكل كبير داخل المجال السياسي أثناء المرحلة الانتقالية، حتى تولى أكبر الفصائل الإسلامية نشاطاً وتنظيما مقاليد الحكم في الدولة هذا ماكشفته دراسة خطيرة لمركز الاهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بعنوان: «أسلمة المجال العام بعد الثورة بين التعددية والإقصاء»
وأكدت الدراسة التى اعدها الدكتور على محمد على ان ثورة 25 يناير ابرزت أهمية المجال العام في مصر بمعناه السياسي والاجتماعي، والقيم المشتركة المستقر عليها في العلاقة بين مختلف الجماعات والفصائل والنخب التي تشكل الجسم الرئيسي للمجتمع والتى تنافس بين السلطة السياسية والإسلام السياسي بمختلف تفريعاته وأن فكرة المجال العام برزت داخل ميدان التحرير خلال الثمانية عشر يوماً حتى يوم تنحي مبارك عن الحكم، فتحقق ما أطلق عليه «الموقف المثالي للحوار» داخل المجال العام، وهو ذلك الموقف الذي توحدت تجاهه القوى المكونة للحركة الثورية في مصر من خلال وحدة الهدف، حيث توحدوا جميعاً على ضرورة إسقاط النظام السلطوي، كما أن الفعل السياسي داخل المجال العام أثناء الثورة لم يعد مقصوراً على مشاركة نخبة أو قيادات رأي عام أو قوى سياسية معارضة، بل شاركت فيه الحركات الاحتجاجية مثل حركة 6 إبريل وحركة كفاية والائتلافات الشبابية، والتي خرجت علي العباءة المؤسسية التنظيمية التي عرفتها الخبرة السياسية المصرية كالأحزاب السياسية والنقابات العمالية.
اندماج الإسلاميين في المجال العام بعد الثورة
عرفت الدراسة الفاعلين السياسيين الإسلاميين على أنهم «هؤلاء»الفاعلون الذين يستخدمون النصوص والمرجعية والرموز الإسلامية في تحديد هويتهم ورسم الأطر العامة لنشاطاتهم داخل الفضاءات الفكرية والسياسية والاجتماعية والدينية» ، فمنهم من يسعى لتأسيس نظام سياسي إسلامي محكوم بمبادئ الشريعة الاسلامية، والبعض الآخر يستخدم الإسلام كنقطة للمرجعية دون تبني أجندة اسلامية مع التأكيد على أن القيم الاسلامية متوافقة مع النظام الليبرالي الحديث.
وأشارت الدراسة إلي أنه قد حدث تحول في دور تيارات الإسلام السياسي في مصر بعد الثورة حيث كانت تستغل من قبل السلطة الحاكمة في الدولة لتلعب دور الفزاعة من جانبين، الجانب الأول تمثل في ترهيب المجتمع الدولي من خطورة عودة نشاط الجماعات الإسلامية الراديكالية للنشاط في مصر مرة أخرى، والجانب الثاني تمثل في استخدام فكر تيارات الإسلام السياسي كفزاعة لإثارة القلاقل والاضطراب داخل صفوف الجماعة الوطنية المصرية، وذلك عن طريق ترهيب الأقلية المسيحية من فكر تلك الجماعات والحديث عن غموض مستقبل الحريات الدينية الخاصة بتلك الأقليات ولذلك سيطرت على القيم والمبادئ الحاكمة للمجال العام المصري السلطة السياسية والحزب الحاكم .
وكشفت الدراسة ان بعد قيام الثورة وسقوط النظام المستبد الحاكم تحولت فوبيا الإسلام السياسي في مصر بعد الثورة من كونها الفزاعة التي كان يستغلها نظام سلطوي قمعي مستبد الى كونها حقيقة أدركتها كافة القوى والتيارات السياسية في مصر. حيث تنامي دور الفاعلين السياسيين الإسلاميين في الحياة السياسية المصرية وانخراطهم بشكل فعال في العمل السياسي باعتبارهم جزءاً من العملية السياسية بعد الثورة.
وقالت الدراسة انه وفقاً ل «هيكل الفرص السياسية المتاحة»، تنامي دور الفاعلين الإسلاميين بعد الثورة بالمجادلة بأن الأفكار والقوى والحركات السياسية والاجتماعية التي عانت من القمع والتهميش في ظل نظام سلطوي، تستغل فرص الانفتاح السياسي في مرحلة مابعد الثورات وانهيار النظم السلطوية القديمة من أجل إبراز نفوذها وتوسيع حجم نشاطها وتأثيرها في المجال العام ، وذلك من خلال التمسك بمرجعيتها وهويتها وابراز قدراتها التنظيمية والتعبوية داخل المحفل العام بشكل لم تكن تستطيع ابرازه في ظل وجود النظام السلطوي القمعى . مشيرة إلي ان خريطة الفاعلين السياسيين الإسلاميين تتسم بعد الثورة بالتمايز من حيث المرجعيات الخاصة بكل تيار اسلامي من ناحية ، وعدم التجانس بين هؤلاء الفاعلين من ناحية ثانية، بحيث تختلف الجماعات المكونة للتيار السلفي على سبيل المثال عن جماعة الإخوان المسلمين في الأساس الفكري والأيديولوجي، وهناك مؤسسة الأزهر التي تعبر عن الاسلام الرسمي في الدولة، والتي كانت تعد أداة في أيدي النظام والنخب الحاكمة لإضفاء الشرعية ذات الصبغة الدينية على تصرفات الحاكم وقراراته، لذلك تم تسييس الدور الديني للأزهر، مما جعله ينظر الى الحراك الثوري في بداية الثورة على أنه نوع من أنواع الفتنة، ثم تحول دوره بعد سقوط مبارك، حيث بدأ يلعب أدواراً سياسية بنكهة ثورية، وانخرط بشكل ملحوظ داخل المجال العام. وقد بلغ هذا الانخراط ذروته بصدور وثيقة الأزهر للحريات، التي تحدد فيها موقفه بوضوح إزاء الاستقطاب الإسلامي العلماني والاقصاء المتبادل بين الجانبين، والخروج من مأزق الجدال حول مرجعية الدولة المصرية في الدستور الجديد، وذلك من خلال تدعيمه عدداً من الحقوق والحريات كحرية العقيدة وحرية الرأي والتعبير، وحرية البحث العلمي، وحرية الإبداع الأدبي والفني.
وصنفت الدراسة فئة الفاعلين الإسلاميين غير الرسميين من كل من جماعة الإخوان المسلمين، وبعض جماعات الاتجاه السلفي، والذي يحوي بداخله تيارات في غاية التعقيد، ولا يوجد ما يمكن تسميته بالتيار السلفي الموحد، فهناك السلفية التقليدية والتي ليس لديها أية تطلعات بخصوص العمل السياسي ويرفض أنصارها فكرة الخروج على الحاكم أو الثورة ويعتبرونها فتنة، والسلفية الحديثة، والتي لا تختلف عن سابقتها إلا فيما يتعلق بمسألة المشاركة في العمل السياسي.
وترى الدراسة أن الاتجاه السلفي كان يحرم النشاط السياسي، ولكن بعد الثورة وجد في العمل السياسي أرضية مناسبة لحشد المزيد من التأييد والمناصرين له، وقد تفكك هذا الاتجاه إلى عدة أحزاب أكثرها نشاطاً وتنظيماً هو حزب النور، ويرفض السلفيون أفكار الديمقراطية وحقوق المواطنة الكاملة والتنوع المؤسسي على أساس أنها أفكار مستوردة من الغرب، وينادون بضرورة تطبيق الشريعة الاسلامية، بالرغم من عدم امتلاكهم رؤية واضحة فيما يتعلق بآليات أو ميكانزمات تطبيق الشريعة الاسلامية في المجتمع الحديث، ولم يكن لديهم خبرة سابقة في العمل السياسي والحزبي، ولكن كانت لديهم الرغبة في محاكاة القدرة التنظيمية للاخوان وبعد نجاحهم في تعبئة الناس اعتقدوا أن لديهم تلك القدرة في استفتاء مارس 2011، الذي أسفرت نتيجته عن قبول نسبة 77% من المصريين بأن تسبق الانتخابات وضع الدستور، ورفض السلفيون التحالف مع الإخوان في الانتخابات التشريعية، مما أثار حديثاً واسعاً بين التيارات السياسية حول فكرة أسلمة المجال العام المصري بعد الثورة، وسعى التيارات الاسلامية «للتكويش» على السلطة السياسية
الاسلاميون فى السبعينيات وعهد مبارك
وأضافت الدراسة انه لم تكن ثورة يناير هي البداية الحقيقية لفكرة أسلمة المجال العام المصري، حيث بدأت المرحلة الأولى لما يمكن تسميته أسلمة المجال العام المصري في النصف الثاني من سبعينيات القرن المنصرم، وهو التوقيت الذي تزامن مع تراجع بريق الأيديولوجيات القومية والاشتراكية مع تبني الرئيس السادات سياسات الانفتاح السياسي والاقتصادي، حيث بدأت خطابات الفاعلين الإسلاميين تحتل مكانا بارزا داخل المجال العام المصري، وذلك فيما يتعلق بالفضاءات السياسية والاجتماعية والاقتصادية من خلال بروز المرجعية الإسلامية بشكل ملحوظ من جانب بعض الأفراد كوسيلة لتمييز هويتهم وأنشطتهم، وتبنى بعضهم فكرة ضرورة العودة لفكرة الدولة الاسلامية وتطبيق الشريعة الاسلامية في الفضاءات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، بينما ركز البعض الآخر على الفضاءين الاجتماعي والديني ونأي بنفسه عن العمل السياسي من خلال التركيز على الأعمال الخيرية والرعائية ونشاط الوعظ الديني مشيرة إلي أنه تعددت مستويات أسلمة المجال العام المصري منذ السبعينيات، فعلى المستوى الفردي تنامى عدد المصريين الذين تبنوا الزي الاسلامي كالحجاب واللحية، وظهرت وسائل الاتصال الجماهيري ذات المرجعية الإسلامية، كالفضائيات الاسلامية، وعلى المستوى الاجتماعي تنامت أعداد الجمعيات الأهلية الإسلامية والجماعات الدينية والاصدارات الدينية التابعة لوسائل الاعلام الاسلامية، وظهر ظاهرة «الدعاة المستقلون»، وعلى المستوى السياسي ظهرت عدد من الحركات السياسية التي تبنت أجندات سياسية اسلامية، يدعو بعضها الى تطبيق الشريعة الإسلامية، أو العودة لنهج الخلافة الإسلامية كجماعة الاخوان المسلمين، التي حصلت على تأييد شرائح كبيرة من الطبقة الوسطى المتعلمة،.
واكدت الدراسة ان فى الثمانينيات قام مبارك بالسماح لجماعة الإخوان المسلمين بحرية الحركة النسبية حتى يتفرغ لمواجهة الجماعات الإسلامية العنيفة مثل جماعة الجهاد والجماعة الاسلامية، ولكن قام نظام مبارك في تسعينيات القرن الماضي بقمع جماعات الاسلام السياسي مرة أخرى، بسبب الخبرة الشخصية السلبية لمبارك مع الإسلاميين والتى أثرت بالسلب على ممارساته معهم بعد نجاته من مشهد اغتيال السادات ومن محاولة جماعة الجهاد اغتياله في أديس أبابا عام 1996، ولكن لم تكن الخبرة الشخصية فقط هي التي دفعته لقمع الاسلاميين، ولكن لإدراكه بأن أي توسع في نفوذ تلك القوى سيؤدي حتماً الى تهديد نفوذه ونفوذ نخبته، فالأمر يبدو وكأنها مباراة صفرية مابين نظام سلطوي قمعي وبين فاعلين سياسيين تم قمعهم واقصاؤهم من المجال العام لعقود طويلة، ومن ثم فقد استغل هؤلاء الفاعلون فرصة اندلاع الثورة وسقوط النظام القمعي للعودة مرة أخرى للمجال العام وابراز نشاطاتهم المختلفة.
مؤشرات أسلمة المجال العام
قالت الدراسة إنه بالرغم من وجود مؤشرات لأسلمة المجال العام في مصر في مرحلة ما قبل الثورة، ظهر بعد الثورة عدد من التجليات التي تشير لترسيخ محاولات أسلمة المجال العام و حصرته الدراسة فى حصول تيار الاسلام السياسي على أغلبية مقاعد المجلس التشريعي، وفوزه بمقعد النقيب في كثير من النقابات المهنية، واتساع الخريطة الحزبية للفاعلين الإسلاميين حيث ضمت أكثر من 15 حزباً سياسياً ذات مرجعية اسلامية بعد الثورة وإفصاح الفرد عن مرجعيته الدينية المحددة لهويته داخل المجال العام، ومن ثم انتقلت المظاهر الإسلامية التي كانت تعد جزءاً أصيلاً من المجال الخاص لكل فرد خوفاً من القمع الأمني في ظل نظام مبارك الى كونها أخد مكونات المجال العام بعد الثورة، ومثال على ذلك قيام أحد أعضاء مجلس الشعب، النائب ممدوح اسماعيل، برفع الأذان داخل المجلس، وهو ما يؤشر إلى انتقال الانتماءات الهوياتية من مرحلة الخفاء داخل المجال الخاص للفرد الى مرحلة العلانية داخل المجال العام.
أسلمة الإعلام
أشارت الدراسة الى بروز مظاهر أسلمة الفضاء الاعلامي في مصر بعد الثورة، حيث تم تأسيس عدد من الصحف والمنابر الفضائية الجديدة ذات المرجعية الإسلامية، وعندما قام مجلس الشورى الذي حصل التيار الإسلامي على أغلبية مقاعده بتعيين رؤساء تحرير الصحف القومية، منعت مقالات عدد من كبار الصحفيين، كالأديب الأستاذ يوسف القعيد والدكتور جمال زهران والدكتور مدحت العدل من النشر في جريدة الأخبار بعد تغيير رئيس تحريرها، بسبب انتقادهم لفكرة أخونة الدولة المصرية.
وفي مرحلة مابعد الثورة كان حضور الدين أكثر وضوحاً، بسبب بروز التيارات الإسلامية والافصاح عن هوياتها وانتماءاتها ومرجعياتها الدينية في الفضاء العام والسبب الأبرز وراء ذلك هو سقوط نظام مبارك الذي مثل نموذجاً للدولة السلطوية العميقة التي تستخدم كافة وسائل القمع في مواجهة التيارات المعارضة لها والمختلفة معها في المرجعية، ومن هنا حدث فراغ سياسي في مرحلة ما بعد سقوط نظام مبارك قامت القوى والتيارات الإسلامية باستغلال هذا الفراغ للانخراط في العمل السياسي والحياة السياسية بعد سنوات عانت فيها من القمع والتهميش وتوغل الفاعلون الإسلاميون في الفضاءين السياسي والإعلامي في مرحلة ما بعد سقوط نظام مبارك بشكل ملحوظ، حيث ظهرت قنوات ومنابر فضائية خاصة بجماعات إسلامية كقناة مصر 25 التي تتبع جماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم اخترق الإسلاميون بعد الثورة الفضاء الإعلامي بشكل مختلف عما قبل، حيث ظهرت قنوات تتبع تيارات بعينها، وهو مايختلف عن الوضع قبل الثورة، حيث كانت القنوات الدينية لا تنتمي لتيار سياسي بعينه، كما شهدت وسائل الاتصال الجماهيري ظهور سياسيين ذوي مرجعية إسلامية في البرامج الحوارية للحديث عن موضوعات الشأن العام، وهو ما كان من غير الممكن تخيل حدوثه قبل الثورة.
وكشفت الدراسة عن وجود حالة من الاستقطاب السياسي بين التيارين الاسلامي والعلماني، مما أدى إلى الاقصاء المتبادل من الجانبين، فبدأ الحديث عن محاولة الفاعلين الإسلاميين الاستئثار بالمجال العام المصري بعد الثورة في أعقاب عدد من المواقف السياسية الخاصة بتيار الإسلام السياسي بعد الثورة وهي حشد وتعبئة جمهور الناخبين أثناء الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 19 مارس 2011 تجاه القبول بتلك التعديلات وفقاً لمرجعية دينية، مما قد يحتوي على نوع من أنواع الخداع للناخب المصري، كما أظهرت مسألة حشد الجماهير لصناديق الاقتراع على أساس ديني مدى رغبة التيار الاسلامي في الاستحواذ على السلطة بعد الثورة.
ورصدت الدراسة ابتعاد الاسلاميين عن ثوار ميدان التحرير من خلال عدم مناصرة القوى الثورية في العديد من المواقف التي شهدت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الجيش والشرطة، حيث امتنعت القوى الاسلامية عن المشاركة في تظاهرات محمد محمود ومجلس الوزراء ، تلك التظاهرات التي شهدت سقوط العديد من الشهداء، وذلك لأسباب برجماتية نفعية بحتة، ألا وهى التفرغ لعمل الدعاية الانتخابية اللازمة استعداداً للانتخابات البرلمانية، ورفعوا شعار الشرعية للبرلمان وليس للميدان، مما أدى الى احتدام الصراع بينهم وبين ثوار الميدان من كافة القوى والتيارات السياسية.
واضافت الدراسة انه على الرغم من تعهد جماعة الاخوان المسلمين بعدم تقديم مرشح خاص بها لخوض الانتخابات الرئاسية، وذلك في فبراير 2011، إلا أنه ما لبثت في أعقاب حصولها على أغلبية مقاعد البرلمان، إلا وأعلنت نيتها عن تقديم مرشح رئاسي، بعد أن كانت قد قامت بفصل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، للإعلان عن نيته في خوض الانتخابات الرئاسية ومخالفته لقرارات الجماعة، والتي اعتبرها مجلس شورى الجماعة نتاج مبدأ الشورى الذي لا يمكن أن يحيد عنه أي عضو بالجماعة، وعلى عكس الوعد السياسي السابق قدمت جماعة الإخوان المسلمين المهندس خيرت الشاطر لخوض الانتخابات على منصب رئيس الجمهورية، ثم دفع حزب الحرية والعدالة بالدكتور محمد مرسي لضمان وجود مرشح للحزب في الانتخابات، في حالة عدم استيفاء المهندس الشاطر للشروط الشكلية والموضوعية التي وضعتها لجنة الانتخابات الرئاسية، وبالفعل خاض الدكتور مرسي الانتخابات حتى وصل لمنصب رئيس الجمهورية في الوقت الراهن.
وكشفت الدراسة ان المواقف الثلاثة السابقة لجماعة الإخوان المسلمين اظهرت مدى بعد الجماعة عن التيار الثوري المصري بداية من استفتاء التعديلات الدستورية في مارس 2011، وحتى الآن، فضلاً عن معركة اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، والتي تشهد صراعات فكرية ما بين التيار المدني والتيار الإسلامي حول عدة موضوعات منها معايير التشكيل وكيفية صياغة المواد الدستورية الأهم داخل الدستور المصري، كالمواد المحددة لشكل النظام السياسي، وتلك المحددة لمرجعية الدولة المصرية، مما يوضح قدر البرجماتية في قرارت الجماعة السياسية داخل المجال العام المصري بعد الثورة. وبناءً عليه فإن عملية التوظيف السياسي للدين في مصر بعد الثورة وصلت إلى أعلى مراحلها ، خاصةً في ظل تنامي الدور السياسي للتيار السلفي
وانتهت الدراسة بأن المجال العام المصري بعد الثورة المصرية شهد تحولات كبرى فيما يتعلق ببنيته، والفاعلين الرئيسيين فيه، وكيفية إدارة العلاقة بين هؤلاء الفاعلين وبعضهم البعض من جانب، وبالسلطة الحاكمة من جانب آخر، فلم يعد هناك حزب حاكم يحتكر لنفسه حق التمثيل داخل المجال العام، بل تعددت وتنوعت بداخل هذا المجال كافة ألوان الطيف السياسي والمجتمعي، وتخلص المجال العام المصري من وصاية نظام سلطوي قمعي بحزبه الحاكم ونخبته الاقصائية، وأصبح مجالاً عاماً تعددياً، تمثلت فيه الحركات الاحتجاجية، والائتلافات الشبابية، والأحزاب السياسية الوليدة، فلم يعد تيار أو حزب معين يحتكر لنفسه حق التمثيل داخل المجال العام.
وطرحت الدراسة التساؤل حول سيطرة صبغة اسلامية على هذا المجال، في ظل تنامي دور الحركات الاسلامية داخل هذا المجال. وهذا في ظل الواقع القائل بأن محددات التعددية تكمن في دحض النهج الاقصائي برمته وتبني نهج تعددي موضوعي في تعامل تيارات الإسلام السياسي مع معارضيها في مرحلة توليهم مقاليد حكم الدولة، وكذلك تبني سياسات استيعابية غير اقصائية تتجاوز فكرة الاستقطابات والسجالات الفكرية والسياسية إلى تبني مفهوم واسع للمجال العام التعددي في مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.