الذى يحدث ضد المتظاهرين السلميين فى مصر يعد إرهاباً ممنهجاً، فالقتل والسحل والضرب والملاحقة بالقنابل أوإطلاق الخرطوش أو استفزاز المحتجين هو سياسة مقصودة تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين سواء عن قصد أو بطريقة التحكم عن بعد، والذى تقوم به الأجهزة الأمنية ضد المتظاهرين باتباع وسائل القمع المختلفة تعدى كل الحدود والوصف والجماعات الدينية التى مارست المتاجرة بالدين وإرهاباً نفسياً على وسائل الإعلام والصحفيين والوطنيين من أبناء هذه الأمة، إنما يمارسون خطة ممنهجة بهدف قمع المعارضين.. وبذلك تكون الثورة المصرية العظيمة قد تفرغت من أهدافها ومضمونها الأساسى الذى يعتمد على نيل الشعب حريته كاملة غير منقوصة. أخطر ما يحدث من خطة القمع الممنهجة هو التحرش الجنسى بالنساء، فى محاولة غاشمة لإجبار السيدات والفتيات على عدم النزول إلى الشارع، وبث الخوف فى قلوبهن وقلوب أزواجهن وآبائهن وأمهاتهن، وبالتالى يتصور ضعاف النفوس أن هذه الخطط الغاشمة من الممكن أن تنال من سيدات مصر وتمنعهن من المشاركة فى المظاهرات والنزول إلى الميادين لرفض القمع والقهر والظلم. فى ميدان التحرير تلك البقعة الطاهرة من أرض الوطن التى شهدت أعظم حدث تاريخى وهو قيام الثورة المصرية التى شهد لها القاصى والدانى ووقف أمامها العالم أجمع تبجيلاً واحتراماً، بدأت تتناثر هنا وهناك أخبار بأن عمليات تحرش واغتصاب تسود فى هذا المكان الطاهر.. بهدف إرهاب المرأة المصرية وكسر إرادتها ومشيئتها وإبعادها عن الحياة السياسية بعدما باتت المرأة فيها عنصراً مهماً ورئيسياً لا يقبل الإبعاد أو الإقصاء. فى رأيى أن جميع القوى السياسية المتأسلمة التى تتاجر بالدين مسئولة عن هذه المهزلة التى تحدث لسيدات مصر وليس معنى ذلك أنهم لا قدر الله يتحرشون هم بالنساء، إنما هم وراء خطة ممنهجة لتشويه صورة المرأة المصرية، وكانت هذه الجماعات الدينية تنشر رسائل كثيرة قبل ذلك تطالب فيها الناس بألا يكن سبباً فى التحرش، إضافة إلى الهجوم العلنى من أشخاص زعموا أنهم علماء فى الدين وتطاولوا بالقول واللفظ وخاضوا فى أعراض الفنانات وصاحبات الفكر والرأى ووقعوا فى محظورات دينية لا يقع فيها إلا المنافقون والأفاكون وأمثالهم من أهل الإفك. وهناك ظاهرة أخرى ملفتة للنظر بشأن عمليات التحرش، وهى الصمت أو التجاهل التام لجماعة الإخوان الحاكمة تجاه هذه الظاهرة، مما يعنى أن هناك موافقة ضمنية على ألا تشارك المرأة فى العمل السياسى وإبعادها عن الشأن كله والاكتفاء بالمرأة كائناً منغلقاً على نفسه داخل المنزل!! فى هذا الإطار لا يمكن أيضاً أن تتجاهل أن المتحرش نفسه الذى يفعل جريمته دون أن ينال العقاب الكافى، ولأن المتحرش دائماً ما يكون محمياً من الوقوع تحت طائلة العقاب، فإن الأمور تزداد تفاقماً، خاصة مع وجود ضغط مستمر على الفتيات لإجراء مصالحة وبذلك تضيع الأمور هباء منثوراً، وتحولت عملية التحرش إلى طرق ممنهجة ومنظمة مما يعكس أن وراءها عقلاً مدبراً سواء كان هذا تم بالفعل أو عن طريق نشر وبث الشائعات لإرهاب الفتيات وإقصائهن عن المشاركة فى الأحداث السياسية.. إنها خطة منظمة إلى أبعد درجات التنظيم بهدف إرهاب الجميع الأنثى قبل الرجل. والمنظمات الحقوقية التى رصدت هذه الظاهرة كانت محقة عندما وضعتها بأنها جريمة تشبه جرائم الحرب لأنها عمل منظم يتم فيه الاعتداء على مدنيين، وبذلك لم تعد عمليات انتهاك فحسب وإنما باتت كارثة تستوجب من الجميع اليقظة تجاه الانهيار الكامل الذى ساد مصر إلى درجة وصلت إلى دائرة الخطر الحقيقى.