على الرغم من أنها تبدو شابة مصرية عادية، إلا أنها في الواقع تختلف تماما عن الكثيرات ممن في مثل عمرها، فهي «أنوسة كوته» أصغر مدربة أسود في الشرق الأوسط عمرها 24 سنة وهي حفيدة محاسن الحلو وابنة مدحت كوته ملوك ترويض الحيوانات المفترسة. محاسن أو «أنوسة» كما يحلو لها أن تنادى، تخرجت في كلية الحقوق وتحمل الماجستير في القانون الدولي وتحمل لقب «مستشار تحكيم دولي»، لكنها فضلت إبدال الدراسة بالهواية، وأصبح ترويض الأسود والحيوانات هو مهنتها الأساسية التي لا تستطيع التخلي عنها أما العمل في القانون فلا تمارسه على الإطلاق.. تحدثنا معها لنتعرف على سر حبها للأسود. بداية تقول «أنوسة»: اعتدت منذ أن كان عمري 3 سنوات على وجود الأسود في المنزل نظرا لعمل أبى وقيامه بتربية الأسود والنمور، وبالتالي لم أستغرب وجود تلك الحيوانات، كما أنني لم أكن مثل بقية الأطفال أحب اللعب بالعرائس والمكعبات بل كانت الأسود هي لعبتي المفضلة. وعلى الرغم من خوف والدي في البداية إلا أنه استسلم لإصراري الشديد وأصبح يشجعني ويساعدني في فهم طبيعة تلك الحيوانات. وأعتقد أن حبي للأسود فطريا ووراثيا في آن واحد. تكمل أنوسة: «على الرغم من حبي الشديد وتعلقي بالأسود فإنه كان من الصعب أن أبدأ دخولي في مجال السيرك بالأسود، فكنت أقدم عروضا بأنواع أخرى من الحيوانات مثل الثعابين والخيول والشمبانزي وكان ذلك وأنا عمري 4 سنوات تقريبا، ثم بعد ذلك اتجهت إلى الأسود». وتحاول أنوسة حاليا تقديم عروض مبتكرة من خلال الاستعانة بأنواع جديدة من الأسود مثل الأسود البيضاء والنمور. وعن الخبرة التي اكتسبتها من والدها وجدتها تؤكد أنوسة أنها حصلت على خبرة كبيرة جدا منهما وذلك من خلال مراقبتها لهما أثناء التعامل مع الأسود. كما ساعدوها في فهم طباع الأسود وبالتالي كيفية التعامل معها. وتؤكد أن الكثير من الناس يصبحون أكثر اهتماما بمشاهدة عروضها بعدما يعرفون أنها ابنة مدحت كوته وحفيدة محاسن الحلو. وتقول مدربة الأسود الشابة عن متعتها بهذه المهنة الخطرة: «على الرغم من أن الأسد حيوان مفترس فإنه عاطفي وحنون وطيب جدا، وأشعر أثناء تعاملي مع الأسود بأنني أعامل أولادي وليس حيوانات». وتشير إلى أن التعامل مع الأسود أفضل كثيرا من التعامل مع الناس؛ لأن الأسد في النهاية حيوان مفترس نتعامل معه بحذر خوفا من هجومه في أي لحظة أما الإنسان الذي تعتقد أنه طيب وهادئ قد تفاجأ بخيانته لك دون مقدمات وتوضح أنها اكتسبت الكثير من الصفات الجميلة من تعاملها مع الأسود، أهمها الثقة بالنفس والكرامة والشموخ والعزة. وتؤكد أنوسة أن تعاملها مع الأسود جعلها لا تخاف أي شيء في الحياة، فالرهبة لا تعرف طريقها، لكنها قد تشعر أحيانا ببعض القلق أو التوتر خاصة إذا مرض أحد الأسود التي تقوم بتدريبها. وعن تقبل الجمهور لشابة تروض الأسود في مثل عمرها وبراءة ملامحها، توضح أنوسة أن الكثير من الناس لا يقتنعون بها كمروضة لتلك الحيوانات المفترسة خاصة أن ملامحها بريئة وشكلها لا يوحي بذل، لكن سرعان ما تتغير وجهة نظرهم بمجرد رؤية عروضها حيث تبهر الجميع بقدرتها الفائقة في التعامل مع هذه الحيوانات. وبنبرة أسى تواصل أنوسة: «على الرغم من تعرض والدي وجدتي منذ عدة سنوات لحادث فظيع نتيجة لهجوم 16 أسدا عليهما أثناء تقديم أحد العروض بالسيرك، فإن هذا لم يخيفني على الإطلاق ولم يجعلني أتردد في الاستمرار في هذا المجال لأن كل شيء بإرادة الله تعالى، وأنا آخذ حذري وأتوكل على الله». وتضيف أنها تتعرض للكثير من المواقف الخطرة أثناء تقديمها للعروض لكنها تمر بسلام. وتشير إلى أنها قدمت عروضا في كل محافظات مصر بالإضافة إلى سفرها إلى كل أنحاء العالم بما في ذك أوروبا وأميركا وكل الدول العربية. وعن الاحتياطات التي تأخذها أنوسة قبل تعاملها مع الأسود تقول إنها تقوم بتفقد حالة الأسود قبل دخول العرض حتى تتأكد من عدم وجود أي تغير في سلوكها، كما تحرص على قراءة القرآن الكريم قبل الدخول على المسرح لتقديم العرض. وعن نظرة الرجال لها تؤكد أنوسة أنها أحيانا تقابل نظرات فضولية من البعض بينما يخاف منها آخرون، لكنها تشير إلى أن ترويض الأسود لا يقلل من أنوثتها على الإطلاق فهي ليست مدربة أسود إلا خلال الساعتين التي تقدم فيهما العرض، أما باقي الوقت فهي بنت عادية جدا مثلها مثل أي بنت وتعيش حياتها بشكل طبيعي جدا. وتؤكد أنوسة أنها لن تترك الأسود من أجل الزواج؛ لأنها تعتبر التعامل مع الأسود وترويضها عالمها الخاص الذي لا تستطيع التخلي عنه مهما حدث. وعن أمنياتها تقول إنها تتمنى أن تهتم الدولة أكثر بالسيرك القومي حتى يصل إلى العالمية خاصة أن لدينا من الإمكانات ما يؤهلنا لذلك. كما تطالب بضرورة تغيير نظرة المجتمع لكل العاملين في السيرك فهم يقومون بعمل شاق وخطر وهدفهم الأول والأخير إسعاد الناس. ** نقلا عن الشرق الأوسط اللندنية بتصرف