قبل ان تقرأ: لأن الشعب المصري عظيم فإنه ودع قائده المهزوم الطاغية الديكتاتور جمال عبدالناصر وداعاً أسطورياً.. هذا الكلام ليس من تأليفي ولكنه من بنات تعبيرات وتفسيرات - وتناقضات أيضاً - «الفاجومي» المبدع أحمد فؤاد نجم! أبدع «نجم» قبل أيام قلائل قصيدة صاروخية العيار بعنوان «يا أجهل شعوب الأرض»، يقول فيها: يا أجهل شعوب الأرض اخترت ليه طرطور أراجوز في إيد مرشده شايل لقب دكتور من يوم ما مسك الحكم مقطوعه ميه ونور.. «إلخ». هذا الإبداع الفاجومي من الطراز الثقيل «القصيدة بكاملها في الحقيقة» يقوم علي تناقض صارخ عند الشاعر النحيل جسداً، العملاق روحاً وكبرياء وإرادة ومواقف في الحقيقة.. شأنه شأن شعبنا المصري الذي يعد هذا التناقض أحد سماته الرئيسية (انظر كيف يعالج جمال بخيت وهو مبدع من طراز خاص عليه بصمات روزا- وصباح الخير - هذا التناقض يتجلي في رائعته «عم بطاطا») إذ يقول: عم بطاطا بيصبر علي جار السو 30 سنة ويقول دول فكة عم بطاطا يزك الزكة يعبر سينا ويفتح عكا. تناقض رهيب عند الشعب المصري.. من تناقضاته أيضاً أنه يقبل مثل هذا النقد من «نجم» لكنه لا يقبل مثيلاً له من شخص ك «نظيف» رئيس وزراء مصر في نهاية عهد مبارك (الساقط) الذي كان يري أن الشعب المصري لم ينضج بالقدر الكافي ليتمتع بالديمقراطية الحقيقية.. لكن اتهاماً «فشخ» كاتهام نجم للشعب المصري بالجهل.. هو علي القلوب «زي العسل» لماذا؟ هذه بالطبع ليست محاولة للإجابة.. إنما هي محاولة لإطلالة من قريب علي الشعب المصري الساكت علي الشيطان.. فمثلاً هناك من يري أنه لا يستطيع الحياة، إلا ب «الكرباج».. وكان لمصطفي أمين - أستاذ صحافة مدرسة أخبار اليوم - رأياً يصفع هؤلاء يقول: هؤلاء يتمتعون بأخلاق العبيد.. يوجدون بين شعبنا..هذا الذي يراه أحمد فؤاد نجم عظيماً في وداعه لبطل أسطوري مثل عبدالناصر كان عظيم المجد والأخطاء كما يقول عنه.. وهو في نفس الوقت شعب جاهل اختار «طرطور أراجوز من يوم مامسك الحكم»...... اكملوا أنتم بقية البيت! هذا الشعب العظيم الجاهل هو الذي بسمع الآن أنه سيجوع ويحرم من كل شيء بالبطاقة التموينية وفي المقدمة رغيف العيش والبنزين.. وبعيداً عن ترف هذا الأخير (البنزين!) لنبق في إطار الرغيف ونتذكر باستغراب مقولة أبي ذر الغفاري التي اشتهربها: عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج علي الناس شاهراً سيفه.. وأنا أسأل شعبنا «العظيم» - والجاهل في نفس الوقت - الكلام الآن عن الرغيف ليس كلام انتخابات وليس «دخان في الهواء» ولكنه كلام حقيقي يردده «تبع» الإخوان، ومناسبته أن رغيف الخبز الدعوم يباع بخمسة قروش، في حين أنه يكلف الدولة 33 قرشاً للرغيف.. ولذلك فلابد من تحديد أعداد الأرغفة التي تصرف للناس بحد أقصي 3 أرغفة يومياً!! ورغم أن الكلام يتردد بقوة إلي حد التصديق ورغم أن الغلاء الحالي فاحش ويصل إلي حد القهر والإبكاء.. ويدفع الفقراء إلي الانتحار أو بيع الأطفال ولعق أيدي الأغنياء من أجل حسنة قليلة لن تمنع أبداً بلاوي كتيرة.. إلا أن أحداً في شعبنا الجاهل لم يتشطر ويخرج شاهراً سيفه.. مثلما حدث مع السادات في انتفاضة يناير 77؟ اليوم ورغم كل هذه اللطمات والمصائب والضربات المخبوط رأس الشعب المصري الغلبان فيها.. التي تحدث يوماً بعد يوم بل وساعة بعد أخري.. إلا أنه «ساكت»..وعامل نفسه مش واخد باله؟.. وكان شعب «تنجانيقا» - وليس أبناء العزب والنجوع والكفور والناس اللي علي شمال الدنيا - هوه اللي بيخبط رأسه في المصايب خبط.. من الغلاء الذي طال الأكل والشرب والمزاج (نسوان وفياجرا مغشوشة وسجاير) إلي حوادث القتل اليومي التي أضافت للرئيس صفة جديدة إلي جانب كونه الرئيس المصلي والاستبن و«اللي مش عارف إيه كمان» صفة الرئيس «المنحوس» فكل يوم قتلي وجرحي بالعشرات لا نستثني أحداً, الأطفال بالخمسين (ربما أكثر من شهداء بحر البقر وقانا وخان يونس) في حادث قطار أسيوط الشهير.. والرجال بالعشرات في حادث قطار البدرشين.. وحادث مزلقان أرض اللواء الأخير.. وحوادث عمارات الموت المتكررة والمتلاحقة. إذن نحن أمام «حالة» فريدة تماماً.. لحظة غريبة.. الجلاد فيها يجلد الضحية كل يوم ويذيقه صنوف العذاب.. من الحرمان - حيث الناس لم تعد تجد «اللضا» كما كنا نقول في قريتي ولعل إبراهيم عيسي وحده هو الذي يعرف معني «اللضا» هذه الأيام.. إلي التجويع.. حيث يأكل «ناس» بشكل عادي وطبيعي من القمامة أو يعيشون علي «الشحاتة».. إلي القتل اليومي، إما بالإهمال في مستشفي أو في سيارة ترحيلات أو فرماً ودهساً تحت عجلات قطارات الموت وحتي القهر اليومي بفرض أشخاص معينين عليه يؤذون أسماعه ليلاً ونهاراً من «العريان» اللاطم علي الخدود حزناً علي خيبر ويهود, إلي «البرهامي» الرجل المخادع الماكر الذي يذكرك بأبي موسي الأشعري ومع هذا الناس ساكتة.. ليه؟ بعد أن قرأت: تفتكروا ليه الناس ساكتة؟.. هل حباً في «الإخوة» أم كرهاً في المعارضة؟.. هل بسبب عظمة الشعب المصري أم جهله؟.. أم تناقضاته؟.. أم زهقه؟.. أم أنه في انتظار الوعد يوم 25 يناير القادم؟.. ياااارب.
