الحوار مع آثار الحكيم لا يجعل لك فرصة للشرود، فلديها قدرة كبيرة على الإقناع والتحليل والمناقشة وترتيب الأفكار بشكل منظم جداً، ولا أن أنكر لقائى معها جعلنى أعيد التفكير فى أشياء كثيرة. فرغم هجومها الشديد على النظام الحالى إلا أنها مؤمنة بأن كل فصائل المجتمع لها الحق فى الحياة على أرض هذا الوطن، بل انها ترى أن كافة التيارات السياسية لاتتعمد الكذب وتحمل مشاعر صادقة لأن أصحابها يصدقون أفكارهم بصرف النظر عن صحتها أم لا. لماذا أعلنت آثار الحكيم اعتزال التمثيل رغم نجوميتها التى حققتها فى مشوارها الفنى الطويل؟ لأننى غير راضية عن المناخ العام فى كل المجالات بما فيها المجال الفنى. هل تآمر أحد لإفساد هذا المناخ بعد الثورة؟ أكيد، فهناك أكثر من «حد» تآمر. ومن هم الذين تحملينهم المسئولية؟ بلاشك المجلس العسكرى بلواءاته التسعة عشر الذين حكموا بعد الثورة وكان هدفهم تشويه ميدان التحرير بعد أن أصبح مركزاً للقوة الضاربة. ألم يقوموا بحماية الثورة كما يرى البعض؟ هذه اسطوانة مشروخة وغير حقيقة،أما الحقيقى هو أنهم احتموا بالثورة. والسبب انهم كانوا فى الأساس معترضين علي توريث الحكم لجمال مبارك وكانوا منتظرين حدوث هذا الأمر لإعلان الانقلاب العسكرى، فجاءت إليهم ثورة «25 يناير» على «الطبطاب» لتحل هذه المشكلة. أين المؤامرة فيما تقولين؟ المؤامرة بدأت بأحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، كشف العذرية بهدف تكسير مجاديف الشباب الثائر، ثم الكارثة الكبرى باستفتاء «الجنة والنار» فى «19 مارس» والذى ندفع ثمنه الى اليوم وكان هذا هو المخطط الشرير بعد تجاهلهم كل النداءات والمليونيات التى ترفض التعديلات الدستورية ثم بدأوا فى اشغال الناس بأحداث متفرقة ومتتالية كأحداث السفارة الإسرائيلية وإلقاء الجثث فى صناديق القمامة وأحداث بورسعيد. وأكملت: لن يغفر التاريخ للمجلس العسكرى هذه الجرائم البشعة التى فعلها مقابل صفقات خبيثة ولا تصب فى مصلحة الشعب المصرى أبداً، فقد عقد هذا المجلس صفقة مع «الإخوان» تهدف الى احباط الثوار واحداث الوقيعة بينهم وتفريقهم مستغلين قلة خبراتهم السياسية وكل ذلك من اجل تشويه ميدان التحرير الذى أصبح قوة مرعبة لأى نظام. كيف ترين ميدان التحرير الآن؟ من حيث الشكل اصبح مثل مكان مهجور يدخله البلطجية كما يريدون وفىأى وقت بهدف إفقاده بريقه، ولكن كرمز على الجميع أن يعرف ان الميدان لم ولن يفقد معناه أبداً. هل الوضع السياسى الحالى أصابك بحالة من الاحباط؟ لا. إذن هناك ما يدعوك الى التفاؤل؟ نعم، فمحاولات جبهة الانقاذ تسعدنى كثيراً وكذلك نتائج الاستفتاء الأخير على الدستور التى قال فيها حوالى عشرة ملايين «نعم» بالتزوير و«6» ملايين قالوا «لا» وامتنع «35» مليوناً عن الذهاب الى الصناديق، لأن هذا معناه بشكل قاطع أن المعارضة فى مصر تفوق في عددها النظام الحاكم بمراحل. هل تكرهين الإخوان؟ لا، أنا لاأكره أحداً ولكنىأكره المراوغات وعدم التوافق وغياب الشفافية والبحث عن المصالح الشخصية، وأؤكد لك ان الاستقرار والنهوض الاقتصادى لن يحدث طالما انه لا يوجد توافق، ورغم اختلافى الشديد مع فكر الإخوان السياسى لكنى اتفهم ظروف القهر التى عاشوا فيها طوال «80» عاماً والتى تجعلهم يتشبثون بالحكم بعد ان وصلوا اليه لأول مرة فى تاريخهم ولذلك يكون رد فعلهم الهستيرى فى أى لحظة يشعرون فيها بأنهم قد يعودون مرة أخرى لما كانوا عليه قبل ثورة «25 يناير». بماذا تنصحين الرئيس؟ أن يبتعد عن أهل الثقة وأن يجعل اصحاب الكفاءات هم أقرب الناس اليه ولا يكرر اخطاء النظام السابق وان يعلى هيبة الدولة والقانون ولا يسمح بأحداث كالتى حدثت فى موقعة الاتحادية حتى لا يصبح السلاح والبلطجة ومبدأ القوة والذراع هو السمة الرئيسية للمصريين فى المرحلة القادمة. ما رأيك فى الإعلام المصرى الحالى؟ فاسد، فاسد، فاسد. لماذا؟ لأنه طالما الإعلام يتبع السلطة الحاكمة وبالتالى يتبع الحاكم فسيظل بوقاًوالمتحدث الرسمى لهذه السلطة، ولذلك فإن التطهير الإعلامى كان من المطالب الأولى للثورة ورغم وجودالإعلام الخاص إلا أن ما سبق يأخذنا الى نوع آخر من الفساد فى الإعلام الخاص وهو أن يتحول هذا الإعلام الى بوق لمالك القناة الفضائية وبالتالى يتحول إلى إعلام كاذب. ما رأيك فى ظاهرة القنوات الدينية وما تصدره من فتاوى؟ لكل شخص بيئة نشأ فيها ومفاهيم تربى عليها ومعتقدات مؤمن بها ولذلك أنا لا ألوم أحداً على آرائه لأننى مؤمنة بأن كلهم صادقون فيما يقولون لأنه الشىء الذى يؤمنون به بصرف النظر عن صحته أو لا، فمن يطلقون هذه الفتاوى صادقون ومن يعترضون عليها صادقون ايضاً ولكن الأهم فيما يحدث الآن انه جعلنا ولأول مرة نتعرف على بعضنا البعض ونحتك ببعضنا بشكل أقرب، ولكن علينا ان نتعلم كيف نتعايش فى وطن واحد بكل هذا الاختلاف الحاد وبشكل محترم لأن كل طرف له حق فى هذا الوطن وله حق فى المعيشة على هذه الأرض والا سنبقى فى هذا التناحر المتبادل وبالتالى سنبقى فى حالة عدم الاستقرار. ما أخطر ما يحدث فى هذه المرحلة من وجهة نظرك؟ هلهلة المجتمع المصرى بشكل مفزع وعدم الاجتماع على صالح عام موحد، وحالة عدم الرضا التى تصيب كل شرائح المجتمع من أطباء ومحامين وقضاه وفلاحين وفنانين، و السبب أنه منذ تولى الرئيس «مرسى» منصبه يتضح ان المصلحة الغالبة عليه هى مصلحة جماعة الإخوان. كيف ترين يوم «25 يناير» القادم؟ أراه إنذاراً اخيراً بأن الثورة مستمرة وأراه اعادة لذكرى تسكن فى قلوبنا بكل ما تحمله من لحظات حزن وسعادة عارمة وفرحة بالشباب المصرى الثائر الغاضب الايجابى بكل فئاته وعلى رأسه شباب الألتراس الشجعان الذين لا يملون المطالبة بحقوقهم.