تشهد أروقة الأحزاب السياسية والقوى الثورية سجالاً وجدلاً كبيرين، حول جدوى المشاركة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة من عدمها، فى ظل إصرار الأغلبية الإسلامية على تمرير قانون الانتخابات البرلمانية، والإطاحة بمقترحات وملاحظات القوى المعارضة والثورية. أعلن تيار الاستقلال وعدد من القوى الثورية مقاطعته لانتخابات مجلس الشعب المقبلة، اعتراضاً على ما وصفوه بتزوير مؤكد للانتخابات أسوة بما حدث فى الاستفتاء على الدستور، مما أثار تساؤلات عدة حول جدوى تلك الدعوى وصداها فى الشارع المصرى، وكيفية تأثيرها على العملية الانتخابية، وهل سيعد هذا الانسحاب خسارة للقوى الثورية؟ وبرر تيار الاستقلال المكون من 30 حزباً وحركة إسلامية دعوته لمقاطعة الانتخابات بالاعتراض على قانون الانتخابات البرلمانية، لما به من عوار وثغرات خطيرة تمهد لاكتساح الأحزاب الإسلامية، وأعلنت تلك الأحزاب رفضها إصدار القانون، قبل إجراء حوار هادف وفعال وجاد بين مؤسسة الرئاسة وبين كافة القوى السياسية. وأعلن المقاطعون رفضهم إجراء الانتخابات النيابية قبل تجاوز الأزمة الدستورية فى البلاد، والتوافق حول قانون الانتخابات. قال حسن ترك، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطى، وعضو تيار الاستقلال: لم نجد سوى مقاطعة الانتخابات، حلاً وسط سيل الانتهاكات التى تشهدها البلاد كل يوم، والتزوير الفج الذى يمارس فى أى عملية انتخابية، مشيراً لما حدث فى الاستفتاء من تجاوزات وانتهاكات تم تحرير محاضر بها، وجمدت ولم يتم التحقيق فيها. وأكد «ترك» أنه لم يتم اشتراك جميع أحزاب تيار الاستقلال، بل ومعظم القوى السياسية الأخرى بالحوار الدائر مع الرئاسة، مؤكدًا أنها لا تعلم عن حقيقة ذلك القانون المزمع إصداره شيئاً، وأن الذين شاركوا بالحوار المشار إليه، هى نفس القلة المقربة من جماعة الإخوان.. وتابع عضو تيار الاستقلال: «سنقاطع فى حال الإصرار على إصدار قانون الانتخابات بوضعه الحالى دون مراعاة النظام الانتخابى الأمثل لطبيعة الشعب المصرى وهو النظام الفردى أو إعمال نظام 50% فردى و50% قائمة على أن تكون القوائم بنظام القائمة النسبية أو المفتوحة. وأضاف «ترك»: «لن نشارك فى مهزلة الانتخابات البرلمانية، لأنها ستكون جريمة فى حق الشعب والمشاركة فيها إثم كبير، فى حقنا وتاريخنا الثورى، مشيراً إلى عزم تيار الاستقلال، الحشد للترويج لدعوة المقاطعة، لتصبح حركة ذات شعبية وتأثير كبير». وقال حاتم الأعصر، عضو الهيئة العليا بحزب الوفد: إن المقاطعة ليست هي الحل وليس هناك شيء يدعو إلى المقاطعة فهناك قانون يتم تعديله ويجب علينا أن ننتظر نتيجة التعديل ونحن كحزب إذا رأينا أن هذا التعديل غير متفق عليه فى الشارع المصرى فسوف نقرر المقاطعة، ولكن الفرق هنا أنها سوف تكون مقاطعة جماعية للأحزاب. من جهته أكد «عبدالغفار شكر»، رئيس حزب التحالف الاشتراكى، حق الشباب فى أن يبدى اعتراضه على انتخابات مجلس النواب القادم ولأن هذا يعتبر مقاطعة رمزية لعدم رضاهم أو شكهم فى نزاهتها, مشيراً إلى أن ذلك لا يضر بسير العملية الانتخابية طالما أن هناك أحزاباً سياسية سوف تشارك فى الانتخابات وهناك مرشحون يحشدون أصواتاً لصالحهم فهذا يدل على الاستمرار. وتابع: عند مقاطعة الأحزاب الكبيرة للانتخابات ستكون مقاطعة فعلية وتوقف الانتخابات, أما عن دور الشباب فى جبهة الإنقاذ فإن كل مرشحينا من الشباب وسوف يكون لهم دور فاعل فى المرحلة القادمة، لافتاً إلى وجود كثير من العيوب فى قانون الانتخاب الجديد التى من شأنها بسط هيمنة التيار الإسلامى على الساحة وجعله يهيمن على المقاعد البرلمانية بأغلبية كاسحة. أعربت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد، القيادية ب «حزب الجبهة»، عن تأييدها لموقف الشباب الداعى للمقاطعة، طالما لن توجد هناك أية ضمانات تكفل نزاهة الانتخابات وعدم استنساخها مثلما حدث فى الاستفتاء. وأشارت «فؤاد» إلى وجود خروقات وتجاوزات أعلنها المجلس القومى لحقوق الإنسان, تم الإعلان عنها ورغم ذلك لم يتم التحقيق فيها.. حيث قالت: إن هناك تجاوزات ولكنها لا تؤدى إلى إفشال عملية الاستفتاء.. وأعربت الكاتبة الصحفية عن مساندتها لشباب الثورة، مطالبة إياهم بالتمسك بالوقوف على مطالبهم وأن يطالبوا بهذه الضمانات لنزاهة العملية الانتخابية.. وأضافت: «أقف بجانبهم لأن هذا حقهم وهم الذين قاموا بهذه الثورة وعليهم جنى ثمارها وهذا موقف جيد لهم لأنهم لا يريدون ان يتم تزويرها هى الاخرى مثل الاستفتاء». وعن الضمانات المطلوبة للتصدى لتزوير الانتخابات، أكدت ضرورة وضع أساتذة من رجال القانون والدستور لتلك الضمانات، بما يغلق الباب أمام أى تلاعب أو تزوير من شأنه بسط هيمنة الإخوان على الساحة السياسية أسوة بالحزب الوطنى المنحل. وفى سياق متصل أكد، أحمد بهاء الدين شعبان، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، أهمية فكرة مقاطعة الانتخابات، مبرراً ذلك بما يحتويه الدستور الجديد من اشتراط ضرورة دعم ثلث البرلمان القادم قبل أن يقرها البرلمان، وهو أمر ستعجز عنه جميع القوى السياسية بما فيها الإسلاميون. من ناحية أخرى قال مجدى قرقر، أمين عام حزب العمل: إن دعوة مقاطعة الانتخابات لا تجوز بالنسبة لأى حزب سياسى سواء كان كبيراً أو صغيراً، لأنه بذلك يتخلى عن دوره السياسى المنوط به، فعلى كل فصيل أن يدخل المعركة الانتخابية ويكملها إلى النهاية، ولا يترك الساحة لفصيل بعينه فى الهيمنة على الساحة السياسية، مضيفاً: لكن ذلك لا يتنافى مع حق القوى الثورية المختلفة فى إعلان مقاطعتها للانتخابات، فالمقاطعة هى أسلوب ديمقراطى للتعبير عن المواقف السياسية المختلفة، خاصة أن التكوين السياسى لتلك الحركات يختلف كليا عن الأحزاب السياسية، التى من المفترض أن لها جذوراً فى الشارع.