رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشهادة في سبيل الله
نشر في الوفد يوم 11 - 10 - 2020

الشَّهادةُ في سبيلِ اللهِ مَرتبةٌ عَظيمةٌ يَمنَحُها اللهُ تعالى لِمن بادَرَ بالحُصولِ عليها، وصَدَق النِيَّةَ في ذلك، فأوقَفَ للهِ نَفسَهُ، وبذَلَ فيهِ روحَهُ ناصِراً لِدينِهِ حتى يُدرِكَها وهوَ راضٍ مُطمئِن. تُعرَفُ الشَّهادةُ في سبيلِ الله بأنَّها حالةٌ شَريفَةٌ تَحصُلُ لِلعَبدِ عِندَ المَوتِ، لها سَبَبٌ، وشَرطٌ، ونَتيجَةٌ.
والشَّهيدُ في الإسلامِ هو من قاتَلَ لِتكونَ كَلِمةُ الله هيَ العُليا، غيرَ طامِعٍ في عَوضٍ أو جزاءٍ من فَناءِ الدُّنيا؛ فيَموتُ خاليَ اليَدينِ ليسَ في قَلبِهِ إلَّا حُبَّ الله والموتُ لأجلِهِ تحقيقاً لِشهادتِهِ بالوِحدانيَّةِ لِربِّهِ، وتَصديقًا لِوعدِهِ بأنَّ ما عِندهُ خيرٌ وأَبقى.
قال أعرابيٌّ للنبيِّ - عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-: (الرَّجلُ يُقاتلُ للمَغنَمِ، والرَّجلُ يُقاتلُ ليُذْكَرَ، ويُقاتِلُ ليُرَى مَكانُهُ، من في سَبيلِ اللهِ؟ فقال: من قاتلَ لِتكونَ كلمةُ اللهِ هي العُليا فهوَ في سبيلِ اللهِ).[1][2] ولا تَنحَصِرُ هذهِ المَرتَبةُ في مَن قاتَلَ في سبيلِ الله وقُتِلَ، فَمِن كَرَمِ الله تعالى أن جَعَلَ الشَّهادةَ تَزيدُ عَن حدِّ الجِهادِ والقِتالِ والموتِ في سَبيلِه لتتعدّى إلى أكثَرَ من ذلِكَ، وفي الحَديثِ الذي يرويهِ أبو هُريرَةَ عن رسولِ اللهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام قولُه: (ما تعدُّونَ الشَّهيدَ فيكُم؟ قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، مَن قُتِلَ في سبيلِ اللَّهِ فَهوَ شَهيدٌ.
قالَ: إنَّ شُهَداءَ أمَّتي إذاً لقليلٌ. قالوا: فمَن هم يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: مَن قُتِلَ في سبيلِ اللَّهِ فَهوَ شَهيدٌ، ومن ماتَ في سبيلِ اللَّهِ فَهوَ شَهيدٌ، ومَن ماتَ في الطَّاعونِ فَهوَ شَهيدٌ، ومَن ماتَ في البَطنِ فَهوَ شَهيدٌ. قالَ ابنُ مِقسَمٍ: أشهدُ على أبيكَ في هذا الحديثِ أنَّهُ قالَ: والغَريقُ شَهيدٌ. وفي روايةٍ: قالَ عبيدُ اللَّهِ بنُ مِقسمٍ، أشهدُ على أخيكَ أنَّهُ زادَ في هذا الحديثِ، ومن غرِقَ فَهوَ شَهيدٌ، وفي روايةٍ زادَ فيِهِ والغَرِقُ شهيدٌ)،[3] ويَظهَرُ في مَتنِ الحديثِ أنَّ الشَّهادَةَ بِمنزِلَتِها تَتَّسِعُ إلى ظروفٍ وحالاتٍ كثيرةٍ؛ حيثُ عدَّ الرَّسولُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ الموتَ بالطَّاعُونِ، أو الغَرَقِ، أو مرضِ البَطْنِ، أو الهَدْمِ، أو النِّفاسِ شهادةً تَستحقُّ ثوابَ الآخِرَةِ ومَنزِلةَ الشَّهادَةِ، وأمَّا في الدُّنيا فَيُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عليهم.[4][5] أجر الشّهيد وَعدَ الله المُحسِنينَ من عِبادِهِ والصَّالحينَ أجراً عظيماً، ودَرَجةً عالِيةً، وعَظَّمَ أُجورَهُم بأن ضاعَفَ الحَسَنةَ بِعشرِ أمثالِها أو يَزيدُ إلى ما شاءَ الله عظيمُ الكَرَم، وخصَّ الله الشُّهداءَ بمنازِلَ لا يَصِلُها غيرُهم، ثمَّ وَصفَ حالَهُم بعدَ الموتِ بِعجيبِ ما يُوصَفُ فيهِ مَيِّت؛ فذَكَرهم فَرِحينَ، وذَكَرَهم يَستَبشِرون، وبَشَّرَهُم بِربحٍ مُضاعفٍ لَما خَلَت مِنهُ نواياهُم
وسَرائِرهم في دارِ الدُّنيا فلم يَطمَعوا في مالٍ ولا في جاهٍ لِقاءَ ما قَدَّموا، فكانَ الرِّبحُ أعظَمَ وأَجزَل، قالَ تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيقْتُلُونَ وَيقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيعِكُمُ الَّذِي بَايعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).[6][7] فالشَّهادةُ في سبيلِ الله من أَعظَمِ القُرُباتِ وأثمَنِها؛ فَفِيها يُقدِّمُ المُؤمِنُ أغلى ما يَملِكُ على الإطلاقِ إرضاءً للهِ ودِفاعاً عن دِينِهِ، فاسْتحقَّت بِذلِكَ ثَمناً عظيماً من فيضِ كَرَمِ الله سُبحانهُ، وكانت من أرفعِ الرُّتَبِ وأَعْلاها، وأَنفَسِ المَقاماتِ وأَحسَنِها وأبْهاها. وقَد أورَدَت آياتُ القرآنِ العظيمِ وأحاديثُ الرَّسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مَنازِلَ عديدةٍ ومَراتِبَ عظيمةٍ خَصَّها اللهُ لِمنْ ماتَ في سَبيلِه واستحقَّ منزِلَة الشَّهادةِ، وفيما يَأتي عَرضٌ لِبعضِ ما ذُكِرَ في أَجرِ الشَّهيد.[8] الشّهيدُ عندَ الله في عِدادِ الأحياء عَدَّ الله تعالى من ماتَ في سَبيلِهِ مُقبِلاً بأنَّهُ حيٌّ عِندهُ يَجري رَِزقَهُ، قال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ )،[9] وفي الأياتِ بِشارةٌ من اللهِ بأنَّ من ماتَ في سبيلِهِ فهو حيٌ عِندهُ، وتطمينٌ لِمن على أثرِهم أنَّ لَهُم ذاتَ المنزِلَةِ مُستَبشِرينَ بِنَعيمِ اللهِ ورِضوانِه، فَمن أفنى نَفسهُ مُخلِصاً للهِ روحَهُ فإنَّما نَقَلها من حياةٍ فانيةٍ فيها الطيِّبُ والخبيثُ إلى حياةٍ سَرمَديَّةٍ لا تَفنى، ثِمارُها دائِمةٌ غيرُ مَقطوعة، وطيِّباتها غَزيرةٌ غيرُ ممنوعةٍ، ونَعيمُها أبديٌ لا تَقلُّبَ فيه.
الشَّهيدُ مُشَرَّفٌ في مَقامِ الآخرة يقولُ الله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)،[11] وتُبيِّنُ الآيةُ الكريمَةُ اصطِفاءَ اللهِ تعالى للشَّهيدِ وتشريفِهِ بالمنْزِلَةِ، حتّى أنَّ ذِكرَهُ كانَ مقروناً بالنبيِّينَ، وأنَّ صُحبَتهُ ومُرافَقَتهُ في الجنَّةِ جُعِلَت مُكافأةً لِمن أطاعَ الله ورَسولَه.
ينالُ الشَّهيدُ درجةَ الفِردوسِ الأعلى في الجنَّة إنَّ مَرتبةَ الشَّهادةِ إذا استحقَّت لِعبدٍ ميَّزتهُ بِعظيمِ الجزاءِ وأخيرِه، ذلكَ أنَّ من استحقَّها لا يَصِلها إلَّا بيَقينٍ خالِصٍ أنَّ حَياتَه الدُّنيا مَمرٌ ومَماتهُ على فراغِها من قَلبِه مُستقر، وأنَّ الآخرةَ إقبالٌ وفيها البِناءُ والجزاء. فإن صَفى قَلبُهُ للهِ مُقبِلاً إليهِ سَمت روحُهُ عن فناءِ الدُّنيا وباعَها بأجرٍ عظيمٍ، فنالَ ما نالَ من الأجرِ حارِثةُ الأنصاريُّ إذ تمنَّى على رَسولِ اللهِ عليهِ الصَّلاة والسَّلام أن يدعو له بالشَّهادةِ فلمَّا صَدَقَ اللهَ صَدَقه فأصابَ الفِردوس الأعلى. رَوى أنسُ ابنُ مالكَ رضِيَ الله عنهُ أنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بنتَ البراءِ، وهي أُمُّ حارثَةَ بنِ سُراقَةَ، أتتِ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالتْ: (يا نَبيَّ اللَّهِ، ألا تُحدِّثُني عن حارثَةَ، وكان قُتِلَ يومَ بَدرٍ، أصابَهُ سهمٌ غَرْبٌ فإن كان في الجنةِ صَبَرتُ، وإنْ كان غيرَ ذلك، اجتَهَدتُ عليهِ في البُكاءِ؟ قال: يا أُمَّ حارثَةَ إنها جِنانٌ في الجنَّةِ، وإنَّ ابنَكِ أصابَ الفِردَوسَ الأعْلَى)،[13] وهذا وعدٌ خُصَّ بهِ الشَّهيدُ دون غيرِه لِعِظّمِ ما كان عليهِ موتُه.[14] لا يُعَّذَّبُ الشَّهيدُ حينَ موتِه (رَوى أبو هُريرةَ رضِيَ الله عنهُ عن الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّهُ قال: ما يجدُ الشَّهيدُ من مسِّ القتلِ إلَّا كما يجدُ أحدُكُم من مَسِّ القرصةِ)،[15] وفي هذا الحَديثِ بِشارةٌ لِمن أقبَلَ إلى اللهِ ينوي الموتَ في سَبيلِهِ أنَّهُ لا يجِدُ ما يجِدُهُ ميِّتُ الفِراشِ عندَ موتِه، إنَّما يُسهِّلُ الله ميتةَ الشَّهيدِ، ويُهوِّنِ عليهِ سكراتِه، حتّى قالَ بعضُ العلماءِ أنَّ خروجَ روحِ الشَّهيدِ كعضَّةِ نملة.[16] عَمَلُ الشَّهيدِ يُنمَّى له بعدَ موته (عن فضالة بن عُبيدٍ عن رسولِ الله عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام أنَّه قال: كلُّ ميِّتٍ يُختَمُ على عملِهِ إلَّا الَّذي ماتَ مرابطاً في سبيلِ اللهِ؛ فإنَّهُ ينمي لَهُ عملُهُ إلى يومِ القيامةِ، ويأمنُ فتنةِ القبرِ، وسمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ: المجاهدُ من جاهدَ نفسَه)،[17] ذَهَبَ بعضُ المُفسِّرونَ إلى قولِ أنَّ الشَّهيدَ لا يحضُرُهُ المَلكانِ في قَبرهِ لأنَّ ايمانَهُ ثَبتَ بموتِهِ في رباطٍ في سبيلِ الله، وقالَ آخرونَ أنّ المَلكينِ قد يَحضرانِهِ لكنَّهما لا يفتِنانِه بالسُّؤالِ. وإذا قُتِل الشَّهيدُ لم يَنقطِعْ عَملُه الصَّالح، بل يزيدُ ويتضاعف.[18] للشَّهيدِ خِصالٌ ليسَت لِغيره (قالَ رسولُ الله صلَّ الله عليه وسلَّم: إنَّ للشّهيدِ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ سِتَّ خِصالٍ: أن يُغفَرَ له في أولِ دَفعةٍ من دمِه، ويَرى مقعدَه من الجنَّةِ، ويُحَلَّى حُلَّةَ الإيمانِ، ويُزَوَّجَ من الحُورِ العِينِ، ويُجارَ من عذابِ القبرِ، ويأمنَ من الفزعِ الأكبرِ، ويُوضَعَ على رأسِه تاجُ الوَقارِ الياقوتةُ منه خيرٌ من الدُّنيا وما فيها، ويُزَوَّجَ ثِنتَينِ وسبعينَ زوجةً من الحُورِ العِينِ، ويُشَفَّعَ في سبعينَ إنسانًا من أقاربِه)،[19] فاختصَّ اللهُ الشَّهيدَ بستِّ خِصالٍ لمْ تُمنح لِغيرِهِ في مَجموعِها، فيُغفَرُ لهُ بأولِ دَفقةٍ من دمِهِ أو أوَّلِ صبَّةٍ منهُ، ويرى مَقعَدهُ من الجنَّةِ فَيطْمئِن، ويُحلَّى حُلَّةَ الإيمانِ، ويُجارُ من عذابِ القبرِ، ويُحفَظُ ويُأمَّن، ويُلبسُ تاجَ الوقارِ تَكريماً لهُ وتعظيماً لقدرِه، ويُزوَّجُ من الحورِ العينِ اثِنتينِ وسَبعينَ تَحديداً لا تكثيراً، ويُشفَّعُ في سبعينَ من أقارِبِهِ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.