قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن الإيمان بالرسل أحد أركان الإيمان، وهو أن يؤمن المسلم أن الله لم يترك الخلق هملا، بل اعتنى بأمره وأوحى إلى واحد أو أكثر في كل زمان من الأزمان، وأن سيدنا محمداً - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم الأنبياء ولا نبي بعده، وهذا إجمالاً. وأضاف جمعة، عبر موقعه الرسمي، أن من جهة التفصيل فيؤمن المسلم بالرسل المذكورين في القرآن الكريم، وعددهم خمسة وعشرون، ومنهم ثمانية عشر ذكرهم الله في سورة الأنعام، في قوله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ - وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِى المُحْسِنِينَ - وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ - وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًا فَضَّلْنَا عَلَى العَالَمِينَ} [الأنعام:86]. وتابع جمعة: السبعة الباقون هم سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وآدم - عليه السلام -، وهود - عليه السلام -، وصالح - عليه السلام -، وذو الكفل - عليه السلام -، وشعيب - عليه السلام -، وإدريس - عليه السلام -، وقد جمعهم قول الشاعر: في تلك حُجًتُنا منهم ثمانيةُ ... من بعد عشْرٍ ويبقى سبعة وهُمُو إدريس هود شعيب صالح ... وكذا ذو الكفلِ آدمُ بالمختارِ قَدْ خُتِمُو وذكرهم الله في كتابه، فقال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب:40]. وجاء ذكر آدم - عليه السلام -، في مواجع كثيرة, وأن ربنا أوحى إليه، فقال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِى بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ - قَالُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ - قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّى أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة:31 - 33]. وقال الله تعالى عنه كذلك {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:37]. وأكمل: أما ذو الكفل - عليه السلام - فقد ذكر في موضعين في القرآن، قلا تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ} [الأنبياء:85] , وقال تعالى: {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الأَخْيَارِ} [ص:48] , وذكر إدريس - عليه السلام - في أكثر من موضع ي القرآن، منها قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِى الكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًا - وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًا} [مريم:57] , ولهود - عليه السلام - سورة في القرآن باسمه، وقد ذكره الله تعالى في كتابه في أكثر من مواضع منها قوله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} [الأعراف:65]. وجاء ذكر صالح - عليه السلام - في القرآن في أكثر من موضع منها: قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ} [النمل:45]، وذكر الله شعيباً في أكثر من آية منها قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُوا المِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّى أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ} [هود:84]. وقال جمعة، إن هؤلاء هم من جاء ذكرهم في القرآن الكريم، وينبغي على المسلم أن يؤمن بهم تفصيلاً، بمعنى أنه لا يكذب بنبوة واحد منهم، ولكن يجب على المؤمنين أن يعتقد أن الله أرسل أنبياء غير هؤلاء الأنبياء، وأن عدد الأنبياء الحقيقي أكبر من هذا العدد, قلا تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ المُبْطِلُونَ} [غافر:78]. وقد قلا النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إني خاتم ألف نبي أو أكثر, ما بعث نبي يتبع إلا قد حذر أمته الدجال) , وكذلك عن أبي ذر - رضي الله عنه - سأل النبي - صلى الله عليه وسلم- , فقال له: يا رسول الله, كم النبيون؟ قال: (مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي)، قلت: كم المرسلون؟ قلا (ثلاثمائة وثالثة عشر). وكما هو حال المؤمن في الإيمان بالكتب، ينبغي أن يكون حاله في الإيمان بالرسل من حيث الإتباع، فال يجوز لأحد من المسلمين أن يترك إتباع نبيه - صلى الله عليه وسلم - ويتبع غيره من الأنبياء، وإنما بكون إيمانه بالأنبياء أن يؤمن بأن الله بعثهم لأممهم وأمرهم بطاعتهم، ولا يجوز أن نتبعهم لنفس الأمرين المذكورين في الكتب، وهما: الأول: أننا لا نطمئن لما نقل عنهم في كتب الآخرين لما دخل عليها من تحريف. الثاني: حتى إن كان ما نقل عنهم غير محرف لا يجوز لنا إتباعهم؛ لأن إتباعهم نسخه الله ببعثة النبي الخاتم -صلى الله عليه وسلم -، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا إتباعي). واختتم دمعة قائلًا: "ما ذكر هو مجمل عقيدة المسلم في رسل الله - عليه السلام -، نسأل الله أن يرزقنا صدق الإيمان وحسن العمل".