حالة من الخوف والترقب والقلق تنتاب المصريين كلما اقترب موعد حسم مسودة الدستور وموعد الاستفتاء عليه، فى ظل حالة السيطرة والهيمنة على الجمعية التأسيسية للدستور من قوى الإسلام السياسى من الإخوان والسلفيين والتابعين لهم... اشتد الصراع بين القوى المختلفة داخل المجتمع من إخوان وسلفيين وليبراليين ويسار وعمال وفلاحين ونقابات وقضاة ومحامين وقوى مجتمع مدنى بسبب الخلل الهيكلى الذى أصاب الجمعية التأسيسية منذ تأسيسها.. ورغم وعد الرئيس محمد مرسى أثناء ترشحه للرئاسة بإعادة تشكيل الجمعية لتكون متوافقة مع كل القوى الوطنية حال فوزه، ولكنه فاز وحكم ولم يوف بوعده، والنتيجة إننا فى انتظار حالة ولادة متعثرة بكل أسف لجنين مشوه ولم يتم التوافق عليه، وخاصة أن الوقت الذى تم تحديده لخروج المسودة النهائية للدستور غير كاف، وكما قال الدكتور جابر جاد نصار، أستاذ القانون الدستورى، بحقوق القاهرة «لو بنسلق 232 بيضة بعدد مواد الدستور لن تنتهى» فى الوقت الذى تم تحديده لإعلان المسودة تمهيداً لرفعها إلى رئيس الجمهورية لطرحها على الاستفتاء العام خلال شهر ديسمبر المقبل. هل يمكن أن يخرج دستور البلاد بهذه الحالة وكل القوى السياسية إسلامية وغير إسلامية فى حالة تراشق وتمزق وصراعات وتكتلات لم يتم التوافق على مواد كثيرة بسبب خلافات الرؤى بين الإسلاميين والليبراليين واليساريين.. الإخوان والسلفيون يعملون بكل طاقهم وما يملكون من قوة لسلق دستور على هواهم يفرض سيطرتهم على مقدرات البلاد والعباد لعقود وربما لقرون قادمة، من البديهيات إن كل دساتير العالم تخرج بالتوافق وليس بالأغلبية أو المغالبة.. تصدر بتوافق كل القوى السياسية وقوى المجتمع المدنى والأحزاب والجامعات.. ولكن إخواننا وسلفيونا يريدون المطالبة والسيطرة والتصويت داخل التأسيسية بنسبة 50٪ وصوت واحد وهم ضامنون لهذه النسبة بسبب الخلل الذى حدث ممتد تشكيلها!!، فلمن يصدر الدستور ولمن يوضع هل لقوى الإسلام السياسى وحدهم أم لمجموع المصريين؟ ومنذ متى والدساتير تصدر بالأغلبية والمغالبة. قد تكون هذه الحالة مقبولة عبر التصيت فى البرلمان لإصدار القوانين. كلما اقترب الموعد لإصدار المسودة النهائية للدستور تزداد الخلافات داخل التأسيسية بسبب إصرار الترزية على سلقه وصدور دستور مشوه مما دعا 30 عضواً بالتأسيسية للتهديد بالانسحاب لتجاهل التعديلات التى تقدموا بها على المواد وقصر المدة التى سيتم فيها المناقشات، مما يؤدى إلى سلق الدستور وتقديم نصوص ركيكة وناقصة تضر بمصالح مصر والمصريين، خدعوك فقالوا عندما اعترضت القوى الوطنية على تشكيل الجمعية التأسيسية بأغلبية من الإخوان والسلفيين وهيمنتهم عليها انتظروا المنتج وما سيخرج عنها، ولا تنظروا إلى التشكيل، وانتظرنا كثيرا ًأكثر من 5 شهور ولم نحصد دستوراً ينطلق بالبلاد إلى الأمام ولكنه ردة عما سبق من دساتير وخاصة فى أبواب الحريات وحبس الصحفيين والإعلاميين، وكذلك حقوق المرأة والطفل وكذلك فيما يتعلق بباب السلطة القضائية وتفصيل مادة خاصة بالنائب العام تجيز عزله من منصبه بمجرد الاستفتاء على الدستور، فلماذا كل هذا العبث، انتظرنا وخاب ظننا لاعتقادنا أنهم سيحسنون صنعاً من أجل الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن الوطن فى ثورة 25 يناير ومن أجل الشعب الصامد الصابر الذى ظلم كثيراً، ولكن مسودتهم جاءت سوداء مخيبة لكل الآمال وتعبيراً عن رغبتهم فى السيطرة والاستحواذ، دستور على مقاسهم ولصالحهم وليس لصالح الوطن وجموع المواطنين، كيف نخرج دستوراً يعترض عليه القضاة والنقابات والعمال والفلاحون ومنظمات المجتمع المدنى والمحامون وأساتذة الجامعات والأحزاب السياسية، فكيف لهذا الدستور أن يعيش وتحكم به البلاد لعشرات السنين لماذا الإصرار على التسرع فى إصداره وكل فئات المجتمع تعترض وغير راضية عليه؟ لمن يصدر هذا الدستور المخلع المبتسر وهل هو دستور والسلام؟ سرعان ما يسقط فى الاستفتاء عليه. إذا كان المهيمنون على الجمعية التأسيسية للدستور يعتقدون أنهم بأغلبيتهم قادرون على تمرير هذا الدستور ناقص النمو فهم واهمون، لأن الاحتجاجات والاعتراضات دخلت مرحلة الجد ويجب ألا ينظروا إلى الأمور بنظرة قصيرة، كما فعل الرئيس المخلوع عندما تم تشكيل البرلمان الشعبى عقب فضيحة انتخابات برلمان 2010 المزور «خليهم يتسلوا»، وكانت نهايته الحتمية وسقوطه تحت أقدام الثورة ومحاكمته ودخوله السجن، الاعتراضات دخلت الجد من قبل نادى القضاة الذى هدد بتعليق جلسات المحاكم والنيابات فى حالة الإصرار على تمرير باب السلطة القضائية، كذلك الامتناع عن الإشراف القضائى على الاستفتاء والانتخابات القادمة، والقضاة بدأوا مرحلة التهديد والوعيد من أجل تعديل مسودة الدستور وسيتبعهم قوى أخرى تريد دستوراً دائماً للبلاد من أجل الاستقرار. قليل من العقل والتعقل والتوافق يا من تهيمنون على تأسيسية الدستور، فمصر للمصريين وليس للإخوان والسلفيين، احذروا غضبة الشعب فساعتها لن تقوم لكم قائمة نريد دستوراً ينهض بمصر ولا يعيدها للوراء وليس دستوراً على ما تفرج.