تحت عنوان "انتقام الأكراد.. الانفصال عن بغداد"، نشرت مجلة "فورين افيرز" الأمريكية مقالا حول وضع الاكراد فى منطقة كردستان شمال العراق، فى ظل التطورات الساخنة التى تشهدها المنطقة والتغيرات الجغرافية والتاريخية. وقالت المجلة إن المزاج العام في "أربيل" و"السليمانية" و"دهوك"، أكبر ثلاث مدن في كردستان العراق، يمر بأفضل حالاته وأصبح مزدهرا في هذه الأيام. ولسبب وجيه وبسيط، فإن من حق أكراد العراق، الذين يشغلون المنطقة شبه المستقلة التي تديرها حكومة إقليم كردستان فى الشمال، ان يحتفلوا ويشعروا بالنشوة والانتصار، فهم يتمتعون بالسلام والاستقرار النسبيين مقارنة مع بقية مناطق البلاد التى تشهد تدهورا أمنيا مستمرا ومتزايدا، ويتباهى الاكراد فى شمال العراق، بأنهم مجتمع مفتوح بشكل معتدل ويضم أطياف دينية متنوعة. وخلال السنة الماضية، تلقى الاكراد تصويت ضخم من الثقة في اقتصادهم الوليد من اكبر شركات النفط فى العام، بما في ذلك شركة "إكسون موبيل"، و"شيفرون" و"توتال"، و"جازبروم"، والتي وقعت عقود للتنقيب عن النفط والغاز مع حكومة اقليم كردستان. واذا كان الوضع الاقتصادى يذدهر بقوة فى كردستان العراق التى تشهد طفرة غير مسبوقة فى النمو والتوسع فى البنية التحتية، فإن الشعب الكردى نفسه، يعيش فترة ازدهار فى حرية التعبير والرأى، بشكل غير مسبوق، ويتحدثون بما لم يمكن التحدث به من قبل، وهو "التحرر من بقية العراق قريبا". وتزايدت فى الآونة الاخيرة الخلافات بين حكومة رئيس الوزراء العراقي "نوري المالكي" وحكومة اقليم كردستان، ووصلت العلاقات الشخصية بين "المالكي" ورئيس إقليم كردستان "مسعود بارزاني"، إلى أدنى مستوياتها، بسبب النزاعات الحرجة على السلطة والأرض والموارد. وفى يونيو الماضي، حاول "بارزاني" وغيره من معارضي "المالكي" الاطاحة برئيس الوزراء من خلال عملية تصويت على سحب الثقة، وعلى الرغم من فشلهم فى ذلك، إلا أن الحلم لازال قائما. وقالت المجلة إن الأكراد هم ضحايا التاريخ والجغرافيا، فهم اصحاب طموحات خاصة، ويكافحون منذ قرن تقريبا، لتحرير أنفسهم من السيطرة المركزية واقامة حكم ذاتى والتغلب على موقعهم غير الساحلي. واليوم، بينما تشهد المنطقة تغيرا سريعا وتتشكل التحالفات الجديدة وتتاح الفرص النادرة، يسعى الاكراد لعدم تفويت المناسبة هذه المرة، بالعمل الدؤوب من اجل تحقيق الحلم التاريخى بالانفصال، لكن هناك سببا وجيها للاعتقاد بأن الأكراد سوف يضطرون إلى تأجيل سعيهم لإقامة الدولة مرة أخرى، في ظل الوضع المعقد واستمرار الاعتماد فى معظم التعاملات على بغداد، رغم ما تبديه تركيا من مبادرات لمساعدة الاكراد فى شمال العراق اقتصاديا وسياسيا. ورأت المجلة أن الوضع المعقد فى سوريا وتشابك وتضارب المصالح الاقليمية والنزعات الطائفية والعرقية والدينية، تجعل من الصعب التنبؤ بما يمكن ان تسفر عنه الاحداث. فإذا كانت تركيا تحاول الانتقام من حكومة بغداد لدعمها نظام الرئيس السورى "بشار الاسد"، بمغازلة الاكراد فى شمال العراق والتلويح بأمكانية السماح لهم بنقل بترولهم عبر خط انابيب يمر فى الاراضى التركية بدلا من نقله بالشاحنات، فإنها (أى تركيا) قد تلعب بالنار، لأنه من الصعب أن تتوقع أنقرة عدم مساعدة أكراد العراق لحزب العمال الكردستانى الكردى الذى يطالب بالانفصال فى جنوب وشرق تركيا ويخوض حربا منذ ثمانينيات القرن الماضى ضد الحكومة التركية. وختمت المجلة بأن الحلم الكردى طويل الأمد قد يتحقق وتنفصل كردستان عن العراق ، ولكن ذلك سيتوقف على ما ستنتهى اليه الاوضاع فى سوريا، وربما المنطقة بأكملها فى ظل الصراعات الأقليمية القوية.