شمال سيناء: لا شكاوى في امتحانات صفوف النقل اليوم    بنك ناصر يطرح منتج "فاتحة خير" لتمويل المشروعات المتناهية الصغر    إزالة 8 حالات تعدٍّ على أراضٍ زراعية ومخالفات بناء في 3 مراكز بأسيوط    مياه أسيوط تعقد اجتماع لجنة التنسيقية لرفع جودة مرفقي المياه والصرف    قوات الاحتلال تعتقل 30 من ذوي الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس» خلال مظاهرات في تل أبيب    مجلس الشيوخ يعلن خلو مقعد النائب الراحل عبدالخالق عياد    شوبير يفجّر مفاجأة عن العلاقة بين الشناوي ومصطفى شوبير    الصحف الأوروبية.. ماركا: مانشستر يحدد سعر بيع جرينوود والصن: بايرن ميونخ يرغب في ضم موهبة كريستال بالاس    صفقة تبادلية محتملة بين برشلونة ونيوكاسل يونايتد    «تعليم الشرقية»: انتظام امتحانات الفصل الدراسي الثاني لمراحل النقل دون شكاوى    القبض على 87 متهمًا في حملات أمنية استهدفت حائزي المخدرات في دمياط    تلقيح على الفيس بوك.. «جنايات بورسعيد» تنظر قضية شروع ثلاثة متهمين فى القتل    لتنمية النشء والتأهيل لسوق العمل.. بروتوكول تعاون بين جامعة بنها والشباب والرياضة (تفاصيل)    رئيس الوزراء: نجحنا في تعزيز الاحتياطي من العملات الأجنبية ونعمل على خفض الدين العام    «الصحة»: ملف التمريض يشهد تطورًا كبيرًا في تحسين الجوانب المادية والمعنوية والعلمية    مصر الجديدة للإسكان تقترح توزيع كوبون نقدي على المساهمين    الجزار يوجه بعدم التهاون مع المقاولين في معدلات التنفيذ وجودة تشطيبات وحدات سكن لكل المصريين    «الإفتاء» تستعد لإعلان موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات قريبا    السيطرة على حريق شب بسوق السد العالي في البساتين    مواعيد القطارات من القاهرة إلى الإسكندرية واسعار التذاكر اليوم الأحد 12/5/2024    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بمنطقة البدرشين    ضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية ب16 مليون جنيه خلال 24 ساعة    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت والصحابة    إيرادات فيلم السرب تتخطى 23 مليون جنيه و«شقو» يقترب من 68 مليون جنيه    «السياحة» تفتح المتاحف مجانا أمام الزوار في اليوم العالمي للمتاحف    رانيا المشاط: 900 مليون دولار استثمارات مؤسسة التمويل الدولية في مصر خلال 11 أشهر    تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة من بطولة العالم للإسكواش    أبو مسلم: العلاقة بين كولر وبيرسي تاو وصلت لطريق مسدود    كاميرون: يجب تنفيذ وقف مؤقت للقتال في غزة    صحيفة بحرينية: نأمل أن تكون المنامة نقطة انطلاق جديدة للعمل العربي المشترك    «حماية المنافسة» يحرك دعوى جنائية ضد 7 من كبار السماسرة في سوق الدواجن    وزير الأوقاف يوجه الشكر للرئيس السيسي لافتتاحه مسجد السيدة زينب    حكم أخذ قرض لشراء سيارة؟.. أمين الفتوى يوضح    «صناعه الشيوخ» تناقش تطوير المنطقة الصناعية بعرب أبو ساعد بالجيزة    انتحار ربة منزل في غرفة نومها بسوهاج.. وأسرتها تكشف السبب    جوتيريش يجدد دعوته إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة لأسباب إنسانية    فى احتفالية خاصة تحت شعار «صوت الطفل».. المجلس القومى للطفولة والأمومة يطلق «برلمان الطفل المصرى»    فيلم Kingdom of the Planet of the Apes يتجاوز 22 مليون دولار في أول أيام عرضه    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 12 مايو 2024: مشاكل ل«الثور» ومكاسب مالية ل«الحوت»    وزير التعليم العالي : 7 مستشفيات تابعة للجامعات الخاصة في مرحلة متقدمة من الإنشاء والتجهيز    خريطة دينية للارتقاء بحياة المواطن التربية على حب الغير أول مبادئ إعداد الأسرة اجتماعيا "2"    الدفاعات الأوكرانية تدمر خمس طائرات استطلاع روسية في خيرسون وميكوليف    الرئيس الأمريكي يعزي البرازيل في ضحايا الفيضانات    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية بقرية زاوية العوامة بالضبعة.. غدًا    السيسي: أهل البيت عندما بحثوا عن أمان ومكان للاستقرار كانت وجهتهم مصر (فيديو)    اليوم.. «تضامن النواب» تناقش موازنة المركز القومي للبحوث الجنائية    اليوم .. وزارة الداخلية تُعلن شروط قبول الدفعة العاشرة من معاوني الأمن (تفاصيل)    «القاهرة الإخبارية»: القيادة المركزية الأمريكية تسقط 3 مسيرات جنوب البحر الأحمر    الرئيس السيسى من مسجد السيدة زينب: ربنا أكرم مصر بأن تكون الأمان لآل بيت النبى    السادسة والنصف مساء اليوم.. أرسنال يصطدم ب مانشستر يونايتد فى صراع التتويج بالدوري الإنجليزي    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي قبل مباراة مانشستر يونايتد وآرسنال اليوم    مش هروحه تاني، باسم سمرة يروي قصة طريفة حدثت له بمهرجان شهير بالسويد (فيديو)    ما حكم الحج عن المتوفى إذا كان مال تركته لا يكفي؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الرياضة يفتتح أعمال تطوير المدينة الشبابية الدولية بالأقصر    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    الصحة تعلق على قرار أسترازينيكا بسحب لقاحاتها من مصر    يا مرحب بالعيد.. كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الخيامية».. فن أصيل ازدهر مع الفتح الإسلامى
حرفة الأنبياء تصارع من أجل البقاء
نشر في الوفد يوم 16 - 05 - 2020

مهنة التاريخ والحكايات، تُبرز مهارة وموهبة صناعها، لا يبوح أصحابها بأسرارها، فكانوا بمثابة حراس لها من الزمن حتى لا تندثر كغيرها، عاشقين لهذا الفن الموروث عن أجدادهم، يطلقون على مهنتهم اسم «صناعة الأنبياء»، يبدعون فى صمت، تطلب الصبر والتدقيق والحرفية، تواجدها أصبح طقسًا رمضانيًا أساسيًا، و حيها مازال محتفظًا بطابعه التراثى العتيق، الممزوج بالحوانيت المتراصة المظللة بسقف خشبى، تطل من بين فتحاته الشمس ويتجدد هوائه، مكتسيًا بالحلة الرمضانية، مغطى بالزخارف المصنعة من أقمشة الخيام، الذى تمتزج فيه الألوان والغرزات الدقيقة لتصنع لوحات قماشية فريدة، جمالياتها تمتزج مع عبق الأرز باللبن والفستق، والقرفة والشاى بالنعناع والكنافة والقطايف على الطريقة المصرية القديمة، فى أجواء يفوح منها زمن محفوظ وملامح من شارع بين القصرين، يجلس الخيامون على عتبات متاجرهم المتواضعة منهمكين فى الرسم وحياكة الغرز الدقيقة بألوان زاهية، يغازلون بألوانهم المتداخلة عيون متذوقى الجمال، ليعطوا للفن القديم المعرّض للاندثار قبلة الحياة، فوجودهم أضحى مزارًا لعشاق الفنون والمشغولات اليدوية.
«صناعة الأنبياء»
سُميت نسبة إلى نبى الله إدريس، الذى كان يعمل فى حياكة الخيم، كما ذكرت هذه المهنة فى القرآن فى قوله تعالى فى سورة الرحمن «حورٌ مقصورات فى الخيام»، مارس البشر قديمًا فن صناعتها، لصنع مأوى لهم من القماش، بدلاً من الأكواخ، ثم تطور الأمر لإدخال البهجة على مسكنهم، فبدأ الصناع يحيكونها من أقمشة ملونة مستعينين بالتصاميم والزخارف العربية القديمة.
انفردت مصر عبر التاريخ فى فن الخيامية، بها أشهر الأماكن التى ما زالت صامدة فى إبداع هذا الفن، وسط صخب شوارع الغورية، وحوارى القاهرة التاريخية، وعلى بعد خطوات من باب زويلة، يقبع فى منطقة تضم بين جدرانها
وأزقتها كنوز الحضارة الإسلامية المصرية، شارع صغير، لا يتعدى طوله المائة متر، يعد تراثًا وطنيًا عتيقًا، مكون من عدة ورش خيامية، متراصة على جانبى شارع الخيامية، يعكف الصنايعية وسط الأقمشة الملونة، تشع أعينهم بوهج لا ينطفئ، وتومض ملامحهم فخراً بمهنة توارثوها عن أجدادهم، ممسكين بإبرة فضية سميكة، يقبضون عليها بخفة أصابع رشيقة، تلف الإبرة وتدور بمهارة، معتمدين على قماش التيل والخيوط الملونة، فيما ينسج ويثبّت بخيوط الزمن الملونة وحدات هندسية زاهية منتظمة ذات طابع إسلامى تطغى عليه الأشكال الهندسية كالمثلث والمسدس والنجمة المثمنة، تتخللها آيات قرآنية أو حكم شعبية، ورسومات فرعونية أو إسلامية، ومناظر طبيعية ووحدات أخرى عضوية منحنية تغوص فى الواقع الشعبى، وتشترك فيها عناصر الطبيعة وشخصيات من الموروث الثقافى العربى، وأدخل بعد ذلك رسوماً وزخارف مستوحاة من المعابد والجوامع والكنائس، فتلك الأقمشة الثقيلة الناعمة منها والخشنة، المزركشة بنقوش أغلبها بين الأحمر والأزرق، كل ورشة منها تقع فى طابقين، أحدهما أرضى، وهو الذى تمارس فيه حركة البيع والشراء حالياً، وكان قديماً مجرد إسطبل للخيول، والطابق الذى يعلوه مغلق حالياً، ولكنه كان قديما مكاناً لمبيت التجار الذين يأتون من المغرب والشام إلى الشارع الشهير لشراء بضاعتهم من الخيامية.
فى الآونة الأخيرة لم تتوقف هذه الحرفة التراثية على التطريز باليد، فتم فى السنوات العشر السابقة استخدام أساليب الطباعة الحديثة فيها، وتعددت منتجاتها لتشمل الستائر، والأقمشة المزخرفة التى تستخدم كبطانيات
أو لتزيين الشوارع والأفراح فى الأحياء الشعبية.
كان قديمًا، لها طقوس خاصة للدخول فيها، واعتماد أى حرفى خيامى، يتم بواسطة عقد اجتماع مع الخيامية وشيخهم لرؤية وفحص أعمال الخيامى الجديد، فإذا كانت على المستوى المطلوب يتم قبوله ويقيم الحرفى مأدبة اعتماد لجميع الخيامية للاحتفال بانضمامه للمهنة، أما حالياً فدخول المهنة يتم بشكل تلقائى بعد تعلمها.
بداية الصناعة
واختلف المؤرخون على نشأتها، فبعضهم رجح أن الفن منبثق من أصول مغربية وإسبانية، ثم بدأ الفنان المصرى على وجه التحديد تطعيمه بزخم هائل من التاريخ الفرعونى والقبطى، والرؤية الإسلامية التى تحمل روحانية عميقة وعالية من خلال التقاء النقش والخط والتصوير لعصرنة الأصالة، وربط التراث بالتجربة الشكلية لهذا الفن.
إلا أن «جاستون ماسبيرو» عالم فرنسى، صاحب كتاب «المومياوات الملكية»، ذكر وجود سرادق من الجلد، اكتُشف مع الأسرة ال21، ويعود تاريخه إلى الفترة بين 1054 و1009 قبل الميلاد، يُعرف بسرادق الأميرة أسمخب ابنة ماسهارتا الكاهن الأكبر لآمون، وهذة السرادق تم اكتشافه عام 1880، فى عهد الخديو توفيق، بالدير البحرى بالأُقصر، ويعد من القطع الفنية النادرة التى عثر عليها فى خبيئة الدير البحرى، ما يؤكد أن «الخيامية» فن مصرى قديم، ازدهر بشكل كبير مع الفتح الإسلامى وبالأخص فى العهدين الفاطمى والمملوكى، حيث انتقل من الزخرفة على الجلود إلى الأقمشة، فكانت لهم زخرفتهم النباتية التى طوَّعها الفنان المصرى وحوّلها إلى زهرة اللوتس، وبدأ يعمل خليطاً بين التصميم الإسلامى والزهرة المصرية المقدسة ليُخرج فنًا مزيجًا بينهم، وارتبطت الخيامية قديماً بكسوة الكعبة المشرفة، كانت تتزين بخيوط الذهب والفضة، وتُصنع فى مصر خلال ستينات القرن الماضى، ويتم إرسالها إلى مكة المكرمة فى موكب مهيب يُطلق عليه اسم «المحمل».
حرفة أصيلة تمكنت من الصمود، ألوانها زاهية، غرزاتها دقيقة، لوحاتها قماشية فريدة، تعانى من التدهور وسوء الدعاية والتسويق، مهددة بالانقراض، قاربت على الاندثار، تعرضت لصراع مرير من أجل البقاء والاحتفاظ بهويتها، كفن يدوى فى مواجهة التطور السريع فى تكنولوجيا صناعة النسيج المطبوعة، صناعها يتمنون جهود مبذولة من الجهات المختصة لتنشيط السياحة، مع تدريس فنها للطلاب فى مدارس التعليم الفنى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.