في 2050 قد تقودك قدماك -إذا كنت على قيد الحياة- فتصطحب أسرتك لزيارة أحد مقار جهاز أمن الدولة سابقا، والتي يطالب البعض في دعاوى قضائية بتحويلها إلى متاحف لتخليد ذكرى الثورة أو على الأقل تحويل المقر الرئيسي للجهاز بمدينة نصر لمتحف رسمي، على أن يخصص عائد تذاكر الزيارات لترسيخ ثقافة وحماية حقوق الإنسان. شكل المتحف المقترح والذي سيكون قبلة للرحلات المدرسية والأفواج السياحية، سيعبر عن حقبة تاريخية مهمة في التاريخ المصري المعاصر، على أن يرصد كافة تفاصيل وأسرار عمل الجهاز طوال عصر الرئيس المخلوع حسني مبارك، بشكل يكشف لأبنائك وأحفادك ما كان يعانيه الشعب المصري طوال عقود. متحف "أمن الدولة" من المتوقع أن يستوعب آلاف القطع من أدوات التعذيب التي كانت تستخدم لصعق وقهر المصريين،على أن يتم العرض المتحفي طبقاً لأحدث النظم العالمية خاصة فيما يتعلق بمشاهدة القطع المعروضة من زواياها المختلفة، وكذلك سيتم اختيار فتارين العرض طبقاً لأحدث النظم العالمية والإضاءة الالكترونية، كما يمكن تزويد المتحف بعدة قاعات جديدة في مقدمتها قاعة للمحاضرات تستعرض تاريخ هذا الجهاز وأبرز جرائمه، مع وجود مكتبة للمتحف تتناول كافة الإصدارات والوثائق التي تتعلق بهذا الجهاز. ويتضمن العرض الذي من المأمول مستقبلا أن يقدمه المتحف لتأريخ هذه المرحلة ، أشكال الانتهاكات وتنوعها, لتبدأ بالاعتقال وتمر بالضرب والصعق الكهربي وهتك الأعراض, وصولا إلى القتل والإفلات من المحاكمة والعقاب، كذلك عرض نماذج لما وصفت بأنها غرف تعذيب، إضافة إلى عرض الأدوات التي تم العثور عليها عند اقتحام مقار الجهاز ومنها هيكل حديدي استخدم لوضع المعتقلين في أوضاع غير مريحة ،ومسدس صادم على شكل هاتف محمول، وجهاز معدني تشد إليه الأطراف،ولوح خشبي مليء بالمسامير الضخمة، وكماشات وصواعق كهربائية وجهاز الكرارة الذي يتم به تعليق الضحية،ومثقاب يدوي،وألواح مسامير، بالإضافة إلى ما تم العثور عليه من قمصان نوم وملابس داخلية نسائية وبدل رقص حيث كانت تمارس أنشطة غير أخلاقية داخل مقار الجهاز. كرم السيد – ناشط سياسي- يقترح أن يقدم هذا المتحف سردا تاريخيا لوقائع وجرائم التعذيب، وأن يضم فاترينات تضم مثلا أدوات الصعق الكهربائي، وبقايا لحية من لحى المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب بسبب انتمائهم الديني، إضافة إلى أظافر تم خلعها من أحد المعتقلين، وقطع ملابس لمعتقلين قضوا سنوات داخل معتقلات الجهاز وما زالوا على قيد الحياة، فضلا عن عرض قوائم المعتقلين والضحايا خلال عهد مبارك. ويضيف أن قصة "ريا وسكينة" يرصدها متحف الشرطة بقلعة صلاح الدين الأيوبي تعد تأريخا لسيرة اثنتين من عتاة المجرمين، ولذلك يجب أن نرصد السير الذاتية لقادة الجهاز وأبرز الجرائم التي ارتكبوها، ورصد وتوثيق صور وفيديوهات التعذيب، لأننا بعد 50 عاما أو قل 100 عام لن يكون على ظهر مصر أحد ممن عايش الثورة، وبالتالي فمن الأهمية تأريخ هذه المرحلة بكل تفاصيلها حتى لا نسلب حق الأجيال القادمة في أن تعرف ما لاقاه شعبهم على يد فراعنة أمن الدولة. ويرى كريم سعد أحد شباب ثورة 25 يناير أن المتحف المقترح لا بد أن يتضمن رصد صور المعاناة والظلم التي كان يعانيها المصريون منذ القرن الماضي، مع استعراض أدوات التعذيب،وصور رؤساء الجهاز، وكذلك صور الضحايا، وأن يؤرخ المتحف للأسباب التي دعت للثورة ، على أن تكون أسعار التذاكر رمزية، وأن يتم توجيه الدخل لمشاريع خيرية. وأعتقد أن هذا المتحف – والكلام على لسانه- سيكون بمثابة عبرة وعظة لمن يحكم مصر مستقبلا، فنحن نزور القبور حتى نتعظ من الموت، ويجب أن تزور الأجيال القادمة متحف الثورة حتى ننمي داخلها الجرأة على قول الحق والتصدي للظلم، مطالبا بأن نكتفي بمتحف رئيسي واحد، وأن تحول بقية مقار أمن الدولة لمشاريع تنموية أو خدمية للدولة مثل مدارس أو مستشفيات. شاهد.. بعض أدوات التعذيب فى امن الدولة