التعليم والصحة أساس نهضة وتقدم الأمم، فإذا توفر التعليم الجيد والخدمات الصحية الجيدة تزخر الأمم بالعقول السليمة في الاجسام السليمة، ويتم استغلال طاقتها في الانتاج والابتكار والعلم. هناك أوجه شبه كثيرة بين الظروف التي يمر بها التعليم والصحة في مصر، فالتعليم مجاني فقط في الدستور «التعليم في مؤسسات الدولة التعليمية مجاني في مراحله المختلفة»، والصحة ورد في شأنها بالدستور السابق «تكفل الدولة الخدمات الصحية وخدمات التأمين الصحي»، والواقع غير ذلك فالتعليم مجاني علي الورق فقط، وكذلك الخدمات الصحية، وهناك أوجه شبه كثيرة بين المعلم والطبيب، المعلم مضرب حتي يحصل علي الكادر والطبيب مضرب أيضاً أو سيضرب أول اكتوبر لنفس السبب، ويغلق الاطباء المستشفيات كما جاء في تهديدهم، والمعلمون يناكفون مع وزير التعليم، والوزير وعدهم بصرف نصف الكادر في أكتوبر القادم، وفي نفس الوقت أدلي بتصريحات صحفية بأن البلد علي الحديدة! المعلم لا يشرح في الفصل ويعطي للطالب عنوان منزله أو المركز الذي يعطي فيه الدروس الخصوصية، والطبيب لا يعالج المرضي في المستشفيات الحكومية، ويعطي للمريض عنوان عيادته الخاصة أو المركز الطبي الخاص الذي يعمل فيه بعد مواعيد المستشفي الحكومي، أولياء أمور الطلاب ينفقون حوالي 20 مليار جنيه سنويا علي الدروس الخصوصية والكتب الخارجية، ويتم استقاطاعها من ميزانية الاسرة، وتبيع الاسرة عفش منزلها لدفع تكلفة علاج مريض في مستوصف خاص وتدفع الآلاف إذا كان العلاج في مستشفي فندقي، المدرس يحرم الطالب من أعمال السنة ويعامله معاملة سيئة إذا رفض الدروس الخصوصية والمستشفي يحجز علي الجثة إذا عجزت الاسرة عن دفع تكاليف العلاج والتي يسميها البعض «موت وخراب ديار» بعد ان طلب مستشفي خاص من اسرة رقيقة الحال 200 ألف جنيه مقابل تسليم الجثة. الثقة أصبحت غائبة، المعلمون يتآمرون علي أولياء الأمور، والاطباء يتآمرون علي أهالي المرضي، أولياء الأمور يقتحمون المدارس للاعتداء علي المعلمين، واهالي المرضي يقتحمون المستشفيات لضرب الاطباء، ولا المعلم أصبح رسولاً ولا الطبيب ملاك رحمة، الاثنان اعماهما جمع المال، حلم «الثلاثة عين» أصبح هو الهدف: «العربية والعيادة والعزبة»، المعلم والطبيب يستهلكان الوقت لاستدراج الفريسة إلي المراكز الخاصة لتنفيعها. للأسف الحكومة علي علم تام بأمراض التعليم والصحة المتوطنة من ايام النظام السابق، ومازالت الحكومة تهتف يحيا التعليم المجاني، وسيصدر الدستور يزف البشري للمواطنين، بأن التعليم مجاني وسيستمر مثل الماء والهواء، لكنه ماء ملوث وهواء مسمم، كما تستمر مستشفيات «الداخل مفقود والخارج مولود».