رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسن الخلق
نشر في الوفد يوم 18 - 11 - 2019

من الاعمال التى يحبها الله سبحانه وتعالى والأخلاق هي التي أمر الله بها في كتابه العظيم ، أو أمر بها رسوله الكريم محمد عليه الصلاة والسلام ، أو مدح أهلها وأثنى عليهم ووعدهم عليها الأجر العظيم والفوز الكبير ، ومنها الأخلاق التي وعد الرب عز وجل أو الرسول صلى الله عليه وسلم من تركها وهجرها الجزاء الحسن ، فإن ترك المذموم من الخلق الممدوح ، ففعل المأمورات وترك المحظورات هو جماع الأخلاق التي أمر الله بها ودعا إليها أو أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا إليها أو مدح أهلها ، وهذه هي العبادة التي خلق لها الثقلان في قوله سبحانه وتعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ[1] والمعنى يعبدونه سبحانه وتعالى بفعل المأمور من صلاة وصوم وأعظم ذلك توحيده والإخلاص له ، وترك المحظور الذي نهى عنه وأعظم ذلك الشرك بالله ودعوة غيره معه وسائر أنواع الكفر والضلال ، وهذه الأخلاق التي هي فعل المأمور وترك المحظور هي التي بعث الله بها الرسل جميعا عليهم الصلاة والسلام من عهد آدم أول رسول أرسل إلى أهل الأرض ، وعهد نوح الذي هو أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض بعد أن وقع فيهم الشرك إلى آخرهم إلى خاتمهم وأفضلهم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام ، فأبونا آدم عليه الصلاة والسلام رسول أرسل لأهل الأرض ونبي كريم شرع الله له التوحيد ، وشرع له شرائع وسار عليها هو وذريته حتى وقع الشرك في قوم نوح ، فأرسل الله نوحا إلى أهل الأرض وهو أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض بعدما وقع الشرك فيهم ، فدعا إلى توحيد الله وأنكر الشرك بالله ، وأقام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى توحيد الله وطاعته وترك الإشراك به ومعصيته ، ثم بعث الله الرسل عليهم الصلاة والسلام بعد ذلك كلهم يدعون إلى توحيد الله وطاعته وترك ما نهى عنه سبحانه وتعالى كما قال عز وجل : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ[2] وقال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ[3] ثم ختمهم جميعا بأفضلهم وإمامهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فهو خاتم الأنبياء وخاتم المرسلين ليس بعده نبي ولا رسول كما قال الله عز وجل : مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ[4] وخاتم النبيين هو خاتم المرسلين لأن كل رسول نبي ولا ينعكس ، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسول ، وخاتم النبيين هو خاتم المرسلين عليهم الصلاة والسلام ، والدعوة التي دعا إليها هي الدعوة التي دعا إليها إخوانه المرسلون وهي توحيد الله عز جل والإخلاص له وفعل ما أمر به سبحانه من الطاعات وترك ما نهى عنه من المعاصي .
وهذه الأخلاق بينها الله في كتابه العظم وبينها الرسول عليه الصلاة والسلام ، بينها في القرآن الكريم في غالب سور القرآن بينها آمرا بها وداعيا إليها ومثنيا على أهلها ومحذرا من أضرارها من الإشراك بالله وسائر المعاصي .
والله سبحانه بعث رسوله عليه الصلاة والسلام يدعو إلى ذلك كما في الحديث الصحيح وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)) وفي اللفظ الآخر ((لأتمم مكارم الأخلاق)) فبعثه الله ليدعو الناس لمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ، وأساسها توحيد الله والإخلاص له هذا هو أصل الأخلاق الكريمة وأساسها وأعظمها وأوجبها وهو توحيد الله والإخلاص له وترك الإشراك به ، ثم يلي ذلك الصلوات الخمس فهي أعظم الأخلاق وأهمها بعد التوحيد وترك الإشراك بالله سبحانه وتعالى ، وقد وصف الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه على خلق عظيم فقال جل وعلا : وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ[5] وخلفه صلى الله عليه وسلم هو اتباع القرآن والسير على منهج القرآن فعلا للأوامر وتركا للنواهي ، هذا هو خلقه عليه الصلاة والسلام؟ كما قالت أم المؤمنين رضي الله عنها عائشة لما سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان خلقه القرآن والمعنى أنه كان صلى الله عليه وسلم يعمل بأوامر القرآن وينتهي عن
نواهي القرآن ويسير على المنهج الذي رحمه القرآن- عليه الصلاة والسلام- فهذا هو الخلق العظيم الذي أعطاه الله نبيه وهو الامتثال لأوامر الله وترك نواهيه والاستقامة على الأخلاق والأعمال التي يحبها ويرضاها سبحانه وتعالى ، ومن تدبر القرآن الكريم واعتنى به وكثر من تلاوته يريد فهم هذه الأخلاق ويريد العلم بها وجد ذلك . يقول سبحانه وتعالى في كتابه العظيم : كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ[6] ويقول سبحانه : إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا[7] ويقول سبحانه : أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا[8] ويقول عز وجل : وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[9] ويقول سبحانه : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ[10] فهذا الكتاب العظيم فيه بيان الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة ، وبيان الأخلاق الذميمة والأعمال السيئة ليحذرها المؤمن ويحذرها إخوانه المسلمين ، وليحذر أعمال الكافرين والمنافقين والفجار والمجرمين ، لأن الله سبحانه بينها ليحذرها عباده المؤمنون ، كما بين الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة ليأخذ بها المؤمنون وليستقيموا عليها ، فعلينا جميعا رجالا ونساء أن نتدبر كتاب الله وأن نتعقل كتاب الله في جميع الأوقات ليلا ونهارا حتى نعرف هذه الصفات وهذه الأخلاق التي يحبها سبحانه ويرضاها ، وحتى نعرف الصفات والأخلاق التي يذمها ويعيبها وينهى عنها ، والرسول صلى الله عليه وسلم بعثه الله مبينا في أعماله وأقواله وسيرته الحميدة كل ما يحبه الله ويرضاه ، وناهيا عن كل ما يبغضه ويباعد عن رحمته كما قال تعالى : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[11] وقال سبحانه : وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[12] فهو عليه الصلاة والسلام يبين لنا الأخلاق والصفات التي يرضاها ربنا والتي أمرنا بها سبحانه وتعالى ، ويبين لنا أيضا بتفسيره وسنته ما قد يخفى علينا من الأخلاق والأعمال التي ذمها وعابها سبحانه وتعالى ، ومن ذلك ما بينه سبحانه في سورة الفاتحة فإنه أنزلها ليستقيم عليها المؤمنون ويعملوا بمقتضاها وهي أم القرآن علمهم كيف يحمدونه ويثنون عليه ويطلبون منه الهداية سبحانه وتعالى ، وهذه من الأخلاق العظيمة أن تكثر الثناء على ربك وتحمده ، وأن تعترف بأنك عبده وأنه معبودك الحق وأنه المستعان هذا من الأخلاق العظيمة وأن تطلب منه الهداية والتوفيق قال تعالى : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ[13] تعليما لعباده سبحانه أن يثنوا عليه بهذه الأسماء العظيمة ويقول بعد هذا : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ[14] وقال جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم : ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين)) يعني الفاتحة سماها صلاة لأنها ركن الصلاة ((فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم قال الله أثنى علي عبدي وإذا قال مالك يوم الدين قال الله مجدني عبدي)) لأن التمجيد كثرة الثناء ((وإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين قال الله سبحانه هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل)) فإياك نعبد حق الله ، وإياك نستعين حاجة العبد ومطلوبه أن يستعين بربه لأنه المستعان سبحانه وتعالى المالك لكل شيء جل وعلا القادر على كل شيء يستعين به العبد في عبادته وطاعته وترك معصيته ، ويستعين به أيضا في أموره الخاصة من أمور الدنيا كما في حديث ابن عباس : ((فإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)) فربك هو المستعان وهو المعبود بالحق ، فيعلمك سبحانه أن تقول : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ هذا بينك وبين ربك ، إياك نعبد حقه عليك ،
وإياك نستعين حاجتك إليه تستعين بربك على أمر دينك ودنياك . فعبادته وحده هي أعظم الأخلاق أن تعبده وحده وتخصه بالعبادة ، لا تعبد معه ملكا ولا نبيا ولا وليا ولا صنما ولا شجرا ولا كوكبا ولا غير ذلك ، تعبده وحده سبحانه وتعالى كما قال عز وجل : وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[15] وقال سبحانه : وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ[16] وقال تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ[17] وهو المعبود بالحق جل وعلا كما قال سبحانه وتعالى : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ[18] وهذه العبادة هي أعظم الواجبات وأعظم الحقوق وأعظم الأخلاق أن تعبده وحده أينما كنت في الشدة والرخاء في الصحة والمرض في السفر والإقامة حتى تلقى ربك لا تصل إلا له ولا تدع إلا إياه ، ولا تستغيث إلا به ولا تذبح إلا له ، ولا تنذر إلا له ، ولا تتصدق إلا له ، تقصد بأعمالك كلها وجهه سبحانه وتعالى دون كل من سواه ، لأن العبادات كلها يجب أن تكون لله وحده كما قال تعالى : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[19] وقال تعالى : وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ[20] وكل العبادات التي أمر الله بها وشرعها لنا يجب أن تكون لله وحده ، فلا يستغاث بالأموات ولا ينذر لهم ولا يطلب منهم النصر على الأعداء ولا شفاء المرضى ، ولا يطلب من الأنبياء ولا من الكواكب ولا من الملائكة ولا من الجن ولا من غير ذلك ، كل هذا يختص بالله وحده فهو الذي يدعى ويرجى ويسأل سبحانه وتعالى ، أما المخلوق الحي فلا بأس أن يسأل فيما يقدر عليه فيما يجيزه شرع الله المطهر بينك وبينه ، كما قال الله في قصة موسى : فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ[21] وقال تعالى : فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ[22] فلا بأس في الأشياء الحسية الدنيوية أن تخشى اللص والسراق فتغلق بابك أو تجعل عليه حراسة خوفا من شرهم كما قال تعالى عن موسى عليه السلام : فخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ[23]خرج من مصر خائفا يترقب من شر الفراعنة وهذا من الأسباب الحسية التي شرعها الله لعباده . وهكذا قول الله سبحانه وتعالى : فاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ[24] والمعنى أنه استغاثه الإسرائيلي على القبطي فأغاثه موسى لأنه حي موجود قادر على المطلوب ، فإذا قلت لصاحبك : يا فلان أعني على إصلاح سيارتي ، وهو حاضر يسمعك فلا بأس بذلك فليس هذا من العبادة ، وهكذا لو قلت يا أخي أقرضني كذا وكذا من المال ، ساعدني على بناء هذا البيت وهو من خواص إخوانك القادرين تطلب منه المساعدة في شيء يقدر ، عليه فهذا ليس من العبادة أيضا ولا بأس به في الحدود الشرعية ، أما . أن تأتي لميت فتقول : يا فلان أو يا سيدي فلان انصرني أو اشف مريضي أو نحو ذلك فهذا شرك أكبر ، أو تطلب من الجن أن يغيثوك ويمنعوك من عدوك ، أو تطلب من الملائكة أو من الأنبياء الذين قد ماتوا فهذا من الشرك الأكبر ، أو تدعو الشمس أو القمر أو النجوم وتسألها النصر أو الغوث على الأعداء وما أشبه ذلك فكل هذا من الشرك الأكبر المخالف لما بينه الله في قوله سبحانه : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[25] وهذا هو توحيد الله وهذا هو الخلق العظيم خلق الرسل وأتباعهم توحيد الله والإخلاص له دون كل ما سواه سبحانه وتعالى ، وهكذا طلب الهداية تطلب من ربك الهداية فأنت في حاجة إلى الهداية ولو كنت أتقى الناس ولو كنت أعلم الناس ، أنت في حاجة إلى الهداية حتى تموت ولهذا علمنا سبحانه في الفاتحة أن نقول في كل ركعة اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ في اليوم والليلة سبع عشرة مرة في الفريضة غير النافلة اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ وكان النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الناس وأكمل الناس هداية عليه الصلاة والسلام ومع هذا يقول في استفتاحه في الصلاة : ((اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراطك المستقيم)) يطلب من ربه الهداية وهو سيد ولد آدم قد هداه الله وأعطاه كل خير ، ومع هذا يطلب من ربه الهداية فإننا كلنا في حاجة إلى الهداية العالم والمتعلم والعامة والخاصة والرجال والنساء كلنا في حاجة إلى الهداية ولهذا شرع الله لنا أن نقول : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ والمعنى دلنا على الخير وأرشدنا إليه وثبتنا عليه ، والصراط المستقيم هو دين الله وهو القرآن والسنة يعني ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، فهذا هو الصراط المستقيم وهو الإسلام وهو الإيمان والبر والتقى وهو دين الله ، تطلب من ربك الهداية لهذا الصراط أن تستقيم عليه وأن يثبتك عليه حتى تموت وأنت على هذا الصراط وهو صراط المنعم عليهم من الرسل وأتباعهم وهو الصراط الذي استقاموا عليه وساروا عليه قال تعالى : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.