أحد مؤسسي دولة التلاوة القرآنية.. ولد الشيخ صديق السيد تايب المنشاوي ببلدة المنشأة بمحافظة سوهاج في عام 1898, وسمي باسم المنشاوي نسبة لبلدته «المنشاة», وبدأ «صديق» حفظ القرآن على يد والده السيد شيخ الأزهر, فقد كان محفظا جيدا للقرآن وعلي سعة كبيرة من العلم, وأكمل حفظ القرآن وعمره 9 سنوات, ثم انتقل الشيخ إلى القاهرة وتلقي علم القراءات على يد الشيخ المسعودي, وكان معلم قراءات مشهورا بمصر في ذلك الوقت . والتحق الشيخ صديق بالازهر الشريف من أجل تنمية المعلومات الدينية التي ترتبط بعلوم القراءات كالتفسير وعلم اللغة, وبعدما تمكن من إتقان القراءات العشر الكبرى, عاد إلى بلدته بمحافظة سوهاج, ويصبح قارئ القرآن الوحيد على مستوي الصعيد, ولعدم وجود قراء مشهورين بالصعيد وقتها, نذر نفسه لتلاوة القرآن, ولم يتقاض أجرا على القراءة ولم يتفق على أجر معين طوال حياته المديدة حتى لقي ربه, وهو مؤسس القراءة في شكل حفلات في الصعيد الشيخ.. استقر فى بلدته طوال حياته ورفض الذهاب للقاهرة للعيش بها, وكان دائما يردد: أنا لا أخرج من الصعيد ولا الصعيد يخرج مني. وتميز الشيخ بقراءة القرآن راكعا مغمضا العينين حتي يستشعر جلال الله, كان للشيخ منهجا خاصا اختاره لنفسه, فسلك طريق الزهد.. ترك «صديق» مكتبة ضخمة تضم آلاف الكتب فقد كان شغفا بالاطلاع على كل فروع العلم والمعرفة, وكان دائما ما يدخل في مناقشات علمية أو دينية وكانت تنتهي لصالحه. عاصر الشيخ صديق الشيخ محمد رفعت والشيخ أحمد ندا والشيخ منصور بدار والشيخ علي محمود والقدامي من القراء, ولم ينتقل الشيخ صديق المنشاوي إلى الاذاعة شأن غالبية القراء, بل انتقلت الاذاعة إليه حيث كان يقرأ ببلدة العسيرات وهناك سجلت له عشرين شريطا أذيع منها شريط واحد فقط, وفقدت الاشرطة الاخرى بعد تسجل أشياء أخرى عليها, ثم سجلت الاذاعة له مرة اخرة فى إحدي ليالي شهر رمضان سنة 1953 بإسنا, ليذاع صيته بالقاهرة بعدها, وكان الشيخ يردد دائما أن أفضل قراءاته هو ماسجله للإذاعة, وله سبعه أشرطة في هيئة الإذاعة البريطانية ومثلها في إذاعة سوريا . وقرأ الشيخ القرآن في كثير من محافظات مصر, فكان يتلو القرآن في محافظتي قنا وأسوان لمدة ثلاثة شهور متتالية, ولكنه –على عكس باقى القراء- لم يغادر مصر إلى أي دولة طوال حياته إلا لقضاء فريضة الحج عام 1924, وكانت رحلة بالجمال . وكان الشيخ صديق يصطحب اولاده معه في حفلاته لينمي فيهم حب القرآن, وساعدهم كثيرا في حفظ كتاب الله, وعندما ازدحم وقته بالعمل أحضر قارئين لهذه المهمة.. عاش الشيخ الجليل للقرآن فقط, وتوفى ولم يحصل على أي وسام طوال حياته..وكان الشيخ دائما يرد على موضوع الحصول على الاوسمة قائلا: إن أجمل وسام يشرفني وأفتخر به هو حب الناس لي.. وبعد وفاته منحه الرئيس حسني مبارك وسام الجمهورية بدعوة من الدكتور محمد على محجوب وزير الأوقاف.. وقال عنه نجله «محمود» انه كان يعد من اولياء الله فى الصعيد وكان ملقبا باسم العارف بالله صديق المنشاوي.. توفى الشيخ الزاهد صديق المنشاوى في شهر أبريل من عام 1984 عن عمر 86 عاما. الصوت الباكى.. محمد صديق المنشاوى الشيخ محمد صديق المنشاوي عرف بالعديد من الالقاب « أمير القلوب», «بديع القراء», «جبل الخشوع الشامخ «, «الصوت البكاء «, «أمين القرآن».. ولد الشيخ في يناير 1969 بسوهاج وعاش طفولته بها, وأهتم والده الشيخ صديق بتحفيظه القرآن بنفسه, ثم أرسله وعمره أربع سنوات الى قراء القريه الذين اثنوا على سرعة حفظه للقرآن وجمال صوته, فحفظ القرآن كاملا فى الحادية عشرة من عمره على يد شيخ بلدته محمد النمكي, ثم أصطحبه والده الى القاهرة ليتعلم علم القراءات ويدرس أحكام القرآن الكريم على يد الشيخان محمد أبو العلا ومحمد مسعود. تزوج الشيخ «محمد» عام 1938 من ابنة عمه وكان ذلك هو زواجه الأول وأنجب منها ولدين وبنتين, ثم تزوج الثانيه وكانت من محافظة سوهاج وأنجب منها تسعة أبناء خمس من الذكور وأربع من الأناث وكانت زوجتاه تعيشان في مسكن واحد يجمعهما الحب والموده وقد توفيت زوجته الثانيه أثناء تأديتها لفريضة الحج وذلك قبل وفاته بعام واحد. بعد أن ذيع صيته وشهرته أرسل مسئولو الاذاعة للشيخ يطلبون منه التقدم بطلب للإذاعة للإختبار والاعتماد كمقرء بها, فرفض الشيخ قائلا: « لا أريد القراءة بالإذاعة فلست في حاجة إلى شهرتها ولا أقبل أن يعقد لي هذا الامتحان أبداً», فأمر مدير الإذاعة إنتقال الإذاعة إلى حيث يقرأ الشيخ, وكان يرتل فى احد الحفلات الرمضانية عندما فوجىء بمندوبى الاذاعة يسجلون له شريطا, ثم اعتمد هو وابيه صديق بعدها فى عام 1954, الا انه رفض, وبعد تدخل احد اقاربه وافق الشيخ وذهب للاذاعة واستكمل تسجيلاته وظل قارئاً بها حتى توفى, وكانت أولى تسجيلاته سورة لقمان وكانت نفس السورة أخر تسجيلات الشيخ الخارجيه بالحسين ايضا . وكان «محمد» صاحب فكرة إنشاء اذاعة خاصة بالقرآن, فأنشئت هيئة الاذاعة والتلفزيون المصرية عام 1964 الاذاعة, والتى بثت تسجيلاته وقبلها سجل الشيخ في الاذاعة العامة, كما إقترح الشيخ على الأذاعة فكرة تسجيل المصحف مرتلا الا انه سافر, فسجل المصحف مرتلا الشيخ محمود خليل الحصري كأول المسجلين, ثم بعد ذلك سجله الشيخ محمد بعد عودته. إشتهر الشيخ بكل دول العالم العربي والأسلامي, وسافر الى السعودية وسوريا والكويت وليبيا والعراق وفلسطين والأردن والجزائر وباكستان وأندونسيا, وله فيها تسجيلات نادرة متميزة, ومن الغريب ان الإذاعة السعودية تعتبر بث صوت المنشاوي في مواقيت الصلاة تقليدا راسخا لا يتغير. لقبه الكثيرون بمقرئ الجمهورية العربية المتحدة وأمين القران لان حياته كانت سلوكا وأخلاقا وإيمانا لما يتلوه وترجمة صادقة لما يعتقد انه رسالة الإسلام الخالدة, وعرف عنه حبه الى مجالس العلماء والصالحين,. وفي إحتفال مصر بليلة القدر منحه الرئيس مبارك وسام الجمهورية عام 1992, كما منحه الرئيس الإندونيسي وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى في منتصف الخمسينيات, وحصل على وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية من سوريا في عام 1965م . توفي الشيخ الجليل في يوم مولده من عام 1969, تاركا خلفه أكثر من مائه وخمسين تسجيلا بإذاعة مصر والاذاعات الآخري, فضلا عن ختمة قرآنية مرتلة مسجلة لإذاعة القرآن الكريم. أشهر قراء أسيوط.. محمود صديق المنشاوى الشيخ محمود هو ثالث فرسان القرآءة في عائلة المنشاوي وأشهر قراء أسيوط, ولد الشيخ محمود عام 1943 بسوهاج وهو الابن الوسط في عائلة صديق المنشاوي, حفظ القرآن الكريم في الثامنة من عمره، وبدأت رحلته على مستوى الاحتراف وعمره 11 عامًا, وشارك بعمر 12 عاما فى إحياء الليلة الأخيرة من مولد سيدي عبد الرحيم القناوي, بعدما أرسله والده ليقرأ بها. عمل «محمود» قارئا للسورة بمسجد الامام الشافعي خلفا للمرحوم الشيخ عبدالباسط عبدالصمد, وتمكن من الالتحاق بإذاعة القرآن الكريم بعد ثمانية أشهر على رحيل شقيقه القارئ محمد المنشاوي, بعدما تم إعتماده مقرئًا للإذاعة المصرية في ليلة الإسراء والمعراج عام 1969.. وسجل الشيخ المصحف مرتلا، ولكنه لا يزال حبيس أدراج الإذاعة المصرية، كما له العدد من التسجيلات في البلاد التي سافر إليها منها الكويت والإمارات واليمن والسودان وإيران وماليزيا وجنوب أفريقيا.