غادر الجيش الفرنسي رسميا اليوم الثلاثاء مقاطعة سوروبي قرب كابول، في خطوة هامة من عملية انسحابه الكامل من افغانستان المقررة بحلول نهاية 2013. وتعتبر سوروبي التي سلمت فيها المسؤوليات الامنية رسميا الى القوات الافغانية في 12 ابريل الماضي، احدى نقاط الانتشار الثلاث الرئيسية لحوالى ثلاثة الاف جندي فرنسي ما زالوا في افغانستان، الى جانب ولاية كابيسا المجاورة (شمال شرق) وكابول. وغادرت اخر مجموعة من 250 جنديا فرنسيا منتشرين في المقاطعة، اليوم الثلاثاء قاعدة تورا حيث كانت القيادة الفرنسية ترابط منذ انتشار قواتها في المنطقة سنة 2008. وقبل المغادرة بقليل اقيم حفل قصير انزل خلاله العلم الفرنسي ورفع العلم الافغاني بحضور ثلاثين جنديا فرنسيا وعدد مماثل من الجنود الافغان. وكان معظم الجنود الفرنسيين المنتشرين في سوروبي من الفوج 92 للمشاة في كليرمون فيران (وسط فرنسا). وسيعود مئة منهم فقط الى فرنسا بينما سيظل الاخرون منتشرون في كابول ضمن قوة التدخل السريع المكلفة دعم الجيش الافغاني في المنطقة. وقال الكولونيل جيل هابيري قائد قاعدة تورا ان الجيش الافغاني اكتسب مستوى ملحوظا على الارض واعتبر الضابط الذي كان في افغانستان سنة 2009 ان هناك فرقا كبيرا بين مستوى الجنود الافغان قبل ثلاث سنوات وبين مستواه الحالي. وتحل القوات الافغانية تدريجيا عبر مختلف انحاء البلاد محل قوات ايساف الدولية للحلف شمال الاطلسي الذي ينتشر تحت رايته الفرنسيون، والذي سينسحب اخر جنوده نهاية 2014. وقال الكابتن رجيس: "عاشت مختلف وحداتنا هنا في سوروبي لحظات هامة، انها صفحة تاريخ تطوى، ان الجنود لا يتنفسون الصعداء بل يشعرون بشيء من الحزن لدى مغادرة هذه المنطقة". وتبدو منطقة كابيسا التي سلمت الى السلطات الافغانية مطلع يوليو وما زال الفرنسيون ينتشرون فيها، اكثر اضطرابا من سوروبي لانها تعتبر من معاقل طالبان. وسقط 53 من الجنود الفرنسيين ال87 الذين قتلوا في افغانستان منذ نهاية 2001، في ولاية كابيسا الاستراتيجية الواقعة بين كابول وشرق افغانستان، من بينهم الجنود ال24 الذين قتوا في 2011، السنة التي شهدت اكبر خسائر في صفوف الجنود الفرنسيين في البلاد. وتنوي فرنسا التي كانت تنشر اربعة الاف جندي في البلاد منتصف 2011، خفض عديد جنودها تدريجيا ليبلغ 1400 مع نهاية ديسمبر 2012، اي قبل سنتين من موعد الانسحاب المقرر لبقية القوات الدولية المنتشرة تحت راية حلف شمال الاطلسي (ايساف). وحسب ما ورد في الجدول الزمني الذي قرره الرئيس فرنسوا هولاند ستكون باريس سحبت في ذلك التاريخ اخر الفي جندي من القوات المقاتلة. وبعد ذلك سيبقى 1400 جندي فرنسي في البلاد للاشراف على عملية سحب العتاد خلال 2013 ومواصلة تدريب الجيش والشرطة الافغانيين اللذين سيضمنان بدوريهما امن البلاد التي يعتقد ان النزاع سيظل قائما فيها بعد انسحاب ايساف. وباستثناء 500 عنصر سيبقون هناك للتدريب ينتهي الانسحاب الفرنسي مبدئيا مع نهاية 2013. وقد اعلن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي نهاية يناير انسحابا مبكرا من البلاد للجيش الفرنسي الذي كان يسيطر على سوروبي وكابيسا في خطوة سرعها خليفته لاحقا. وقد وصلت فرنسا الى افغانستان نهاية 2001 في اطار التدخل العسكري الغربي الذي اطاح بنظام طالبان. ورغم انتشار 130 الف جندي من قوات ايساف لدعم العسكريين والشرطيين الافغان ال352 الفا، لم تفلح حكومة كابول وحلفاؤها في الحلف الاطلسي في احتواء حركة تمرد طالبان ما ينذر بحرب اهلية بعد الانسحاب الغربي.