تحولت مواقف سيارات الأجرة إلى ملاجئ للبلطجية وأصحاب السوابق، وأصبح السائقون يتحكمون فى المواطنين الذين اعتادوا على دفع ما يريده السائق بدلاً من التعرض لأفظع الشتائم وأحياناً للضرب. كما تحولت المواقف إلى أوكار لا يستطيع أحد اختراقها، ولذلك قامت «بوابة الوفد» بجولة داخل القاهرة الكبرى لرصد ما يحدث من السائقين والاستماع إلى شكاوى المواطنين الذين لا يستطيعون رفع أصواتهم خشية بطش البلطجية. البداية كانت بموقف سيارات الأجرة فى رمسيس، حيث تحول الميدان إلى موقف كبير للسيارات ولا يخشى السائق أى قوة يمكن أن تلزمه فى الوقوف بالمكان المخصص له وينتشر عدد كبير من البلطجية فى أنحاء الميدان، يحصلون على إتاوات من السائقين مقابل حمايتهم من أى اعتداء أو أى مواطن يرفع صوته. ويؤكد أحمد إبراهيم، موظف، أنه يركب يومياً من رمسيس إلى عمله بمدينة نصر والأجرة جنيه واحد، لكننا نجد السائق يؤكد لنا أن الأجرة قد تضاعفت «واللى مش عاجبه ينزل»، مؤكداً أننا نضطر إلى دفع ما يريده السائق لأننا لا نجد من نشتكى له أو نخبره بما يحدث، وعندما نتكلم مع السائق وعن الأجرة المحددة يخبرنا بأنه فوق القانون وأنه يشترى صفيحة الجاز بأعلى من سعرها فلماذا يلتزم هو بالسعر المحدد. وتوضح مديحة الصباح، موظفة، أنها تعانى من الألفاظ الخارجة التى تسمعها يومياً من السائقين خلال ركوبها سيارات الأجرة خصوصاً الموجودة أمام مسجد الفتح برمسيس والتى تتوقف فى منتصف الشارع لتحمل الركاب، ولا نملك أن نعترض لأننا نرى بعض البلطجية يقفون بالمرصاد لمن يرفع صوته، ولا نجد رجل شرطة واحداً لنقول له ما يحدث رغم أن هذه المنطقة حيوية ومن المفروض أن تكون هناك رقابة صارمة على هذا الموقف من قبل الشرطة بعدما تحول بالفعل إلى مقر للبلطجة وليس موقفاً للسيارات. ويؤكد كلامها أمجد حسنين، طالب، حيث يؤكد: «أننا نركب بتعريفة مضاعفة ولا نستطيع أن نرفع أصواتنا ومن يتكلم يكون مصيره علقة ساخنة من البلطجية، بالإضافة إلى أن معظم سائقى هذا الخط من البلطجية والصبية الذين لا يحملون رخصة قيادة وهذا ما لا تعرف له سبباً سوى الغياب الأمنى الواضح والذى جعل من السائقين أصحاب قوة ونفوذ. ومن رمسيس إلى موقف الإسعاف الذى تتجمع فيه سيارات بولاق وأرض اللواء وجامعة الدول، كل هذه السيارات تقف فى منتصف الطريق لتقوم بالتحميل دون أن يتواجد أمين شرطة واحد أو حتى عسكرى لينظم حركتها ويمنعها من الوقوف فى منتصف الشوارع وتعطل المرور وتتحكم فى المواطنين، ويؤكد محمود عبدالراضي، موظف، أن الركوب من هذا المكان يعتبر انتحاراً لأنك تركب مع طفل لا يتعدى عمره 15 عاماً رغم أنه يمر على أهم مناطق بمصر ويمر بميدان التحرير ولكن لا أحد يوقفه أو يسأله عن رخصته لأنه محمى من بلطجية الموقف الذين يفعلون ما يحلو لهم فى المواطنين، وإذا امتنع المواطن عن دفع الأجرة التى يحددها السائق يكون مصيره الضرب والشتيمة وربما يجد نفسه فى مستشفى بين الحياة والموت بعدما يقابله البلطجى بطعنة مطواة، كل ذلك ولا وجود للأمن فى الموقف ولا أعلم لماذا غاب الأمن عن مثل هذه المواقف التى يحتمى بها البلطجية وربما أصحاب السوابق. وتؤكد ناهد إبراهيم، موظفة بالكهرباء، أنها تأتى إلى عملها فى هذه السيارات وتعانى من وجود لصوص فى الميكروباصات وإذا تكلم أحد يكون مصيره الضرب والشتيمة وندفع ما يريده السائقون دون أن نعترض لأن الاعتراض يعنى أن نلاقى شتائم وربما الضرب. ومن موقف الإسعاف إلى موقف أرض اللواء حيث تتجمع السيارات بصورة عشوائية فى أحد أهم شوارع الجيزة وهو شارع السودان الذى لا يستطيع أحد أن يمر به لأن سيارات الأجرة احتلت الشارع تماماً ويكون صاحب السيارة الذى تمر بهذا الشارع من المغضوب عليهم لأنه لن يخرج من الشارع إلا بعد ساعات لأن سيارات الأجرة قررت أن تجعله موقفاً عشوائياً. ويؤكد محمود رمضان، موظف بالأزهر، أن المواقف فى هذا المكان وكر للبلطجية إذ يملأون الشوارع بصورة غير مسبوقة، فلا يوجد من يمنع هذه الفوضى وربما يهان رجل الشرطة إذا جاء إلى الموقف ليطلب من أحدهم بالأجرة أو المكان المحدد للوقوف، وهذا يدل على الضعف الشديد الذى أصبح عليه رجال الشرطة فى مواجهة رجال الميكروباصات. ويوضح محمود إبراهيم، موظف، أن الموقف لا يبتعد عن مرور الجيزة سوى أمتار قليلة ومع ذلك لا نجد رجل مرور واحداً يحاول أن يسيطر على الموقف وعلى السائقين الذين أصبحوا مصدر قوة لا يستطيع أحد أن يردعهم عن أعمالهم التى يقومون بها. وعلى رأسها ابتزاز المواطنين. وأضاف أن المواطن أصبح يشعر بأنه يعيش فى بلد غير بلده، وأنه يعامل بصورة غير طبيعية من السائقين الذين تحولوا إلى بلطجية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. انتقلنا إلى موقف الزاوية الحمراء أعلى كوبرى غمرة، والذى لا يتعدى عمر السائق فى هذا الوقف أكثر من 15 عاماً، حيث تقف السيارات أعلى الكوبرى وتغلق تماماً. ويوضح أشرف محمد، طالب، أن هذه السيارات تحمل دون اعتبار لرجال الشرطة الذين كانوا يمنعونهم فى السابق من الوقوف فى هذا المكان لكن الآن لا توجد قوة تمنعهم وأصبحوا يسيطرون على كل شيء دون أن يكون هناك رقيب على أدائهم أو أعمالهم، بالإضافة إلى تحصيلهم الأجرة التى يحددونها دون النظر إلى التعريفة الرسمية وتعتبر هذه المواقف فى حماية عزبة أبو حشيش الذى تمتلئ بالبلطجية ويكون دورهم تأمين المواقف الخاصة بالميكروباصات من أول كوبرى غمرة وإلى الزاوية الحمراء، ولا يستطيع راكب أو رجل شرطة أن يقترب من هذه المواقف لأنها فى حماية البلطجية. ويخبرنا سائق سيارة بأنه يفعل ذلك لأنه لا يملك أى حل آخر ويشترى صفيحة الجاز ب 35 جنيهاً، فكيف يحصل راتبه وصاحب السيارة يحاسبه باليوم وعليه أن يوفر لصاحب السيارة ما يطلبه ويوفر لنفسه قوت يومه. وعن البلطجية قال: «إنهم يحموننا من الشرطة ومن أى معتد، ويأخذون إتاواتهم من أصحاب السيارات وليس من السائقين ليقوموا بحماية سياراتهم. وقال إن شخصاً واحداً يملك ما يزيد على عشرين سيارة على الخط، وله أعوانه الذين يحمون سياراته من المعتدين ونحن أيضاً يُعتدى علينا من بلطجية أصحاب السيارات ولهذا ما نقوم به ليس بإرادتنا. وفى موقف سيارات عبود ترى ما لا يمكن أن تراه فى بلد سوى فى مصر، فالسيارات فى منتصف الطريق السريع تقوم بتحميل الركاب كما يحلو لها ولا أحد يمنعها من الوقوف أو يحرر لها مخالفة واحدة. ويؤكد أسامة محمود طبيب فى مجد الإسلام أن محيط المسجد تحول إلى موقف كبير وأصبح البلطجية يتحكمون فى كل شيء ولا يستطيع أحد أن يقول لهم شيئاً أو أن يعترض، بالإضافة إلى الألفاظ التى لا يمكن أن يسمعها مواطن شريف، والأجرة حسب مزاجهم، وليس كما حددتها المحافظة، وكل ذلك يحدث أمام كمين عبود وأمام رجال المرور الذين لا يستطيعون أن يتقدموا بكلمة واحدة ضد هذا التعدى الصارخ على حرية المواطن من سائقى السيارات التى لا تصلح أصلاً لحمل الركاب، وهذا يرجع إلى الفوضى التى نعيشها فى كل نواحى الحياة خصوصاً مع سائقى الميكروباص. يسوّقون بضائعهم بالإكراه ويحتمون بالبلطجية الباعة الجائلون يحتلون الشوارع والأرصفة .. و«البلدية» بلا أنياب القاهرةوالجيزة والقليوبية تحولت إلى «سوق مفتوح» مواطنون: الشرطة سلمتنا لهم .. ولا نقدر على مواجهتهم أزمة مرورية حادة بسبب الأسواق العشوائية .. والحكومة تتفرج الباعة الجائلون تحولوا إلى مرض وصداع حقيقى فى رأس المجتمع، الكل يشكو من سطوتهم وقبح لسانهم، ولا يمر يوم دون حدوث مشاجرات بينهم وبين أصحاب المحلات أو بينهم وبين المواطنين، وقتها تظهر الأسلحة بمختلف أنواعها ويتحول المشهد إلى حرب شوارع، ناهيك عن أن البضائع التى يروجونها لا تخضع لأى رقابة وغير موثوق فى صلاحيتها للاستخدام. ففى شارع طلعت حرب أحد أهم شوارع وسط القاهرة نجد المنطقة وقد أغلقت بسبب انتشار عشرات الباعة الجائلين فيها، والذين لم تعد ترهبهم البلدية بعدما كانوا يسارعون بالهروب فور رؤيتها. يؤكد محمد أحمد موظف أن شوارع وسط البلد والحيوية منها مثل طلعت حرب وعبدالخالق ثروت تحولت إلى سوق كبير ولا يستطيع أحد أن يقترب منهم وإلا يعامل معاملة سيئة للغاية لأنهم قوة والبلطجية يحمونهم. ويضيف: إن الكثير منهم كانوا بلطجية مع الشرطة فى العهد السابق وبعد تراجع دورهم تحولوا إلى باعة جائلين يملكون الشوارع بالقوة والبلطجة. ويوضح عبدالعزيز شلبى - محامٍ - أن الوضع أصبح أمام دار القضاء العالى ونقابة المحامين على أسوأ ما يكون، فالباعة يملأون شارع رمسيس ولا يستطيع أحد أن يكلمهم أو يمنعهم من الوقوف فى أهم شارع فى القاهرة، والمشكلة أنهم تحولوا إلى عرض الشارع وتركوا الرصيف وهذا ما يؤكد أن أفعالهم يحميها البلطجية ولا يحميها القانون وإذا تجرأ أحد وطلب منهم عدم الوقوف فى الشارع يكون جزاؤه الضرب والإيذاء. ويضيف: إن أحد الأشخاص رفض الشراء منهم بعد أن أمسك سلعة معروضة ولكنهم أصروا على أن يشترى ما أعطوهم إياه، وبالثمن الذى يحددونه وانهالوا عليه بالضرب لأنه رفض أن يشترى والغريب أن كل هذا يحدث أمام دار القضاء العالى ولم نجد مرة واحدة ضابط شرطة يحاول مواجهة هؤلاء. ومن أمام دار القضاء العالى إلى العتبة التى كانت تمتاز بالأسعار البسيطة التى فى متناول الجميع ولكنها تحولت إلى وكر لأعمال البلطجة والعنف وإيذاء المواطنين ولا نجد متراً واحداً فى ميدان العتبة يمكن أن تضع قدمك عليه إلا ووجدت الباعة الجائلين يحتلونه. وتؤكد إكرام إبراهيم - مدرسة - أن العتبة تحولت إلى مأوى للبلطجية وأصبحنا لا نأمن النزول إليها، كما كان فى الماضى فالبيع والشراء بها «غصب عنك» وليس لك إلا أن تنصاع وإلا لا تخرج من المكان سليماً، وإن خرجت سليماً لن تخرج معك أى أموال، وبالتالى يستسلم المواطن للابتزاز ويشترى ما لا يريده. وتتابع: الغريب أن العتبة كانت ملاذ الفقراء والطبقة المتوسطة لشراء ما يحتاجون، لكنها تحولت إلى ملاذ للبلطجية وأصحاب السوابق. هذا ما يؤكده أيضا محمد إمام حيث يقول إنه تعرض لحادث فى ميدان العتبة عندما اشترى بنطلونا وبعد أن خرج من الميدان وجده لا يصلح تماما وبه عيوب، فعاد به إلى البائع لكنه واجهه بأفظع الشتائم وتعرض للضرب لأنه أراد فقط أن يغير ما قام بشرائه. ويوضح أن الباعة الجائلين تحولوا إلى بلطجية يتسترون خلف ما يبيعون ويغلقون الشوارع أمام المرور. ومن العتبة إلى المؤسسة بشبرا الخيمة، حيث تحول كوبرى المؤسسة الموصل إلى محطة القطار إلى سوق عشوائى تسمع فوقه أفظع الشتائم والألفاظ ، وتحولت محطة المترو إلى سوق عشوائى كبير، وحتى نفق المؤسسة تحول إلى سوق وعليك أن تشترى حتى تمر. ويوضح رضا الخطيب، إمام وخطيب، أن العابر لنفق المؤسسة يعتبر مولوداً من جديد، فهو نفق لا يصلح تماماً للمارة، بالإضافة إلى أن الباعة الجائلين الذين احتلوه تماماً وأصبح المار به لا يستطيع الحركة دون أن يسمع ما لذ وطاب من الشتائم القبيحة، وربما يضطر للشراء دون إرادته ليمر. ويؤكد ذلك محمود إمام، مدرس، موضحاً أن الوضع خطير، فركوب المترو من ناحية المؤسسة يحتم عليك أن تعبر أنهاراً من الباعة الجائلين حتى تستطيع أن تصل إلى محطة المترو، وحاول الحى أكثر من مرة إزالة الأكشاك غير المرخصة وطرد الباعة الجائلين، إلا أنهم يعودون مرة أخرى ولا يستطيع أحد أن يحركهم من أماكنهم، ولهذا فإن المؤسسة تحولت كلها إلى باعة جائلين يملكون من البلطجية ما يستطيعون له أن يرهبوا المواطنين ويروعوا به الآمنين. ومن المؤسسة إلى القناطر الخيرية التى احتل ميدانها الباعة الجائلون، حيث باتوا يملكون الشوارع والسيارات لا سكان لها، فالشارع الذى به أربع حارات للسيارات احتل الباعة ثلاثاً منها وتركوا حارة واحدة للسيارات، مما يتسبب فى وقوف المرور لساعات طويلة، ولا يوجد رجل شرطة واحد يمنعهم من ذلك. ويؤكد محمد مرتضى، موظف، أن الوضع فى القناطر الخيرية أصبح لا يسر أحداً، فالطريق مغلق تماماً من الباعة الجائلين وإذا حاول أحد الكلام معهم أو إقناعهم بترك طريق للسيارات يتعرض للضرب والإهانة، وربما لا يخرج سليماً من المكان، وتحول ميدان القناطر الخيرية إلى مجمع للباعة الجائلين يبيعون فيه كل شىء ولم يسلم مواطن واحد شرهم.