في العيد السنوي و اليوم العالمي للكتاب الذي تزامن بالاختيار الذكي لإسبانيا و بريطانيا مع ذكرى العلمين الكبيرين سرفانتس و شكسبير ، يتأكد لنا يوميًا و ليس سنويًا أن للكتاب عيدا يوميا يطرأ علينا كلما بدأنا يومنا بملامسة هذا الوعاء الجميل الشامخ رغم التطورات المذهلة للوسائط الأخرى و خاصةً الإلكترونية ، كنوع من الألق الدائم للوسيط الذي لا يخبو أبدًا. الكتاب هو المفتتح السحري للقراءة التي أراها إكسيرًا أبديًا للأذهان كي لا تنضب أبدًا حتى يشعر الإنسان بوجوده عبر التذكرة المستمرة من بين دفتي الصديق الوفي المُذكر لنا دائمًا بأن القراءة هي الزاد الدائم للخلق و الإبداع و الابتكار ، ما دمنا نسعى للعمل الدءوب القادم من القراءة المستمرة التي حثنا عليها القرآن الكريم بأول كلمة وردت في التنزيل للرسول الكريم. إن الأمم الناهضة هي التي نرى في أيدي أبنائها الكتاب مُلازمًا لهم حتى وقت النوم كناية عن السعي المستمر كي تبقى الأمة ناهضة دون تردد أو تقاعس عن تلك النية البراقة و ذلك بوجود العديد من النماذج الناجحة عبر القيادات و الزعامات التي جعلت من الكتاب المبادر الأساسي في الوصول للمنجز المطلوب. كان الزعيم الكبير شارل ديجول نهما للقراءة و الاطلاع كنوع من إعداد الأقدار له في الزعامة المنتظرة التي ظهرت حسب الوقت المناسب في صفحات اللوح المحفوظ ، في العام 1940 مستعينًا بما نهله من أسفار الكنيسة و المكتبة الخاصة بأبيه عن سيرة جان دارك التي رفضت الهزيمة و الاحتلال البريطاني لفرنسا محضرًا إياها في معركة كفاحه ضد المحتل النازي مستعينًا بشعار (صليب لورين) الخاص بها في علم فرنسا الحرة لتتحقق الأمنية بتحرير بلاد النور و الجمال في العام 1944. على نفس النطاق كان الزعيم جمال عبد الناصر نهم القراءة منذ شبابه و حتى أيامه الأخيرة مستعينًا بمعينه القرائي وقت ثورة يوليو في العام 1952 وقت الخلاف القائم بين أعضاء مجلس قيادة الثورة على قتل الملك فاروق ، لتأتي الخلفية القرائية لناصر ترفض الفكرة مستندًا على رسالة ديكنز في روايته (قصة مدينتين) المؤرخة للثورة الفرنسية في العام 1789 قائلاً : تذكروا (قصة مدينتين) التي تقول بأن الدم لا يجلب إلا الدم. في وقت الإعداد لحرب أكتوبر المجيدة كان الكتاب الملازم الدائم للرئيس السادات في ظل التخطيط للخداع الإستراتيجي الحامي لقرار الحرب مستعينًا بفكرة تحتمس الثالث في معركة (مجدو) التي صممت فكرة الممرات المائية التي أنقذت الخطة المبهرة من الطمس و الضياع ، مع استعانته برحيق رائد الاستقلال المصري أحمس في كفاحه ضد الهكسوس الذي سمى كتائبه بأسماء الآلهة ، لنرى السادات يطلق على الحرب اسم (عملية بدر) تيمنًا بالموقعة الإسلامية المباركة ليكون النصر حليفه في تطهير سيناء الغالية. في الولاياتالمتحدةالأمريكية كان فوز السناتور جون كيندي ، برئاسة أمريكا حدثًا فارقًا لكونه أصغر رئيس في تاريخ الرئاسة بعمره الثالث و الأربعين مع كونه أول رئيس من طائفة الرومان كاثوليك يتولى منصب المكتب البيضاوي عكس الشائع بين طائفة البروتسانت ، إضافةً إلى تغييره لفكرة الرئيس الكهل أو الشيخ برؤية شابة توسم بها زعماء العالم بالنبوغ و الاختلاف. كان كيندي مصاحبًا معه في رحلاته الخارجية ، رواية (مع تحياتي لروسيا) لإيان فلمنج الكاتب و ضابط المخابرات البريطاني السابق المؤلف لسلسلة جيمس بوند و التي تنبأ فيها بوجود الحرب الباردة بين أمريكا و الاتحاد السوفيتي مما دفعته في التو و اللحظة للإسراع بإجراء الأبحاث الفضائية بوكالة ناسا للرد على رحلة جاجارين رائد الفضاء الروسي حول الفضاء الخارجي و الدوران حول الأرض متحديًا تلك الخطوة بمقولته الشهيرة : لقد اخترنا الوصول للقمر. كان هذا القرار في العام 1962 و ظلت الفكرة ملازمة للسليقة الأمريكية حتى بعد مقتله في نوفمبر 1963 ليكون المنجز النهائي بصعود نيل أرمسترونج للقمر في العام 1969 ليُذكر اسم كيندي و هو مواريًا للثرى لفضله عبر قراءته الدءوبة التي عملقت من الولاياتالمتحدةالأمريكية. القراءة إذن كخلاصة نهائية هي إكسير الحياة للعقل الساعي للتقدم و الإزدهار كجزء هام و أصيل للجليس المخلص الذي لا يفشي سرك و لا يفضح مكنونك إلى أن تصل للهدف المرجو المترجم لسطور الصديق الوفي الذي نحتفي به مع ذكرى صاحب دون كيشوت و صاحب الملاحم المسرحية اللذان علمانا الإخلاص في النهل من المعين السحري الذي قال عنه أمير الشعراء : أنا من بدل بالكتب الصحابا .. لم أجد لي وافياً إلا الكتابا صاحب إن عبته أو لم تعب.. ليس بالواجد للصاحب عابا كلما أخلقته جددني وكساني.. من حلى الفضل ثيابا صحبة لم أشك منها ريبةً ..ووداد لم يكلفني عتابا كان من هم نهاري راحتي.. ونداماي ونقلي والشرابا تجد الكتب على النقد كما ..تجد الإخوان صدقاً وكذابا فتخيرها كما تختاره وادخر.. في الكتب والصحب اللبابا صالح الإخوان يبغيك التقى.. ورشيد الكتب يبغيك الصوابا.