عيار 21 بعد التراجع الأخير.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الجمعة في الصاغة    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    تدمير 3 طائرات مسيّرة أطلقها الحوثيون من اليمن    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    أيمن سلامة ل«الشاهد»: القصف في يونيو 1967 دمر واجهات المستشفى القبطي    الأهلي يتلقى ضربة موجعة قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    جمال علام: لا توجد أي خلافات بين حسام حسن وأي لاعب في المنتخب    أول رد فعل من مجدي أفشة بشأن خلافه مع كولر    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    فلسطين.. وصول إصابات إلى مستشفى الكويت جراء استهداف الاحتلال منزل بحي تل السلطان    رسميًّا.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    فريق علمي يعيد إحياء وجه ورأس امرأة ماتت منذ 75 ألف سنة (صور)    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    مفاجأة صادمة.. الزمالك يفقد ثلاثي الفريق في نهائي الكونفدرالية    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    الغانم : البيان المصري الكويتي المشترك وضع أسسا للتعاون المستقبلي بين البلدين    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    حسام موافي يكشف سبب الهجوم عليه: أنا حزين    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    الاتحاد السكندري يفض الاشتباك مع الأهلي ويعادل رقم الزمالك في بطولات كأس السلة    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. حمدى السيد : غضب منى «مبارك».. وأقنعنى بدخول البرلمان
نقيب الأطباء ورئيس لجنة الصحة بمجلس النواب الأسبق:
نشر في الوفد يوم 24 - 04 - 2019

رافقت السادات فى توقيع معاهدة السلام ولم أكن مؤيدًا لها فى البداية
كل ما قيل عن عبدالناصر أنه مات مسمومًا «كلام فارغ وغير صحيح»
26 سنة نقيبًا للأطباء وتعاملت مع 18 وزيرًا للصحة أفضلهم إسماعيل سلام والنبوى المهندس
كنت دائم الشجار مع يوسف بطرس غالى من أجل ميزانية الصحة
هو حبيب الغلابة، طبيب الفقراء، ولد فى قرية تبعد عشرين كيلو عن أقرب طبيب، سمع دعوة أمه بأن يكون طبيبًا وتمنت أن يساند أهالى القرية، هو الدكتور حمدى السيد، نقيب الأطباء الأسبق، وعضو مجلس الشعب الأسبق، أول من أدخل جراحة القلب المفتوح إلى مصر، وهو السياسى المناضل، الذى وقف تحت قبة البرلمان يناضل من أجل صحة المواطن المصرى.
تصدى خلال فترة توليه نقابة الأطباء لسبوبة الخبراء الأجانب، والقرنية، وتجار الأعضاء، له صولات وجولات مع يوسف بطرس غالى، وزير المالية الأسبق، من أجل ميزانية الصحة، والتأمين الصحى، خاصةً أنه شاهد عيان على تجربة جمال عبدالناصر فى التأمين الصحى، والتى عطلتها الحروب.
وتحدث نقيب الأطباء الأسبق فى حواره ل«الوفد» عن طفولته، وأيضاً عن علاقته برؤساء مصر السابقين عبدالناصر، والسادات، ومبارك، وعن سنوات الغربة، والكفاح، والنضال، عن حروبه مع أصحاب الفكر الرجعى والمتخلف فى مفهوم نقل الأعضاء مثل القرنية وتصديه للمتاجرين بالمهنة، وتعديله لقانون النقابة حتى يكون رادعًا لكل مخالف.. وإلى نص الحوار.
فى البداية، هل تُحدثنا عن دعاء والدتك بأن يرزقها طفل يصبح طبيبًا؟
أحمد الله أنه منّ علىّ بأب مثالى وأم ومثالية، كان والدى رحمه الله مدرسا إلزاميا، خريج معهد المعلمين، وهو من قرية كانت تقارب ال5 آلاف نسمة، غالبيتها أقارب عن نسب ومصاهرة، وكان منهم واحد أو اثنان، حظوا بفرصة التعليم الجامعى، وكان جدى لوالدتى تعليما أزهريا، وكان يعتقد بحرمة تعليم البنات، لذلك لم تتعلم.
وكانت رحمة الله عليها، ذكية ونبيهة، وقد تعلمت من إشرافها علينا أثناء المذاكرة، لدرجة أن فى أيامها الأخيرة، كانت تنظم جلسات أسبوعية لنساء القرية غير المتعلمات فى القضايا العامة، كتنظيم الأسرة وصحة الأولاد، وكان أقرب طبيب يبعد عشرين كيلو عن القرية.
كانت والدتى تنظر إلى حال القرية والتى لا يوجد بها طبيب، خاصة أنه كان لى أخ أصغر منى، أُصيب بحالة هستيريا؛ سببت له اختناقا، وكان ذلك فى وقت متأخر، فقامت والدتى بحمله على كتفها، وجرت بالساعات على الطريق الزراعى، حتى وجدت سيارة تنقلها إلى المستشفى، وهو ما ترك فى نفسها أثرا شديدا.
وكنت أسمعها وأنا صغير تقول: إن شاء الله أنت هتبقى دكتور وتعالج العائلة كلها، وتعالج الناس الغلابة دول، ومتنساش البلد، وحتى وهى فى مرض الموت كانت توصينى وتذكرنى بألا أنسى البلد والناس.
وكان أبى يتولى رعاية مشكلات الناس ويسافر قرابة ال30 كيلو للقاء المسئولين، للبحث عن حلول للمشكلات، وكان يتحمل أعباء الإنفاق على تلك المشاوير كاملة، ومازلت أحتفظ ببعض الكروت التى كان يقوم بإرسالها، وكان يكتب فيها: نجلنا الدكتور حمدى، حامل هذا الكارت من أقربائنا ويهمنا أمره، أرجو رعايته، وأرجو أن يعود مسرورًا لحل مشكلته.
وكنت أتلقى منه يوميا قرابة الخمسة والستة كروت، خاصة عندما كنا فى مجلس الشعب، لذلك عندما كنت نقيبًا للأطباء كنت أحزن عندما أسمع عن حالة استغلال لمريض، أو عدم التزام طبيب بأخلاقيات المهنة، وكنت باستمرار أحرص على الحفاظ على أخلاقيات وآداب المهنة.
لذلك كنت أول من عدل فى قانون النقابة، بأن يكون فى لجنة التحقيق مع الطبيب وكيل نيابة إدارية، وأن يكون التحقيق مركزيا، للتأكد من جدية التحقيق ومعاقبة المخطئ، ثم طلبت بأن يكون وزير العدل من أعضاء اللجنة، وكان يُرشح لنا أحد القضاة المحالين على المعاش.
الجميع يعرف علاقتك الطيبة بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فكيف جاءت تلك المعرفة؟
بدأت مزاولتى لمهنة الطب عام 1953م، وكنت فى تلك الفترة من محبى الرئيس الراحل محمد نجيب، الرجل الطيب، وكانت أول علاقة لى بضباط الثورة مباشرة، كان عام 1956م، حيث شاركت كطبيب جراح، فى هذه المعركة، وتلقيت العديد من الحالات وقمت بعلاجها.
وقد كنت تلقيت وعدًا بتلقى بعثة، وبالفعل سافرت إلى إنجلترا لمدة أربع سنوات، وكنت أسمع شتيمة الرئيس جمال عبدالناصر بأم أذنى، وكان هناك من يكرهه، وآخرون يحبونه، وكان هناك استغراب من مواقفه من دعم تحرر البلاد الأفريقية والعربية.
ولم أعاصر الوحدة مع سوريا، ولكنى كنت متابعا لها، وتابعت أخطاء عبدالحكيم عامر التى أدت إلى الانفصال، وعندما عُدت عام 1962م، استقبلت بطريقة غير حافلة وغير لائقة، وكان البعض يقول: إيه اللى جابه كان يخليه هناك؟!، ولكن الواقع أن الذى شدنى وشجعنى للعودة كان جمال عبدالناصر.
وفى عام 1965م، قرر زكريا محيى الدين، رئيس الوزراء، عزلى من الجامعة، وتوجيهى لوزارة الصحة، بعد تشكيل لجنة، ادعت أن لسانى طويل، وفى نفس الوقت كان هناك تكليف لى لتولى قسم القلب فى مستشفى المعادى العسكرى، وكان أول من قام بجراحة قلب مفتوح فى العالم.
وعندما فوجئت بالقرار، وشعرت بتآمر الجميع علىّ، توجهت إلى مكتب المشير عبدالحكيم عامر، قالى لي: هل أنا اخترتك لأنك دكتور بالجامعة أم لأنك الدكتور حمدى السيد؟، فقلت له: أريد أن آخذ حقى كاملًا أم أغادر تلك البلد، ثم أرسلت للرئيس جمال عبدالناصر رسالة، وعلى الفور كتب رسالة قال فيها: إن الدكتور حمدى معروف لدى شخصيًا، أرجو حل مشكلته، إمضاء جمال عبدالناصر.
وقام صدقى سليمان بعرض هذه الرسالة على مجلس الوزراء، فاستدعانى شمس بدران، وزير الحربية آنذاك، وأصدر قرارا بنقلى للجيش، فرفضت، وطلبت العودة إلى مكانى، وأرسلت له جوابا ثانيا، واعتذرت له واستأذنته فى السفر، فأشر على الورقة بأن يعود للجامعة فورًا، وهذا أول فضل علىّ من جمال عبدالناصر وبداية العلاقة الطيبة التى امتدت لسنوات.
وتجدر الإشارة إلى أنه اكتشف الرئيس إصابته بمرض السكر عام 1959م، وكان يعالجه كبار أطباء الباطنة، وفى تلك الفترة لا نعرف مدى قدرة الأطباء على ضبط مستوى السكر فى ظل تدخين الرئيس بشراهة، والسكر والتدخين من أهم أسباب تصلب الشرايين.
وسافر ناصر للاتحاد السوفيتى من أجل العلاج الطبيعى، ولم يكن الطب قد توصل إلى تقدم علاجى لذلك المرض مثلما هو الوضع الآن، ولنفس سبب تصلب شرايين الساقين تصلبت شرايين القلب، وتوفى الرئيس فى عمر مبكر؛ بسبب أمراض القلب، فى ظل ظروف صحية وضغوط نفسية وتدخين وسكر.
ومن حبى لجمال عبدالناصر أقمت سبعة أيام فى مجلس قيادة الثورة، لتجهيز الجنازة، وكنت أشعر بحزن وهم شديد، لأننا فقدنا هذا الرجل العظيم، الذى كافح وناضل وقدم كل شيء من أجل هذه الدولة.
ما ردك على ما قيل بشأن
أن جمال عبدالناصر مات مسمومًا؟
كل ما قيل فى هذا الشأن «كلام فارغ» لا أساس له من الصحة وكان ممكن يعيش 20 سنة كمان لو كان سمع كلام الأطباء المعالجين وتوقف عن التدخين والضغوط العصبية ومشى على العلاج.
سنوات كثيرة قضيتها فى العمل العام، كنقيب للأطباء، ونائب بالبرلمان، وكطبيب، ماذا قدمت من خلالها لمصر؟
قدمت كل ما أستطيع؛ وفقًا للمتاح والظروف، وكنت أول من أدخل جراحة القلب الحديثة فى مصر، وقبلى لم يكن يعرف أحد عمليات القلب المفتوح واستبدال الصمامات، ومن حسن حظى أن الجيش وفر لى فى مستشفى المعادى كل ما أريد للقيام بأول عملية قلب مفتوح عام 1966م، وكان قبلها مرة فى نوفمبر 1965م، فى مستشفى الطيران، وأنا دربت معظم كل الجراحين الموجودين حاليًا وأشرفت على تدريبهم.
ولى تجربة عندما كنت بالنقابة، منعت دخول الأطباء من الخارج للعمل فى عيادات فى مصر، ووضعت شروطًا وقواعد قانونية، أولًا: بأن يكون شخصية معروفة عالميًا، ثانيًا: لابد أن يأتى للعمل فى مجال لا نجيده، ثالثًا: بأن يأتى لمكان علمى قومى وليس عيادة خاصة.
وفى الحقيقة وزير الصحة السابق، الدكتور حاتم الجبلى، كان يخطط لمشروع تأسيس مركز طبى، يستعين بخبرات أجنبية هنا فى مصر، ولكن القانون يقول: إن أى خبير يأتى إلى مصر، يكون بغرض التدريب والتأهيل، ويدخل مرة واحدة فى العام، وأن توافق عليه وزارة الصحة ونقابة الأطباء، وقد طلب منى الجبلى الموافقة على دخول خبير ولكنى رفضت.
وبعد ثلاث وأربع سنوات شكرنى الجبلى، وقال لي: لولا رفضك لما صار لدينا الآن العديد من الخبرات والمؤهلين فى مجال جراحات القلب، وقال لي: أنه فى اليابان لا ينقلون الكبد إلا من الأحياء، لأنهم يعتقدون أن الروح تخرج نهائيا من الجسد بعد سبعة أيام، مما جعلهم يبحثون عن البديل، وهو زراعة فص الكبد، والذى بدوره يكون كبدا جديدا، وطلب منى السماح لخبير يابانى بالدخول لمصر لتدريب الأطباء على هذه العملية الصعبة، وبالفعل وافقت.
وقد حاربت فى المجلس على قانون نقل الأعضاء، وقد استعنت بقوانين من عدد من الدول منها: السعودية، وإيران، وهما دولتان تطبقان المبادئ والشريعة الإسلامية بالإضافة إلى أن هناك 15 دولة إسلامية تسمح بنقل الأعضاء من المتوفى إلى المريض الحى ذى الحاجة، وخرجت بقانون أفضل منهم جميعًا، ووقف ضدى الكثير، وبالرغم من إقراره إلا أن شرط التنازل فى الشهر العقارى قبل الوفاة، وقف عائقا دون تحقيق القانون، وأيضاً عمليات استبدال القرنية، وكان من المهم أن يشرع ويسن قانون ينص على أن أى شخص يموت داخل مستشفيات الدولة، يكون إقرارا ضمنيا منه على أنه متبرع بالقرنية، وقلنا إنه لن يحدث أى ضرر بالمريض ولن يتم تشريحه، ويكون بذلك قدم خدمة عظيمة لآخرين يفقدون نعمة البصر.
هذا القانون تم تعطيله سنوات طويلة، وظل حبيس أدراج الشورى، خاصةً بعدما استغل رجل مغرض طيبة الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، وقال له أنهم يريدون سرقة الأموات، فأرسل خطابا لفتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، لتعطيل القانون، وفى الحقيقة كان هناك أشخاص يقومون باستيراد قرنيات، وأصحاب المصالح والمستفيدون تصدوا لهذا القانون سنوات طويلة.
وفى الحقيقة أن النائب العام آنذاك عبدالمجيد محمود، أرسل نشرات لجميع وكلاء النيابة، أنه يجوز للأطباء أخذ القرنيات دون إذن من المتوفى أو أهله، وأحب أن أشير إلى أننى أكثر من قدم مشروعات قوانين فى البرلمان، وتم الموافقة عليها، منها الصور الموضوعة على علب السجائر، وقد قدمت أربعة قوانين أفتخر بها فى مجال التدخين.
المدخنون مستاؤون من هذه القوانين؟
ما يزعلوا لأنهم يضرون أنفسهم والآخرين معهم يعنى من حق الزوجة التى يدخن زوجها أن تخلعه لأنها أصبحت مدخنة سلبية وأيضاً الأولاد والأمراض ستلاحقهم مستقبلًا، عندما تأتى حالة فى المستشفى تتحدث عن عدم قدرتها على زوجها بالتوقف عن التدخين بقولها «اخلعيه وأنا هشهد معاكى فى المحكمة، اللى زوجها بيدخن تخلعه».
الرجل المدخن ليس عنده مسئولية أو رعاية لأسرته وأصبح عبئا على الأسرة لأنه يضر زوجته وأولاده وعندما يحدث له مكروه أو هبوط فى القلب أو عجز كلى أو جزئى أو مات فى سن مبكرة كما يحدث مع المدخنين، أسرته هى «اللى هتشيل الهم والغم».
يا دكتور أنت بذلك بتحرض على انفصال الأسر وممكن نصف المجتمع سيكون ما بين مطلق أو مخلوع؟
أيوة أنا بحرض الأزواج والأمهات والأولاد ضد كل من يدخن السجائر وهى أول خطوة فى طريق الإدمان أيضاً ولابد من محاربتها بكل قوة لأنها أساس كل الأمراض ووباء لابد من التخلص منه، وشركات السجائر كانت تحاربنى وأعتبر نفسى انتصرت عليها بوضع صورة سيئة على علب السجائر ومحاولات امتناع الناس عنها حتى يفيق الغافل ويتراجع عن هدم صحته يوميًا.
وماذا عن الزوجة التى تدخن؟
تطلق فورًا أو التوقف عن التدخين نهائيًا.
تعاملت مع قرابة 20 وزير صحة، من أفضل وزير صحة تعاملت معه؟
أنا تعاملت مع 18 وزير صحة، منهم النابغون ومنهم العاديون، وأهم وزير صحة جاء لمصر هو الدكتور النبوى المهندس، وهو صاحب مشروع الوحدات الريفية والانتشار فى القرى، وكذلك التكليف للأطباء، ثم يليه الدكتور إسماعيل سلام، فهو وزير من نوع جديد، حيث اقترح ما يسمى «تسليم المفتاح» لمنع وجود مناقصات مختلفة لكل تجهيز بالمستشفى، ونجح فى إنشاء مستشفى شرم الشيخ فى 6 شهور، وإنشاء العديد من مستشفيات اليوم الواحد فى أقل من سنة كاملة.
ثم الدكتور حاتم الجبلى، كونه أدار الوزارة بطريقة القطاع الخاص، فهو كان يدير مستشفى كبيراً، وهى دار الفؤاد، وعقليته كانت كبيرة، وكان يعيبه التصاقه بالأمريكان أكثر مما يجب، حيث كان الجبلى يرسل البعثات لأمريكا، ويستعين بخبراتهم، كما استعان بشركة أمريكية لعمل دراسة
للتأمين الصحى، وكنت أنا نائبًا له فى الخلاف مع وزير المالية، وكنت كثير الجدال والنقاش مع يوسف بطرس غالى، وزير المالية.
كم عاماً كنت نقيبًا للأطباء؟
فى النقابة كنت عضوًا من 1969م وحتى 1976م، ورئيس لجنة لآداب المهنة، ومن 1976م وحتى عام 1980م كنت أصغر نقيب لأطباء مصر، ثم توليت من 1980م وحتى 1984م، فترة نقابة ثانية، ثمانى سنوات متصلة، ووفقًا للقانون كان يجب أن أترك المنصب، لذا تركته للدكتور ممدوح جبر، رحمة الله عليه، وتولى النقابة ثمانى سنوات، غزا فيها الإخوان النقابة، وهى الفترة من 1984م وحتى 1992م، ثم عدت مرة أخرى للنقابة من عام 1992م وحتى عام 2010م، ما يعنى 8 سنين و18 سنة، 26 سنة نقيبًا للأطباء، وسبع سنين عضو نقابة، ما يعنى 33 عامًا فى العمل النقابى.
وكم عاماً نائبًا فى البرلمان؟
كان لدخولى فى البرلمان قصة ظريفة، كنت قد سافرت مع الرئيس الراحل أنور السادات، عند التوقيع على اتفاقية السلام، وكنت من قبل عزمته فى يوم الطبيب فى 18 مارس، فقرر أن يأخذنى معه، وللعلم لم أكن مؤيدًا لمعاهدة السلام؛ حتى تقربت من السادات وفهمت فكره، وفى أبريل كانت انتخابات البرلمان، وكان مرشحًا عن دائرة مصر الجديدة ومدينة نصر، حلمى مراد، وهو لقمة فى الزور بالنسبة للسادات، وكذلك كام شخص من الرافضين للمعاهدة.
وكان هذا القرار نابعا من السادات استنادًا على شعبيتى ودرجتى العلمية، للتصدى لشعبية حلمى مراد ودرجته العلمية، وكنت فى باريس، وفوجئت بسعد فؤاد، وكيل أول الوزارة، يقول لي: مبروك على الترشح فى مجلس الشعب، وعند عودتى جاءتنى اتصالات للقاء فكرى مكرم عبيد، أمين الحزب الوطنى آنذاك، وطُلب منى الترشح، فرفضت وقلت: أكتفى بالنقابة، فقالوا لى أنت مطلوب للقاء حسنى مبارك.
على العلم أننى كنت التقيت مرة واحدة من قبل بحسنى مبارك، وكان قد أخذ عنى فكرة سيئة، وكان ذلك فى قصر الطاهرة، وكنت أتحدث إليه، ودون أن أنتبه وضعت «رجل على رجل» أمامه، وهو كان يكره هذا الأمر، وعندما التقيت به قال لي: ماذا تريد؟، قلت: لا أريد الترشح، قال: وإذا أخبرتك أن السادات هو الذى كتب اسمك بيده، فقلت: ليس لى شعبية، قال: أنت أستاذ فى الجامعة ولك شعبية، فقلت له لى شرط واحد فقط وهو أن يصاحبنى فى الجولة على الدائرة.
وفى نفس اليوم بعد العيادة أرسل لى نبوى إسماعيل، لواء وعميدا، وأخذانى لعمل الفيش والتشبيه، واتصل بى الدكتور حلمى مراد، وزير التربية والتعليم بوزارة جمال عبدالناصر وأخبرنى بأنه لن يترشح فى الانتخابات، وقد نقلت الخبر لفكرى مكرم عبيد أمين عام الحزب الوطنى وقتها وقلت له: مبروك حلمى مراد لن يترشح، فقال لي: هو أنت فاكر أنك مترشح علشانه بس، وهكذا أكملت مسيرتى نحو مجلس الشعب وبدأت رحلتى البرلمانية.
ما تعليقك على أخطاء الأطباء؟
أخطاء الأطباء مشكلة كبيرة، ومفهومه أيضاً عند الناس مشكلة كبيرة، فالناس تتصور أن الطبيب قادر على شفاء كل مريض، ولو حدث ذلك لانفجر العالم، نحن نتعامل مع أمراض بعضها مفهوم وبعضها غير مفهوم، بعضها له علاج وبعضه ليس له علاج، بعضه علاجه عادى وبعضه يحتاج إلى ملايين فى علاجه، وأحياناً يأتى مريض ويطلب إجراء عملية جراحية، وهو يعانى من ضعف فى القلب والأوردة والشرايين، وفى الحقيقة هناك أمور خارجة عن إرادة الطبيب، وقدمت مشروعا مثل الموجود فى دبى، والذى ينص أنه فى حال وجود شكوى يحول المريض وسجله المرضى، للجنة من الأطباء لتقييم الأمر، وتحديد نوع الخطأ الطبى إن وجد، ومعرفة هل هو إهمال من الطبيب أم أمر خارج عن الإرادة.
إنما فى مصر، كل مريض يموت، تجد من يهاجم الطبيب، ومن يعتدى عليه، ومن يحاول تحطيم أجهزة غرفة العمليات أو الرعاية المركزة، وأحب أقول لهم: إن الحل الوحيد هو عدم إجراء جراحة لأى مريض حالته خطرة، مما يحرم الكثير من العمليات الجراحية، فهناك عرف طبى فى العالم أنه لو فرصة النجاة لا تزيد على 70% لا يتدخل الطبيب، والعديد من الأشخاص لا يفهمون هذا الأمر.
حملت على عاتقك جبر الخواطر ومساعدة الناس، حتى لقبت بطبيب الغلابة، ما رسالتك لكل طبيب؟
القَسم يقول: «أقسم بالله العظيم أن أراقب الله فى مهنتى، وأن أصون حياة الإنسان فى كافة أدوارها، فى كل الظروف والأحوال، باذلًا وسعى فى استنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عورتهم، وأكتم سرهم، وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلًا رعايتى الطبية للقريب والبعيد، للصالح والخاطئ، والصديق والعدو»، وهو ما يعنى أنه لا يوجد أى اعتبار أمامى إلا إنقاذ حياة المريض، هذا القسم العظيم، الذى أقسمه أمام النقابة لا يجب مخالفته، فمن يتصور أن المريض مجرد أداة يحصل منها على الفلوس، فسيلاقى حسابًا عسيرًا فى الآخرة ومصيره جهنم وبئس المصير.
مع أم ضد من يقول بتراجع مستوى وقدرات الطبيب المصري؟
الطبيب المصرى، له ميزة غير متوفرة فى العالم كله، أنه يتميز بقدر من الذكاء، وهى مهنة مفضلة يبحث عنها كل المتفوقين، وللطبيب مكانة ومعزة خاصة، والمشكلة الحقيقية هى الأعداد، وهو الأمر الذى حاربت من أجله كثيرًا، والطبيب يحتاج إلى تلقى المهارات السمعية والبصرية والعملية، وهو أمر يفتقده البعض فيبحث عنه فى الدروس الخصوصية، وأى طبيب مصرى يسافر للخارج وتتوفر له الإمكانيات يحقق نجاحات وسمعة عالمية.
هل أنت راضٍ عن مشوارك، وما حققته من آمالك وطموحاتك؟
على مدار تلك السنوات، قدمت وعملت كل ما أستطيع، ولم أكن باحثًا عن منصب ولا مكانة، وقد نجحت فى تحقيق أشياء، وفشلت فى أشياء أخرى.
ما أسعد وأتعس لحظات حياتك؟
لحظة سعادة وفرح، عندما صافحت الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فى سبتمبر 1962م، وكنت عائدًا من إنجلترا منذ 7 شهور، أحس بنوع من المرارة الشديدة، وهذا كان بسبب شخص قال لي: «أنت فاكر أن الحاجات اللى بتعملها هنا هتقدر تعملها فى مصر، أنت بتحلم»، قلت له: «لا، أنا مش بحلم، أنا قادر وإن شاء الله هحققها».
وبعد هذا الضيق الشديد وكأن عبدالناصر شعر بى، ومنحنى وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى، وهو ثالث وسام فى الدولة، والغريب فى الأمر أنى استلمت الوسام مع الكبار جدا طه حسين، توفيق الحكيم، إحسان عبدالقدوس، أحمد بهاء الدين، أم كلثوم، ومحمد عبدالوهاب، بالفعل كرمنى عبدالناصر فى العيد الأول الذى أقامه، وشعرت كأنه يُنقذنى من الهلاك، حيث إننى عندما كنت أذهب إلى أى بلد، يقال لي: هترجع تانى للبلد الغلبانة ديه، فأنا ابن القرية، وغالبية أهلى من الفقراء والبسطاء، وفى هذا البلد عيب شديد جدا وهو محاربة النجاح.
وأتعس لحظات حياتي: كان رحيل زوجتى الأولى، وكانت سيدة بيت من الدرجة الأولى، حيث كانت خريجة كلية الاقتصاد والتدبير المنزلى، وعندما كنا فى إنجلترا كانت تقوم بعمل الأكلات المصرية للمصريين المغتربين، وأسعدتنى معها وأكثر شيء كان رعاية أولادى، فكنت أغادر البيت صباحَا ولا أعود إلا فى آخر الليل، وقد ذاكروا تحت إشرافها ونجحوا وتفوقوا، وكانت تقوم بعمل كل شيء لى، حتى شراء ملابسى، وتجهيز أشيائى، وقد توفيت تحت نظرى بمرض خبيث بعد عناء دام حوالى شهرين، شعرت بالوحدة فبحثت عن الزواج بامرأة أخرى، وذهبنا لرحلة بعد عدة سنوات من الزواج، ونحن نستعد للعودة إلى مصر، أصابها حالة إغماء ونحن نحزم أمتعتنا، جاءت سيارة الإسعاف، وتم أخذها للمستشفى، وفى صباح اليوم التالى، ذهبت للمستشفى، ففوجئت بأنهم قد سفروها بالطائرة إلى مستشفى على الحدود لعلاج الجلطة التى أصابتها فى المخ.
أهديت للطب فى مصر ثلاث طبيبات هن: مهيرة، ومى، ومنال، هل السر فى الدكتور حمدى السيد؟
فى الحقيقة اتخذونى مثلا أعلى وقدوة لهم، وليس لى فضل فى دخولهم الطب، وأنى أشعر بالأسف تجاههم لأن النجاح فى المجال الطبى سيأتى على حساب بيوتهن وأولادهن وأزواجهن، لأن الطب أنانى، فالمعلومات اليومية فى الطب ليست نهائية، لذا يحتاج إلى 90% من وقته للتعلم والمعرفة، وبناتى لديهن طموح وتطلع للتفوق، فعلى سبيل المثال: ابنتى مى كانت لا تذاكر إلا فى المراجع، وفى وقت ما كانت تريد دراسة الهندسة، وقارنت بين الكليتين مدة ستة شهور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.