رأت صحيفة "جارديان" البريطانية أن التدخل العسكرى فى سوريا سيؤدى إلى عواقب كارثية بالنسبة للشعب السورى . وقالت الصحيفة فى مقال للكاتب "سامى رمضانى" إن الحلف الذى يقود المواجهة ضد الشيعة فى سوريا، والمكون من أمريكا وإسرائيل والسعودية وتنظيم القاعدة، يتجاهل رفض السوريين للتدخل العسكرى. واوضحت الصحيفة ان الجنرال " ويسلى كلارك" القائد الاعلى السابق للقوات الامريكية فى اوروبا ، قال ذات مرة ، انه بعد احداث 11سبتمبر الارهابية فى نيويورك عام 2001، وصف " دونالد رامسفيلد" وزير الدفاع الامريكى السابق ، كيف أن امريكا ستقوم بمواجهة 7 دول خلال خمس سنوات ، وكانت البداية بالعراق، وكانت كل من سوريا ولبنان ، وليبيا والصومال والسودان ضمن القائمة ، على ان يكون الإجهاز على ايران هو نهاية الخطة، وكل ذلك يسبقه بالطبع غزو أفغانستان. غزو العراق وحرب لبنان واشارت الصحيفة الى ان غزو العراق عام 2003 ، لم يسر وفقا للخطة الموضوعة ، كما ان اسرائيل خسرت حربها ضد لبنان عام 2006، وبعد ان سقط، كل من "حسنى مبارك"، و"زين العبدين بن على"، حليفى أمريكا والسعودية فى كل من مصر وتونس، كان لابد لامريكا ان تقوم بما قامت به هى وحلفاؤها من أعضاء الناتو فى ليبيا ، واليوم اصبح الهدف المقصود هو سوريا، التى وصفها العاهل الاردنى الملك عبدالله ، بأنها قلب "الهلال الشيعى" الذى يضم لبنان وسوريا والعراق وايران. تناقضات أمريكا والسعودية وتحدثت الصحيفة عن التناقضات الأمريكية السعودية وحلفائهما من الانظمة الديكتاتورية بالمنطقة وكذلك اسرائيل، فى مواقفهم من الاحداث، حيث إن ما يهم السعودية وأمريكا هو مواجهة هيمنة الشيعة فى المنطقة، وليس حقوق الانسان. وقالت إن السعودية موّلت ودعمت نظام الرئيس السورى الراحل "حافظ الاسد" رغم أنه شيعى علوى، كما كانت لها علاقات جيدة مع شيعة إيران فى عهد الشاه الايرانى، واليوم تقف فى وجه الحكومة الشيعية العراقية بقيادة "نورى المالكى" ، وتؤيد رئيس الوزراء العراقى السابق "اياد علاوى"، وتتواصل تناقضات امريكا والسعودية، حيث إن الكونجرس الامريكى يصنف جماعة "مجاهدى خلق" الايرانية على أنها منظمة ارهابية، فى حين ان الادارة الامريكية تدعمها فى مواجهة إيران. التحالف يغير استراتيجية واوضحت الصحيفة انه من الواضح حاليا ان التحالف الامريكى الاسرائيلى السعودى يعيد ترتيب اولوياته ، بعد الخسائر الكبيرة لامريكا فى العراق، وتزايد المعارضة الشعبية فى أمريكا للحروب الخارجية. وفي مقال، عام 2007 بمجلة "نيويوركر"، قال الكاتب "سيمور هيرش" إن الولاياتالمتحدة غيرت استراتيجيتها ليس في العراق فحسب، وإنما أيضا في لبنان وسوريا، ففي لبنان، تعاونت الإدارة مع حكومة المملكة العربية السعودية، السنية الوهابية، في العمليات السرية التي تهدف إلى إضعاف "حزب الله"، المنظمة الشيعية التي تدعمها ايران. وتزامن ذلك مع عمليات سرية أمريكية تهدف إلى أضعاف إيران وحليفتها سوريا. وكانت إحدى النتائج الجانبية لتلك النشاطات دعم الجماعات السنية المتطرفة التي تعتنق رؤية عسكرية للإسلام وهي معادية لأميركا ومتعاطفة مع القاعدة. " السعودية تمول القاعدة وللمراوغة والاحتيال على الكونجرس، فى ادعائها بأن سوريا وإيران أخطر من تنظيم القاعدة وأتباعه، عمدت الادارة الامريكية على ان تترك التنفيذ والتمويل للسعودية فى كل مخططاتها الخاصة بمواجهة ايران فى المنطقة . وقالت الصحيفة ان ايران تتهم اسرائيل باقامة قاعدة تدريب ارهابيين فى كردستان العراق ، لتكون تلك هى قاعدة الانطلاق للتدخل فى سوريا. القاعدة وأمريكا تحالفا فى ليبيا وأكدت الصحيفة ان تسامح الولاياتالمتحدة وحلف الناتو، كان واضحا مع عناصر القاعدة والارهابيين السابقين، خلال الحرب فى ليبيا، والآن وبعد ان أعلنت القاعدة رسميا الحرب على النظام السورى، وبحكم الامر الواقع، حدث زواج مصلحة بين القاعدة وحلف امريكا، اسرائيل ، السعودية، لمواجهة الهلال الشيعى المناهض لامريكا، وهو تحالف مشابه لذلك التحالف الذى قادته امريكا فى الحرب على الاحتلال السوفيتى لافغانستان، تحت مسمى الحرب على الكفار الشيوعيين فى ثمانينيات القرن الماضى. وأضافت أن العديد من العراقيين يعتقدون تماما أن الاحتلال الأمريكى لبلادهم قام على غض النظر عن أفعال القاعدة فى العراق، بهدف إضعاف روح المقاومة للاحتلال الامريكى، كما أن امريكا اعتمدت على إثارة الفتنة الطائفية. قطر تناهض الحركات الشعبية وخوفا من تهديد حكمهم من الانتفاضات الشعبية، التي اجتاحت اليمن المجاورة، والبحرين، مقر الاسطول الاميركي الخامس، وضع الحكام السعوديون والقطريون خطة لسحق انتفاضة الشعب البحريني، وإلى تقويض الحركات الاحتجاجية الديمقراطية في اليمن والمنطقة بأسرها. وبدعم من وكالة الاستخبارات المركزية، وتركيا، والوسائل المفضلة لديها، ودعمت السعودية وقطر فصائل المعارضة فى سوريا بالمال والسلاح. وبدلا من التدخل العسكرى المباشر، اعتمدت وزارة الدفاع الامريكية على خطة دعم المعارضة السورية وتدريبها . عسكرة الحركة الشعبية ورأت الصحيفة أن الغالبية العظمى فى سوريا ترفض عسكرة الحركة الشعبية والاحتجاجية ، وترى أن العسكرة أضعفت الحركة الجماهيرية المتزايدة من أجل التغيير الديمقراطي الجذري، وتركت الباب مفتوحا على مصراعيه للتدخل الأجنبي، مما يهدد النسيج الاجتماعي للمجتمع السوري، وساعدت القوات الاسرائيلية التي تحتل مرتفعات الجولان السورية، حيث إن الدبابات الإسرائيلية على بعد ساعة بالسيارة بعيدا عن دمشق. ويتخوف السوريون من مصير العراق المدمر، ومئات الآلاف من اللاجئين العراقيين الذين فروا من الحرائق في العراق إلى سوريا بعد الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة. الإعلام العربى يكرر أخطاء العراق وانتقدت الصحيفة الاعلام العربى وخاصة قناة الجزيرة القطرية، كونه يهلل للحرب على سوريا ويدعم فصائل المعارضة. وقالت الصحيفة إن ما يقوم به الاعلام العربى حالي، يذكر للأسف بما حدث إبان الغزو الامريكى للعراق عندما دق الإعلام طبول الحرب، وتبنى القصص الملفقة التى روجها الرئيس الأمريكى السابق "جورج بوش" ورئيس الوزراء البريطانى " تونى بلير" ، وتناسى الجميع الدعوات العراقية المناهضة للحرب. كما تبنى الإعلام الغربى خدعة أسلحة الدمار الشامل. واذا كان هناك من يريد تدخل حلف شمال الاطلسي من أجل الوضع الإنسانى، فأنهم يجب أن يعلموا ان سوريا ليست العراق، لأن سوريا ستكون أسوأ من ذلك بكثير. فهناك أكثر من 25 جماعة عرقية وطائفية فى سوريا، كما يمثل المسيحيون 10٪، والعلويون 10٪، وإذا كانت السعودية وقطر تدعيان أنهما تعملان من أجل الديمقراطية للشعب السورى، فعليهما أن يعلما ان الملايين من النساء السوريات لديهن حقوق أكثر مما هو موجود في المملكة العربية السعودية.