عندما تولى حسني مبارك حكم مصر، بعد اغتيال أنور السادات. سألت الصحفي العملاق مصطفى أمين: رأيك إيه في حسني مبارك كرئيس لمصر.. يا مصطفى بك؟! - قال لي بدون تفكير: أفتكر إنه شخص تخاف عليه، أكثر مما تخاف منه! سألته: أخاف عليه من ماذا؟ - رد مصطفى أمين: من البطانة يا سيدي! وكان مصطفى أمين على حق، فالبطانة كلمة مرادفة عند المصريين لكلمة الحاشية، وهى المجموعة التي تحيط بأي حاكم أو رئيس أو ملك، وبطانة الحاكم مجموعة شخصيات حقيرة، لكنهم تخصصوا وبمهارة عالية في حصار الحاكم يتظاهرون بأنهم أوفى وأخلص الناس له، لكنهم مع الأيام يُحكمون الحصار حول الرئيس أو الحاكم، يقنعونه بأنهم عيونه وآذانه، لكنهم ومن أجل مصالحهم الشخصية لا يقدمون إلى الحاكم غير المعلومات والتقارير التي يريدونها، ولا يهمسون في أذنه إلا بما يحب ويرضى هواه وليس بما ينبغي عليهم بحكم مناصبهم أن يقولوه له وهو الحقيقة ولا شىء غيرها! وبعد أن تحاصر البطانة الحاكم، تلغي شخصيته وتحوله الى طرطور كبير يجلس على مقعد الرئيس، وإلى خيال مآتة لا يهش ولا ينش ولا يخيف أحداً. ثم تتحول البطانة الى الحاكم الحقيقي، وتبدأ في حكم البلاد من وراء ظهر الطرطور وخيال مآتة، ويتحكمون في البلد وناس البلد، ومصير البلد. والبطانة عندهم حيل كثيرة، أشهرها وأخطرها أنهم يقومون وبمنتهي الخبث، بتصوير الحاكم أمام نفسه وأمام الناس، على أنه إله وكل قراراته قادمة مباشرة من السماء لا تناقش ولا يعترض أحد عليها، وعلى الكل السمع والطاعة للإله حاكم البلاد! وهذه السطور دعاء مني لرئيس مصر الجديد د. محمد مرسي أن يقيه الله شر البطانة، حتى لو كانت بطانة أحباء وأصدقاء، لأنهم في النهاية سيكونون بطانة، ولن يأتي منهم سوى الشر والسوء. أقول هذا.. رغم أنني شخصياً عندي بطانتان وليس بطانة واحدة! والله عندي بطانتان.. في سترة بذلتي! بقلم - محمود صلاح