الغش التجارى.. وباء يعانى منه السوق المصرى ويطول كافة السلع تقريبًا من مواد غذائية.. أجهزة كهربائية بى.. حتى مستحضرات التجميل والدواء الذى يتناوله المرضى بغرض الشفاء. غش على كل شكل ولون فى المواصفات والموازين والعبوات.. والصلاحية للاستهلاك. تجارة تحجيم اقتصاد دولة تعمل تحت بئر السلم والعبوات.. تضخ يوميًا أدوات قتل للمستهلكين.. عبر قنوات عديدة من أسواق عشوائية وتجارة أرصفة، حتى التجارة الإلكترونية اصبحت فرصة لترويج سلع مجهولة المصدر.. أساليب مبتكرة للغش.. يقابلها جهود مكثفة للجهات الرقابية تضبط يوميًا أطناناً من السلع «المضروبة». قضايا الغش تتعلق مباشرة بصحة وأمن المواطن وتؤدى فى كثير منها إلى «الموت». من جهته وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية المواطن ومراقبة وضبط الأسواق والتحقق من صلاحية كافة السلع وجودتها ومكافحة كافة جرائم الغش التجارى. المستشار بهاء أبوشقة: الغش التجارى قاتل.. والعقوبات فى القانون المقترح تصل للإعدام حرصاً من حزب الوفد، برئاسة المستشار بهاء الدين أبو شقة، رئيس اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، على إصدار قوانين تنتصر لحقوق المصريين، وتكفل حياة أفضل للجميع، تصب فى مصلحة الوطن والمواطن، جاء مشروع قانون «قمع الغش التجارى»، المطروح للنقاش فى البرلمان، والذى أعتبره المحللون القانونيون والاقتصاديون « الأفضل «، وأكدوا أنه « خطوة البداية «، أشاد الجميع بأهمية القانون المقترح لما يضع من ضوابط وإجراءات قانونية واضحة وصارمة، لمواجهة الإحتكار، ضبط الأسواق، حماية المستهلكين، معاقبة تجار الفساد والموت، كما سيسهم فى تقوية الإقتصاد المصرى، لكنه يتطلب ضوابط محددة. ووجود قانون جديد لمواجهة الغش التجارى صار ضرورة خاصة وأن إلى ما يقرب من 80 عاماً، تعود بدايات قانون « قمع الغش التجارى «، حيث ظهرت أول مسودة للقانون فى عام 1941، وقد أجرت أول تعديلات على القانون لتحوى « 15 مادة «، وبالتحديد فى عام 1994، ثم عاد طرحه مؤخراً، لإجراء التعديلات عليه فى البرلمان، والتوافق الإجتماعى حول مواد القانون. وبرصد أهم المواد المقترحة على مشروع القانون، وجوب الإلتزام بتوضيح طبيعة السلعة وتركيبها وصفاتها الجوهرية ووزنها أو حجمها وعدد البضاعة وتاريخ إنتهاء صلاحيتها أو شروط استعمالها أو محاذير هذا الاستعمال، ويعاقب بالسجن المشدد كل من غش أو صنع أو عرض للبيع أو باع شيئا من الأغذية أو العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو الحاصلات أو منتجات مغشوشة كانت أو فاسدة أو أنتهى صلاحيتها، أو شرع فى إرتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أو قياسها أو كيلها أو فحصها غير صحيحة، أو كانت المواد التى تستعمل فى الغش ضارة بصحة الإنسان أو الحيوان، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق «، وإذا نشأ عن جريمة إصابة شخص بعاهة مستديمة أو الوفاة تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو الإعدام، مع مصادرة المواد أو العقاقير التى تكون جسم الجريمة. أكد المستشار بهاء أبو شقة، رئيس حزب الوفد، ورئيس اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إن الحزب تقدم بمشروع قانون خاص بالغش التجارى للبرلمان، وإستحدثنا العديد من المواد القانونية التى تؤسس لدولة مدنية عصرية حديثة السيادة فيها للقانون. وأضاف - المستشار « أبو شقة « - تصدينا فى أدوار الانعقاد السابقة خلال جلسات البرلمان للكثير من القوانين التى ترجع إلى عقود ماضية، على رأسها قانون « الغش التجارى»، وقمنا بتنقية للنصوص العقابية لتحقيق الغرض منها، وهى تحقيق الزجر والردع ومنع المنتجات المقلدة أو المنتهية الصلاحية وحماية المستهلكين من الإستغلال وإنضباط الأسعار، بما يصب فى مصلحة الوطن والمواطن. وأوضح المستشار «أبو شقة» - أن القانون المقترح فرض عقوبات متدرجة على الغش التجارى وأخف عقوبة هى الحبس المشدد، إلى أن تصل إلى الإعدام، مرورا بالتغريم المالى، حتى تتناسب مع حجم الجرم. وأشار إلى أن قانون صارم للغش التجارى كان مطلب شعبى منذ 25 يناير، فلا نتصور أن نكون أمام قوانين من الأربعينيات، والعقوبات الواردة فيها لم تكن رادعة للمتلاعبين فى الأسواق أو صالحة للمتغيرات الحالية، فالمشرع حين وضع هذا القانون كان أمامه الغش عبارة عن سيدة تخلط الماء باللبن، أما الآن فهناك وسائل عديدة للغش بعضها يسبب الوفاة. مباحث التموين تضبط 2482 قضية خلال 90 يوماً لم تتوقف الحملات الرقابية لمباحث التموين، عن ملاحقة جرائم الغش التجارى، وبحصر عدد القضايا التى تم ضبطها خلاله تكتشف حجم الكارثة أواخر ال3 أشهر من عام 2019، أسفرت جهود شرطة مباحث التموين عن ضبط « 15» قضية أسطوانات بوتاجاز، و3 قضايا مواد بترولية، و25 قضية دقيق مدعم وأقماح، و175 قضية فى مجال مخالفات المخابز، و13 قضية فى مجال الاتجار غير المشروع بالسلع التموينية، و7 قضايا فى مجال الاستيلاء على الدعم، ومقررات الصرف التموينية، كما تم ضبط 58 قضية غش غذائى و31 قضية غش تجارى، بالإضافة إلى ضبط 587 قضية فى مجال (المحلات العامة، الشهادات الصحية، وعدم الإعلان عن الأسعار، وبيع بأزيد من السعر، باعة جائلين)، وضبط 28 قضية فى مجال الأسماك، واللحوم ومصنعاتها، وكذلك ضبط 23 قضية فى مجال بيع السجائر بأزيد من السعر المقرر و9 قضايا فى مجال الثروة الحيوانية والداجنة وضبط قضية واحدة فى مجال السلع والمنتجات مجهولة المصدر، وأيضًا ضبط 109 قضايا تموينية بالفيوم، وكذلك تم تحرير 73 قضية فى الجيزة. كما تم ضبط 326 قضية تموينية متنوعة، منها ضبط مالك مصنع أغذية غير مرخص ببولاق الدكرور، مستخدماً خامات مجهولة المصدر، وبعضها فاسد، وضبط 5 أطنان مستلزمات إنتاج «خل الطعام» معبأة داخل تنك بدون أية بيانات تفيد تواريخ الإنتاج أو الصلاحية، وأيضًا ضبط 22 ألفاً و300 طن مستلزمات إنتاج (سمسم– عسل جلوكوز – بودرة تلك)، ماكينة تصنيع، وألف عبوة حلوى العسلية لاحتوائها على مواد مجهولة المصدر محظور استخدامها فى الصناعات الغذائية، كذلك غلق مطعم لحوم غير مرخص بالطالبية الجيزة، والقبض على مالكه لحيازته 248 كيلوجراماً من اللحوم الفاسدة، تمهيداً لتجهيزها وطرحها للبيع والتداول وتحقيق أرباح غير مشروعة، وضبط 15 ألفاً و750 طن بامية فاسدة بالإسكندرية، وكذلك ضبط 376 قضية تموينية و843 كيلو لحوم ودواجن غير صالحة بأسيوط، و89 قضية بالمنيا، و55 قضية بأسواق ومخابز سوهاج. وأيضًا ضبط 112 قضية تموينية متنوعة ما بين ضبط 1.151 طن (مقطعات لحوم – مفروم لحوم – كبدة) غير صالحة للاستهلاك الآدمى. الخبراء: مشروع قانون قمع الغش التجارى يجب إقراره فى أسرع وقت يمثل الغش التجارى تهديدًا للاقتصاد القومى، وخطراً كبيراً على صحة وسلامة المواطن.. فمصانع بئر السلم، تصنع منتجاتها غير المطابقة للمواصفات وتبيعها عن طريق مصانع غير مرخصة، وهو ما يعرف ب« الاقتصاد السرى»، ولا نستثنى قطاعاً من وجود حالات الغش التجارى، ما يؤثر بالسلب على الصناعة الرسمية. الإحصائيات تؤكد أن الاقتصاد السرى يضم 18 مليون منشأة، منها 40 ألف مصنع غير مرخص يتراوح حجم أعمالها ما بين 1.2 تريليون و1.5 تريليون جنيه، أى نحو من 65٪ إلى 70٪ من حجم الاقتصاد الرسمى، كما يقدر عدد العاملين فى هذا القطاع بنحو 2.8 مليون عامل أى بنسبة 40٪ من إجمالى العاملين فى مصر، بينما تخسر الدولة نحو 330 مليار جنيه سنوياً، وهو ما يعنى أن الاقتصاد الوطنى يخسر نحو مليار جنيه كل طلعة شمس بسبب الاقتصاد السرى. الدكتور محمود السقا، أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة القاهرة، نائب رئيس حزب الوفد أن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية تعطى أولوية لمناقشة مشروع قانون «قمع الغش التجارى»، ويتضمن ضرورة تشديد العقوبة فى قضاياه المتنوعة، لمنع انتشار المنتجات مجهولة المصدر، وتصل العقوبة إلى الحبس المؤبد أو الإعدام وفقًا لدرجة خطورة الجريمة. وأكد - السقا - أن التلاعب بالسلع ومخالفة المواصفات والجودة «جريمة» فى حق المجتمع، لأنها تتسبب فى أضرار وكوارث للمستهلك، ما يستوجب ضبط ومعاقبة جميع المخالفين والفاسدين دون استثناء. وأضاف -السقا- أن الجهات الرقابية تعتمد على أسلوب سحب العينة، والمعامل تختلف فى درجة الإعداد من حيث القوى البشرية والأجهزة وطرق البحث، وبالتالى وجود نظام موحد ومطبق لأنظمة الرقابة العالمية، صار أمراً ضرورياً، لضمان سلامة المنتج وصلاحيته ومأمونيته للاستهلاك الآدمى «ضرورة قصوى»، بما يحقق الأمن الغذائى، ويقضى على تضارب وتنازع الاختصاصات بين الجهات المختلفة. ومن جهته أكد النائب محمد عطا سليم، عضو اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، تلك المواد القانونية الجديدة رادعة للجناة حال تطبيقها، مؤكدًا على أهمية تغليظ العقوبات على جريمة غش المنتجات، وذلك فى جميع مراحلها، سواء كانت بالحيازة أو التجارة أو التصنيع، بما يضمن سلامة وجودة المنتجات، التى تمس صحة المواطن، وتأمين احتياجاتهم اليومية. وأشار إلى أن المنتجات المغشوشة ومنتهية الصلاحية، يترتب عليها الوفاة، وبالتالى تأخذ نفس عقوبة جريمة القتل العمد، وتصل عقوبتها إلى الإعدام. مضيفًا أن القانون المقترح تأخر كثيراً ولا بد من الإسراع فى تطبيقه، من أجل ضبط المنظومة وتتبع التجار المخالفين، من خلال إلزامهم بعدد من الضوابط، والتى تشتمل على ضرورة إعلام المستهلك ببيانات خاصة بالمنتجات والسلع وسعرها وجودتها وتاريخ صلاحيتها وطريقة استخدامها، إلى جانب إلزام التاجر بإعطاء فاتورة للمستهلك شاملة سعر السلعة، ما سيؤدى إلى ضبط الأسواق ويسهم فى القضاء على الاحتكار، وفى حالة تكرار المخالفة سيتم مصادرة المنتجات وتؤول إلى ميزانية الدولة فى حال صلاحيتها للاستخدام الآدمى فإن لم تكن صالحة يتم إعدامها فوراً. الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادى، يؤكد أن دعم ومساندة الصناعات الإنتاجية متناهية الصغر والصغيرة أمر فى غاية الأهمية، بما يسهم فى دفع عجلة الإنتاج والحد من البطالة، وتحقيق التنمية الاقتصادية، والتصدى لمخاطر وتحديات المستقبل. وأشار إلى أن قانون الغش التجارى رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 30 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تلاعب بالماركات التجارية أو الاشتراطات الصحية أو خدع وأخفى حقيقة السلع أو طبيعتها أو ما تحتويه من عناصر فى تركيبها»، كما أن قانون حماية المستهلك الذى يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 3 أعوام وغرامة لا تقل عن 25 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه فى حالة الإضرار بصحة المواطن. وقال الخبير الاقتصادى: للأسف القانونان الأخيران غير مفعلين. وشدد الخبير الاقتصادى على ضرورة العمل على ضم الاقتصاد السرى لآليات الدولة، عن طريق الإعلان عن تسهيلات لهذا القطاع، وبما يساهم فى تطوير الأنشطة التجارية والصناعية، وإحداث طفرة اقتصادية كبيرة للوطن، كذلك فرض عقوبات متدرجة على أصحاب المصانع المخالفة تصل للإعدام، نظرًا لارتباطها بصحة وسلامة المواطنين، مع تكثيف دور الرقابة الصحية والصناعية على الأسواق بمعرفة السلع والخامات الداخلية والخارجية، لما يوفر حماية أكبر للمستهلك بالدرجة الأولى، بالتأكد من مدى التزام هذه المصانع التشغيلية بمطابقة السلع والخدمات مع المعايير والمقاييس المعمول بها. أسعد هيكل، المحامى بالنقض، مسئول اللجنة القانونية بتحالف العدالة الاجتماعية، يرى أن دور الحكومة هو فرض الرقابة على أى منتج يباع فى الأسواق، وبالتالى يجب أن تمنع تداول استيراد سعة غير مطابقة للمواصفات، أو سلع من شأنها أن تضر بالمستهلك أو البيئة، كما أن دورها أيضًا يتمثل فى منع عمليات تهريب الخامات والمنتجات والتى تؤثر سلباً على صحة المواطن، كما أنها تؤثر أيضًا لى إنتاج المصانع، التى تنتج سلعًا جيدة، نظرًا لأن السلع رديئة الصنع تباع بأسعار رخيصة، بالإضافة إلى أن هذا الأمر يعطى انطباعًا سيئًا عن الحكومة التى لا تقوم بدورها كما يجب، ومن ناحية أخرى يؤثر على مناخ الاستثمار فى مصر.