رجحت مجلة "فورين بوليسي" أن يستمر نظام الحكم في المملكة السعودية لعدة عقود، مشيرة إلى أن المملكة ليست "ناضجة" الآن للثورة وأنها مازالت بعيدة عن المرحلة التي يمكن خلالها اندلاع ثورة سعودية على غرار الثورة المصرية والتونسية. وقالت المجلة في تقرير لها: إن الأشهر القليلة الماضية شهدت اضطرابات لم يسبق لها مثيل في الشرق الأوسط مما اضطر قادة تونس ومصر التنحي بسبب الانتفاضات الشعبية فيما تتوجه ليبيا إلى حرب أهلية وتنتشر الاضطرابات في البحرين واليمن والعراق وإيران والأردن والجزائر و سلطنة عمان، وغيرها من البلدان في المنطقة. وأوضحت الصحيفة أن المركز الجغرافي وسط هذه الفوضى هو المملكة العربية السعودية، مشيرة إلى أنها في منأى عن الاضطرابات. ولفتت المجلة إلى بعض المحللين الذين يقولون إن المملكة استطاعت مؤقتا إرضاء السخط الشعبي الكامن إلا أنه في نهاية المطاف سيقع الدومينو ويتغير النظام، واعتبرت أن هؤلاء المحللون، مخطئون على الأرجح لأنهم يسيئون فهم أساس القوة الفريدة لنظام الحكم في السعودية والنظام الحالي للحكم. ووصفت المجلة المملكة بالاستثناء داخل الشرق الأوسط الذي يموج بالمظاهرات والاحتجاجات، مشيرة إلى أن المملكة السعودية تمتلك خصائص مميزة تؤكد أنها ليست ناضجة للثورة وليست قريبة حتى الآن. وقالت إنه خلافا للعديد من الحكومات الإقليمية التي تواجه حاليا الاضطرابات، المملكة لديها سجل قوي من المسئولية المالية. وتستغل عائدات صادرات الطاقة وأكثر من 500 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية (ثالث أكبر اقتصاد في العالم) التي تراكمت خلال حكم الملك عبدالله لتمويل المشاريع التنموية التي تعود بالنفع على سكان المملكة المتزايد. وتابعت: "الحكومة السعودية أنفقت عشرات المليارات من الدولارات في السنوات القليلة الماضية وحدها لبناء الجامعات والمدارس والمستشفيات والسكك الحديدية، والملك عبدالله أعلن مؤخرا عن حزمة تحسين المالية، تشمل 29.5 مليار دولار في النفقات الإضافية التي ستعود بالنفع على الفقراء، ومساعدة العاطلين عن العمل، وتوفير مساعدات في مجال السكن، ودعم الصندوق العقاري وبنك التسليف". وأكدت المجلة في الوقت نفسه أن المملكة ليست بمنأى عن المشاكل الاقتصادية، مشيرة إلى أن المملكة مازالت تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد في مكافحة الفقر والبطالة بين الشباب، فضلا عن الاستثمار في البنية التحتية والخدمات العامة. وتابعت الصحيفة أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في السعودية حوالي 18500 دولار إلا أن عددا من المواطنين مازالوا يعيشون تحت خط الفقر المدقع. وأن هناك اعترافا واسع النطاق بأن مستوى المعيشة لا يتناسب مع بلد غنية بالموارد مثل السعودية. وقالت إنه رغم وجود بعض أوجه التشابه الثقافي بين المملكة العربية السعودية وبعض الدول التي تعاني حاليا اضطرابا إلا أن الاختلاف أكثر أهمية. أولا لأن المملكة لها دور فريد في الإسلام والعالم العربي، فهي ليست فقط مسقط رأس النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ولكنها أيضا أكبر مزود للتبرعات الخيرية في جميع أنحاء العالم. إضافة إلى أن مسئولية المملكة عن الحرمين الشريفين يعطيها شرعية هائلة، سواء في الداخل أوالخارج. ولفتت المجلة إلى دعوات الغصلاح والتظاهرات التي شهدتها الممكلة والدعوات التي انطلقت الجمعة الماضية 4 مارس في مسجد الرياض، والاحتجاجات التي نظمت على موقع " فيس بوك" واحتجاجات الشيعة في القطيف والاحساء. واختتمت المجلة بقولها إن نظام الحكم في السعودية من المحتمل جدا أن يستمر لعدة عقود بوصفها حصنا للاستقرار والأمن في المنطقة خاصة مع كونها تمتلك أكبر احتياطيات نفطية في العالم.