اقترح مجلس الشعب الحالي وأجاز العديد من مشاريع القوانين، تقدم نواب من حزب الأغلبية أو من الأحزاب الأخرى بالمشاريع إلى اللجان المعنية، واتضح خلال مناقشتها أن الحكومة لا تعرف عنها شيئا، وأن الوزير المختص فوجئ بموعد مناقشتها فى اللجنة. بعض هذه القوانين تمت إجازتها رغم رفض الحكومة لها، والبرلمان أجبر الحكومة على العمل بعضها وربما بأغلبها، من هذه القوانين قانون الثانوية العامة الذي عارضته الحكومة بشدة، وطالب وزير التعليم إرجاء تنفيذه للعام بعد القادم، وقانون العزل السياسي الذي تترقب البلاد الحكم بعدم دستوريته يوم الخميس القادم، حيث تقدم به بعض النواب وأجازته اللجنة والمجلس فى يومين، وتم فرضه على الحكومة لتنفيذه، وأيضا قانون تخفيف عقوبة خرق الصمت الانتخابى، وقانون العفو الذى تم فيه إسقاط الجرائم وليس العقوبات عن المسجونين السياسيين، وغيرها من القوانين التي لا تسعفني الذاكرة بها، إضافة إلى مشاريع القوانين التي تقدموا بها وتم سحبها بعد أن أثارت صخبا فى الشارع السياسي، مثل قانون خفض سن زواج الفتيات، وقانون ختان الإناث. البرلمان بتركيبته الحالية أجبر الحكومة على العمل بالقوانين التي أجازها، واضطرت بالفعل الحكومة إلى الأخذ بهذه القوانين رغم أن بعضها يخدم على أجندة الأغلبية البرلمانية، كما أنها تساعد على تمكينه من السيطرة على مفاصل البلاد، وبعيدا عن تسييد خطاب الأغلبية البرلمانية أو تمكينها بالقوانين هناك سؤال يلح ويطرح نفسه هو: هى القوانين مسئولية من؟، مسئولية الذى يدير أم الذى يراقب؟، وقبل أن نحدد المسئول علينا أن نميز بين الاقتراح وبين التشريع، بين من يمتلك حق اقتراح القوانين وبين المسئول عن تشريع هذه الاقتراحات، وهنا من حقنا أن نساءل: هل لمجلس الشعب حق تشريع القوانين التي تعن له؟، هل للمجلس أن يشرع ما يتراءى لأغلبيته (الإسلامية أو الليبرالية أو الاشتراكية أو الناصرية)؟، هل مواد الدستور جعلت من البرلمان ماكينة لإصدار القوانين دون الرجوع إلى الحكومة؟، هل سلطته التشريع أم تحديد ما تحتاجه البلاد من قوانين؟، هل وظيفة المجلس اقتراح القوانين وتشريعها؟، هل للمجلس دستوريا أن يفرض قوانين بعينها على الحكومة تحت دعوى أنه يمتلك حق الرقابة عليها أو انه يمتلك سلطة التشريع؟، هل له أن يشرع ما لا تحتاجه الحكومة ولا يحتاجه المواطنون؟، من المسئول عن تحديد القوانين التي تحتاجها البلاد؟، هل اقتراح مشاريع القوانين من سلطة الذي يراقب أم وظيفة الذي يعمل ويدير على الأرض؟، هل اقتراحها يعود للسلطة التنفيذية أم السلطة التشريعية؟. المادة (86) من الدستور المعطل، والمادة (33) من الإعلان الدستوري أعطتا للبرلمان حق التشريع:» يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع»، والبند رقم (4) من المادة (57) من الإعلان الدستوري أعطت للحكومة حق الاقتراح: «إعداد مشروعات القوانين واللوائح والقرارات»، وجميع مواد الإعلان الدستوري خلت تماما مما يشير إلى إمكانية اقتراح أعضاء البرلمان لمشاريع قوانين، علما بأن المادة (109) من الدستور المعطل كانت قد أعطت لرئيس الجمهورية ولأعضاء مجلس الشعب حق اقتراح القوانين:» لرئيس الجمهورية ولكل عضو من أعضاء مجلس الشعب حق اقتراح القوانين»، وقد نظمت المادة (110) من الدستور المعطل كيفية نظر الاقتراحات بالمجلس:» يحال كل مشروع قانون إلى إحدى لجان المجلس لفحصه وتقديم تقرير عنه، على أنه بالنسبة إلى مشروعات القوانين المقدمة من أعضاء مجلس الشعب فإنها لا تحال إلى تلك اللجنة إلا بعد فحصها أمام لجنة خاصة لإبداء الرأي فى جواز نظر المجلس فيها ، وبعد أن يقرر المجلس ذلك»، واشترطت المادة(111) من الدستور المعطل عدم تكرار الأعضاء تقديم مشروع سبق رفضه:» كل مشروع قانون اقترحه أحد الأعضاء ورفضه المجلس لا يجوز تقديمه ثانية فى نفس دور الانعقاد». على أية حال الإعلان الدستوري الذى دفعت جماعة الإخوان المسلمين العامة والبسطاء إلى التصويت لصالحه، والذي فاز في ظله حزبها السياسي بأغلبية فى البرلمان، هذا الإعلان حدد وظيفة مجلس الشعب في القوانين بالتشريع فقط، ونزع عنه حق اقتراح مشروعات القوانين، كما أن هذا الإعلان الدستوري قصر عملية إعداد القوانين واقتراحها على الحكومة فقط، فلماذا يقترح الأعضاء مشاريع قوانين؟، ولماذا يجيزها البرلمان ويجبر الحكومة على العمل بها؟، هناك سؤال آخر: هل القوانين التي اقترحها المجلس وتمت إجازتها تعد دستورية؟، ألا تعد القوانين التى أجبرت الحكومة على العمل مخالفة للإعلان الدستورى؟.