يخوض الفنان أحمد شاكر عبداللطيف تحديًا كبيرًا مع ذاته، بعد توليه إدارة المسرح القومى بتكليف من دكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، فهو ليس مسرحًا عاديًا يستضيف العروض الفنية، وإنما منارة ثقافية، وشاهد عيان على حقبة السيادة المصرية على مجالات الفنون، وكافة الأحداث التى عصفت بالعاصمة على مر العصور. وأكد عبداللطيف، أنه سيسعى جاهدًا من فك الحصار عن «المسرح القومى»، ليذهب به إلى المواطنين فى المقاهى والشوارع والمنازل. تعهد «عبداللطيف» بتقديم مسرح يجسد ثقافة التطهير والتغيير، يحاكى ولا يعكس الحياة الاجتماعية، يصور أعماق المواطنين ويتبنى قضاياهم. يؤمن شاكر بروح الجماعة فى العمل، حيثُ يسعى جاهدًا لتحقيق المعادلة الصعبة للنجاح، فى أن يكون صاحب الشخصية الحاسمة المتخذة للقرارات، والشخصية الودودة القريبة من الفنانين والموظفين. يضع عبداللطيف الشباب على رأس أولوياته، باعتبارهم الطاقة الفاعلة، لإحداث نهضة مسرحية بعد الركود الذى شهده المسرح فى الآونة الأخيرة. حاورت «الوفد» الفنان أحمد شاكر عبداللطيف، مدير المسرح القومى، بعد ساعات قليلة، للاطلاع على رؤيته للمسرح، وخططه لمجابهة الأزمات التى واجهت المسرح فى الفترة الأخيرة، والتحديات التى ينتظرها، والمشروعات التى من الممكن تطويرها، والعروض التى يقدمها.. وإلى نص الحوار: بداية.. نُصبتِ مديرًا للمسرح القومى.. فما أول الملفات التى ستبدأ العمل عليها؟ - العروض الفنية دائمًا ما تفرض نفسها على المشهد، والمسرح القومى يستعد حاليًا لإنتاج عرض «كل ده كان ليه» تأليف محمد بغدادى وإخراج عاصم نجاتى، ليتم افتتاحه فى منتصف مارس المقبل، والعرض تدور أحداثه فى إطار كوميدى مصبوغ بنكهة سياسية. وما أولى الخطوات التى ستقوم بها بالتعاون مع وزارة الثقافة؟ - فى أول اجتماع يجمعنى بالدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، سيتم مناقشة جميع الملفات المفتوحة واستكمالها وتطويرها، والإمكانيات المادية ورفع الميزانية المخصصة للمسرح القومى، والدعاية، والتحدث عن حال المسرح للخروج بروشتة علاجية بإمكانها أن تعيد للمسرح توهجه. هل تشعر بأن المسئولية كبيرة؟ - المسئولية كبيرة بالفعل، المسرح القومى ليس مسرحًا عاديًا وإنما منارة ثقافية وإبداعية، وقف على خشبته كبار المبدعين المسرحيين، ولكن أعتبر نفسى ابن وزارة الثقافة، والعمل الثقافى يحتاج إلى فريق عمل متناغم، وعندى ثقة كبيرة فى دكتورة إيناس عبدالدايم التى تؤمن برسالة وأهمية المسرح كقوة ناعمة يدخل فى محاربة الأفكار المتطرفة، أن نعيد هيبة المسرح القومى من جديد، ويُعاد إليه رجالاته وعروضه. ما المبدأ الذى ستعتمد عليه فى متابعة سير العمل داخل المسرح؟ - سوف أعتمد مبدأ الشفافية فى طرح المقترحات على وزارة الثقافة، وفى اختيار العروض الفنية. ما أبرز التحديات التى تواجه المسرح القومى؟ - الإمكانيات المادية تبقى العائق الوحيد أمام المسرح القومى، ودكتورة إيناس مشكورة على مجهوداتها تجاه مسارح الدولة فى إطار ميزانية محدودة للغاية. وكيف سيتم التغلب عليها؟ - من خلال الرعاة، سنسعى فى الفترة المقبلة للتعاقد مع أكثر من جهة وشركة لتطوير المسرح القومى. المسرح لا يأخذ حقه فى الدعاية الإعلانية مقارنة بالسينما والدراما.. كيف سيتم التغلب على هذه المشكلة؟ - الميزانية المخصصة للمسرح لا تسمح بعمل دعاية إعلانية كافية للعروض الفنية، وسيتم تناول هذه المشكلة مع دكتورة إيناس عبدالدايم، والبحث عن رعاة يتولون زمام الأمور ويساندون ويدعمون المسرح حتى يصل للجمهور فى الشارع والمنزل، كما كان يحدث فى عصر النهضة المسرحية التى أحدثها جيل الستينيات. هل أعطى الإعلام المسرح حقه فى الترويج؟ - الإعلام يشكل حلقة مهمة فى المسرح لا يمكن الاستغناء عنها، وساهم بشكل كبير فى حدوث النهضة المسرحية، حيثُ اعتمد عليه «أبوالفنون» كثيرًا فى نقل المعلومة فضلاً عن إخبار الناس بمواعيد العروض المسرحية، فهو يمثل أرشيف المسرح أو الخزانة الحافظة لتاريخه، هذا الدور تراجع قليلاً حيث غفل عن برامج مخصصة للمسرح، أعتقد أن المسرح والإعلام فى حاجة لخطة مستقبلية لعودة التعاون بينهما مرة أخرى. ما المسرح الذى تسعى لترسيخ مفاهيمه؟ - أحلم بمسرح يخدم القضايا الإنسانية ويقدمها فى أصدق صورها، يُحاكى ولا يعكس، يقدم حلولاً ناجعة، من خلال تقديم عروض فنية تساهم فى تشكيل وعى الإنسان، وخلق جيل من الشباب أصحاء نفسيًا وأخلاقيًا، فإذا أردت مجتمعاً خالِياً من الجريمة والإرهاب عليك بتثقيفه، لأن الأفكار المتطرفة تنشأ فى مناخ الفوضى. مركز الإبداع الفنى يفرز العديد من المواهب الشابة.. ماذا عن المسرح القومى؟ - أؤمن بالشباب، والمسرح القومى سيفتح ذراعيه للمواهب الشابة الجديدة لأنهم أمل الغد، ولهم الحق فى معالجة قضاياهم من منطلق رؤيتهم ومنظورهم، بداية من النص وصولاً إلى الإخراج، فالنهضة المسرحية التى أحدثها جيل الستينيات كانوا شباباً وقتذاك. نجحت فى تقديم بعض الشخصيات فى أعمال السير الذاتية، مثل فريد الأطرش، ومصطفى مشرفة.. ألم تقلق من هذه النوعية من الأعمال خاصة أنها تضعك فى مقارنة مع صاحب الشخصية الحقيقية؟ - أنا فنان أعشق التحدى، وتحديت نفسى فى تجسيد هذه الشخصيات، ونجاح فريد الأطرش حمسنى لتقديم العالم الكبير مصطفى مشرفة. وما الشخصية التى تحلم بتجسيدها؟ - أنا معجب بشخصية محمد على، وإدارته فى حكم مصر، حيثُ استطاع أن ينتشلها من براثن الهبوط فى وقت كانت فيه على حافة الانهيار. هل المنصب الجديد من الممكن أن يقطعك عن فنك؟ - العمل الجيد هو الذى يفرض نفسه على الفنان، فإذا وجدت عملاً مناسبًا لن أتردد لحظة فى تقديمه، وسوف أجد وقتًا للتفرغ له إذا شعرت بأنه يستحق ذلك.