في مثل هذا اليوم قبل 45 عاماً كان هناك في مصر اعلام مضلل، صور لنا أننا انتصرنا على إسرائيل في حرب يونيو عام 1967، وصحونا على الحقيقة المرة، وتأكدنا أن ما روَّج له إعلامُنا وأقنعنا به لم يكن نصراً بل كان هزيمةً منكرة تهربنا منها وأسميناها «نكسة».. واليوم في مصر إعلام فاسد أكثر تضليلاً، يصور الهزائم على أنها انتصارات، ويغلف الأكاذيب لتبدو وكأنها الحقيقة.. لكن هل من الممكن بدون تزييف تحويل الهزيمة إلي نصر والحزن الى فرحة؟! السادات عملها!! .. محا عن المصريين والعرب عاراً لحق بهم، بعد هزيمة الخامس من يونيو عام 1967.. حقق بجنوده نصراً لم يكن يتوقعه أحد غيره.. واتخذ قراراً بمفاجأة العدو الإسرائيلي بضربة قاصمة، وعبر للضفة الشرقية لقناة السويس. ونفذ جنودنا ما تم رسمه وتخطيطه، فكان النصر في السادس من أكتوبر عام 1973.. ولو إننا خسرنا هذه الحرب لأعدمناه مهزوماً في ميدان عام، رمياً بالخيانة والعمالة ورمياً بالحجارة ورمياً بالرصاص.. لكن إيمانه بالله جنبه شر ما كان يمكن أن ينتظره من عقاب. واليوم يكون قد مر 37 عاماً علي نصر آخر للسادات، عندما حول ذكر هزيمة الخامس من يونيو إلي ذكري نصر وافتخار. فقد افتتح في ذات اليوم من عام 1975 قناة السويس، بعد أن أغلقتها الحروب 8 سنوات كاملة.. ولعل ذلك كان في مخيلة وذهن السادات وهو يضع مع قادة الجيش خطة الحرب.. وربما هذا ما دفعه إلي القول بعد الحرب بعشرة أيام فقط، وفي خطابه التاريخي أمام مجلس الشعب في 16 أكتوبر عام 1973: «إننا علي استعداد هذه الساعة، بل هذه الدقيقة أن نبدأ في تطهير قناة السويس، وفتحها أمام الملاحة البحرية العالمية.. ولقد أصدرت قراراً لرئيس هيئة قناة السويس بالبدء في هذه العملية..» وقد بدأت بالفعل مقدمات الاستعداد لهذه المهمة.. كانت نيران الحرب مازالت تغطي سيناء.. وكان فكر السادات في السلام ، فقد كان هدفه.. ولذلك كان قراره بتطهير القناة، وإعادة افتتاحها أمام أساطيل العالم كرمز للسلام الذي حارب من أجله. وأكاد أري الرجل العظيم أنور السادات كما كان في ذلك اليوم وهو في لباس البحرية وزيها الأبيض، يجوب القناة عند مدخلها الشمالي فوق اليخت المحروسة، يمخر عباب البحر عند بورسعيد. وكأنه عريس في يوم عرسه. تغمره الفرحة والبهجة الممزوجة بالأغاني والأناشيد والزغاريد.. رحم الله أنور السادات الذي ظلمناه حيا وظلمناه ميتا.. وحان الوقت أن نرد له بعض الجميل ولو بكلمة.. واليوم ومادامت مصر لم تنجب بعد السادات رجلاً مثله، هل يجتمع المصريون على هدف واحد بمواجهة محاولات إسقاطها وهزيمتها؟.. هل نقبل بنتيجة أول انتخابات حرة ونزيهة لاختيار رئيسنا؟.. هل نحن قادرون على تحويل المأتم الذى يعده ويرتب له المتربصون إلى عرس وفرح بعهد جديد ورئيس جديد فى شهر يونية؟