أثارت تصريحات بعض قيادات الإخوان المسلمين عن حمل السلاح واستخدام القوة فى حالة عدم فوز مرشحهم للرئاسة، قلق جميع المصريين بلا استثناء، وشعر المواطنون بخوف شديد من دخول البلاد فى نزاع مسلح وحروب أهلية، وهذه المخاوف تدفعنا بالطبع للتساؤل: هل من الممكن أن تحمل جماعة الإخوان المسلمين السلاح وتسفك دماء المواطنين بعد فشل مرشحها للرئاسة؟، لنترك هذا السؤال ولنطرح آخر أكثر تحديدا بخطابهم الأيديولوجي ويدخلنا فى القضية مباشرة: هل فكر الجماعة يبيح استخدام القوة فى الوصول إلى المناصب القيادية؟، هل أيديولوجيتهم تتضمن استخدام العنف فى فرض أفكارهم؟. تاريخ الجماعة يرجح الإجابة بنعم، وأدبياتها تؤكد إباحة فكرهم لاستخدام العنف، فمن البداية يقسم ويبايع العضو على العنف: «أبايعك بعهد الله وميثاقه على أن أكون جنديًا مخلصًا في جماعة الإخوان المسلمين، وعلى أن أسمع وأطيع فى العسر واليسر والمنشط والمكره إلا فى معصية الله، وعلى أثرة علىّ، وعلى ألا أنازع الأمر أهله، وعلى أن أبذل جهدي ومالي ودمى فى سبيل الله ما استطعت إلى ذلك سبيلا والله على ما أقول وكيل»، «فمَن نكث فإنما ينكُث على نفسه ومَن أوفى بما عاهد عليه اللهَ فسيؤتيه أجرًا عظيما» .. ففى نص البيعة(حسب مذكرات الامام حسن البنا) يقسم العضو الجديد على ان يكون جنديا وأن يبذل ماله ودمه، وهذا الجندى الذى قايض على الطاعة بروحه ودمه وامواله، حسب النص هو مجرد أداة للمرشد العام يأمره فينفذ، وهذه البيعة كما يروى محمود الصباغ أحد قيادات الرعيل الأول للإخوان(حقيقة التنظيم الخاص ودوره فى دعوة الإخوان المسلمين) كانت تتم قديما: «في منزل بحي الصليبة حيث يدعى العضو المرشح للبيعة ومعه المسئول عن تكوينه والأخ عبد الرحمن السندى المسئول عن تكوين الجيش الإسلامي داخل الجماعة ، وبعد استراحة في حجرة الاستقبال يدخل ثلاثتهم إلى حجرة البيعة فيجدونها مطفأة الأنوار ويجلسون على بساط في مواجهة أخ في الإسلام مغطى الجسد تماما من قمة رأسه إلى أخمص قدميه برداء أبيض يخرج من جانبيه يديه ممتدتين على منضدة منخفضة (طبلية) عليها مصحف شريف، ولا يمكن للقادم الجديد مهما أمعن النظر فيمن يجلس في مواجهته أن يخمن بأي صورة من صور التخمين من عسى أن يكون هذا الأخ . وتبدأ البيعة بأن يقوم الأخ الجالس في المواجهة ليتلقاها نيابة عن المرشد العام بتذكير القادم للبيعة بآيات الله التي تحض على القتال في سبيله وتجعله فرض عين على كل مسلم ومسلمة وتبين له الظروف التي تضطرنا إلى أن نجعل تكويننا سريا في هذه المرحلة مع بيان شرعية هذه الظروف ... فإننا نأخذ البيعة على الجهاد في سبيل الله حتى ينتصر الإسلام أو نهلك دونه مع الالتزام بالكتمان والطاعة ، ثم يخرج من جانبه مسدسا ، ويطلب للمبايع أن يتحسسه وأن يتحسس المصحف الشريف الذي يبايع عليه ، ثم يقول له : فإن خنت العهد أو أفشيت السر فسوف يؤدى ذلك إلى إخلاء سبيل الجماعة منك ويكون مأواك جهنم وبئس المصير، فإذا قبل العضو بذلك كلف بأداء القسم على الانضمام عضوا في الجيش الإسلامي والتعهد بالسمع والطاعة». فالسمع والطاعة كما هو واضح من رواية الصباغ هى الأساس، لأن الخروج عن الطاعة أو افشاء الأسرار عقوبته القتل: «إن أي خيانة أو إفشاء سر بحسن قصد أو بسوء قصد يعرض صاحبه للإعدام وإخلاء سبيل الجماعة منه مهما كانت منزلته ومهما تحصن بالوسائل واعتصم بالأسباب التي يراها كفيلة له بالحياة». ولأمير الجماعة حسب تأكيد محمود الصباغ فى مذكراته حق الطاعة التامة على جميع أفراد جماعته وأن للجماعات جلسات ورحلات دورية، وأن الأمير يستشير أفراد جماعته دون أن يكون عليه إلزام ... وعلى الفرد ألا يقدم على عمل يؤثر في مجرى حياته كالزواج والطلاق قبل أن يحصل على تصريح به من القيادة عن طريق أمير الجماعة، وأن عقوبة التأخير عن تأدية الواجب والتقصير في التكاليف يوقعها أمير الجماعة سواء أكانت عقوبات مادية أو أدبية».