ملف المحاجرفى محافظة الفيوم من الملفات الشائكة التى حان الوقت لفتحها لأنها تعانى سوء إدارة منذ عشرات السنين تم خلالها إهدار الملايين من الجنيهات. عدد المحاجر الرسمى فى الفيوم يزيد على المائة لا يعمل منها سوى قرابة العشرين إما لنفاد المواد المحجرية، أو لسوء اختيار الموقع من القائمين على المشروع، وتتركز أغلب المحاجر فى مناطق كوم أوشيم والتى تتميز بمحاجر الطفلة، ومحاجر قوته وقارون فى غرب الفيوم وبها محاجر الرمال والحجر الجيرى، أما جنوبالفيوم فى قلمشاة وقصر الباسل والنحاس فيتواجد بها محاجر رمال وزلط وحجر جيرى. ومشروع المحاجر فى الفيوم هو المصدر الأساسى والممول الأول لصندوق الخدمات والتنمية بالمحافظة إلا ان المشروع أصبح مثل الفريسة المريضة التي ينهش الجميع لحمها، وأصبحت المصروفات المنظورة التي تصل ل50٪ من الإيرادات وغير المنظورة عبئاً على كاهل المشروع، ويكفى ان نشير إلى ان أحد التقارير الرقابية على أعمال صندوق المحاجر عن عام 2010/2011 كشف عن وجود 4 ملايين و500 ألف جنيه تحت بند مصروفات غير منظورة, وتبين ان هذا المبلغ تم صرفه وفقاً لموافقات وتأشيرات «لولبية» من المسئولين بالمحافظة ومحافظ الفيوم فى غير النشاط المخصص له الصندوق وخارج نطاق اللائحة التى تنظم عمله. فيما أوضحت التقارير أن الايراد العام للمحاجر فى هذه السنة بلغ 17 مليون جنيه، تبين ان جملة المصروفات المنظورة وغير المنظورة منها بلغت 9 ملايين جنيه، وبينت التقارير أيضا ان الإيراد الفعلى لا يزيد على 12 مليون جنيه وان الخمسة ملايين الأخرى عبارة عن «إتاوات « يتم تحصيلها من سائقى السيارات التى تحمل مواد محجرية من خارج المحافظة وان هذا الايراد الخارجى يمثل حوالى 30 % من إيراد المشروع. وكشفت التقارير وجود إهدار فى عملية تنظيم واستخراج المواد المحجرية من المحاجر لعدم المراقبة الفنية الجيدة وسوء الاستغلال، وأرجعت تناقص أعداد المحاجر سنويا إلى رفض بعض الجهات ومنها القوات المسلحة الترخيص بمحاجر جديدة أو تجديد الترخيص لعدم الالتزام بحدود المحاجر من المقاولين المستغلين للمحاجر مما يضطر المسئولين بالمحاجر إلى التحايل والالتفاف بإعطاء أرقام اخرى لتلك المحاجر بمساحات أصغر حتى يحصلواعلى الترخيص من الجهات المسئولة مرة أخرى. كما كشفت التقارير أن منظومة العمل في المحاجر تؤدى الى زيادة فى المصروفات وصلت فى بعض السنوات إلى 70% من الإيراد العام للمشروع مما يتيح الفرصة للبعض لتسريب السيارات المحملة بالمواد الحجرية والتى تعمل ليلا أو تخرج عن سياق الرقابة بأى وسيلة، بالإضافة إلى ان ترك المحجر للمستغل يجعله يتصرف فيه كيف يشاء ويقوم باستخراج الأسهل دون نظام مما ينتج عنه تعقيد فى طبيعة وطبوغرافية المنطقة وهو ما يزيد صعوبة عملية حساب الكميات المستخرجة ومطابقتها على ما يتم تحميله على السيارات، ناهيك عن تدنى أسعار المواد المحجرية مقارنة بقيمة المنتج النهائى للمواد المحجرية فهي لا تصل الى 10% من قيمة المنتج ومن بينها الطوب. من جانبه قدم الدكتور الزينى عيد معبد الاستشارى الجيولوجى بالفيوم «روشتة علاج» تتضمن عدة نقاط من بينها عملية استخراج المواد المحجرية من موقع المحجر وفقاً لتعاقد بين ادارة المشروع ومقاول التحجيرمع إتاحة الفرصة للمواطنين للترخيص مباشرة من إدارة المحاجر، وهو ما يتطلب إصدار قانون من مجلس الشعب بدلا من القانون 86 لسنة 56 علي أن تحدد مدة التعاقد وفقاً لمناقصة عامة يطرحها المشروع للحصول على اعلى سعر طبقا لنوع المادة المحجرية وموقع المحجر مع التزام المقاول بدفع تأمين قبل البدء فى أعمال التحجير، وتتضمن «الروشتة» تحديد مساحة لكل متعاقد للاستخراج علي أن تتم عملية محاسبته كل فترة عن هذه المساحة وما تم استخراجه منها على ان تقوم إدارة المشروع بوضع علامات على الحدود الأربعة، وتتم عملية حساب الكميات التى يستخرجها بحساب مسطح المساحة فى السمك بالمتر المكعب. ويؤكد الدكتور الزينى أن تلك الطريقة ستؤدى الى محدودية التعامل مع عدد من المقاولين بدلا من المئات من سائقى السيارات مع سهولة احصاء المستخرجات وتسجيلها عند حساب «الإتاوة « الخاصة بخزينة الدولة وثمن المادة المحجرية التى يحصلها المشروع وتخفيف العبء المالى والإدارى عن المشروع، كما يتم تحميل المقاول المتعاقد مع المشروع التأمينات والضرائب لخفض المصروفات واستهلاك السيارات وسد الثغرات وأحكام السيطرة وإيقاف أى تلاعب. كما طالب «الزيني» بالفصل بين ادارة ومشروع المحاجر وألا يكون هناك خلط بين واجبات ومسئوليات الإدارة والمشروع، علما بأن إدارة المحاجر لها واجبات أخرى مثل البحث والتنقيب ورسم الخرائط مع الجهات الرسمية, وإعادة النظر فى أعداد المنتدبين والمعارين للمشروع من غير التخصصات اللازمة للعملية التعدينية فيما يتم تحديد اختصاصات كل عضو مجلس إدارة وان تكون له وظيفة محددة لخدمة المشروع سواء كانت فنية أو إدارية بدلا من العشرات وغيرهم من المسئولين الذين لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالمحاجر، بينما يحصلون على المكافآت والمرتبات دون حسيب أو رقيب. وشدد الزيني على ضرورة الفصل موضحا: يعقل أن من يقوم بالتفتيش من ادارة المحاجر على المشروع يتقاضى مكافآت منه وهو المنوط بمراقبته, وتساءل: كيف يصبح مدير إدارة المحاجر عضوا بمجلس إدارة المشروع. كان الدكتور عاطف دردير رئيس هيئة المساحة الجيولوجية الاسبق قد طالب بتغيير قانون المحاجر رقم 86 لسنة 1956 بقانون جديد يراعى أرجاع المحاجر على مستوى الجمهورية الى وزارة الصناعة بدلا من المحليات فى المحافظات ومنع احتكار المشروعات فى المحافظة بالترخيص. فيما طالب «الزيني» بمراجعة الأراضى الصحراوية الخارجة عن الزمام والتى حصل عليها البعض قبل إخلائها من المواد المحجرية، كما طالب بتشكيل لجنة لمراجعة كافة الموافقات السابقة فى التصرف فى الأراضى الصحراوية فى السنوات الماضية خاصة الخمس سنوات الأخيرة. يبقى ان نشير إلى أنه رغم أهمية استخراج خام «البنتونيت» الموجود فى بعض المناطق الصحراوية شمال بحيرة قارون وارتفاع ثمنه إلا أن نقاشاً وجدلاً كبيراً أثير حوله منذ عدة سنوات عن جدوى استغلاله، وما أكده البعض أن العائد الاقتصادى لاستخراجه لن يكون كبيرا كما شغلت قضية إحدى المنشآت السياحية على شاطئ بحيرة قارون التى يديرها ويتولى أمرها مشروع المحاجر!!, والقصة ترجع الى اقتراض هيئة تنشيط السياحة من المحاجر مبلغاً لإقامة هذه المنشأة منذ عشرات السنين، ورغم سداد السياحة كامل القرض من الإيجار إلا ان المحاجر لا تزال تستولى على المنشأة وترفض تسليمها للسياحة.