اللهم لا تشفي ولا شماتة.. لكنها العظة والعبرة والاعتبار.. من كان يصدق أن يأتي ذلك اليوم الذي نري فيه أهل الطاغوت والجبروت الذين ملأوا مصر صخباً وأشبعوها فساداً وأكلوا لحمها وشربوا حليبها وثملوا من دماء الوطن وعرق المواطنين وتاجروا بقوت الشعب.. فنراهم اليوم وهم يترجلون من سيارة ترحيلات المساجين إلي أبواب السجن سيراً علي الأقدام حتي أبواب سجونهم.. سبحان الله تؤتي المُلك من تشاء وتنزع المُلك ممن تشاء وتعز من تشاء وتُذل من تشاء. إنه ذلك المشهد الذي يفوق التصور والتصوير.. معالي وزير الداخلية وأمن النظام اللواء حبيب العادلي ومعالي وزير السياحة زهير جرانة ومعالي وزير الإسكان المغربي وصاحب العزة والجاه أحمد عز.. بملابس السجن البيضاء.. يجهشون بالبكاء.. يتجرعون مرارة الحبس الانفرادي وقسوة العزلة ومهانة الحال الذي أصبحوا عليه.. حين شاهدتهم ألحت علي عدة أسئلة أردت لو أستطيع أن أوجهها إليهم جميعاً.. تري كم يساوي في نظرهم هذا المشهد الذي هم فيه الآن؟!.. تري كم يدفعون من ملياراتهم الحرام ثمناً مقابل الخروج من ذلك المشهد فلا يكونون داخل إطار تلك الصورة الكريهة؟!.. تري ماذا ينفع الإنسان لو جمع مال الدنيا بأسرها وخسر لحظة حرية أو ذرة كرامة أو شيئاً من مكانته بين أهله وبني وطنه؟ هل شاهدتهم صور أحمد عز وهو ذائغ البصر مكسور العين مذهول الفكر مشرده وهل تذكرتم صورته الشهيرة منذ شهور وهو يخلع حذاءه بمساعدة رجل محترم يبدو أن كل وظيفته هي مساعدة السيد أحمد عز علي خلع حذائه لحين مساعدته مرة أخري علي ارتدائه. تري ما الفارق بين الصورتين؟.. أعني الفارق النفسي والإنساني والاجتماعي.. أعني الفارق بين مشاعر مريضة بجنون العظمة والانتفاخ والكبر والاستعلاء علي العالمين وبين مشاعر الانكسار والذلة وهو خلف قضبان السجن التي يبدو لسخرية القدر أنها صنعت من حديد المصانع التي استولي عليها واحتكر صناعتها لنفسه. تري إلي متي يتحملون الحياة داخل سجونهم وهم مهدرو الكرامة مقيدو الحرية بعيداً عن نفوذهم الجبار وقصورهم وضياعهم وبعد كل ما كانوا يرفلون فيه من عز وسلطان وجبروت.. فظنوا أنهم ملكوا الدنيا وما فيها.. وهنا يأتي السؤال الأخير: لمن المُلك اليوم؟! [email protected]