تحقيق - حمدى أحمد: القطن من أهم المحاصيل الاستراتيجية، وكان المحصول الأشهر فى مصر حتى أعوام قليلة مضت، ولكن يد الإهمال والسياسات الخاطئة ضربته فى مقتل طوال سنوات طويلة مضت، مما أدى إلى إحجام الفلاحين عن زراعته رغم المكاسب الكبيرة التى كانوا يجنوها من وراء بيعه للدولة، ثم تصديره للخارج وجلب العملة الصعبة. ولأهمية هذا المحصول الكبيرة على الاقتصاد المصرى فى الزراعة وصناعة النسيج والتصدير للخارج، كلف الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكومة خلال العام الحالى بوضع خطة للنهوض بمحصول القطن ليعود إلى عرشه من جديد.. تضمنت الخطة توفير بذرة الإكثار لمساحات تبلغ 600 ألف فدان، وتجريم عقوبة عمل الدواليب الأهلية، وحظر زراعة الأقطان المخالفة والأجنبية، وتحديد المناطق المخصصة لزراعة تقاوى بذرة الإكثار. كما تضمنت الخطة استهداف التوسع فى المساحة المزروعة بالأقطان التجارى لتنتج نحو 4 ملايين قنطار قطن لتلبية طلبات التصدير والمغازل المحلية، والتوسع فى المساحة المزروعة بأقطان الإكثار لإنتاج التقاوى المنتقاة، فضلاً عن استنباط أصناف جديدة عالية الإنتاجية منها الصنف 95 ويزرع بمحافظات بنى سويف والفيوم والمنيا، وجيزة 94 ويزرع بالشرقية والدقهلية وكفر الشيخ، وجيزة 96 ويزرع بمركزى فوة ومطوبس بمحافظة كفر الشيخ، حيث تمتاز الأصناف الجديدة بالإنتاجية العالية، كما أنها مبكرة النضج بحوالى 150 يوماً، وذات صفات جودة عالية توفر من 15 إلى 20% من مياه الرى. ونتيجة لهذه الخطة ارتفعت المساحة المنزرعة بالقطن هذا العام إلى 336 الف فدان مقارنة ب 220 ألف فدان فى العام الماضي، وفقا لما أعلنه وزير الزراعة الدكتور عزالدين أبوستيت، أثناء افتتاحه موسم جنى القطن فى محافظة الفيوم مؤخراً. ويبدأ موسم زراعة القطن من مارس وينتهى فى أغسطس، فيما يبدأ موسم التصدير من فبراير وينتهى فى سبتمبر من كل عام، ومن المتوقع أن يصل حجم الإنتاج هذا العام إلى 2.2 مليون قنطار. وطبقاً لتقرير صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية، نشرته وكالة رويترز، فإن زيادة الإنتاج المحلى وضعف قيمة الجنيه المصرى، سيدفعان صادرات القطن، للارتفاع بنسبة 14% خلال هذا الموسم. وتوقع التقرير، الذى أعده الملحق الزراعى فى السفارة الأمريكية بالقاهرة، أن ترتفع صادرات مصر من القطن خلال الموسم الحالى، إلى 60 ألف طن، مقارنة ب 52.8 ألف طن خلال الموسم الماضى. ومن المتوقع أن تكون الهند هى المستورد الرئيسى لأصناف القطن المصرية خلال الموسم الجديد، حيث ستستحوذ على نسبة 50% من القطن المصرى المصدر، إضافة إلى باكستان والصين وتركيا والبرتغال وبنجلاديش. وخلال موسم التصدير الذى بدأ فى سبتمبر 2017 وانتهى فى 2018، صدرت مصر نحو 49.8 ألف طن من القطن قصير ومتوسط التيلة، والذى ينمو فى صعيد مصر، وهو ما يمثل نسبة 94% من صادرات مصر من القطن خلال هذه الفترة. وقال التقرير إن إنتاج القطن فى مصر خلال الموسم الحالى من المتوقع أن يصل إلى 100 ألف طن بزيادة حوالى 40% عن الموسم الماضى. ورغم هذه التوقعات الإيجابية وزيادة المساحة المزروعة بالمحصول هذا العام، إلا أن الموسم لم يخل من المشاكل التى عانى منها الفلاحون أثناء الزراعة، وكانت أبرز هذه المشاكل العجز فى توفير الأسمدة ببعض المحافظات ما أدى إلى تأثر زراعات هذه المناطق، وارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والأسمدة وأجرة العمال، فضلا عن السعر المتدنى لتوريد المحصول. ولذلك طالب الفلاحون الحكومة خلال الموسم القادم والذى يبدأ فى مارس المقبل، برفع أسعار التوريد إلى 3500 جنيه للقنطار بدلاً من 2500 و2700 جنيه حالياً، وإعلانها قبل بدء موسم الزراعة بشهرين، وتوفير الآلات التكنولوجية الحديثة الخاصة بالجمع والجنى لتوفير 50% من النفقات والتكاليف وزيادة الإنتاجية، إضافة إلى توفير البذور الجيدة من أجل زيادة الإنتاجية الخاصة بالفدان. وخلال افتتاحه موسم جنى القطن بمحافظة الفيوم السبت الماضى، قال الدكتور عز الدين أبوستيت وزير الزراعة، إن المساحة المنزرعة بالقطن فى مصر بلغت 336 ألف فدان من بينها 16 ألف فدان بمحافظة الفيوم، بزيادة وصلت نسبتها إلى 50٪. وأضاف وزير الزراعة، أن زيادة المساحات ليست هدفا، ولكن المهم هو مدى احتياج المصانع لهذه المساحات، مطالباً المزارعين بالاهتمام بالجنيه الأولى، لأن القطن الذى يفتح لو لم يتم تجميعه سيضيع على المزارع، وهو الخطأ الذى يقع فيه المزارعون، لاعتقادهم فى توفير عمالة، ولكنه يؤخر عليهم باقى الجنيات. وأكد الوزير حق المزارع فى معرفة السعر قبل موسم الزراعة، مشيراً إلى أن الأقطان المتوسطة الطول الحد الضامن للشراء لها 2500 للقنطار، وستصرف علاوة توريد 100 جنيه، بشرط التوريد قبل 15 أكتوبر، وتمنحها إدارة التقاوى بالوزارة. وكيل زراعة البرلمان: 15 ألف جنيه تكلفة الفدان و20 ألفا عائداته مطلوب زيادة سعر التوريد إلى 3500 جنيه للقنطار فى العام القادم قال النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب: إن الفلاح واجه عدة مشاكل فى موسم القطن هذا العام وتم التغلب عليها ولكن ببطء من جانب الحكومة، أبرزها عجز الأسمدة وارتفاع أسعارها، فضلاً عن انخفاض سعر التوريد المعلن من جانب وزارة الزراعة وهو ما يسمى بسعر الضمان. وأوضح تمراز، أن محافظة الشرقية ومحافظات الصعيد شهدوا عجزاً فى توفير الأسمدة بسبب تلاعب بعض الموظفين الذين أرسلوا بعض سيارات الأسمدة المخصصة للجمعيات الزراعية إلى أماكن أخرى، ولكن تم القبض عليهم وتتم محاكمتهم الآن، ما أدى إلى نقص فى الأسمدة وتأخر فى الزراعة. وأشار وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب، إلى أن تكلفة فدان القطن هذا العام تتراوح ما بين 12 و15 ألف جنيه بسبب ارتفاع أسعار الوقود والأسمدة والكهرباء، ومن المتوقع أن تكون الانتاجية ما بين 5 و7 قناطير للفدان، وبحساب ذلك على سعر الضمان الذى أعلنته الحكومة فإن قيمة إنتاجية الفدان ستتراوح ما بين 15 و20 ألف جنيه، أى أن أرباح الفلاح من زراعة القطن ضعيفة جدا، ولذلك يجب على الحكومة رفع سعر القنطار إلى 3500 جنيه فى الموسم الجديد.. وقال «تمراز»: «الفلاح اللى بيزرع قطن دلوقتى بيزرعه مضطر علشان أرضه تروى بمياه صرف زراعى ومش بينفع معاها غير محاصيل زى القطن». وأضاف: «سعر قنطار القطن فى السوق السوداء والقطاع الخاص يصل إلى 3500 جنيه، لكن الحكومة قررت إن سعر الضمان يكون 2500 جنيه للوجه القبلى و2700 جنيه للوجه البحرى، وهذا ظلم للفلاح ولذلك نطالب بأن يرتفع سعر ضمان الموسم الجديد الذى سيبدأ العام المقبل إلى 3500 جنيه». وأوضح وكيل لجنة الزراعة، أنه إذا أرادت الحكومة فعلا عودة محصول القطن إلى عصره الذهبي، فإنها يجب عليها توفير الآلات التكنولوجية الحديثة الخاصة بجنى القطن وزراعته قبل بداية الموسم الجديد، لزيادة الإنتاجية، وتوفير 50% من نفقات وتكاليف الإنتاج على الفلاح، مشيراً إلى أن مصاريف جنى القطن فقط تصل إلى 2500 جنيه للفدان الواحد، بخلاف الأسمدة والتقاوى والرى والوقود، وغير ذلك من مستلزمات الزراعة. وطالب تمراز، الحكومة بضرورة توفير البذور الجيدة من أجل زيادة الإنتاجية الخاصة بالفدان، لأن متوسط فدان القطن فى مصر لا يزيد عن 7 أو 8 قناطير، بينما فى الخارج وصل الإنتاج إلى 14 قنطار للفدان الواحد، وهذا يدل على التطور الكبير فى الخارج عما يوجد لدينا فى مصر، كما طالب بمنح الفلاح «سلفة خدمة القطن» بقيمة 5 آلاف جنيه أو حسبما ترى الحكومة، لكى تساعده وتشجعه بها على زراعة القطن، ثم يسددها بعد جنى المحصول. نقيب فلاحى الجيزة: مزارعو القطن واجهوا مشاكل عديدة.. أبرزها الأسمدة وبيع مناطق تجميع المحصول أكد مجدى أبوالعلا، نقيب فلاحى الجيزة، أن كثيرا من المزارعين أحجموا عن زراعة القطن هذا العام نتيجة عدة أسباب أبرزها ارتفاع أسعار الأسمدة وعدم وجود سوق لبيع المحصول والاتفاق على شرائه مسبقا قبل الزراعة، مشيرا إلى أن الشركات والمصانع تحدد احتياجاتها من القطن وتتعاقد مع الفلاحين عليها قبل بدء موسم الزراعة ولكن هذا العام انخفض الطلب. وقال أبوالعلا: مشاكل القطن فى السنوات الأخيرة كثيرة ومتعددة، منها انخفاض مناطق تجميع القطن «حلقات القطن» فى القرى والمراكز بسبب بيع هذه الحلقات، إضافة إلى السعر المتدنى لتوريد المحصول الذى تعلن عنه الحكومة فى ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج سواء وقود أو أسمدة، ما يجعل زراعة القطن غير مربحة للفلاح وبالتالى يبتعد عنها، فضلاً عن زيادة مصاريف النقل والشحن، وأجرة عمال الجمع والجنى، إضافة إلى انخفاض مساحة الأرض المملوكة لكل فلاح، ففى الماضى كان الفلاح الواحد يمتلك مساحات تصل إلى 5 أفدنة، ويستطيع زراعتها بأكثر من محصول، فكان للقطن نصيبا منها، بينما الآن انخفضت إلى فدانين أو ثلاثة على الأكثر، وبالتالى يزرع الفلاح المحصول الذى يدر عليه أرباحاً ومكاسب ولذلك يبتعد عن القطن. محمد برغش: يجب تحديد سعر التوريد قبل شهرين من الزراعة.. وتطوير المنظومة ضرورة دعا محمد برغش، رئيس جمعية السلام التعاونية الزراعية لاستصلاح الأراضى بالبحيرة وأحد قيادات الفلاحين، إلى الاهتمام بمنظومة القطن بشكل كامل وليس الاهتمام بأحد الجوانب دون الآخر. وقال: منظومة القطن تبدأ من انتقاء البذرة وحتى تحديد السعر المناسب للفلاح، مؤكداً أن الاهتمام بتوفير بذور جيدة ذات إنتاجية عالية أحد أهم عوامل نجاح منظومة زراعة القطن، بجانب زيادة المساحات المزروعة بهذا المحصول الاستراتيجى وحسابها بشكل دقيق وعلمى. وأشار رئيس جمعية السلام التعاونية الزراعية، إلى أن الحكومة يجب أن تحدد سعر توريد القطن قبل بداية زراعته بشهرين على الأقل، حتى تشجع الفلاح على الإقبال على زراعته بعد إهماله طوال السنوات الماضية.. وقال: إعلان السعر قبل الموسم مباشرة أو أثناء الزراعة يثير حالة من الجدل والتوتر بين المزارعين، ثم الابتعاد عن زراعته حتى لا يتحملوا خسائر كبيرة، وبالتالى فإن تحديد السعر العادل والمناسب قبل بدء الزراعة بشهرين من أهم عوامل نجاح منظومة زراعة القطن. وتابع: «عندما ألغت الحكومة الدورة الزراعية جعلت الفلاح مش عارف يبيع محصوله، وهتحصل مشكلة كبيرة فى السنوات المقبلة فى المحاصيل الاستراتيجية الدولة مش واخدة بالها منها دلوقتى، لأن الفلاح هيجد نفسه يزرع أكله فقط، ولن يهتم بالمحاصيل التى تفيد الدولة كلها»، ولذلك يجب على الدولة التحرك من الآن لمواجهة هذه المشكلة المتوقعة، والحل فى تغيير السياسات القائمة، وخاصة التسعير.