بدأ مجلس النواب، برئاسة د. علي عبدالعال، مناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الخطة والموازنة ومكاتب لجان الشئون الاقتصادية، والإدارة المحلية، والإسكان والمرافق العامة والتعمير، والزراعة والري والأمن الغذائي والثروة الحيوانية، والشئون الدستورية والتشريعية، عن مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن إصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات. جاء ذلك فى الجلسة العامة للبرلمان، اليوم الإثنين، حيث استعرض د. حسين عيسى، تقرير اللجنة عن فلسفة مشروع القانون، جاء من منطلق ما كشف عنه التطبيق العلمى لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات، الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 من تحديات ورغبة فى مواجهة ما طرأ من مستجدات اقتصادية واجتماعية ومواكبة التطور العالمى فى مجال التعاقدات الحكومية، إضافة إلى إحكام الرقابة وتحقيق الكفاءة الاقتصادية لحصول الدولة على قيمة حقيقية مقابل ما يتم إنفاقة من المال العام، وتجنب الصرف غير المبرر، وبما يحقق مردودًا إيجابيًا على أداء الجهات الخاضعة لأحكام القانون، وضبط ترشيد الإنفاق العام ومكافحة الفساد ما يهدف إلى تخفيف العبء على الموازنة العامة للدولة، وتبسيط الإجراءات وتيسير العمل التنفيذى، وتحقيق أهداف اللامركزية، فضلًا عن إرساء مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص وتوسيع قاعدة المنافسة وتدعيمها. تضمن أيضًا، أنه كما تبين أن الإنفاق العام على مدار السنوات والفترات السابقة، سواء من الناحية التشريعية أو التنفيذية لم يحظَ بالاهتمام المفترض أن يناله، حيث كان ينظر إلى التعاقدات الحكومية كإجراءات إدارية بحتة يعنى بها موظفون غير محترفين لا يتم الاستثمار فيهم بشكل جيد، وأن الجهات الإدارية تلتزم بتلك الإجراءات من دون النظر بحرص إلى النتائج المحققة من تلك التعاقدات، كونها أحد المحاور الرئيسية لإدارة المال العام، وأن لها تأثيرًا استراتيجيًا على مسيرة التنمية الاقتصادية، كما أنه لم يبذل سوى جهد ضئيل فى تلك الفترات بشأن تحديث السياسات والقواعد والإطار المؤسسى، الذى يحكم نظام التعاقدات الحكومية على نحو يكفل استخدام المال العام بأكثر الطرق كفاءة، ويُمكن الحكومة من الحصول على أفضل قيمة مقابل ما يتم إنفاقه من المال العام، وبما يرفع مستويات الخدمات العامة التى يتم تقديمها للمواطن والمجتمع. فى السياق ذاته أكد التقرير أنه وبمقارنه بسيطة وبصفة عامة، نجد أن كثيرًا من الجهود يتم توجيهها إلى إدارة منظومة تحصيل الضرائب، ولكن القليل منها يتم بشأن إدارة صرفها فيما يتعلق بالمشتريات والتعاقدات الحكومية، إلا أن هذا الأمر قد تغير أخيرًا وقامت الحكومة بخطوة جادة فى هذا الشأن، حيث بدأت بتعديل الإطار القانونى لتنظيم دورة المشتريات بشكل متكامل وليس فقط إجراءات طرح وترسية المناقصات والمزايدات، كما هي الحال فى القانون القائم، وبتحليل المشهد الاقتصادى، وما يشهده من تطور، وما يتم من جهود إصلاح، فقد استهدفت تعديلات الإطار التشريعى للمشتريات الحكومية إدخال مفاهيم جديدة فى الإجراءات وخلق نظام يساير التطورات الاقتصادية ويتبنى الممارسات الحديثة الجيدة، ويلبى متطلبات الدولة ويعزز معايير الكفاءة والشفافية والمساءلة ويتسم بالمرونة ويمنح مزيدًا من الصلاحيات التى تحقق توجهات لامركزية اتخاذ القرار، وكذا مكافحة الفساد ومنع تضارب المصالح وتحقيق أكبر قدر من الوفر فى موارد الدولة لتنفيذ برامج التنمية التى تتبناها الحكومة. وتابع التقرير أيضًا أن القانون جاء حرصًا على تسهيل حصول الأعمال على المعلومات المتعلقة بالتعاقدات الحكومية من خلال تخطيط المشتريات وتحديد الاحتياجات لسنة مقبلة على أسس واقعية، والنشر على الموقع الإلكترونى المخصص للمشتريات والتعاقدات الحكومية، وإدارة العقود، وبصفة خاصة مرحلتى ما قبل الطرح وما بعد الترسية، وإعطاء أفضلية فى التعاقدات الحكومية للمنتج المحلى ذى الجودة، إلى جانب الحد من ظاهرة الاقتصاد غير الرسمى، والعمل على تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، ورفع كفاءة ومستوى أداء العاملين القائمين على إجراءات تطبيق التعاقدات الحكومية. ولفت التقرير إلى أن الحكومة تقدمت بمشروع القانون المعروض من منطلق تحقيق التوازن ما بين الحكومة والجهات المتعاملة بالقانون من حيث تغير ثقافة طرفى التعاقد مما يحقق للحكومة أهدافها من تنمية القطاع الخاص لما له من دور فعال فى التنمية الاقتصادية، وقد روعى أن يتضمن الإطار التشريعى لمشروع القانون ترتيبات مؤسسية تكفل الاتساق فى صياغة السياسات العامة وتنفيذها، وتأهيل كادر مهنى يتولى إدارة مهام التعاقدات الحكومية، كما استحدث مشروع القانون آليات وإجراءات جديدة من شأنها تمكين الجهاز الإدارى من تنفيذ مهامه من خلال مجتمع الأعمال بآليات متوازنة وبها من المرونة ما يتماشى مع الاحتياجات بما يسمح للجهات الإدارية إعمال شئونها بشكل جيد والحصول على الخدمات المطلوبة بأنسب الأسعار والشروط. وقد أخضع مشروع القانون لأحكامه الصناديق الخاصة والجهات التى لها شخصية اعتبارية وتمول بأى صورة من موازنة الدولة لغرض إحكام الرقابة على الأداء الفنى والمالى لها وبما يدعم جهود الدولة فى الإصلاح المؤسسى، ولتوحيد المفاهيم وتوضيحها للمتعاملين كافة بأحكام القانون منعًا للمنازعات، فقد تضمن مشروع القانون المقدم وضع تعريفات لبعض الأمور الجوهرية والأساسية، تماشيًا مع المعايير الحديثه لإعداد القوانين. واستحدث أيضًا مشروع القانون آليات تمكن الجهات الخاضعة لأحكامه من استئجار المنقولات بدلًا من شرائها طبقًا للجدوى الاقتصادية وبهدف ترشيد الإنفاق الحكومى وتقليل الضغط على الموازنة، واستحداث ثقافة الاستئجار يهدف إلى خلق أنشطة جديدة تقوم بها المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، هذا إضافة إلى توفير احتياجات الجهات التى لها طبيعة خاصة تساير التكنولوجيا المتطورة. وتابع التقرير:" كذلك استحدث مشروع القانون أساليب شراء جديدة تقدم حلولًا غير تقليدية لاحتياجات الجهات، وتعمم فكرة الشراء المركزى، وكذا وضع ضوابط للتعاقد بالإنفاق المباشر لإحكام الرقابة وإرساء مبادئ الشفافية، مع توسيع دائرة اتخاذ القرار ومعايير الحوكمة باستبدال سلطة رئيس مجلس الوزراء بمجلس الوزراء، ولدفع عجلة التنمية الصناعية المصرية أكد مشروع القانون على أن يتم وضع المواصفات الفنية للاحتياجات المطلوبة بشكل عام والاتجاه إلى معايير الأداء بدلًا من المواصفات الفنية التقليدية، وذلك مع التأكيد على التزام الجهات المعاملة بالقانون رقم 5 لسنة 2015 بشأن تفضيل المنتجات المصرية فى العقود الحكومية، ولتبسيط الإجراءات وتحقيق معايير لا مركزية اتخاذ القرار تم إعادة النظر فى الحدود المالية الواردة بالقانون المعمول به حاليًا بما يتماشى مع معدلات التضخم والقيمة الحالية للنقود تيسيرًا لأعمال الجهات الإدارية بالدولة، وكذا تبسيط إجراءات سداد مستحقات المقاولين وتعديل أسعار البنود المنفذه لعقود مقاولات الأعمال من خلال وضع وزارة الإسكان قائمة بالبنود المتغيرة لأنماط المشاريع المختلفة بوصفها الجهة الحكومية صاحبة الاختصاص فى هذا المجال. وأكد التقرير أن مشروع القانون يهدف إلى وضع معاملة عادلة لأنواع العقود كافة وإيجاد علاقة متوازنة بين طرفى التعاقد لتشجيع مجتمع الأعمال على التعامل مع الجهات الإدارية، وكذلك استحداث مشروع القانون آليات لإجراءات دراسة السوق ووضع القيمة التقديرية على أسس سليمة لعدم المبالغة فى وضع القيمة التقديرية، والأخرى لتقدير الاحتياجات وحجم التعاقدات وربطها بخطط عمل الجهة الإدارية وتوفير معلومات عن تلك الاحتياجات للموردين والمقاولين ومقدمى الخدمات قبل طرحها لزيادة المنافسة، وحصول الجهات على احتياجاتها بأنسب الأسعار، كما استحدث أيضًا آلية للتأهيل المسبق للتحقق من القدرة الفنية والمالية للموردين أو المقاولين أو مقدمى الخدمات فى العمليات ذات الطبيعة الخاصة التى تتطلب إمكانات وخبرات معينة، وكذلك استحداث آلية تنظيم التعاقد من الباطن لرفع مستوى جودة الأعمال المتعاقد عليها والحد من ظاهرة الاقتصاد غير الرسمى وإتاحة الفرصة للشركات الصغيرة للنمو والدخول فى التعاقدات الحكومية بشكل غير رسمى.