على مقربة من بيتى مدرسة إعدادية للبنات ، يصادف كثيرا موعد انتهاء اليوم الدراسى مع عودتى الى منزلى ،أحيانا يشدنى الفضول لأطالع سلوك تلك البراعم ، تحملن الكراسات والموبايلات أيضا ، صراخ وضحك هستيرى ، نكت ومعاكسات مع الشباب المترجلين وقائدى السيارات ، يسرن فى مجموعات ، إذا نظرت فى عيون البعض منهن ، تشعر بأن الحياء تلاشى واختفى منذ زمن ، فالتبجح فى اللفظ والمظهر والسلوك العام أصبح جليا ، طال كافة صروح العلم منذ مراحله الأولى حتى الجامعات أسفت بشدة عندما قامت ثلاث طالبات بالمنيا بطرح معلمتهن أرضا وركلا بالأقدام ، ثم قمن بنزع خمارها أمام الطالبات وعندما اتخذت إدارة المدرسة قرارا بفصلهن عن المدرسة ، أضربن عن الطعام ، وبالطبع سيجدن من يستميت للدفاع عنهن بداية من أولياء أمورهن هذا الخلل الذى أصاب حياتنا بالعطب ، الخلل الذى أصاب الأسرة ، بعدما ترك الأب كل المسئوليات على عاتق الأم بحثا عن الرزق فى دول النفط ، وهناك الأم المعيلة التى إضطرتها الظروف لأن تتحمل عبء أسرتها بمفردها الى جانب هذا الجهاز الشيطانى الذى أصبح فى كل بيت( الكمبيوتر ) فعندما يبحث الأبناء عن أسوأ مافيه دون حسيب او رقيب ، تموت البراءة فى العيون ، نصف المجتمع المصرى ممن هم تحت سن العشرين عاما ، وبسبب ما تبثه الفضائيات من مشاهد العنف اللفظى أو البدنى التى تتجه نحو الإجرام كسلوك ، تحول المجرم الى بطل فى وعى المشاهد ، تحولت شخصية الطفل والمراهق الى شخصيات عدوانية اندثرت الأخلاق بعدما أشعل المعلم السيجارة لتلميذه ، ودق بابه من أجل الدروس الخصوصية ، ونادى الإبن على أبوه باسمه مجردا تلاشت الحواجز والقيم معا باتت صروح العلم مسرحا لكل الموبقات ، طالب قتل زميله لأنه رفض أن يغششه فى الإمتحان العديد من الأهالى كثيرا مااقتحموا أسوار المدرسة مدججين بالعصى والشوم والأسلحة البيضاء ، للإنتقام من طالب آخر بينه وبين إبنهم خصومة ، أوبينهم وبين المعلم أو مدير المدرسة أى سوء تفاهم أتذكر أيامنا كيف كان المعلم مبجلا ومقدرا ، نخشى أن يسئ الظن بنا نخشاه حبا لاخوفا ، فنكاد لانخطئ إلا فى جدول الضرب ، أوالهمزات فى الإملاء علمتنا الأمهات أنه متى سلمنا على الأكبر سنا أن نقف احتراما ، وألّا نضع ساقا فوق ساق أمام الجد والجدة ، وألّا نخاطبهم بأنت ، هناك مفردات أكثر تهذيبا مثل حضرتك ، ومن فضلك إذا صعدنا أو هبطنا الدرج فلننتظر إذا تصادف صعود أو هبوط الآباء والأمهات من الجيران فليصعدوا أولا ، والبنات يمنع منعا باتا أن ترفعن أصواتهن ، أو تمضعن اللبان فى الشارع ، كان الخروج باستئذان ، والعودة الى البيت بميعاد ، وويل لنا إذا تاخرنا قليلا ، كانت حمرة الخجل تعلو الوجوه إذا دق العريس الباب ماأكثر الزواج العرفى ، وآلاف الأطفال لم يعترف ببنوتهم حتى الآن ، نسبة الطلاق فى ارتفاع لم يعد هناك من يقدس الزواج ، الكل يلهث خلف الماديات التى شغلتنا بها الفضائيات ، وإعلام فاشل لايقدم إلا عرى الجسد وعرى الكلمات ، الإعلانات لاتخلو من إيحاءات خادشة لكل حياء ، الأفلام معظمها تستهزئ بالمعلم من خلال مفردات سوقية ، والجمهور لايسعه إلا أن يضحك ساخرا هكذا نحن رغم انتشار القنوات الدينية ، رغم الحجاب والنقاب الذى أصبح يميز شارعنا ، وهما بريئان من إستغلال الحشمة والوقار بما لايليق الأديان السمحة تدفع نحو الأدب والإحترام أما الطالبات اللاتى أهنّ معلمتهن ، أقول إذا لم يقابل فعلهنّ المشين عقابا رادعا ليكنّ عبرة للأخريات ، من المؤكد أن هذا السلوك لن يكون الأخير بل سيتكرر مرات ومرات كيف للمعلمة التى انتهكن كرامتها ففقدت إحترامها أن تواصل مجددا رسالتها التعليمية بين قريناتها من المعلمات وبين تلميذاتها ؟؟ رحم الله أمير الشعراء أحمد شوقى حينما قال : قم للمعلم وفّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا