بالتوازي مع طريق جسر السويس تقع عشوائىات »أبو رجيلة« التي تتبع مدينة السلام بالقاهرة.. تلك الضاحية التي يبلغ عدد سكانها اكثر من 300 الف مواطن، وكانت مشهورة بالتطرف والعشوائىات، وقد اختفي التطرف وبقيت العشوائيات تنخر في جسد تلك المنطقة في جنوب العاصمة ورغم وعود برنامج الرئيس الانتخابي الذي تضمن تقنين اوضاع العشوائىات والعمل علي حياة افضل للمواطن الا ان الواقع يثبت عكس ذلك. فعندما تذهب إلي منطقة »أبورجيلة« تدرك أن هناك فارقاً ضخماً بين مشهد أطفال يتسابقون للقفز في حمام السباحة في الحديقة.. وبين اطفال أبورجيلة الذين يتسابقون للقفز في رشاح الصرف الصحي الذي يشق المنطقة هرباً من حرارة الشمس. في منتصف منطقة »أبورجيلة« تقريباً، يقع مصرف يطلقون عليه الرشاح، والذي تصرف فيه مياه الصرف الصحي الخاصة بمناطق عدة بالقاهرة، من عين شمس ودار السلام ومصر الجديدة وغيرها لتتجمع كلها هنا في قلب هذا المكان الموحش. ولا يكاد يمر شهر إلا وهناك غريق أو اثنان يموتان في هذا الرشاح، والضحايا دائما اطفال أو كبار في السن فضلاً عن حوادث تصادم وغرق سيارات عديدة تقع نتيجة انخداع البعض في أمر الرشاح. وهناك ممر ضيق يعبر أعلاه اهالي المنطقة، إلي المناطق المجاورة مما يتسبب في وقوع كوارث كثيرة أيضا. والد يبكي بكاءً هستيرياً علي طفله الذي مات غريقاً في الرشاح ولم يكن يتصور أن ابنه سيكون ضحية اهمال المحليات، ونواب المنطقة في البرلمان، وحكومة الحزب الوطني.. كذلك قال الوالد رمضان عبد الفتاح: فقدت ابني عبد الوهاب 9 سنوات الذي مات غرقاً في مياه الرشاح وصمت قليلاً. واضاف: 4 أىام وفرق الانقاذ البحري تبحث عنه في قاع الرشاح لكنها لم تعثر عليه.. حسبي الله ونعم الوكيل. وحمدي حسن محمد، من اهالي المنطقة اكد ان الطفل عبد الوهاب الغريق كان يلعب واقرانه بجوار الرشاح وبينما يعبرون إلي الناحية الاخري غرق الضحية ومعه طفل آخر، لكن العناية الالهية انقذته.. وذهبنا إلي مجلس محلي مدينة السلام نشكو من هذه الكارثة، فلم يعبأ مسئول من المجلس بشكوانا التي طالبنا فيها بردم هذا الرشاح واعضاء مجلس الشعب لم نر لهم دوراً. منظر تلك القمامة بالمنطقة يدعو للدهشة والتي يصل ارتفاعها حوالي ما بين 10 و70 متراً بالتدرج وسط هذه التلال من القمامة، تنتشر القوارض والثعابين والعقارب، وإلي جانب الكلاب المسعورة التي يعلو نباحها إلي عنان السماء، تنتشر حيوانات ضالة ونافقة حتي تحولت إلي مزرعة لنشر الامراض والاوبئة. رضا عبد الشافي، احد ضحايا انتشار القمامة، قال: نعاني من تلال القمامة الممتدة بطول رشاح أبو رجيلة فكثيراً ما تهاجم القوارض والثعابين بيوتنا اضافة إلي غرقها بمياه الصرف الصحي القذرة، وذلك لان القمامة تسحب هذه المياه تحتها، فتتعفن وتنبعث منها روائح كريهة بخلاف الحشرات والامراض. بيوت تحت الأرض وبيوت أبو رجيلة تبدو للغرباء كأنها مساكن للاقزام فارتفاع البيوت عن الارض لا يزيد علي حوالي المتر ونصف المتر، هكذا يبدو الحال لمن ينظر إليها من الخارج، اما من يجرؤ علي الدخول فسوف يكتشف ان هناك نصفاً آخر للبيت تحت الارض، فالتراب والاوحال والقمامة التي تلقي في الشوارع الضيقة، تتحول تحت اقدام المارة إلي طبقات تضاف إلي ارتفاع الشوارع الضيقة بينما تغوض البيوت إلي الاسفل.
