حوار - صابر رمضان ارتبط به جمهور السميعة من محبى نجوم التلاوة خاصة عندما يمتع آذان مستمعيه فى قرآن الفجر والمناسبات والأمسيات الدينية، القارئ الدكتور عبدالفتاح الطاروطى أحد أعمدة دولة التلاوة فى مصر بل والعالم الإسلامى أجمع، وربما تخطى صوته من المحلية إلى العالمية فى أوروبا وأمريكا وآسيا والهند، ليسلم على يديه العشرات، فملايين المصريين يحملون قدراً من المحبة له لأن صوته يذكرهم بقراء الزمن الجميل، وصوته له وقع خاص فى قلوبهم، يجعلهم يتجسدون آيات القرآن أمام أعينهم، وبالرغم من أنه لا يحب الألقاب ولا يهواها، إلا أن المستمعين أطلقوا عليه لقب كروان القراء. الشيخ الطاروطى أيضاً يرفض الانفلات النغمى فى التلاوة، وحتى يحد من هذه الظاهرة أنشأ أول معهد فى مصر والعالم الإسلامى لإعداد القراء والمبتهلين وقد أسس استوديو أيضاً لخدمة أهل القرآن، وصندوقاً لمواجهة أزمات القراء، كما أنه يطالب باستصدار قانون ضبطية قضائية يجرم القراءة دون علم. «الوفد» ذهبت إليه فى بلدته طاروط بالزقازيق فى محافظة الشرقية ليدور هذا الحوار. فى البداية.. قراءة فى سيرتكم الذاتية فماذا تكشف؟ - ولدت عام 1965 فى قرية طاروط مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية فى أسرة كلها تحب القرآن، لوالد حافظ لكتاب الله. بدأت أذهب إلى الكُتاب وعمرى 3 سنوات وختمت القرآن فى سن 8 سنوات وقرأت أمام الناس وعمرى 10 سنوات، وقد حصلت على المركز الأول فى الحفظ عام 1975 وعام 1976، وكرمت من الأوقاف ومحافظة الشرقية، ثم واصلت دراستى حتى تخرجت فى كلية أصول الدين والدعوة بمركز الزقازيق عام 1987 وكان الدكتور أحمد عمر هاشم عميد الكلية وقتها، وتم تعيينى إماماً وخطيباً، فى أوقاف الشرقية عام 1990 وأنا على درجة مديرعام بأوقاف الشرقية، وفقنى الله أن أسست مجمعاً إسلامياً بقريتى وتم نقل شعائر صلاة الجمعة على الهواء مباشرة عام 2008، والحمد لله أسسنا معهداً لإعداد القراء والمبتهلين وهو المعهد الأول من نوعه فى مصر والعالم الإسلامى. خلال مشوارك الطويل مع القرآن هل قمت بتسجيله كاملاً؟ - نعم والحمد لله، سجلته مرتلاً كاملاً، وقدم إلى الإذاعة للمراجعة، وأقوم حالياً بختمه مجوداً وأتمنى أن أنتهى منه قريباً، كما أننى أقدم برنامج «حامل القرآن» والذى يذاع يومياً فى شهر رمضان المعظم. نود إعطاءنا نبذة عن فكرة تأسيس معهد القراء والمبتهلين؟ - فى هذا الوقت الذى انتشر فيه قراء غير حفظة للقرآن وغير متقنين للأحكام وغير دارسين للمقامات الصوتية أردت الحد من هذه الظاهرة حتى لا تطغى على الصورة الجميلة التى عرفها العالم عن قراء مصر المتقنين المجيدين الملتزمين، ولهذا أطالب بتشريع قانون للضبطية القضائية يجرم التلاوة بدون علم، فكان لابد من وجود أكاديمية تدرس فيها هذه العلوم على أيدى خبراء، فكانت هى الفكرة الأولى من نوعها على مستوى مصر بل على مستوى العالم كله، فهذا العمل إن لم يوجد فى مصر، فلن يكون له وجود فى العالم، فمصر بلد القرآن والأزهر، وبلد القراء والعلماء، ولهذا أسسنا المعهد لإعداد القراء والمبتهلين، وندرس فيه أحكام التجويد والمقامات الصوتية وندرس فيه مادة آداب وأخلاق تلاوة القرآن الكريم على يد الدكتور محمد عبدالرحيم بيومى عميد كلية أصول الدين والدكتور أحمد إبراهيم دهشان، رئيس قسم الدعوة الإسلامية، كما يتم تدريس أحكام التجويد على يد نقيب قراء الشرقية القارئ بالإذاعة والتليفزيون الشيخ الشحات سيد شاهين، والمقامات والانتقال النغمى على يد خبير الأصوات الدكتور طه محمد عبدالوهاب، واستعنت أيضاً بأطباء ليكون الدارس تحت رعايتهم طبياً، فاستعنا بالدكتور محمد الوجيز، رئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة والأستاذ الدكتور رمضان نافع، رئيس قسم أمراض الصدر والحساسية ليكون كل قارئ تحت الرعاية طوال مدة الدورة. وكم تبلغ مدة دورة إعداد القارئ والمبتهل؟ - شهران.. يتلقى خلالهما القارئ والمبتهل المحاضرات فى كل ما يخص هذه العلوم وتمت الموافقة على إقامة فرع نقابة قراء الشرقية فى هذا المعهد، على أن نستخرج كارنيه عضوية النقابة لكل قارئ حافظ متقن للأحكام، وبالتالى نحد من ظاهرة التطفل والدخلاء على عالم التلاوة فى مصر، ويتم الزج بأسماء هؤلاء الدارسين والدفع بهم إلى إذاعة القرآن الكريم وإلى المسابقات الدولية وإلى تمثيل مصر فى شهر رمضان من قبل وزارة الأوقات فى الخارج. ما الإجراءات الرسمية التى اتخذتها لتأسيس المعهد؟ - تقدمت بطلب لمحافظ الشرقية، وتمت الموافقة المبدئية وبناء عليه ذهبت إلى نقابة قراء مصر، ووافق الشيخ محمد محمود الطبلاوى نقيب القراء والشيخ محمد حشاد شيخ عموم المقارئ المصرية والشيخ محمود محمد الخشت الأمين العام للنقابة، وتم توقيع الاتفاق على أن يكون المعهد تحت إشراف نقابة القراء ووافقوا على إقامة مقر لهم فى الشرقية، وتحدث معى الدكتور محمد عبدالرحيم بيومى عميد كلية أصول الدين بأنه بصدد إصدار قرار من رئيس جامعة الأزهر بتوأمة المعهد فى كلية أصول الدين، لأن هذا يعد من عوامل الجودة التى تريد الكلية الحصول عليها، وكل الأمور كانت تسير تحت سمع وبصر الجميع، وهذا المعهد هو خدمة عامة وليس فيه أدنى انتفاع لشخص ولا يتكسب منه ولا تربح فيه، والهدف منه هو الدفع بالقراء للمحافل والمسابقات الدولية وتأسيسهم على علم وإتقان لكتاب الله عز وجل. فضيلتكم شاركتم فى التحكيم فى المسابقات الدولية للقرآن فما أهم معايير المحكم فى هذه الفعاليات العالمية؟ - أولاً ليس كل قارئ يصلح أن يكون محكماً، فلابد أن يكون المحكم دارساً للوقف والابتداء، فمعايير التحكيم فى حد ذاتها موهبة، فالمحكم لابد أن يلاحظ أدق التفاصيل، فليس كل قارئ يستطيع أن يعطى محاضرات فى كيفية الأداء وفى علم النغم، فهذه تكون مهارات خاصة وبالتالى القارئ نفسه حين يكون متقناً لطبيعته مجيداً فى تلاوته، وبالتالى يلحظ أهل التخصص فى الدول الأخرى معايير هذا القارئ وجودته وإتقانه، وبالتالى من يتقن تلاوته يستطيع ضبط تلاوة غيره، لكن إذا كان القارئ نفسه عليه ملاحظات وعلامات استفهام فكيف يصبح قارئاً محكماً فى مسابقات أخرى، الأمر الثانى هناك قراء مجيدون جداً لكنهم ضعفاء عند التحدث، ولابد للمحكم أن يجيد أسلوب التقييم فى اختبارات الطلاب، ومن هنا نستطيع أن نقول إننا محتاجون لدورات تدريبية للقراء حتى يصبحوا محكمين عالميين، وهذا أمر يحتاج إلى خبرات كثيرة. ما أبرز المسابقات الدولية التى قمت بالتحكيم فيها؟ - فى الحقيقة شاركت 8 مرات فى مسابقات إيران وشاركت فى المسابقة العالمية فى ماليزيا وهى من أقوى المسابقات الدولية، كما كنت محاضراً ومحكماً فى سلطنة بروناى، وحكمت فى مسابقة دولية أقيمت لأول مرة فى محافظة بورسعيد مؤخراً برعاية رئيس الوزراء وإشراف اللوء عادل الغضبان المحافظ، كما أننى حكمت فى مسابقة داخل السعودية، وألقيت محاضرات فى معاهد القرآن الكريم فى مكةالمكرمة. ماذا عن الاستديو الذى أقمته داخل منزلك لتسجيل القرآن وما أهم ثمراته؟ - حين أسست الاستديو كان من ثمراته أننى تمكنت من ختم القرآن الكريم مرتلاً، وقد بدأت الآن فى تسجيل القرآن مجوداً، كما أننى أسجل فيه حلقات برنامج «حامل القرآن» الذى يذاع على الفضائية المصرية، كما أننى أسجل فيه حلقات القرآن كاملة وأقوم بعمل مونتاج لها وإعطائها للتليفزيون، وهذا الاستديو هو لخدمة أهل القرآن أيضاً ولا أبتغى منه منفعة ولا مالاً، ونحن نسعى الآن لإنشاء استديو تليفزيونى حتى يكون فى خدمة طلاب القرآن وأهله. أخيراً.. رسالة توجهها لشباب القراء والمبتهلين؟ - أقول لهم إن الفرصة متاحة أمامكم، فحسنوا من مستواكم، لتكونوا قراء ومبتهلين على مستوى عالٍ من الاتقان والخبرة، والدراية والمعرفة والدراسة، واجعلوا القرآن ربيع قلوبكم وسعادة دنياكم وأخراكم.