"بتدوري على حاجة معينة يا آنسة؟".."مدموازيل حضرتك عايزه حاجة محددة؟".. "ممكن أساعدك في اللي بتدوري عليه؟". عبارات تتكرر على آذان الفتيات عند ذهابهن لشراء الملابس، يسمعنها بطرق مختلفة من "بائعات" المحلات التي يدخلنها، لكنها في النهاية تحمل نفس المعنى.. وهو ما حدث معي هذا الأسبوع.. فعلى الرغم من اختلاف طرق التعبير إلا أنهم جميعا كانوا غير مقبولين لي، فما الداعي أن تظل بائعة المحل ورائي تلاحق خطواتي في كل ركن من أركان المكان تقيد حريتي في الاختيار. دخلت محل ملابس فوجدت بائعتين تتشاجران بداخله، ظننت أن دخولي كان في الوقت المناسب حيث قلّت حدة المشاجرة بينهما وجعل إحداهما تخجل مما تفعل وتقول للأخرى: "إتلمي بقى في زباين في المحل بدل ما أجي ألمك"، لكن خاب ظني، فالبائعة الأخرى لم تقبل الإهانة على نفسها أمام الزبائن فاندفعت بسرعة نحو زميلتها وأمسكت بشعرها، وهنا تحول محل الملابس إلي حلبة مصارعة حرة!. دخلت محل آخر مجاور "لحلبة المصارعة" فوجدت بائعات المحل يتناولن الغذاء، لم تحاول إحداهن القيام لمساعدتي وطبعا لم أرد إزعاجهن وإزعاجي في نفس الوقت، بدأت أشاهد الملابس وأعجبتني قطعة وأردت أن أجربها، فسألت: "لو سمحت فيه مقاس أكبر؟" فأجابتني إحداهن بحده دون أن تنظر إليّ وهي تكمل طعامها: "مفيش غير اللي معروض قدامك ده"!. العكس تماما حدث معي في محل آخر، فكلما أمسكت بقطعة ملابس لأشاهدها تسرد لي البائعة شعرا في مدحها وكم ستبدو جميلة عليّ، وحين أمسك قطعة أغلى ثمنا تبدأ في مدحي والثناء على رُقي ذوقي، وبالطبع أنا أفهم تماما أن كل ذلك مجرد كلام خال من الحقيقة (بياعة كلام يعنى). أما أكثر المواقف التي استفزتني في ذلك اليوم موقف تلك البائعة التي طلبت منها أن تُريني نوعا من "الإيشاربات" فعرضت عليّ نوعا رديئا، وحين سألتها عن نوع أفضل قالت: "عندي نوع تاني بس غالي عليكي"، صدمتني الكلمة وأشعرتني أنني دخلت أتسول بملابس ممزقة داخل المحل، بالصدفة دخل صاحب المحل فحكيت له الموقف ثم تركت المحل على الفور. ... ما يشغلني الآن.. ما السبب الحقيقي وراء تلك التصرفات؟ هل هي "قلة ذوق" أم قلة رواتب البائعات مما يجعلهن يتمردن على وضعهن بأي شكل ممكن وغير ممكن، أم أن أغلب المحلات لا توظف بائعات مؤهلات للتعامل مع الزبائن، أم أننا ليس لدينا ثقافة بيع من الأساس؟!.
