الحديث مع الدكتور صائب عريقات عن الشأن الفلسطيني لا يمل فهو يعلم حق العلم الموضوع الذي يتحدث فيه، وهو مراوغ من الدرجة الأولى في أحاديثه العامة إنه مسؤول، لا يستطيع أن يقول كل ما يعرف خاصة عن بعض القادة العرب وما يفعلون بقضايا الشعب الفلسطيني، فكل حياته حقول ألغام سياسية ليس لها خارطة يستطيع المشي على ضوئها دون أن تتفجر فيه وفي ملفاته. سألت الدكتور عريقات في الصالون الثقافي للسيد سعد الرميحي ماذا جنيتم من اتفاق أوسلو؟ راح يتحدث حول الموضوع دون أن يروي عطشي من نهر معرفته فيما جنت عليهم تلك الاتفاقية البغيضة. لم يتسن لنا مناقشة هذا الموضوع بإسهاب مع واحد من أهم وأعظم وأعلم المفاوضين الفلسطينيين وأكثرهم مهارة وحنكة لأن كل من حضر ذلك الصالون أراد أن يجد ضالته عن الشأن الفلسطيني من مرجع فلسطيني أمين. أردت أن أقول لكبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور عريقات إن الأسباب التي قادتكم إلى أوسلو هي خوف الشهيد ياسر عرفات رحمه الله أن يفقد سلطته بعد أحداث احتلال الكويت عام 1990، وراح فريق مفاوض إلى واشنطن يرأسه الدكتور حيدر عبدالشافي وكاد أن يُسدل الستار على ياسر عرفات وإنهاء دوره، لكنه تدارك الموقف وراح من وراء الستار يعاونه فريقه أبو مازن وأبو علاء وغيرهم من الآباء والأبناء إلى أوسلو في سرية يجرون حوارات ومفاوضات مع الإسرائيليين بعيدا عن أعين الخلق، وحوارات أخرى كانت تجري في مدريد أمام العالم أطرافها دول مجلس التعاون وبعض الدول العربية الأخرى والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والمجموعة الأوربية وإسرائيل. أردت أن أقول إن اتفاق أوسلو نكبة ثالثة للشعب الفلسطيني بعد نكبة 1948، ونكبة 1967 لأن منظمة التحرير الفلسطينية تحولت من حركة كفاح مسلح إلى حركة تنشد البقاء كسلطة مسيطرة على البعض بأي كيفية كانت. في ظل اتفاق أوسلو كما نعلم تحولت المنظمة من حركة تحرر وطني إلى حركة تؤدي " وظيفة " لإسرائيل تتمثل في استمرار إسرائيل في سيطرتها على الأراضي، بينما تكون السلطة الفلسطينية مسؤولة عن الفلسطينيين المقيمين في الضفة وقطاع غزة، ولم تقبل إسرائيل بنقل السيادة إلى الفلسطينيين، وستبقى معظم الضفة الغربية تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي. الدكتور عريقات يستشهد بأقوال الكثير من الإسرائيليين والغربيين لإقناع سامعيه بما يريد إقناعهم به، وهنا انضم إليه في الاستشهاد بأقوال بعض الإسرائيليين في شأن اتفاق أوسلو. يقول السيد داني روبنشتاين صحافي إسرائيلي " إن اتفاق أوسلو لم يقدم ولو تلميحا حلا للمشاكل الأساسية القائمة بين إسرائيل والفلسطينيين " ونذكر بأن اتفاق القاهرة عام 1994 قد أكد دون لبس أن تبقى السيادة الاقتصادية والعسكرية في المناطق التي تحت سلطة عرفات لإسرائيل ". يقول نائب محافظ القدس الأسبق ميرون بنفنستي معلقا على توقيع اتفاق القاهرة آنف الذكر " إن هذا الاتفاق يمنح الإدارة العسكرية الإسرائيلية صلاحيات لدرجة يصعب على المرء أن يصدق عينيه وهو يقرأ "سلطة حصرية في التشريع، والتقاضي، وتنفيذ السياسات " وأيضا " المسؤولية عن ممارسات هذه السلطات بما ينسجم مع القانون الدولي " الذي تؤوّله أمريكا وإسرائيل كيفما شاءا. كذلك يحتفظ القضاء الإسرائيلي بسلطة حق النقض ضد أي تشريع فلسطيني قد يعرض المصالح الإسرائيلية للخطر. يقول الدكتور صائب عريقات إننا قد جنينا فوائد كثيرة من اتفاق أوسلو أهمها أن إسرائيل اعترفت بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وهذا اعتراف كبير لأن إسرائيل كانت لا تعترف بشيء اسمه الشعب الفلسطيني، قلت لأستاذنا الدكتور صائب في مقابل هذا أعطيتم إسرائيل اعترافا بالحق التاريخي في فلسطين وهذا ما كانت إسرائيل تحلم به، إذا أنتم منظمة التحرير أعطيتم لإسرائيل دون وجه حق ذلك الاعتراف، الأمر الثاني لقد توسعت إسرائيل في عملية الاستيطان في الضفة الغربية ومدينة القدس وهي في طريقها إلى تهويد المدينة المقدسة كاملة، قاطعني أستاذي الكبير بالقول كم مساحة البناء الذي شيدته إسرائيل حتى الآن في الضفة الغربيةوالقدس إنه لا يتجاوز 1.1% قلت وماذا عن الطرق والارتدادات لكل هذه المباني والخدمات، قلت إنه رقم تضليلي 1.1 % غير مقبول لكنه والحق لم يسمعني لأنه انشغل بسؤال آخر من أحد الحضور. أردت أن أقول أنتم في السلطة تتحدثون عن الديمقراطية كثيرا، لكنكم ناصبتم العداء لحركة حماس التي فازت في الانتخابات ولم تمكنوها من إدارة السلطة منذ اليوم الأول وما كان يفعله دحلان ورجاله والسلطة الأمنية في غزة إبان تكليف حماس بتشكيل الحكومة كانت عملية إفشال، وأردت أن أذكره بما قاله الأب " أبو علاء " ساعة إعلان النتيجة وعلى شاشات التلفزة العالمية وهو يشوح بيده احتجاجا على النتيجة " خلينا نشوف شو بيقدروا يسووا " وعندما قال دحلان " سأرقصهم خمسة بلدي " وغير ذلك آخر القول: إنه حديث لم ينته ولكني أعترف أنه سحرني برقته وتواضعه وغزارة علمه وتجربته فتحية له ولأمثاله من الشرفاء. نقلا عن صحيفة الحياة