الحديث عن تأسيسية الدستور، أخذ منحنى آخر غير المأمول فيه، بمعنى أن هناك اختلافاً شديداً بين الفقهاء القانونيين والدستوريين حول تشكيل اللجنة التأسيسية. وهذا مادفع البعض إلى القول بأن مجلس الشعب يشهد أيامه الأخيرة، انتظاراً لقرار المحكمة الإدارية العليا بتقدير جدية الدفع بعدم دستورية قانون مجلس الشعب فى وضع اللجنة التأسيسية المكلفة بوضع الدستور وإحالة الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل فى دستورية القانون.. وهذا الرأى يؤيده الدكتور محمد نور فرحات وأوضح أنه لو قضت المحكمة بعدم دستورية القانون الذى سوف يتم بموجبه وضع الجمعية التأسيسية فإن ذلك يستوجب حل مجلس الشعب..ويستنكر أصحاب هذا الرأى مشاركة أعضاء مشكوك فى شرعيتهم بالبرلمان ضمن أعضاء اللجنة التأسيسية. ويرى أصحاب هذا الرإى أن تصريحات الدكتور سعد الكتاتنى رئيس البرلمان بأن وضع الدستور سوف يكون بالمشاركة لا بالمغالبة، تشبه الكلام المرسل لا يتم تنفيذه، ملفتين النظر إلى أن جماعة الإخوان تقول ما لا تفعل، بل أن هناك من يعضد هذا الرأى بالقول مثل الفقيه إبراهيم درويش، والذى يؤكد أن هناك صفقات تمت بين «الجماعة» والمجلس العسكرى.. وذهب أصحاب هذا الاتجاه الى أن البرلمان فى نزاعه الأخير، وعادوا الى القول بأن التعديلات الدستورية التى تم الاستفتاء عليها بأنها كارثية، ووصفوا السلفيين بأنهم كارثيون لا يعرفون معنى كلمة دستور ولم يشاركوا أصلاً فى الثورة. أما أصحاب الرأى الثانى وطبعاً على رأسهم المستشار طارق البشرى، فيؤكد أن الحديث عن عوار تأسيسية الدستور هو«هذيان فى هذيان»، موضحاً أن الإعلان الدستورى يتيح انتخاب الأعضاء من داخل البرلمان وخارجه، بل وصف «البشرى» قرار الهيئة المشتركة بين مجلسى الشعب والشورى من الأعضاء المنتخبين حول اختيار 50٪ من مجلسى الشعب والشورى و50٪ من خارجه بأنه دستورى وطبيعى.. وأوضح أن المادة 60 من الإعلان الدستورى تنص على أن يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى فى اجتماع مشترك بدعوة من المجلس العسكرى خلال ستة شهور لانتخاب الجمعية التأسيسية من مائة عضو تتولى إعداد مشروع الدستور الجديد.. ويقضى الإعلان الدستورى حق انتخاب أشخاص من داخلهم أو خارجهم وأن القواعد التى يجرى وضعها تخضع للسلطة التقديرية للهيئة وأن قرارهم صحيح ويدخل فى نطاق عملهم الإدارى، كما أن المستفتى عليه من الشعب هو أحكام دستورية لا يجوز الطعن عليها سوى أمام المحكمة الدستورية وأنها ملزمة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ولا يجوز تعديلها إلا باستفتاء جديد، ومن هنا ليس من القانون أن يطعن أحد على الإعلان الدستورى.. بوجهتى النظر السابقتين يكون الشعب المصرى حائراً بين مؤيدين ومعارضين لتشكيل الجمعية التأسيسية التى ستضع دستوراً جديداً للبلاد.. رغم أننا فى حاجة ماسة وشديدة لوضع دستور جديد يلائم مرحلة ما بعد الثورة المباركة.