هاجم مجهولون اليوم وفدا حكوميا أفغانيا مكلفا بالتحقيق في مجزرة راح ضحيتها 16 مدنيا بأيدي جندي أمريكي في جنوب البلاد، ما أدى إلى مقتل جندي وإصابة شرطي بجروح، بحسب الحكومة التي اتهمت متمردي طالبان بالوقوف وراء هذا الهجوم. وفي شرق البلاد، تجمع بضع مئات من الاشخاص لفترة قصيرة وهم يهتفون "الموت لامريكا" في جلال آباد، في تظاهرة هي الاولى منذ المجزرة التي اثارت مخاوف من اندلاع موجة جديد من اعمال العنف بعد المواجهات الدامية في فبراير الماضي اثر احراق نسخ من القران. وقال الرئيس الامريكي باراك اوباما في كلمة بثتها مباشرة شبكات التلفزة الامريكية، "استطيع ان اطمئن الشعب الامريكي والشعب الافغاني باننا سندع التحقيق ياخذ مجراه، ايا تكن الخلاصة التي سيتوصل اليها، وسنعمل على ان يحاسب كل من هو متورط محاسبة كاملة بكل ما يتيحه القانون". واضاف "من الواضح اننا نواجه تحديا صعبا في افغانستان، لكني واثق من اننا قادرون على تحقيق اهدافنا وحماية بلادنا وانهاء هذه الحرب بطريقة مسؤولة". بالمقابل اعتبر السناتور الجمهوري جون ماكين الثلاثاء ان مهمة القوات الاميركية في افغانستان مهددة بالفشل بسبب الاعلانات المتكررة من قبل الرئيس الامريكي عن سحب القوات الامريكية من هذا البلد ما يشجع مقاتلي طالبان على مواصلة الحرب. وراى ان موقف الرئيس الامريكي هذا "يزيد من المخاطر من وجهة النظر العسكرية". وتعرض الوفد الحكومي الافغاني المكلف التحقيق في المجزرة لهجوم في منطقة بنجاوي معقل حركة طالبان في ولاية قندهار حيث قتل جندي اميركي من قوات الحلف الاطلسي (ايساف) سكان ثلاثة منازل في قرى مجاورة من بينهم تسعة اطفال وثلاث نساء ثم احرق جثثهم قبل ان يعود الى قاعدته ويسلم نفسه. واعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية صديق صديقي ان "واحدا على الاقل من الاعداء اختبأ وفتح النار عند وصول الوفد مما ادى الى مقتل جندي واصابة شرطي بجروح"، موضحا ان البحث جار عن منفذ او منفذي الهجوم. وتشير السلطات الافغانية عادة بتعبير "عدو" الى متمردي طالبان الذين طردوا من الحكم في اواخر 2001 من قبل تحالف دولي بقيادة الولاياتالمتحدة ويشنون منذ ذلك التاريخ تمردا مسلحا ضد الحكومة وحلفائها الاميركيين. وتعهدت حركة طالبان الاثنين بالانتقام "لكل شهيد" من الذين قتلوا الاحد بايدي "الهمجيين الاميركيين المختلين عقليا". واشار مراسل لوكالة فرانس برس في المكان الى ان اثنين من اشقاء الرئيس حميد كرزاي كانا ضمن الوفد الاتي من كابول يرافقهما مسؤولون محليون. واضاف "لقد استمر اطلاق النار عشر دقائق تقريبا". واشار شاهد اخر الى اطلاق "وابل من الرصاص". وعاد قسم من الوفد الى قندهار كبرى مدن الجنوب على مسافة 45 كم من المكان الا ان افرادا اخرين بقوا في المكان للتحقيق بمجزرة الاحد، بحسب احد افراد الوفد. وفي جلال اباد، كبرى مدن شرق افغانستان تظاهر حوالى 400 طالب بهدوء الثلاثاء ضد الولاياتالمتحدة لمدة ساعتين قبل ان يتفرقوا دون حوادث. ورفع المتظاهرون لافتات كتبت عليها شعارات معادية للولايات المتحدة والرئيس الامريكي باراك اوباما منها "الجهاد السبيل الوحيد لطرد المحتلين الامريكيين من افغانستان". وفي واشنطن، اعلنت وزارة الخارجية ان الحكومة لا تزال "قلقة" من احتمال ان تؤدي المجزرة الى حركة احتجاجية شبيهة بتلك التي تلت قيام جنود امريكيين في اواخر فبراير باحراق مصاحف في قاعدتهم في باغرام، شمال كابول. واثار العمل تجمعات معادية للولايات المتحدة نجمت عنها اعمال عنف وادت الى سقوط قرابة 40 قتيلا في مختلف انحاء البلاد. وطالب المتظاهرون في جلال اباد بمحاكمة مرتكب المجزرة علنا في افغانستان. الا ان الولاياتالمتحدة اعلنت ان الجندي سيمثل امام القضاء العسكري الامريكي. وهو يواجه امكان الحكم عليه بالاعدام في حال ادانته، حسب ما اوضح وزير الدفاع ليون بانيتا. وقال البنتاغون انه يرجح ان يكون العمل منفردا لكن دوافعه لم تتبين بعد. وتثير المجزرة مخاوف من تعقيد المفاوضات الصعبة بين واشنطنوكابول حول طبيعة الوجود الامريكي في افغانستان بعد العام 2014 فيما من المفترض ان تسحب ايساف عناصرها ال130 الفا (من بينهم 90 الف جندي اميركي من البلاد). وازاء تزايد التعقيدات مؤخرا اثار بعض القادة الغربيين احتمال انسحاب مبكر على الرغم من ضعف الحكومة في كابول. الا ان الرئيس الامريكي باراك اوباما حذر الاثنين من اي انسحاب "متسرع" من افغانستان. وقال "من المهم ان نؤمن انسحابا بشكل مسؤول حتى لا نضطر الى العودة لاحقا". ونددت ايران الثلاثاء تعليقا على مجزرة الاحد ب"جرائم" القوات الامريكية في افغانستان وطالبت برحيلها سريعا من افغانستان. وفي مقال مشترك نشرته صحيفة والواشنطن بوست الامريكية الثلاثاء بمناسبة زيارة رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون الى الولاياتالمتحدة اعرب اوباما وكاميرون عن "اعتزازهما بالتقدم الذي تحقق" في افغانستان "للقضاء على القاعدة وكسر زخم طالبان وتدريب القوات الافغانية". وتابع الاثنان في هذه المقالة "الا انه وكما تذكرنا به الاحداث الاخيرة، فان المهمة تبقى صعبة. اننا نوجه تحية الى التضحيات التي تقدمها قواتنا، وباسم جنودنا سنواصل مهمتنا".