«سها» داخت للتحويل إلى «إعلام» و«هدير» تصف الإدارة ب«مرات أبونا» حواجز حديدية يجلس خلفها أعداد كبيرة من الموظفين، وبها عدة ممرات فى آخرها نوافذ خشبية، كل ممر منها به طابور طويل للبنات وآخر للشباب. يبدأ الطلاب يتوافدون أمام هذه النوافذ فى تمام الساعة التاسعة صباحا حتى الساعة الثانية ظهراً، فى مشهد هزلى، تكثر فيه المشاجرات بين الطلبة وبعضهم البعض، وبين أحد موظفى الشئون، خاصةً مع بداية العام الدراسى، ورغبة جميع الطلاب فى دفع المصاريف واستخراج الكارنيهات، فالأمر إما ينتهى بفض الطابور الطويل وإنجاز المهام، أو بغلق الموظف النافذة فى وجه الطالب مردداً فى تلك اللحظة مقولة «فوت علينا بكرة». حكايات الطلبة مع موظفى الشئون لا تنتهى، فتحكى «سها محمد» طالبة بثانية إعلام: «واجهتنى مشكلة فى بداية التحاقى بالجامعة، التحقت بالكلية على سياسة واقتصاد بنى سويف وكنت أرغب فى التحويل إلى إعلام، ورفضت وقتها موظفة الشئون طلب التحويل لأن كلية السياسة والاقتصاد تابعة لبنى سويف، أما الإعلام فهى تابعة للقاهرة، ووقتها رفضت إعطائى الملف، وإعادة المصاريف لى مرة أخرى. وأشارت إلى أنها عندما ذهبت إلى شؤون كلية الإعلام وجدت أنها تستطيع بسهولة التحويل إلى هذه الكلية دون مكتب شئون بنى سويف، ولكن لم يخل الأمر من المناوشات بينها وبين موظفى جامعة القاهرة فى ذلك الوقت نتيجة الزحام، وعدم السرعة فى إنجاز الخدمات. وأضافت: أول ما ذهبت لنافذة شئون الكيلة، سارعت الموظفة، وقالت لى: انتى مش شايفانى بفطر يا آنسة، أقفى فى الطابور. هذه الكلمات رددتها الموظفة أثناء احتسائها كوب شاى بالحليب وهو ما جعل «سها» تلعن «يوم ما فكرت تحول من كلية لأخرى»، وجعلتها تشعر بأن بدايتها فى الجامعة مأساوية و«كشرية» مثل موظفة الجامعة، خصوصا أن بعض الموظفات سخرن من صورتها الشخصية ولهجتها الريفية. اعتاد عمر مجدى طالب بكلية التجارة عمل اشتراك المترو مع بداية العام الدراسى، فى كل مرة يعيش معاناة لا تنتهى إلا باستخراج كارنيه المترو، ويشرح «مجدى» أزمته مع شؤون الطلبة قائلاً: بنزل كل سنة اشترى استمارة الاشتراك، وتأخذ منى الموظفة الصور علشان تحولها لوكيل الجامعة لختمها، ولكن السنة فوجئت أننى لا أستطيع استخراج كارنيه المترو إلا بعد دفع مصاريف الجامعة، وبعدها أنتظر أسبوعين حتى أحصل على كارنيه الجامعة أولاً، ثم أقدم استمارة اشتراك المترو بعد ذلك. وأضاف: مش ممكن أقدر أدخل مكتب شؤون الطلبة الساعة التاسعة صباحاً، لابد أن أنتظر للعاشرة ونصف حتى يكون الموظفون تناولوا وجبة الإفطار، أما الساعة الواحدةً ظهراً، تبدأ الموظفات فى سرد أزماتهن المنزلية ومشاكل حياتهن اليومية، وإذا قطعنا حديثهن.. بنتشتم. اليوم العالمى للبهدلة معاناة الطلاب مع مكاتب الشئون لا تتوقف على التحويل من كيلة لأخرى أو استخراج كارنيه اشتراك المترو، فهناك يوم عالمى للبهدلة بحسب ما يطلق عليه «الطلبة»، هو يوم خاص بتسجيل المواد الاختيارى لكل مرحلة دراسية بالكلية، وعادةً تبدأ من الساعة التاسعة صباحاً، والساعة الرابعة عصراً فى الموقع الالكترونى، وفى الحالتين.. المشاكل لا تنتهى. فوصفت هدير إبراهيم طالبة بكلية الآداب، شئون الطلبة ب«مرات أبوها»، تلك الزوجة التى لا تتمنى الخير أبدأ لأولاد زوجها، و«تعكنن عيشتهم»، مشيرةً إلى أن الطلاب يتوافدون على نوافذ الشئون فى الساعة الثامنة صباحاً لحجز مكان فى الطابور الممتد إلى نهاية الكلية، مشيرةً إلى أن الموظفين يعاملونهم بطريقة سيئة، وعندما نريد اختيار مادة معينة، يحتج موظف الشئون ويقول لنا: «دول الدكاترة الموجودين.. مفيش غيرهم». وتابعت: «حتى الطلاب الذين يسجلون من المنزل المواد الاختيارية، يشتكون من بطء الموقع الالكترونى، فمثلاً لو فتح الساعة 9 صباحاً.. الموقع بيقع 9 ودقيقتين، وعندما يفتح مرة أخرى يجد الطالب أن معظم المواد قد تم اختيارها والتسجيل فيها واكتفت من حيث العدد. وتحكى عبير أحمد طالبة بكلية التجارة، عن أحد المواقف التى تعرضت لها بمكتب شئون الطلبة: أول يوم دراسة، كنت سعيدة بأننى سأبدأ مرحلة جديدة، ودخلت المحاضرة الأولى، واستمعت جيداً للدكتور، وبعد المحاضرة مباشراً طلب منا الدكتور شراء كتاب معين له علاقة بدراستنا، وبالفعل ذهبت لدفع المصاريف واستلام الكتب المقررة علينا، فوجدت زحاما شديدا أمام الشبابيك، وعندما جاء دورى للاستلام بعد وقوفى أكثر من ساعة ونصف، قالت لى موظفة الشئون: «الساعة بقت 2 ظهراً، وقت العمل انتهى، فوتى علينا بكرة». وأشارت عبير إلى أن معاناتها مع شئون الطلبة لم تتوقف عند هذا الحد، فعندما رغبت فى استخراج إثبات قيد بالجامعة، انتظرت أكثر من ساعة، ثم لفيت «كعب داير» أى قال لى الموظف: «اطلعى لفلان حتى منه خاتم، وهاتى امضاء من فلان وغيره، لافتةً إلى أنها عندما طلبت من إحدى الموظفات أن تقوم بهذه المهام، فجأة تغير لون جلدها، وحدثتنى بنبرة غاضبة وقالت: «هو احنا هنشتغل عندكم كمان، مش شايفانى بخلص حاجات قدامى، روحى انتى خلصى الحاجات أو فوتى علينا بكرة». ويتفق معها، أحمد خالد، طالب بكلية الآداب، قائلا: إحنا بنوصل لشباك مكتب الشئون بقوة الدفع، وأحياناً بتتسرق أغراضنا، وخناقات لا تعد ولا تحصى، وكل ده علشان مفيش تنظيم فى الكلية، وفى النهاية بعد التعب والإجهاد والوصول إلى الشباك، الموظفون يرفضون اطلاعنا على الورق ويقفلون الشباك فى وشنا».