قبل احتفالات عيد الأضحى.. احذر من عقوبات التنمر والتحرش والتعدي على الغير    فتح مجازر محافظة الجيزة بالمجان للمواطنين خلال أيام عيد الأضحى    استبعاد الأمير هاري وزوجته من حفل عيد ميلاد الملك تشارلز    روسيا: ليس لدينا أي رسائل موجهة للمشاركين بقمة أوكرانيا في سويسرا    الفصائل الفلسطينية توجه رسالة إلى الحجاج في يوم عرفة.. ماذا قالت؟    عاجل.. الأهلي يحسم مصير عودة محمد شريف    120 مركز شباب في القليوبية تفتح أبوابها للمصلين في عيد الأضحى    وكيل أوقاف «كفر الشيخ»: تجهيز 385 ساحة لصلاة عيد الأضحى المبارك    الهروب الفاشل إلى الوصفة الفرنسية    ما المنطقة التي يحظر على الحجاج الوقوف بها؟.. «تفسد الحج وتوجب القضاء»    إحالة مديري وحدتي الرعاية الأساسية بالميدان والريسة ب العريش للتحقيق بسبب الغياب    لا تتناول الفتة والرقاق معًا في أول يوم العيد.. ماذا يحدث للجسم؟    نقل حفل كاظم الساهر من هرم سقارة ل القاهرة الجديدة.. لهذا السبب    خطبة وقفة عرفات الكبرى: الشيخ ماهر المعيقلي يخاطب أكثر من مليوني حاج    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    بث مباشر الآن.. الحجاج يؤدون الركن الأعظم على جبل عرفات اليوم (شاهد وقفة عرفة لحظة بلحظة)    «دعاء ذبح الأضحية».. «إِنَّ صلاتي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ»    كولر يمنح لاعبي الأهلي راحة لقضاء عيد الأضحى مع أسرهم    الليلة.. عمرو دياب يبدأ سلسلة حفلات عيد الأضحى ببيروت    كل ما تريد معرفته عن خاصية الرد الآلي على استفسارات الخدمات الإلكترونية لوزارة الداخلية    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثالث من يونيو 2024    الدفاع المدنى الفلسطينى: قطاع غزة يشهد إبادة جماعية وقتلا متعمدا للأطفال والنساء    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري يوم السبت 15 يونيو 2024    تداول 12 ألف طن بضائع بموانئ السويس والبحر الأحمر    ميسي يتصدر قائمة الأرجنتين النهائية لبطولة كوبا أمريكا 2024    وفاة حاج عراقي علي جبل عرفات بأزمة قلبية    بعثة من المجموعة الإنمائية «SADC» تطلع على التجربة المصرية في التعليم الرقمي    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    الكشف على 900 حالة خلال قافلة نفذتها الصحة بمركز الفشن ببنى سويف    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الترجمة التخصصية باللغة اليابانية بآداب القاهرة    موندو ديبورتيفو: نيوكاسل يخطط لضم ثنائي برشلونة    تعرف على المقصود برمي الجمرات.. والحكمة منها    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    جورج كلونى وجوليا روبرتس يشاركان فى فعالية لجمع التبرعات لحملة بايدن    عن عمر يناهز 26 عاما.. ناد إنجليزي يعلن وفاة حارس مرماه    رئيس جامعة المنوفية يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بحلول عيد الأضحى    تخصيص 206 ساحات و8 آلاف مسجد لأداء صلاة عيد الأضحى بسوهاج    الصحة السعودية: لم نرصد أي حالات وبائية أو أمراض معدية بين الحجاج    تدعم إسرائيل والمثلية الجنسية.. تفاصيل حفل بلونديش بعد المطالبة بإلغائه    شروط تمويل المطاعم والكافيهات وعربات الطعام من البنك الأهلي.. اعرفها    نزلا للاستحمام فغرقا سويًا.. مأساة طالبين في "نيل الصف"    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    بقايا الجيل الذهبي تدافع عن هيبة تشيلي في كوبا أمريكا    بحجة ارتفاع أمواج البحر.. تفاصيل نقل الرصيف العائم من شاطئ غزة إلى ميناء أشدود الإسرائيلي    هالة السعيد: 8.6 مليار جنيه لتنفيذ 439 مشروعا تنمويا في البحيرة بخطة عام 2023-2024    البحيرة.. غلق مخابز ارتكبت مخالفات في كفر الدوار    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    محمد رمضان يكشف عن أغنيته الجديدة "مفيش كده".. ويعلق: "يوم الوقفة"    ننشر أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى في السويس    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    «التموين»: صرف الخبز في المدن الساحلية دون التقيد بمحل الإقامة المدون بالبطاقة    ب«6 آلاف ساحة وفريق من الواعظات».. «الأوقاف» تكشف استعداداتها لصلاة عيد الأضحى    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة في وقفة عرفة    ما هو يوم عرفة؟    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    بعد تدخل المحامي السويسري، فيفا ينصف الإسماعيلي في قضية المدافع الفلسطيني    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثوّار جدعان وعلوج بلطجية
نشر في الوفد يوم 17 - 02 - 2012

كثر في الحديث اليوم ونحن نعايش خضم تحولات تاريخية، استخدام تعابير ومصطلحات مثل "البلطجية" عند المصريين،
و"الزعران" و"الشبيحة" عند الشوام، و"الأشقياء والعلوج" عند العراقيين.. ولا ندري كم أعداد مثل هؤلاء في مجتمعاتنا حتى يؤثروا في ميزان الأحداث المصيرية؟ ولكننا ندري من الذي صنعهم وقام بتفريخهم في أغلب مجتمعاتنا بهذا الحجم، خصوصاً إذا علمنا أن كل مجتمع يحتوي على بعض من هؤلاء، ولكن لا يمكن تخيّل سيولهم الجارفة الكبيرة في مجتمعاتنا التي تبدو وكأنها محرومة من الهواء الذي يمكن أن يتنفسه الثوار الشرفاء من "الجدعان".. والمصيبة أن يتصور الناس أن الجميع ملائكة وقديسون ووطنيون شرفاء ومناضلون!
لا أحد يستطيع في طول عالمنا العربي وعرضه، معرفة ما الذي يجري هنا أو هناك في زمن يتفوق فيه خراب البلطجية في المجتمع، بعد أن نالوا من مؤسسات الدولة إثر اختراقها من قبل بلطجية زعماء ومرتزفة! فقد كانت أنظمة الفساد السياسي العربية حاضنة لصنع هذا الخراب، بخلقها لهذه الظاهرة في مجتمعات عريقة.. فالأنظمة السياسية هي المسؤولة عن نمو هذه "الظاهرة" القاتلة، وكان البلطجية وما زالوا يبيعون شقاوتهم وفنون سيئاتهم لتلك الأنظمة، بل إن بعض الأنظمة البوليسية استخدم حتى بعض الفنانين والفنانات في أجهزتها المخابراتية!
فما الذي نجده اليوم، ونحن نرى حجم الخراب الذي يمارسه البلطجيون، الذين بإمكانهم التخفّي بأثواب مختلفة الألوان؟ فهم قادرون أن يكونوا ثواراً مع أية ثورة، بل وقادرون أن يكونوا عقائديين مع أية يافطة أيديولوجية.. وقادرون أيضاً على أن يكونوا أدوات ومرتزقة لهذا المرجع الديني أو ذاك الزعيم الطائفي.. وهم يتحركون في إطار مصالح. إن وزارات الداخلية العربية تتحمّل وزر هذا الغثاء الأعمى الذي عمّ مجتمعاتنا، كما أن بعض حكوماتنا العربية قد اتبعت أساليب سيئة في التربية والإعلام، ناهيكم عن تدني مستويات العيش والانسحاقات والحروب، الذي وّلد كل هذا الدمار الاجتماعي في مجتمعاتنا العربية.
كانت الأزمات على زمن الدكتاتوريين سياسية محضة، سواء بوصولها إلى ذروة صراعاتها، أم نزولها إلى أسفل أوضاعها. ولكن أزماتنا اليوم بعد مرور أكثر من سنة على اندلاع الثورات العربية، هي اجتماعية بالدرجة الأساسية، ذلك أن مجتمعاتنا العربية تبدو وقد تآكلت دواخلها كثيراً، وتعمّق شرخ الانقسامات الاجتماعية فيها، وتراجعت بنياتها بانهيار جملة هائلة من الأخلاقيات التي كانت مجتمعاتنا قد تعارفت عليها منذ أزمان طوال، وتضخم حجم من أسموهم "البلطجية" ومن على غرارهم، بعد أن اعتمدت السلطات الراحلة على مهمشين ومرتزقة وجواسيس وعملاء وكتّاب مأجورين، وأولاد شوارع ورعاع من سقط المتاع.
وإذا كان بعض الحكّام والرؤساء قد فشلوا في إدارة مؤسساتهم وتسيير حكوماتهم ودولهم، فعمّها الفساد والطفيليون، فإن هؤلاء جميعاً اشتغلوا في مجتمعاتنا بمعزل عن أي وعي بالمواطنة، وبمعزل عن أية أخلاقيات في التعامل، ولا نظافة لهم في كل ما فعلوه في الخفاء.. جاءوا اليوم يزرعون الرعب، ويقتلون الناس، ويخطفون النساء، وينهبون المال العام، ويدمرون المؤسسات.. يشعلون الحرائق ويفجرون البشر.. يهددون ويعذبون ويسيئون.. يبثون الإشاعات وينشرون المآسي..
ماذا نسمّي هذه "الحالة"؟ لماذا تكاثر هؤلاء في مجتمعاتنا؟ لماذا اختلط الثوار الحقيقيون مع الأشقياء الموتورين؟ لماذا غدت مجتمعاتنا نهباً للهواجس والإشاعات والأكاذيب؟ لماذا عمّ التخلّف والانغلاق إزاء قضايا حيوية ووطنية وشعبية ملحة؟ لماذا توالدت قوى خفية شريرة في كل ممارساتها؟ لماذا سقط القانون مع انهيار الأنظمة؟ لماذا يعمّ الفساد في كل مكان؟ لماذا ندر الشرفاء وبدأ الخوف يساور كل العاملين الحقيقيين؟ لماذا تعمّ الفوضى في الشوارع؟ لماذا انهارت جدارات وهمية كانت قائمة بين الدولة والمجتمع؟ من قتل روح الدولة وقوانينها لحساب الإبقاء على السلطة الفلانية أو النظام العلاني؟
ما مصير مجتمعاتنا وهي تنتظر الخلاص من تناقضاتها ومشكلاتها من أجل الاستقرار وفرص التقدم؟ من شجع الرشاوى في المؤسسات الحكومية وخلق الفساد الذي عمّ أغلب مجتمعاتنا العربية؟ من سحق مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين؟ من قتل الاعتبارات الاجتماعية الأصيلة؟ من ضرب بمبدأ المال العام عرض الحائط، وخلق طبقة طفيلية لا أخلاقية جاحدة في المجتمع وتعاملت السلطات معها في صفقات مشبوهة؟ من شجّع انقسامات المجتمع وأسهم في تشظياتها دينياً وقبلياً وطائفياً ومذهبياً وجهوياً.. بعد أن سحقوها سياسياً وبثوا العنصرية وسحقوا الأقليات السكانية المتعايشة بروح المواطنة؟ وأخيراً، من قتل الأوطان ليصبح الزعماء أنفسهم أوطاناً؟
دعونا نسأل: ما العمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
لقد كانت لجيل الأوائل نزعة رائعة بتبشيرهم وتأكيدهم على "الأخلاق"، وأن "صلاح أمرك للأخلاق مرجعه" كما قال شوقي إذ عدّت مرجعاً أساسياً للإنسان، سواء في بيته أو عمله أو في أي مكان يتواجد فيه.. علماً بأن العرب ما زالوا ينتظرون حتى الآن نظرية أخلاقية أو أكثر، ولم نجدها أسوة بشعوب أخرى كي يعمل بها، فيختفي البلطجية نهائياً من حياتنا، وسوف لا نجد بلطجياً في بيته أو مع زوجته وأولاده.. ولا نجده في مدرسة أو جامعة أو مؤسسة أو سوق أو شارع.. وسوف يختفي كل البلطجية العرب، بدءاً ببعض الزعماء الذين يتصرفون كذلك، ووصولًا إلى بلطجية لبسوا لباس الدين.. ونزولاً إلى الآلاف المؤلفة من المهمشين في المجتمع!
فهل سيتحقق ذلك؟ إنني أشك!
نفلا عن صحيفة البيان الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.