كل ما نعرفه أنه قد مات، كيف؟، ما الذي رآه؟، ما الذي شعر به؟، هل تألم؟، من الذي قبض روحه؟، هل هيئته مخيفة أم مريحة؟، هل تحدث معه خلال عملية القبض؟، بلغتنا أم بلغته أم بلغة حالة الموت؟، كيف يمسك روحه وهى شفافة؟، هل يعلم أنه يموت؟، هل سيعرف ويشعر بمعنى الموت؟، هل تنقطع صلته بالدنيا بعد عملية القبض؟، هل ينتقل من وعى إلى وعى آخر؟، من وجود إلى وجود مضاد أو مغاير؟، هل فترة الموت وعى ووجود مؤقت أم دائم؟، أين يذهب بروحه؟، وهل روحه تظل واعية في الوعي الآخر؟، هل الروح من الممكن أن تدرك وتنطق وتحاور وتشعر وتتألم بدون جسد؟، هل سندخل خلال فترة الموت في حالة عدم وعى تشابه النوم؟. نحن لا نعرف ما الذى يشعر به، فقط ما نراه: لا يتنفس، قلبه يتوقف عن النبض، نجسه جسده بارد كالثلج، هنا فقط نتيقن أنه قد مات، يقال إنه سيعرف لحظة موته هل سيكون من أهل الجنة أم من أهل النار، ويقال إن الذين يقبضون روحه يطرحون عليه بعض الأسئلة، ويقال إنه خلال الثلاثة الأيام الأولى من انتقاله من حالة الحي إلى حالة المتوفى يشعر بأهله، وقد حكوا لنا كثيرا مع كل وفاة أن الميت يشعر ويسمع بما يدور حوله قبل نزوله القبر، سمعنا أن الملائكة تأتيه بعد انصراف مشيعيه وتسأله في القبر، من ربك؟، ومن نبيك؟، وماذا كنت تقول فى الدنيا؟، أكدوا لنا أنهم يضربون المثقل بالذنوب الذين أسرفوا على أنفسهم، وأنهم يستخدمون مقرعة في الضرب، أكدوا أن الضربة الواحدة من المقرعة تنزله سابع أرض وتعيده إلى القبر مرة أخرى. نحن لم نلتق مع أحد الذين قبضت روحهم، لم يعد أحدهم من الموت وحكي لنا ما شعر به، وما الذي حدث له؟، جميع الذين ماتوا لم يعودوا، ولم يخبرنا أحدهم بما دار خلال عملية الموت، البعض يؤكد أن الإنسان يشعر بموته قبل عملية القبض بأيام، والبعض يرى أن روحه تذهب إلى البرزخ، وقيل إنه فى البرزخ يظل فى حالة عدم الوعي، وعند قيام الساعة تنزل روحه إلى جسده ويقف في حضرة الله عز وجل. كل الذين عادوا من الموت عرفنا قصصهم من الله عز وجل، أحدهم مات مائة سنة، وآخرون ماتوا مدة غير معلومة، جميعهم عادوا من الموت ولم يعرفوا أنهم كانوا أمواتا، اعتقدوا أنهم كانوا في حالة النوم، لم يتحدث احدهم عن عملية القبض، ولا عما شعر به حالة انتقاله من حالة الحياة إلى حالة الموت، ولم يذكروا أنه كان هناك من قبض روحهم، ولا أين كانت روحهم كل هذه الفترة، كل ما فهمناه مما ذكره الله تعالى أنهم عند عودتهم إلى حالة الحياة مرة أخرى أكدوا أنهم ناموا لفترة طويلة، كما أن الذي كان يشاهدهم وهم في حالة الموت يظن أنهم في حالة النوم. هل سنموت مثل أهل الكهف؟، هل الموت الذي سنموته مثل موتهم؟، أظن ان حالة الموت ليست هى حالة أهل الكهف، أخشى كثيرا من الموت، من الانتقال من الحياة إلى ما وراء أو فوق الحياة، نصحونا كثيرا أن ندعو للأموات: أن يوسع عليه قبره، أن ينير له ظلمة القبر، وكأنه فى حالة وعى، يشعر بضيق المساحة ويدرك ضعف الإضاءة. من شاهد أحدهم يموت ذكر أن فقيده نظر إليه وتبسم، أو أن دمعة أخيرة سقطت على وجهه، وحكوا أن الموت يدرك الإنسان في أي مكان، جدي لوالدي رحمة الله عليه مات وهو يتوضأ لصلاة الفجر، والدى ووالدتي كانا في غيبوبة عندما داهمهما الموت، أحد الأصدقاء حكي لى كيف توفيت زوجته: كان يتحدثان أمام التليفزيون، تأخرت في الرد عليه، التفت نحوها، حدق فيها، وضع يده عليها.. لقد ماتت ... كيف؟، وما الذي شعرت به؟، هل تألمت؟، هل أدركت أنها تنتقل من حال الحياة إلى حال الموت؟.