كشفت الأزمة الأخيرة الناجمة عن قطع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب علاقاتها مع قطر بسبب دعم النظام القطرى للإرهاب والعمل مع إيران على زعزعة استقرار المنطقة، نفاق الدوحة التى حاولت الإيحاء فى السنوات الماضية بأنها ابتعدت عن المحور الإيرانى القائم على نشر الفوضى وضرب السيادة الوطنية للدول العربية. وما أن أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر مطلع يونيو الماضى عن الخطوة التى جاءت بعد أن ضربت قطر بعرض الحائط كافة تعهداتها السابقة بشأن وقف دعم الإرهاب والتآمر على دول المنطقة، سارع النظام القطرى إلى الارتماء بالحضن الإيرانى، مما يؤكد أن الخلافات التى كانت تتحدث عنها الدوحة مع إيران بعد عام 2011 الذى شهد ما يسمى بانطلاق الربيع العربى تندرج فى إطار سياسة النفاق القطرى - حسب وصف شبكة سكاى نيوز الإخبارية. فقطر حاولت عبر أذرعها الإعلامية منذ بدء الثورة على الرئيس السورى بشار الأسد الادعاء بأن علاقتها مع إيران وحزب الله وصلت إلى مفترق طرق بسبب دعم طهران للنظام السورى ضد مطالب أغلبية الشعب الذى زعمت الدوحة تبنيها، بيد أنها كانت على ما يبدو تعمل سرا مع إيران لشيطنة الثورة السورية عبر تقديم الدعم لجماعات متشددة على غرار جبهة النصرة التى تعد ذراع القاعدة فى سوريا، الأمر الذى أدخل البلاد فى دوامة من العنف وأضاع بوصلة الانتفاضة الشعبية. ودخلت قطر فى مهاترات إعلامية مع حزب الله وإيران، إلا أن الخطوط بينهما لم تنقطع، وهذا ما أكده أخيرا إبراهيم الأمين وهو رئيس تحرير صحيفة الأخبار التى ظهرت للنور عام 2006 بدعم قطرىإيرانى، لمساندة المشروع الإيرانى فى لبنان وسرقة مكاسب ثورة الأرز التى نجحت فى إجبار الجيش السورى على الانسحاب من البلاد عام 2005 وحاولت بناء دولة حديثة بعيدا عن سطوة الميليشيات. وفى مقال نشر الأسبوع الماضى، قال الأمين إن قطر عملت بعد خطة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب إلى "تسخين الهواتف" مع حزب الله، مؤكدا أن الخطوط لم تغلق بين الجانبين طوال السنوات الماضية، مشيرا إلى أنهما تعاونا فى ملفات سياسية إنسانية تتعلق بعمليات تبادل جرت مع مجموعات مسلحة فى سوريا، أو دعم حزب الله الوساطة التى أدّت إلى الإفراج عن الصيادين القطريين الذين احتجزوا فى العراق". والأمين الذى خلع البندقية القطرية بعد الأزمة السورية وهاجم الدوحة فى إطار الخدعة القطريةالإيرانية على ما يبدو قبل أن يعود إلى لعب دور المدافع عن قطر بعد الأزمة الأخيرة، لم يكشف سرا، فصفقات قطر حزب الله فى سوريا يعرفها الجميع، إلا أنه أكد ما كانت تحاول قطر طيلة 6 سنوات تقريبا طمسه عبر تصريحات رسمية أو المسرحيات الإعلامية التى كانت تدعى الخصام مع ميليشيات حزب الله. وحزب الله الذى استقبل أمير قطر السابق، حمد بن خليفة، بعد حرب يوليو 2006 كفاتح بعد أن أغدقت قطر الأموال على قادته، هو نفسه الذى كان الإعلام القطرى يصفه بالميليشيات الطائفية التى تعمل على قتل الشعب السورى ووأد الثورة السورية، ليتضح اليوم أم الأمر لا يتعدى التمثيلية السخيفة. والدوحة التى دعمت حزب الله فى انقلابه على الشرعية فى لبنان عقب اجتياح العاصمة بيروت فى مايو 2008 وتمكين إيران من إحكام قبضتها على هذا البلد، ليست إلا جزءا من مشروع خبيث فى المنطقة، قائم على ضرب السيادة الوطنية للدول لصالح الجماعات المتشددة أو مشروع الإسلام السياسى بوجهيه الشيعى ممثلا بإيران وميليشياتها، والسنى عبر تركياوقطر وتنظيم الإخوان وما تفرع عنه من جماعات متشددة. ووصف أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثانى فى تصريحات نقلتها الوكالة القطرية الرسمية جماعة «حزب الله» اللبنانية بأنها «حركة مقاومة»، وأكد أنه «ليس من الحكمة» العداء مع إيران الراعى الأكبر ل«حزب الله»؛ الجماعة التى اعتبرتها بعض دول الخليج لاسيما السعودية، «جماعة إرهابية». ورغم أن الدوحة اعتبرت التصريحات المنقولة عن أميرها بأنها «مفبركة» وتأكيدها على وقوع موقع وكالتها الرسمى فى فخ «القراصنة»، إلا أن التصريحات لم تخرج عن السياسة التى انتهجتها قطر فى السنوات الماضية تجاه الجماعة اللبنانية، وإن كانت العلاقة بين الجانبين «تعكرت قليلاً» بسبب الأزمة السورية، إلا أن التصريحات والتقارير تؤكد عودة المياه إلى مجاريها وإن كان القسم الأعظم من النهر، يجرى وراء الستار. وفى هذا دلالة على استمرار «العشق الممنوع». ولا يمكن نيسان كلمة رئيس البرلمان اللبنانى الحليف الأبرز لجماعة «حزب الله» نبيه برى فى عام 2008 أى بعد اتفاق الدوحة الذى توصلت إليه الفصائل اللبنانية لإنهاء 18 شهراً من الأزمة السياسية فى لبنان شهدت بعض الفترات منها أحداث دامية كان واضحاً خلال الدعم القطرى لحزب الله وحلفائه (فريق الثامن من آذار) مقابل تيار المستقبل وحلفائه (فريق الرابع عشر من آذار). ولكن حينها لم يكن سبيلاً سوى الاتفاق إذ إن الأزمة كانت قد أصابت حياة المواطن اللبنانى بالشلل حيث كانت ميليشيات حزب الله قد أغلقت أهم مراكز بيروت الاقتصادية والسياسية. بعد الاتفاق توجه نبيه برى لأمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى قائلا: «أول الغيث قطرة.. فكيف إذا كان قطر . ولعل المحطة الأبرز التى جعلت حزب الله يستقوى على سائر الفرقاء اللبنانيين كانت بعد الزيارة التى قام بها أمير قطر السابق للبنان. ففى عام 2010 حلّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى ضيفاً على جنوبلبنان معقل حزب الله الأبرز، حيث قام بجولة على القرى التى أسهمت قطر فى إعمارها بعد الحرب مع إسرائيل فى العام 2006. وقد استُقبل أمير قطر بترحاب كبير فى البلدات التى مر فيها، كما نظّم له «حزب الله» استقبالاً شعبياً مشهوداً فى معقله؛ «بنت جبيل». وخلال الزيارة، التى صاحبه فيها أيضاً الرئيس السابق ميشال - سليمان والرئيس سعد الحريرى، سجّل «حزب الله» حضوراً لافتاً من خلال عدد من قيادييه، بينهم مسؤول الحزب فى الجنوب حينها الشيخ نبيل قاووق، وعدد كبير من أعضاء مجلس النواب اللبنانى عن الحزب. و«شكراً قطر»، عبارة صرح بها إعلام «حزب الله» على شكل إعلانات، كما امتلأت بها الشوارع اللبنانية المختلفة.