فى خضم الأحداث الجارية ومرور سنة كاملة على الثورة المجيدة، وانشغالنا بحق الشهداء فى القصاص لهم، والمحاكمات الهزلية التى تجرى للنظام الفاسد البائد، ومحاولات الضغط لنقل السلطة إلى المدنيين..ولأن الثورة العظيمة اندلعت يوم «25يناير» 2011، ومر عام كامل ولم تتحقق كل مطالب المصريين فى الحرية والعدالة الاجتماعية بشكل كامل.. . وبسبب الغياب الأمنى الملحوظ فى البلاد منذ اندلاع الثورة، حتى رأينا الشارع المصرى يسيطر عليه البلطجية وتتم فيه عمليات سطو وإرهاب لخلق الله فى عز الظهر فى العاصمة، بالإضافة إلى البلاوى الكثيرة التى تحدث فى الأقاليم.. كل ذلك لا يجعلنا أبداً أن ننسى دوراً بطولياً للشرطة قامت به برئاسة الزعيم خالد الذكر فؤاد سراج الدين خلال الفترة من 25 يناير وحتى حادث، فبراير عام 1952. فؤاد سراج الدين الذى قاد حركة الشرطة ضد المستعمر البريطانى فى القنال، وأنزل بالمستعمر البريطانى الويلات والويلات، وجعل بريطانيا العظمى حينذاك تصرخ من هول الخسائر التى لحقت بها فى معركة القنال، لقد قامت الشرطة المصرية فى ذلك الوقت ببطولات خارقة خلدها التاريخ بحروف من نور،وقد حسبها المؤرخون بمثابة اللبنة الأولى التى جعلت الإنجليز يفكرون فى الجلاء عن مصر، فمنذ قام الزعيم خالد الذكر مصطفى النحاس بتشكيل الحكومة الوفدية الأخيرة، وألغى معاهدة 1936 التى وقعها قبل ذلك، وأمر صراحة بالحرب على بريطانيا مما أغضب القصر، وقاد حزب الوفد حركة الجهاد المسلح ضد المستعمر. وتجلت بطولات المصريين فى قوات الشرطة التى قادها فؤاد سراج الدين فى أعظم صورها فى معركة القتال..وكما قال المؤرخون ان معركة القنال هى التى ألهبت مشاعر الضباط الأحرار لثورة 1952 فيما بعد، ثم انقلبوا على هذا الدور الوطنى بعد ذلك لحزب الوفد وزعمائه النحاس وسراج الدين. فى 25 يناير 1952 قامت قوات بلوكات النظام بضرب أروع مثل فى الدفاع عن مصر، وإنزال الخسائر الفادحة بالقوات البريطانية وهو ما اتخذته الداخلية فيما بعد عيداً للشرطة، وهو نفس اليوم الذى اندلعت فيه ثورة 25 يناير 2011، وضربت فيه الداخلية أسوأ مثل فى قتل المتظاهرين والثوار المصريين على يد حبيب العادلى جزار الداخلية... وهذا هو الفرق بين فؤاد سراج الدين وزير الداخلية الذى قاد أروع الأمثلة فى النضال الوطنى، وبين وزراء الداخلية الذين أتوا من بعده، الذين أذاقوا الشعب المصرى المر والهوان حتى اندلعت ثورة يناير المجيدة. فؤاد سراج الدين الوزير الذى وضع لبنة طرد المستعمر البريطانى، و3 وزراء داخلية حالياً تولوا المسئولية فى عام واحد ومازال الأمن غائباً عن الشارع حتى الآن.. نهب وسطو وسرقة وبلطجية فى الشوارع، ومواطنون تسيل دماؤهم جهاراً نهاراً، وبنوك تسرق على عينك ياتاجر... المصريون هم المصريون قديماً وحديثاً والمتغيرون هم الحكام والوزراء، لكن الفرق أن هناك رجالاً وطنيين أحبوا مصر، وغيرهم لا يعبأون بمصلحة هذا البلد ويسعون إلى تحقيق مصالحهم الشخصية.. الأمانة اقتضت منا فى ظل الأحداث الجارية ألا ننسى زعيماً وقائداً ووزير داخلية من أعظم ما أنجبت مصر أن نذكره فى هذه الأيام ونترحم على دوره الوطنى والبطولى.. فؤاد سراج الدين الذى اقتربت رقبته من حبل المشنقة فى سبيل طرد الإنجليز.. وآخرون قتلوا المصريين ولا يقترب من رقابهم القصاص العادل.