"زوجي يريد أن يسلم نفسه ولم يعرف اين يتوجه" هذه الكلمات جاءت علي لسان زوجة احد المساجين الذين هربوا من سجن أبو زعبل عقب اقتحامه. كثرت الشائعات والتأويل حول قراءة مشهد تفجير السجن، وتسبب الإعلام العربي في إرباك المواطن من خلال التضارب في بعض المعلومات فهناك من أكد ان هروب المساجين كان بأمر من ضباط السجن، وآخر يقول ان السجناء هم من أثاروا الفوضي واعتدوا علي العساكر وفروا هاربين، لذلك قرر الوفد أن يتجول داخل سجن ابي زعبل حتي يري بنفسه الحقائق بعد تفحص السجن، ويسمع من شهود العيان المشهد الحقيقي للحظة الاقتحام وهروب المساجين، ليضع أمام القارىء الصورة الحقيقية دون تزييف أو تأويل. تحركت سيارة الجريدة متجهة في البداية إلي سجن أبو زعبل لتتفاجئ اثناء سيرها بسيارات محطمة وعلي جانبي الطريق قبل وصولنا الي السجن، وأمام السجن رأينا سيارتين شرطة بوكس محترقتين علي شاطئ ترعة الاسماعيلية، ومياه الترعة تحمل ملابس ممزقة زرقاء خاصة بالسجناء، وقبل دخولنا بوابة السجن تحدثنا مع خالد زينهم أحد أعضاء اللجان الشعبية بمنطقة أبو زعبل قال: "فوجئ أهالي المنطقة بصوت إطلاق نار بشكل متواصل من أفراد ملثمين معهم أسلحة رشاشة وكان معهم سيدات في السيارات، وجاء معهم 3 لودارات لهدم حوائط السجن لتهريب المساجين عقب معركة بشعة أسفرت عن مقتل 22 عسكرياً وسجيناً علي حد تقديره، وأوضح أن الأهالي وقفوا مع ضباط السجن وقاموا بإيوائهم بعد أن فرغت أسلحتهم من الذخيرة وإعتدي علي بعضهم وقتل الاخر. وأثناء حديث الوفد مع اللجان الشعبية وجد بعض السجناء يتوجهون الي السجن لتسليم أنفسهم . وعلمت "الوفد" ان السجن العسكري بمنطقة أبو زعبل تم اقتحامه أيضا في نفس الوقت، وقال محمد محمد بسيوني احد السجناء السياسيين "انا صدر ضدي حكم بالحبس سنتين وباقي 70 يوماً ليتم إطلاق سراحي، إلا انني فوجئت بإطلاق نار الساعة 2 فجرا، ودخلوا علينا حوالي 350 شخصاً ملثماً، أمرونا بالخروج تحت تهديد السلاح، علي الرغم ان هناك مساجين كان موعد خروجهم نفس اليوم، فرفضوا الخروج من السجن فأطلق الملثمون طلقات النار عليهم"، واستكمل كلامه وهو يسترجع لحظات الرعب قائلا "خرجت مسرعا إلي الشارع وتوجهت لأقرب منزل واتصلت بأحد أقاربي ليأتي لأخذي، والآن جئت لتسليم نفسي حتي أقضي باقي عقوبتي" ودخل الوفد من بوابة سجن أبو زعبل التي كانت مفتوحة علي مصراعيها بلا حراسة، ليشاهد حالة من الفوضي والخراب داخل السجن، وعلي الجانبين سيارات شرطة محطمة ومشتعلة، وبرك من المياه يغرق بها جوال الأطعمة المخزنة مما تسبب في إنتشار رائحة عفنة تسيطر علي أنف كل من يدخل السجن. وتقابل الوفد مع السجين عبد الهادي المرشدي المتهم في قضية قتل، وصادر ضده حكم بالمؤبد منذ عام 2006، وتحدث عن اللحظات قبل الأخيرة لاقتحام السجن قائلا: "أنا كنت أتحدث مع الضابط صبري السيد، وسمعت صوت مشاجرة صادراً من الدور الثاني، حيث قام سجين بمسك يد سجان يدعي "عم رفعت" واستولي علي مفاتيح زنزانات السجن، وقام بفتح الأبواب لجميع السجناء وبعدها حدث الاقتحام" وأوضح انه جاء ليستلم متعلقاته ويسلم نفسه لسجن المرج، وأثناء حديثه معنا استدعاه مأمور القسم وتشاجر معه علي حجم المتعلقات الشخصية الذي أخذها وحملها علي سيارة نصف نقل وقال له المأمور خذ متعلقاتك فقط حتي يبقي لباقي سجناء متعلقاتهم. وجاءت زوجة أحد السجناء لتؤكد ان زوجها في البيت يريد أن يسلم نفسه لكن لا يعلم اين يذهب، خاصة ان هناك بعضاً من زملائه سلموا انفسهم للجيش إلا انه نسب لنفسه مسئولية القبض علي السجناء الهاربين مما سيؤدي إلي تغليظ العقوبة عليهم. وأشار أبو السريع أحمد محمد أحد سجناء ابو زعبل بائع بصل متهم بالاشتراك مع صديقه في سرقة بالاكراه وصادر ضدهم حكم بالحبس 10 سنوات قضي منها 7 سنوات إلى أنه خائف من تسليم نفسه للجيش حتي لا يقول انه قبض عليه، وانه فوجئ بقتل صديقة "علي ربيع" الذي تمت احالته لسجن وادي النطرون في نفس القضية موضحا انه قتل في نفس اليوم الذي تم فيه إقتحام السجن، وقتل علي يد العرب. وقال عمران عثمان عسكري كان يقف بأحد ابراج السجن أثناء الاقتحام ، انه فوجئ أثناء دوريته علي برج 25 بمظاهرة من السجناء وقاموا بالقاء الطوب علي العساكر والضباط وصدر لنا تعليمات بإلقاء قنابل مسيلة للدموع ، الا اننا فوجئنا باقتحام بشع من الخارج و3 لوردات تكسر السور الخرساني للسجن، وبعض الملثمين يقولون لنا "اخرج يامصري ياخسيس"، ثم قاموا بكسر أبواب الابراج الحديدية وصعدوا للعساكر وقتلوهم، وانه استطاع الفرار منهم بعد ان نفدت زخيرته ، ورأي صديقه يحاول صد الهجمات الا انه قتل فحاول حمل جثته علي كتفه الا انه لم يستطع، خاصة بعد ان دخل العرب السجن ومنعوا اي عسكري من امدادهم بأي ذخيرة، وأوضح أنه كان باقياً 60 يوماً لانهاء عمله، وأنه بعد الواقعة توجه الي القوات المسلحة لتسليم سلاحه والكارنيه الخاص به لاخلاء مسئوليته. وأشار عثمان إلى أن الجيش قبل الهجوم كان متواجداً امام السجن بواسطة 4 مدرعات ودبابات وبمجرد سماعة الهجوم ، فر هاربا مبررا انه لم يصدر لهم أي تعليمات للمواجهة. وأكد إيهاب رستم أمين شرطة بالسجن أن جثث العساكر والمساجين ظلت علي قضبان محطة قطار الخانكة لأكثر من 3 أيام حتي تعفنت، مشيرا إلى أن السجن انفتح بالكامل عقب اقتحام السجن علي يد 6 آلاف ملثم معهم حوالي ألف سلاح آلي رشاش من نفس النوع، موضحا ان العملية كانت مخططة منذ فترة ، مستشهدا انه لا يمكن لعملية عشوائية ان يحمل افرادها نفس نوع السلاح بتلك الكمية . وأضاف انه أثناء الاقتحام صدر لنا تعليمات من مأمور السجن يأمرنا بعدم إطلاق الرصاص الحي علي السجناء قائلا: "أي طلق ناري يصيب اي سجين علي رقبتي" موضحا ان جميع الضباط حاولوا إطلاق طلقات هوائية لمنع السجناء من الهروب، بالاضافة لحمايتهم من الهجوم الشنيع علي يد البلطجية والعرب. وأوضح مصدر مسئول داخل السجن ان عنبراً واحداً قبل الضرب بدقائق تظاهر وأثاروا حالة من الهرج والمرج، عوقب أقتحام السجن مباشرة توجة العرب الي القسم السياسي الذي يحمل سجناء من حماس ومتهمين تفجيرات دهب، واستعان السجناء في الأدوار العليا بالنزول بالخراطيم من اعلي المبني والفرار هاربا. وأثناء تجول الوفد داخل السجن وجد ان جميع مخازن السجن منهوبة ومخازن الخشب والأحذية مفحمة، وأكد أن الاهالي استولوا علي جميع الموبليا التي يرغبون فيها وأشعلوا النيران في باقي المصنوعات. وفي نهاية تجول "الوفد" داخل السجن شاهدت سائق توك توك يدخل السجن ليسرق بعض البضائع ويفر هاربا، إلا ان أمين شرطة أسرع خلفه بدراجة نارية وتحفظ علي المسروقات.