نائب وزير الإسكان يؤكد أهمية ملف إعادة الاستخدام الآمن لمياه الصرف المعالجة    صديقة مقربة من كيت ميدلتون تكشف تطورات علاجها من السرطان    فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة فى إيران بعد مصرع رئيسي بحادث تحطم مروحية    موقف ميسي من المشاركة في أولمبياد باريس 2024    لحظة اعتماد محافظ شمال سيناء نتيجة الشهادة الإعدادية (فيديو وصور)    حالة الطرق اليوم، كثافات متحركة بشارع شبرا وفيصل وكوبري الجلاء    "أبو بناتي طلع شمال".. أم تتهم زوجها بهتك عرض ابنتيه في الهرم    حبس صاحب أكاديمية وهمية للنصب والاحتيال على المواطنين بالدقهلية    فوز 36 أستاذًا بجامعة القاهرة بجوائز الجامعة للتميز والتقديرية ونجيب محفوظ والتفوق العلمي والتشجيعية    الفائز بجائزة أفضل ممثلة في كان يقاضي سياسية بتهمة إهانة المتحولين جنسيا    الصحة: افتتاح وتطوير 20 قسما للعلاج الطبيعي بالمستشفيات والوحدات الصحية ب10 محافظات    رواتب تصل ل 51 ألف جنيه.. فرص عمل للمصريين بالإمارات (الشروط والأوراق المطلوبة)    أسعار الدواجن ترتفع بأقصى قوة اليوم 30 مايو.. الفرخة تصل ل300 جنيها    الدولار يسجل أعلى مستوياته عالميا مقابل العملات الرئيسية.. قفز بنسبة 0.5٪    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. وزير التموين يعلن تفاصيل كارت الخبز غير المدعم وسعر الرغيف (فيديو).. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 30 مايو في مصر (حرارة شديدة)    «المحامين» تعلن انتهاء لجنة المعاشات من فحص ومراجعة 165 ملفًا للأعضاء    الإعلان عن نتائج الشهادة الإعدادية لعام 2024 في محافظة المنوفية    4 حالات اختناق وسط جحيم مخزن بلاستيك بالبدرشين (صور)    «البيطريين» تكشف قيمة «إعانات العلاج» المصروفة للأعضاء وموقف باقي الإعانات (تفاصيل)    حدث ليلا: صفعة مدوية لنتنياهو وغليان في تل أبيب وصدمة بأمريكا بسبب كورونا    أحمد خالد صالح ينضم لفيلم الست مع مني زكي: دوري مفاجأة للجمهور    بلينكن يتعهد بدعم مولدوفا ب 135 مليون دولار    عاجل:- قوات الاحتلال تقتحم مدن الضفة الغربية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-5-2024    بعد رفع السعر.. تعرف علي تفاصيل كارت الخبز "غير المدعم"    تراجع أسعار الذهب في بداية تعاملات اليوم الخميس 30 مايو    محمد بن زايد: يجب إيجاد أفق سلام فى الشرق الأوسط بتنفيذ حل الدولتين    علاج أول مريض سكري باستخدام الخلايا في سابقة فريدة علميا    السل الرئوي.. الأعراض والمخاطر والعلاج والوقاية    كارثة تهدد حياة 23 مليون أمريكي بسبب كوفيد طويل الأمد.. ما القصة؟    خالد أبو بكر يهاجم "المحافظين": "التشكيك بموقف مصر لو اتساب هتبقى زيطة"    هل تجوز الصدقة على الخالة؟ محمد الجندي يجيب    ثغرة جديدة في نظام تشغيل ايفون.. تفاصيل    بعد تصريحات «شيكابالا».. «كهربا»: «في ناس مبطلة من 2010 بيروحوا البيت لبابا عشان يجددوا»    تريزيجيه يتحدث عن مصيره بعد اعتزال كرة القدم    خالد مرتجي: لن ننسى العامري فاروق.. والخطيب تحمل ما لا يتحمله بشر    الطريق إلى يوم التروية.. خطوات الحج 2024 من الألف للياء    كهربا: الأهلي غير حياتي وأنا رقم 1    ميدو يطالب مجلس إدارة الزمالك بالرد على بيان بيراميدز    العراق.. سماع دوي انفجار في منطقة الجادرية بالعاصمة بغداد    ياسمين صبري: أتمنى أمثل مع توم كروز وليوناردو دي كابريو    ضبط سيدة تبيع السلع المدعومة بالسعر الحر.. نصف طن سكر مدعم و203 زجاجة زيت و800 كيلو عسل    عضو جمعية الاقتصاد السياسي: يمكن للمستثمر الاقتراض بضمان أذون الخزانة    كهربا: أدعم الزمالك والضغط العصبي سبب انفعالي    بيبو: التجديد ل معلول؟ كل مسؤولي الأهلي في إجازة    الجيش الأمريكي يعلن تدمير مسيرتين ومنصتي صواريخ للحوثيين في اليمن    اللواء أحمد العوضي ل"الشاهد": سيناء تشهد طفر غير مسبوقة وتنمية كبيرة    «البوابة نيوز» تهنئ قناة القاهرة الإخبارية على حصدها جائزة التميز الإعلامي العربي    وزير الصحة يبحث مع سكرتير الدولة الروسي تعزيز التعاون في مجال تصنيع الدواء والمعدات الطبية    مع زيادة سعر الرغيف 4 أضعاف .. مواطنون: لصوص الانقلاب خلوا أكل العيش مر    وزير الخارجية الروسي: مساعي الغرب لعزل روسيا ستفشل    أحمد عبد العزيز يكتب // الإدارة ب"العَكْنَنَة"!    بعد مراسم مماثلة ل"عبدالله رمضان" .. جنازة شعبية لشهيد رفح إسلام عبدالرزاق رغم نفي المتحدث العسكري    الحكومة تعلن الانتهاء من خطة تخفيف الأحمال في هذا الموعد    حظك اليوم| برج الثور الخميس 30 مايو.. «ابتعد عن المشاكل»    الإفتاء توضح حكم التأخر في توزيع التركة بخلاف رغبة بعض الورثة    "خلال أيام".. مبابي يكشف موعد الإعلان عن فريقه الجديد    ما هو اسم الله الأعظم؟.. أسامة قابيل يجيب (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مظاهرات 25 يناير 2011 في التحرير


أسرار الساعات الأولي لصناعة ثورة 25 يناير
أسباب اختيار يوم 25 يناير .. ومجلس القيادة وقوة الاقتحام الأولي
خطة خداع قوات الأمن .. واختيار ميدان التحرير للاعتصام
تفاصيل اجتماع ليلة الثورة .. والمجموعات المشاركة في عمليات التمويه
نقطة مراقبة أمام دار القضاء العالي .. ونقاط حشد في شبرا والجيزة وعبدالمنعم رياض
مسيرات شبرا ورمسيس
شعارات 6 أبريل والجمعية الوطنية للتغيير
حشود الثوار في ميدان التحرير
ضوئية من بيان الجمعية الوطنية للتغيير
الإعداد لحشد الجماهير يوم الخامس والعشرين من يناير عام 2011 والانفجار الشعبي المدوي في هذا اليوم وتحول موجات الغضب الي ثورة شعبية أذهلت العالم كله بسلميتها وصمودها الرائع حتي استطاعت أن تطيح برأس نظام يملك قوة بطش بوليسا عنيفا.
الأيام الثمانية عشر التي بدأت يوم الخامس والعشرين من يناير وحتي تم خلع رئيس النظام السابق في الحادي عشر من فبراير أي في ثمانية عشر يوما لا أكثر هذه الأيام المجيدة في تاريخ الشعب المصري تحتاج الي توثيق أحداثها بكل التفاصيل حتي يتمكن المؤرخون من كتابة تاريخ هذه الثورة بأمانة وموضوعية، استنادا الي الوثائق المتاحة عن هذه الأيام، وشهادات من شاهد بأم عينيه ومن شارك في كل مرحلة من مراحلها وتنقية هذه الشهادات من ادعاءات كثيرة أطلقها بعض من التحق مؤخرا بركب الثورة أو من حام حول أحداثها ثم أطلق لخياله العنان ليصنع لنفسه بطولات وهمية.
وقد ساعد علي هذا التشويش تبني بعض الفضائيات لقصص أشبه ما تكون بمغامرات السوبرمان الأمريكي، ومنحت هذه الفضائيات - خاصة قناة الجزيرة - بعض ضيوفها ألقابا وصفات تنسب الثورة لهم بأكثر مما تنسبهم الي الثورة!
وفي كل مرة كنت أقرأ أو أشاهد بعض هذه الادعاءات كنت أهم بكتابة «شهادتي» عما حدث في هذه الأيام المجيدة ثم أتردد وأحجم عن تسجيل شهادتي علي ما حدث وكنت في هذه الأيام في بؤرة الأحداث.
كان ترددي لخشية الظن بأنني أسعي لكسب مد شخصي وكان هذا الشعور يطاردني وكلما طلب مني الأصدقاء الغيورون علي تصويب تاريخ هذه الأيام بأن أبادر بتسجيل شهادتي كنت أتعلل بهذا الهاجس، حتي أن الصديق العزيز المستشار طارق البشري الذي أجلّه وأقدر حكمته قال وهو يحرضني علي ضرورة تسجيل شهادتي «علي الأقل سجل هذه الشهادة في أوراق خاصة واتركها لدي من يؤتمن عليها لتكون متاحة بعد ذلك للمؤرخين الجادين الراغبين في كتابة تاريخ هذه الأيام بموضوعية».
أخذت نصيحة الصديق الجليل مأخذ الجد، وسجلت وقائع ما حدث في هذه الأيام من أحداث كنت مشاركا فيها أو شاهد عيان عليها، واحتفظت بما سجلت حتي اقترب يوم الخامس والعشرين من يناير، وتكاثرت شهادات بعضها التزم بالحقيقة وكثير منها جنح الي الخيال، فأزحت ترددي جانبا ورأيت أن أنشر شهادتي للتاريخ.
كان عام 2010 يوشك أن ينتهي، وأبي نظام مبارك أن ينصت لصوت العقلاء ممن نصحوه بأن يخفف من غلوه وأن يخفف من قبضته الباطشة، وكان مشروع توريث النجل جمال مبارك قد تطلب قيام النظام بأبشع عملية تزوير وكان الاحتقان الشعبي قد بلغ مداه.
وأستأذن القارئ في أن أرصد الأحداث في الأيام القليلة التي سبقت يوم الخامس والعشرين من يناير والتي لها صلة مباشرة بأحداث هذا اليوم، وأعلم أن البدايات الحقيقية كانت منذ عدة أعوام إلا أنني أخصص حلقة اليوم لكل ما له صلة مباشرة بإطلاق شرارة الثورة يوم الخامس والعشرين من يناير علي أن أستكمل الحديث عن البدايات في حلقات تالية بإذن الله.
في اجتماع للجمعية الوطنية للتغيير بمقر حزب الجبهة الديمقراطية علي مستوي الأمانة العامة يوم الأربعاء 12 يناير 2011 ناقشت الأمانة العامة تضمن جدول أعمال الاجتماع ست نقاط هي:
1 - الوقوف حدادا علي شهداء الوطن بكنيسة القديسين.
2 - مناقشة تقارير اللجان النوعية.
3 - اللائحة الداخلية.
4 - البرلمان الشعبي.
5 - الجمعية الوطنية كإطار للحراك الشعبي.
6 - ورش عمل: أ - التوقيع علي بيان التغيير، ب - الانتخابات الرئاسية.
ومرت المناقشات سريعا علي الموضوعات المطروحة واتسع النقاش حول نقطتين: الأولي الجمعية الوطنية للتغيير كإطار للحراك الشعبي، والثانية تنشيط جمع التوقيعات علي بيان التغيير وفي هذا الموضوع تم طرح سؤال مهم: وماذا بعد أن نكمل جمع المليون توقيع خاصة أن التوقيعات الورقية والالكترونية اقتربت كثيرا من المليون توقيع، إذ بلغت قرابة التسعمائة ألف توقيع.
وأري أن متابعة المناقشة حول هذه النقطة هي الأجدر بأن أتوقف أمامها لأنها - في تصوري - هي التي قادت الي اقتراح تنظيم الاحتجاجات الحاشدة يوم الخامس والعشرين من يناير.
طرحت أفكارا كثيرة بعضها كان يري أن نطلب زيادة التوقيعات الي مليوني توقيع ورأي آخرون أن تتم الدعوة لعصيان مدني واستقر الرأي بعد مناقشات كثيرة علي الدعوة لمظاهرة ضخمة تضم أكثر من مائة ألف مواطن في القاهرة وعشرات الآلاف في عدد من عواصم المحافظات وكان منطق من انحاز للدعوة لمظاهرة ضخمة أن هذه المظاهرة سوف تكشف عن النسبة المستعدة للمشاركة في مثل هذه التحركات ممن وقعوا علي بيان التغيير ونستطيع بقياس هذه النسبة أن نحدد الخطوات الأكثر تأثيرا علي ضوء نجاح التجربة من عدمه.
وكلف المكتب السياسي للجمعية الوطنية للتغيير وقيادات مجموعات الشباب المنضوية تحت لواء الجمعية بدراسة الترتيبات التي تضمن نجاح هذا الحشد الجماهيري واعتبار هذا الحشد - غير المسبوق - إذا حدث رسالة مهمة للنظام بأن المعارضة أصبحت قادرة علي أن تتحدي البطش البوليسي.
لماذا تم اختيار تاريخ 25 يناير؟
تم تكليفي بصفتي المتحدث الرسمي باسم الجمعية الوطنية للتغيير ومنسق اللجنة الإعلامية بإعداد بيان يوزعه علي الصحف ووكالات الأنباء نشرح فيه وجهة نظرنا لاختيار اليوم الذي تحتفل فيه الشرطة بعيدها ليكون يوم الاحتجاج علي النظام البوليسي بشكل عام.
وفي هذا اليوم ونحن نتذكر بطولات رجال الشرطة في وقفتهم البطولية للدفاع عن كرامة الوطن في الإسماعيلية نحذر من استمرار نظام الحكم في تحويل جهاز الشرطة الوطني الي جهاز للأمن الخاص بالحاكم وحاشيته، وإلي استخدامه كعصا غليظة لقهر المواطنين، ونؤكد أن الجمعية الوطنية للتغيير وهي تثق في وطنية جهاز الشرطة لن تتردد في الدفاع عن المواطنين الذين يتعرضون للقمع والقهر بكل الوسائل المشروعة. التعبير في مثل هذا المناخ انتفض الشعب التونسي البطل ليثبت بهذه الانتفاضة أن استخدام أنظمة الحكم الفردية أقصي درجات القمع والقهر تنهار في اللحظة التي ينفجر فيها بركان الغضب الشعبي.
وتود الجمعية الوطنية للتغيير أن تنبه الي التطابق التام بين الحالة التونسية والحالة المصرية ومن منطلق شعور عميق بالمسئولية وخوف حقيقي علي مصر من أن تصل الأمور فيها الي الحد الذي يفجر غضبا شعبيا تغيب عنه قيادات سياسية شل حركتها قمع نظام الحكم.
حما الله مصر من أخطار رهيبة لن يمنعها إلا الإسراع بتغيير سلمي يؤدي الي حياة ديمقراطية حقيقية تقضي علي كل منابع الاحتقان والغضب.
اجتماع وضع الخطط
في يوم 23 يناير 2011 اجتمع في مساء اليوم وفي الطابق الثاني بمقر حزب الجبهة الوطنية للتغيير ما يمكن اعتباره المكتب السياسي (لم يتم تشكيل المكتب رسميا بقرار من الأمانة العامة) حضر هذا الاجتماع المنسق العام للجمعية الوطنية الدكتور عبدالجليل مصطفي والدكتور محمد غنيم المسئول عن مجموعات الشباب ومعه جورج إسحاق والدكتور أسامة الغزالي حرب والدكتور محمد البلتاجي والدكتور أحمد دراج والأستاذ وائل نوارة والدكتور أيمن نور وممثل الجمعية الوطنية في الإسكندرية وكاتب هذا المقال.
وأبلغنا الدكتور عبدالجليل مصطفي أن مجموعات الشباب وعدت بأن تحشد في القاهرة مائة ألف وكان الدكتور عبدالجليل مصطفي قد اجتمع بقيادات مجموعات الشباب وهم الدكتور مصطفي النجار وعبدالرحمن يوسف وياسر الهواري وعصام شعبان وناصر عبدالحميد وممثل شباب 6 أبريل ونقل للمجتمعين ما تم الاتفاق عليه وهو:
1 - سيتم الإعلان عن أكثر من أربع عشرة نقطة للتظاهر في جميع أنحاء القاهرة وستعمم الدعوة بكل وسائل الاتصال المتاحة، وعلل الشباب هذا بأنهم يريدون تشتيت جهد الشرطة حتي لا تركز الشرطة قوتها في مكان واحد فيما لو تم الحشد في ميدان التحرير مثلا، وتم استبعاد ميدان التحرير من مراكز التجمع لأن الشرطة تستطيع محاصرته بسهولة ولأنها ستتوقع أن يكون الحشد في هذا الميدان.
2 - ستكون هذه الرسائل مجرد عملية تمويه وستحدد الرسائل موعد انطلاق المظاهرات في الصباح وهذا الموعد أيضا ضمن خطة التمويه. أما التجمع الحقيقي فسيتم إبلاغ الشباب به في آخر لحظة بواسطة قياداتهم وستكون نقاط التظاهر في خمسة مواقع محددة علي النحو التالي:
شباب 6 أبريل سيتجمع في شارع جامعة الدول العربية وسيتم التجمع بمجموعات صغيرة في الشوارع الجانبية الي أن تحين ساعة الصفر فتتدفق هذه المجموعات الي شارع جامعة الدول العربية.
شباب كلنا خالد سعيد ومجموعات أخري تتجمع في دوران شبرا.
شباب عدد من المجموعات مثل شباب دعم البرادعي وآخرون سيتجمعون في المطرية وميدان الجيزة.
شباب المحامين يتجمعون مع شباب الأطباء أمام جامعة القاهرة.
قيادات الجمعية الوطنية للتغيير تتجمع أمام دار القضاء العالي.
واعتمد الشباب أيضا في خطة التمويه علي التوقيت فقد طلبوا أن يكون تجمع القيادات في الثانية عشرة ظهرا بينما التجمع لباقي المجموعات سيبدأ في الثانية بعد الظهر.
موقف القوي السياسية
في هذا الاجتماع أفاد الدكتور محمد البلتاجي أن الإخوان المسلمين تركوا لكوادرهم الحرية في المشاركة أو عدم المشاركة، وفهم المجتمعون من هذا أن الإخوان المسلمين قرروا التريث وعدم المشاركة مؤكدين أن أمن الدولة قام بحركة اعتقالات واسعة لأعضاء الجماعة وأنه - أي أمن الدولة - يحمّل الجماعة مسئولية تنظيم هذه التظاهرة وكان حزب التجمع من بين القوي التي لم تشارك رسميا في الجمعية الوطنية للتغيير هو وحزب الوفد إلا أن حزب التجمع كان ممثلا في الجمعية بالأستاذ أبوالعز الحريري والأستاذ عبدالغفار شكر اللذين قررا عدم الالتزام بقرار حزب التجمع بعدم المشاركة وكان إحدي قيادات حزب الوفد يشارك بصفته الشخصية في اجتماعات الجمعية ووعد بمشاركة شباب الوفد الرافض للقرار الرسمي للحزب بعدم المشاركة.
وأفاد الدكتور محمد غنيم بأنه سيحشد علي الأقل عشرين ألفا بمدينة المنصورة، أما الإسكندرية موعد منسق الجمعية الوطنية يجسد أكثر من خمسين ألفا، رغم كل هذه الوعود فقد كنا جميعا نخشي ألا تصل الحشود الي هذه الأعداد وكانت أبعد أمنياتنا أن يتم حشد مائة ألف في المحافظات التي تقرر أن تساهم وهي الإسكندرية والمنصورة وطنطا.
ورغم شكوك ساورتنا في أن يبلغ الحشد هذا المدي الذي نتمناه إلا أن المناخ كان يبعث علي الأمل لاعتبارات أهمها:
1 - نجاح الثورة في تونس كان أحد العوامل المهمة التي ألهبت حماس الجماهير المصرية ووضعتها أمام تحد لإثبات أن الشعب المصري ليس أقل جسارة من الشعب التونسي، وكانت الجماهير تتابع علي مدي ساعات الليل والنهار وقائع ثورة الشعب التونسي عبر الفضائيات التي لا شك أنها ساهمت بهذا النقل الحي لثورة الشعب التونسي في إلهاب حماس الشباب في جميع البلاد العربية.
2 - كانت عملية التزوير الفاجر الذي مارسه الحزب الوطني في انتخابات مجلس الشعب قد دفع جميع القوي السياسية للسعي لتشكيل تجمع معارض اتخذ عددا من الأشكال مثل تجمع المرشحين الحزبيين والمستقلين الذين مورست ضدهم عمليات التزوير لتشكيل ما أطلقوا عليه اسم «البرلمان الموازي» أو «البرلمان الشعبي».
واحتضنت الجمعية الوطنية للتغيير هذا التجمع، وجرت محاولات جادة لتنسيق الجهود، خاصة أن عدداً من هؤلاء المرشحين هم أعضاء بالجمعية الوطنية للتغيير.
وهذا التنسيق منح الجمعية الوطنية للتغيير رافداً مهماً لديه أعداد كبيرة من الجماهير التى تناصر هؤلاء المرشحين.
الشعارات والهتافات
تم الاتفاق على توحيد الهتافات وأن تبتعد الهتافات تماماً عن العبارات الاستفزازية مثل الهتاف بسقوط مبارك، وأن تتركز الهتافات حول شعار «تغيير، حرية، عدالة اجتماعية»، وهتافات مثل «مجلس الشعب باطل» و«التوريث باطل» و«لا لقانون الطوارئ» وغيرها من الهتافات المماثلة مع التركيز دائماً على هتاف «سلمية.. سلمية» للتأكيد على التزام المتظاهرين بالأساليب السلمية لعدم إعطاء الأمن ذريعة لاستخدام القوة.
كما تم الاتفاق على عدم الهتاف بأى شعار سياسى لأى جماعة سياسية أو حزب أو رفع لافتات خاصة بأى حزب أو قوى سياسية، وترفع أعلام مصر فقط تعبيراً عن توحد كل القوى الوطنية.
وجاءت اللحظة الحاسمة
فى الساعة الثانية عشرة ظهر يوم الخامس والعشرين من يناير كان عدد من قيادات الجمعية الوطنية للتغيير قد تجمعوا أمام دار القضاء العالى وفى مقدمتهم الدكتور عبدالجليل مصطفى، المنسق العام للجمعية، والسيدة شاهندة مقلد، ونور الهدى زكى، والدكتورة كريمة الحفناوى، والدكتور محمد البلتاجى ولم يتجاوز عدد المشاركين فى هذه الوقفة أكثر من مائة شخص.. وكانت أعداد الأمن المركزى تحتشد بعشرات المئات لتضرب طوقاً حديدياً حول هذه المجموعة الصغيرة التى لم يسمح لها بالوقوف على سلم دار القضاء العالى، بل تمت محاصرتها على الرصيف الممتد من الباب إلى شارع 26 يوليو.
وكانت قيادات الشرطة من الرتب الكبيرة تقف بكثافة مع القوات التى تحاصر هذه المجموعة الصغيرة، وبدأ بعض القيادات فى طرح الأسئلة أو إطلاق التعليقات التى تسخر من الحشد الضخم!
وبدأ مراسلو وكالات الأنباء والفضائيات يوجهون أسئلتهم لى باعتبارى المتحدث الرسمى باسم الجمعية الوطنية للتغيير وفى أسئلتهم نبرة دهشة من هزال التجمع.
ولم أكن أستطيع أن أحدثهم عن خطة الشباب للتجمع فى العديد من الأماكن وتحديد ساعة الصفر وهى الساعة الثانية بعد الظهر فقد كانت هذه المعلومات كفيلة بأن تدفع قوات الشرطة لحشد قوتها لإجهاض التجمعات فى الأماكن التى حددها الشباب.
وكنت أحاول المراوغة بإجابات عامة مثل أن الغرض هو تجمع احتجاجى رمزى.. كما أحلت الكثيرين للتسجيل مع عدد من رموز الجمعية مثل شاهندة مقلد ونور الهدى زكى وكريمة الحفناوى وجورج إسحق وآخرين.
اللافت للنظر أن رجال الشرطة لم تكن تحمل أية أسلحة بل ولا تحمل العصى والدروع المعروفة وكانت هذه إشارة مطمئنة إلى أن الشرطة مطمئنة إلى أن حجم المظاهرة سيكون متواضعاً.
المفاجأة السارة
فى الواحدة بعد الظهر ودون توقع فوجئنا بمظاهرة حاشدة قادمة من ميدان رمسيس تضم أكثر من ألفى متظاهر يتقدمهم شباب يرفع أعلام الوفد وسارع البعض ليطلب من الشباب إنزال هذه الأعلام التزاماً بما اتفق عليه من عدم رفع شعارات أو لافتات حزبية، وأسرعت أطلب عدم إنزال الأعلام لأننى أردت أن أثبت أن الوفد يشارك فى هذه التظاهرة وقبل الدكتور عبدالجليل مصطفى هذا التبرير وتركنا هذه المظاهرة ترفع أعلامها ومعها جاءت مجموعات ترفع شعار «كفاية».
كانت هذه المظاهرة أول بادرة طمأنتنا إلى أن احتمالات نجاح الحشد الكبير واردة خاصة أن هذه المظاهرة لم تكن ضمن التجمعات التى أفاد الشباب بأنهم مسئولون عن تنظيمها.
حاول المتظاهرون اقتحام نطاقات الشرطة التى أحاطت بمجموعة القيادات الواقعة أمام دار القضاء العالى، كما حاولت هذه المجموعة أن تكسر هذا النطاق وتعالت هتافات الجانبين «يا أهالينا انضموا لينا» وفشلت محاولات الالتحام.
وبدأت قوات الأمن المركزى فى تطويق هذه المظاهرة ومحاصرتها أمام مبنى الإسعاف، وتشابك المتظاهرون وقوات الأمن المركزى، ثم بدأت قوات الأمن تتلقى تعزيزات وبدأت فى مطاردة المتظاهرين الذين اندفعوا إلى شارع الجلاء وطاردتهم قوات الأمن المركزى حتى وصلوا إلى ميدان عبدالمنعم رياض.
وتعززت المفاجأة الثانية بمظاهرة أخرى أكبر من الأولى قادمة من ميدان العتبة وتحاول الوصول إلى دار القضاء العالى، وسارعت قوات الأمن المركزى بإقامة نطاقات كثيفة عند تقاطع شارع طلعت حرب مع شارع 26 يوليو، وتكررت الهتافات «يا أهالينا انضموا لينا»، لكن حصار الشرطة حال دون وصول هذه المظاهرة إلى دار القضاء العالى، وبدأت مطاردة الشرطة بعنف للمتظاهرين وتتبعتهم حتى مشارف ميدان التحرير.
السويس تلهب المشاعر
بدأت مشاعر الارتياح تزحف بقوة وأخبار الحشود الضخمة تتوالى ومجموعات الشباب تفيد فى كل موقع بأن الآلاف من الجماهير تنضم إليهم فى تدفق جماهيرى غير مسبوق وأن المظاهرة التى تبدأ ببضعة آلاف لا تلبث أن تجذب أضعاف هذا العدد من الجماهير.
وتلقينا استغاثة من السويس من منسق الجمعية الوطنية للتغيير الذى أفاد أن عدداً من القتلى سقط عندما تجمع المتظاهرون سلمياً للمشاركة فى المظاهرات، وكانت الاستغاثات التى تتوالى من السويس تفيد بسقوط المزيد من الشهداء فى كل ساعة وأن المتظاهرين توجهوا إلى قسم شرطة الأربعين وقاموا بإحراقه.
وبادرنا بإبلاغ باقى المجموعات بأحداث السويس، وكانت هذه الأخبار بمثابة المادة الملتهبة التى ألقيت على نيران الغضب الشعبى فكان لهذه الأخبار أكبر الأثر فى إلهاب مشاعر المتظاهرين الذين تداولوا هذه الأخبار على نطاق واسع، كما ساهمت بعض الفضائيات التى بثت أخبار السويس فى تأجيج مشاعر الغضب.
والأهم فى تصورى أن الشباب فى القاهرة وباقى المحافظات اتخذوا من شجاعة شباب السويس وتضحياتهم القدوة التى جعلتهم يتحدون بجسارة حشود الأمن المركزى ويواجهون هذه الحشود بصدورهم العارية مقدمين العديد من الشهداء، وعندما تسود روح التضحية هذه فإن أية قوة قهر لن تستطيع أن تصمد أمام إصرار من يطلب الشهادة.
الشرطة تتسلح
بدا واضحاً للشرطة أن حجم الحشود فاق كل توقعاتهم وفى حوالى الثالثة بعد الظهر بدأت سيارات الشرطة تصل إلى مواقع القوات لتوزع الخوذ والدروع وقاذفات القنابل المسيلة للدموع والأسلحة، وبدأت الشرطة فى استخدام العصى لتفريق المظاهرات التى تمكنت من اختراق نطاقات الشرطة، وقد مكنها من النجاح فى اختراق هذا الحصار التفوق العددى الكبير وجسارة هائلة أبداها الشباب والفتيات فى مواجهة الشرطة.
وكان واضحاً أن روح السويس قد سرت بين الجموع وأن المتظاهرين قرروا كسر كل حواجز الخوف والتصدى لقهر الشرطة.
ميدان التحرير يفرضه الواقع
كانت مجموعة القيادة أمام دار القضاء العالى على صلة مستمرة بقيادات المظاهرات، وعندما وصلت مظاهرة رمسيس إلى ميدان عبدالمنعم رياض طلبوا منهم البقاء بهذا الميدان، وطلب أيضاً من المظاهرة التى قدمت من العتبة ووصلت إلى ميدان التحرير أن تبقى فى الميدان.
فى هذه الأثناء كانت ساعة الصفر قد حانت وهى الثانية بعد الظهر فبدأت مجموعات الشباب فى تنظيم حشودها حسب ما اتفق عليه.
وتلقينا اتصالاً من قيادات شباب 6 أبريل يفيد بأنهم حشدوا فى شارع جامعة الدول العربية خمسين ألفاً، واحتشد فى دوران شبرا أكثر من عشرين ألفاً ومثلهم فى ميدان الجيزة، وتوالت الأخبار السارة عبر الهاتف تفيد بأن الحشود فى مختلف نقاط التجمع المتفق عليها تجاوز عددها المائة ألف وأكثر.
وتصاعد التفاؤل وبعد تشاور سريع طلبنا من جميع المجموعات التوجه إلى ميدان التحرير ليصبح مكان التجمع لكل الحشود، ورحبت كل المجموعات بالقرارات وأخذت كل مجموعة فى التحرك لتحتشد فى «ميدان التحرير»، وقد واجهت بعض المجموعات خاصة شباب 6 أبريل حصاراً صلباً من الأمن المركزى الذى أغلق تماماً كوبرى الجلاء ومطلع كوبرى 6 أكتوبر على الكورنيش ليحول دون وصول هذه الحشود إلى ميدان التحرير.
ومع اقتراب الساعة من الخامسة مساء تقرر أن تترك المجموعة القيادية للجمعية الوطنية مكانها أمام دار القضاء العالى والانضمام إلى الحشود بميدان التحرير.
وصاحبنى فى رحلة الذهاب إلى الميدان الأستاذ عصام سلطان، المحامى، وتبادلنا فى الطريق الأحاديث المفعمة بالتفاؤل.
وصلنا ميدان التحرير، وكان المشهد مذهلاً فالميدان على سعته لا موطئ فيه لقدم والوجوه كلها تعلوها علامات الاستبشار.
كان المشهد مهيباً.. والهتافات التى تزأر بها الجماهير تزلزل النفوس «تغيير، حرية، عدالة اجتماعية» «مجلس الشعب.. باطل» «قانون الطوارئ.. باطل» «ياحرية فينك فينك أمن الدولة بينا وبينك» وهتافات لا تخرج عن هذا النسق.
ممنوع الاستفزاز
رغم كثافة الحشود التى توصى بإمكانية تطور هذه التظاهرات لتمثل ضغطاً عنيفاً على النظام للاستجابة للمطالب التى ينادى بها المتظاهرون، فقد كان التوجه العام هو التحسب لأى انتكاسة محتملة، وعدم المجازفة برفع سقف المطالب بهتافات ضد شخص الرئيس المخلوع، وأيضاً كان الحرص كبيراً على الالتزام بالأسلوب «السلمى» حتى لا نعطى السلطة ذريعة لاستخدام آلة البطش الرهيبة التى تملكها.
المحافظات تلتهب
وتوالت الأخبار من المحافظات، الدكتور محمد غنيم يحاصر محافظة الدقهلية على رأس أكثر من عشرين ألف متظاهر ومظاهرات الإسكندرية يتجاوز عددها المائة ألف ويزيد، وفى طنطا يتدفق أكثر من خمسين ألف متظاهر على ميدان الساعة لا يعوقهم سقوط غزير للأمطار، والمحلة الكبرى يحتشد فى شوارعها أكثر من خمسين ألفاً والمنيا تجوب شوارعها مظاهرات تضم بضعة آلاف.
أما المشاركون فى المظاهرات فأكثرهم شباب من الطبقات المتوسطة وهو ما جعل المطالب بالحرية والكرامة مطالب ملحة طغت على المطالب الفئوية التى كانت السمة الغالبة للمظاهرات التى شهدتها مصر فى السنوات الأخيرة ولم تكن تجذب أكثر من الفئات التى تعانى من مظالم اقتصادية.
هجوم منتصف الليل
فى مداولة سريعة مع عدد من قيادات الجمعية الوطنية للتغيير حول الخطوة التالية، خاصة أن خطط الحشد للمظاهرة لم تضع فى الحسبان تطور المظاهرات أو تحويلها إلى اعتصامات، وتبنى كثيرون فكرة إصدار بيان يؤكد أن المظاهرة قد بعثت برسالة قوية وواضحة إلى «مبارك» وأعوانه مفادها أن القوى المطالبة بالتغيير تملك الآن القدرة على حشد مئات الآلاف والملايين وأنه على النظام أن يدرك هذه الحقيقة وأن يتعامل مع مطالب التغيير التى تبنتها بجدية، وبعد قراءة البيان ينصرف المتظاهرون، وأضاف البعض نستطيع أن نضيف أننا سنعود صباحاً لاستئاف التظاهر، وطلب منى الدكتور عبدالجليل أن أجس نبض الشباب، والتقيت ببعض قيادات الشباب وما كدت أطرح هذا الاقتراح حتى فوجئت بثورة عارمة من الشباب وكان ردهم بكل وضوح أنه لن نغادر الميدان حتى تتحقق مطالبنا ولسنا أقل شجاعة ووطنية من أهلنا فى السويس.
كنا نخاف على الشباب ونحن نرى قوات الشرطة تحشد كل آلاتها القمعية استعداداً للانقضاض على الشباب بعد أن يهدأ الليل، وأفضيت لهم بهذه المخاوف فازدادوا إصراراً على مواصلة الاعتصام، مؤكدين أنهم يدركون جيداً أن الشرطة سوف تستخدم أقصى درجات العنف معهم، وطلب الشباب منا أن نعود نحن إلى منازلنا لأننا لا نحتمل البرد القارس ولا هجمات الشرطة الشرسة، أما هم فلن يستجيبوا لأى محاولة لفض اعتصامهم.
غادرت مع البعض ميدان التحرير، متوقعاً أن يتعرض الشباب المعتصم لعدوان غاشم من الشرطة وبقيت فى المنزل أتابع أحداث الميدان عبر الفضائيات ومن خلال الاتصالات الهاتفية مع عدد من قيادات الشباب المعتصمين بالميدان، وصح ما توقعناه فقد شنت الشرطة هجوماً شرساً على الشباب استخدمت فيه مختلف أسلحة القمع واستطاعت أن تجلى الشباب المعتصم من الميدان.
وفى صباح اليوم التالى عقد الدكتور عبدالجليل مصطفى اجتماعاً عاجلاً فى عيادته القريبة من ميدان التحرير لتدارس الموقف، وبدأ الاجتماع فى الصباح الباكر وأخذنا نتابع الأخبار عبر اتصالات هاتفية مع مجموعات الشباب، وكنا نتوقع أن تقع بعض المظاهرات المتفرقة وبأعداد ضئيلة، ورغم ذلك كان التقدير أن أى مظاهرة مهما كان عدد المشاركين فيها ضئيلاً فستكون إشارة إلى أن إرادة الاستمرار فى تحدى السلطة قد تأكدت، وإن حدث هذا فمعنى هذا أن تطوراً جديداً يبشر باحتمال تصاعد الاحتجاجات.
ونواصل فى الأسبوع المقبل حديث الثورة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.