أول تعليق من رئيس البرلمان على استقالة الحكومة    جامعة كفر الشيخ تتسلم شهادة رخصة مركز تدريب معتمد من المجلس الأعلي للجامعات    محافظ المنوفية: مواصلة جهود التغيير والبناء الشامل في شتى القطاعات الخدمية    وزيرة التخطيط: نقدر القلق من الديون ونجري دراسات جدوى    حزب المصريين: الحكومة السابقة واجهت تحديات خطيرة داخليا وخارجيا    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع مستجدات مشروع كوبري المزلقان على الطريق الزراعي بالواسطى    إسرائيل: إلقاء قنبلة حارقة على سفارتنا في رومانيا    الصين تؤكد دعم جميع الجهود السلمية لحل الأزمة الأوكرانية    عقبة واحدة تمنع الزمالك من استعادة " الفيراري "    شاهد.. مجدي أفشة: أنا أفضل لاعب في مصر.. والقاضية ظلمتني    رئيس بعثة الحج: الحالة الصحية للحجاج المصريين جيدة.. ولم تظهر أية أمراض وبائية    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    الليلة.. «المغارة المسحورة» في ختام عروض مسرح الطفل بالإسكندرية    الأربعاء المقبل.. انطلاق مهرجان الأفلام اليابانية بالقاهرة    مي عمر عن علاقتها بمحمد سامي: «مبخافش من الحسد ومبركزش في كلام الناس»    قبل عقد قرانهما.. من هو عريس جميلة عوض؟    محمد الباز ل"إكسترا نيوز": بعض الوزارات الخدمية والاقتصادية تحتاج تغيير    رئيس الوزراء يتفقد المعرض الطبي الأفريقي الثالث    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    بعد الفوز على الاتحاد السكندري.. أبوقير للأسمدة يجدد الثقة في محمد عطية    نائب: ضيوف مصر يمثلون عبئا على الموازنة العامة    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    نقيب البيطريين: حصلنا على وعد بضم أعضاء النقابة إلى تعيينات ال120 ألف فرصة عمل    من الترويج للمثلية الجنسية إلى إشراف «التعليم».. القصة الكاملة لأزمة مدرسة «ران» الألمانية    6 قرارات للمجلس الأعلى للجامعات لشئون الدراسات العليا والبحوث    سلطنة عُمان ترحب بالمبادرة الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة    نتنياهو: يمكن بدء تنفيذ خطة التهدئة فى غزة قبل الاتفاق على الشروط بشكل كامل    أحمد ماهر: "بكيت بشدة في مشهد إيذاء أبو لهب للنبي"    أسامة قابيل يوضح حكم تفويض شخص آخر فى ذبح الأضحية؟    مرصد الأزهر: الحفاظ على عقول الأفراد من الانحراف أحد أهم مقاصد الشريعة    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    صيادلة الإسكندرية: توزيع 4.8 ألف علبة دواء مجانا في 5 قوافل طبية (صور)    أمانة الشباب ب"حماة الوطن" تنظم ندوة بعنوان "موقفنا ثابت للقضية الفلسطينية"    الرباط الصليبي يبعد مدافع أتالانتا من قائمة إيطاليا في يورو 2024    رئيس أتليتكو مدريد يكشف حقيقة مفاوضات صلاح.. ومونديال الأندية الجديد ومستقبل فيليكس    الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكراني نحو 1.7 ألف جندي خلال يوم    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة / الإسماعيلية    برلماني يطالب الحكومة بدعم الاستثمار الزراعي والصناعي    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    طريقة التسجيل في مبادرة الأمراض المزمنة.. الكشف والعلاج بالمجان    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    ما عدد تكبيرات عيد الأضحى؟.. 3 أقوال عند الفقهاء اعرفها    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«التحرش».. نقطة سوداء فى ثوب «المحروسة»
نشر في الوفد يوم 12 - 04 - 2017

إنسان حياته شهوانية يتخيل كل البنات بحسب نموذج مشوه يراه فى المواقع الإباحية أو على صفحات الشات المنحرفة.. إنه إنسان مضطرب نفسياً سارق للذة مؤقتة دون أن يدرك عواقبها.. هذه هى صفات «المتحرش جنسياً»، وأغلب من يندرجون تحت هذا النموذج عاطلون.. أطفال وتلاميذ وموظفون وشيوخ.. فكيف ينظر الأطباء والمتخصصون لهذه الفئة من المتحرشين وما هى الدوافع لهذا المرض الذى أصبح عدواناً خطراً على المجتمع.. وبعد أن وصلت مصر للمركز الثانى عالمياً فى التحرش، أصبحنا نحتاج إلى وقفة مع أنفسنا وعدم دفن رؤوسنا فى الرمال من أجل التوصل لحلول لتلك الأزمة، وذلك عن طريق المنزل والمدرسة والمؤسسات الدينية والدراما التليفزيونية.
فى البداية يجب أن نشير إلى أن هناك العديد من المحاولات المستميتة من قبل البعض لتحميل الفتيات وحدهن المسئولية الكاملة عن تلك الجريمة، وأنه لولا أنها خرجت من بيتها سافرة بغير حجاب، وبملابس ضيقة مثيرة للشهوة، مخالفة تماماً للأعراف والتقاليد، ولولا سلوكها السيئ وتصرفاتها المشينة وحركاتها، لما تعرضت لذلك، ولما سمعت كل هذا من هؤلاء الشباب بل الذئاب، متناسين أن هؤلاء الذئاب لا يفرقون بين ملتزمة بالزى الشرعى وغير الملتزمة، وإن كان تعرضهم لغير الملتزمة أكثر بالطبع، إلا أنهم يتعرضون أيضا للمحجبات والمنتقبات، وهو ما يؤكد أن الفتاة لا تتحمل المسئولية وحدها.
وقد نشرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women) فى عام 2015 نتائج بحث قامت به على الفتيات والنساء فى بعض محافظات مصر، أكدت فيه زيادة نسبة التحرش بمصر بصورة غير مسبوقة، حيث أجابت 99.3% من النساء والفتيات اللواتى شملهن البحث، بأنهن تعرضن لنوع من أنواع التحرش.
وأشارت الدراسة إلى أن أشهر أنواع التحرش كان لمس جسد الأنثى، حيث عانى 59.9% من النساء إلى هذا النوع بينما جاء فى المرتبة الثانية التصفير والمعاكسات الكلامية حيث عانى منها 54.5% من النساء والفتيات.
وحتى عام 2014 لم تذكر كلمة تحرش جنسى فى أى مواد بالقانون المصرى وكان المحامون يستخدمون المواد الخاصة بهتك العرض والفعل الفاضح بالطريق العام من قانون العقوبات، إلى أن تم تعديل تلك القوانين وظهر مصطلح التحرش الجنسى بمسماه الحقيقى, ولكن العقوبة ما زالت غير كافية بالمرة.
واعتبر القانون المصرى أن التحرش الجنسى جريمة، ويحاكم مرتكبها استنادًا إلى المادتين 306 (أ)، و306 (ب) من قانون العقوبات، وقد تصل عقوبة مرتكب جريمة التحرش -سواء كان لفظيا، أو بالفعل، أو سلوكيا، أو عن طريق الهاتف أو الإنترنت - إلى السجن لمدة تتراوح ما بين 6 أشهر و5 سنوات, بالإضافة إلى غرامة قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصرى.
ومما يلفت النظر هو أنه حتى الآن لم يتم تنفيذ أحكام رادعة ضد أى متحرش مما يعطى انطباعاً بالرضوخ العام للظاهرة مما جعلها تمتد لأول مرة إلى الجامعة من فترة طويلة لنجد مجموعة شباب يتحرشون بطالبة داخل أسوار الجامعة لنفاجأ بعد ذلك برئيس الجامعة آنذاك وبعض الإعلاميين يهاجمون الفتاة الضحية ويبررون ذلك بأن ملابس الفتاة لم تكن محتشمة.
ولا شك أن السبب وراء تفشى الظاهرة هو انحدار مستوى الأخلاق العامة وغياب الأمن بعد ثورة يناير، وتقبل المجتمع للظاهرة متعللين بلبس الفتيات رغم أن هناك سيدات منتقبات تعرضن للتحرش فالظاهرة لا ترتبط بملابس الفتاة.
ولكن انتشار الظاهرة بهذا الحجم المخيف لم يبدأ إلا عقب ثورة 25 يناير وبعد الانفلات الأمنى الذى اجتاح مصر منذ حينها وحتى الآن.. باختصار هناك رابط بين زوال نظام مبارك وبين تفشى هذه الظواهر وهو ما يفسره الدكتور سعيد صادق – أستاذ الاجتماع السياسى - بأن الكبت هو المتهم الرئيسى فى هذا التحول, حيث يقول: «السبب فى هذا التحول هو الكبت الذى خرج من المصريين بعد 30 عاماً عانوا فيها من حكم ديكتاتورى، وفجأة شموا نسيم الحرية فى يناير 2011، كل الأمراض النفسية المختبئة بداخلهم بدأت فى الصعود إلى السطح موجهة نحو الأضعف وهو المرأة لتصبح البجاحة فى كل شيء طبعاً فى الشارع المصرى خاصة مع انعدام الأمن فى الشارع فالأقوى يفعل ما يريد تجاه الأضعف.
والمعروف فى مجتمعاتنا الشرقية أن المرأة هى من فئات المجتمع الأضعف التى يمكن أن يراها بعض غير المتزنين من الرجال فريسة يمكن ممارسة القهر عليها.
مبادرة «شفت تحرش»
وتقول هالة مصطفى، المنسق العام لمبادرة شفت تحرش: بدأت المبادرة فى أكتوبر 2012 وتهتم المبادرة بالعمل على مكافحة جريمة التحرش عن تطريق التوعية والرصد والتوثيق.. وقد أكدت الإحصائيات أن 99.3% من النساء يتعرضن للتحرش فى المواصلات العامة والشوارع.. فضلاً عن أن مصر تحتل المركز الثانى عالميا بعد أفغانستان فى التحرش. باختصار إن ما يحدث من تحرش ليس ظاهرة لكنه جريمة ترتكب بشكل يومى.. هذا وقد كشف التقرير الأخير لجهاز التعبئة والإحصاء أن مصر تتكلف سنويا 2 مليار و800 مليون تكلفة العنف ضد النساء فى مصر الذى يعد التحرش أحد أشكاله. وتؤكد هالة أن التحرش فى مصر يحظى بحاضنة اجتماعية مباركة.. ويكفى أن فتاة الشرقية كانت ترتدى فستاناً قصيراً بسبب ذهابها إلى حفل زفاف فكانت النتيجة أن تم التحرش بها ثم صرحت الداخلية بعد ذلك بأن السبب وراء ذلك هو ملابسها وحملت المجنى عليها مسئولية تعرضها للتحرش.. ومما يلفت النظر هو «الهاشتاج» الذى انتشر بشكل كبير وهو «أول محاولة تحرش كان عمرى» ليكشف حقائق مفزعة وهى أن هناك حالات تعرضت للتحرش فى سن الرابعة أو الخمس سنوات والمؤسف هو أن هؤلاء الأطفال عندما حاولوا إبلاغ أمهاتهم بهذا الأمر، تمت معاقبتهم بدلاً من معاقبة المتحرش.. وتؤكد هالة أن لدينا نظاماً لا يعنيه مسألة التحرش فى شىء ويلقى اللوم على الضحية.. فضلاً عن الخطاب الدينى الذى يدعو المرأة إلى المكوث فى بيتها حفاظاً على نفسها مما يعطى مبرراً شرعياً للتحرش.. وفى النهاية المطلوب تغليظ العقوبات على مرتكبى تلك الجريمة لأن القوانين غير رادعة ويشوبها عوار شديد.
العقوبة الجنائية
ويرى المستشار كمال الإسلامبولى – رئيس المجلس الوطنى المصرى وعضو مجلس أمناء التيار الشعبى - أن قانون العقوبات على المتحرش قد تم تعديله لأقصى عقوبة لتصل إلى السجن ثلاث سنوات فى حالة التحرش والإعدام فى حالة الاغتصاب ولكنها عقوبة غير مفعلة.
ويفسر «الإسلامبولى» ذلك قائلاً: «يجب أن تكون الفتاة أو السيدة المتحرش بها أكثر شجاعة وتبلغ الشرطة ولكن ما يحدث أن الفتاة وأهلها يخشون على سمعتها إذا عرف أنها تعرضت للتحرش فرغم أنها ضحية إلا أن المجتمع يحملها وصمة عار إذا عرف أنها تم التحرش بها أو اغتصابها».
الممنوع مرغوب
ويشير الدكتور هاشم بحرى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، إلى أن جميع المتحرشين يشتركون فى صفة مشتركة، فهم يرفضون المجتمع ويتعاملون بعنف، ويمكن ملاحظة اضطراباتهم النفسية والسلوكية، فيما يقدمون عليه من سلوكيات ضد المجتمع، فهم لا يبالون ولا يهتمون بالعواقب التى قد تقع عليهم، كل ما يهتمون به هو اللذة الجنسية والشعور الوقتى الذى يعيش فيه للحظات.
وأكد الدكتور هاشم أن «التحرش ما هو إلا هوس جنسى بالأشياء نتيجة انتشار ثقافة الحرمان فى العموم.. كما أن المجتمع المصرى والعربى ينظر إلى المرأة على أنها مجرد جسد، كلما زادت فكرة الغطاء يزداد الهوس، الممنوع مرغوب».
وأضاف أن الكبت والفصل بين الجنسين له عامل كبير فى التحرش، لأنه يزيد من التخيل لدى الرجل من وجهة نظره فقط، وهذا يؤدى إلى عدم إدر
إحصائيات: الثانية عالمياً فى الانتهاكات الجنسية
«التحرش».. نقطة سوداء فى ثوب «المحروسة»
خبراء: انتهاك حرمات 99٫3٪ من النساء فى المواصلات والشوارع
القوانين غير رادعة.. والمجتمع لا يرحم الضحية
تحقيق: دينا توفيق
إنسان حياته شهوانية يتخيل كل البنات بحسب نموذج مشوه يراه فى المواقع الإباحية أو على صفحات الشات المنحرفة.. إنه إنسان مضطرب نفسياً سارق للذة مؤقتة دون أن يدرك عواقبها.. هذه هى صفات «المتحرش جنسياً»، وأغلب من يندرجون تحت هذا النموذج عاطلون.. أطفال وتلاميذ وموظفون وشيوخ.. فكيف ينظر الأطباء والمتخصصون لهذه الفئة من المتحرشين وما هى الدوافع لهذا المرض الذى أصبح عدواناً خطراً على المجتمع.. وبعد أن وصلت مصر للمركز الثانى عالمياً فى التحرش، أصبحنا نحتاج إلى وقفة مع أنفسنا وعدم دفن رؤوسنا فى الرمال من أجل التوصل لحلول لتلك الأزمة، وذلك عن طريق المنزل والمدرسة والمؤسسات الدينية والدراما التليفزيونية.
فى البداية يجب أن نشير إلى أن هناك العديد من المحاولات المستميتة من قبل البعض لتحميل الفتيات وحدهن المسئولية الكاملة عن تلك الجريمة، وأنه لولا أنها خرجت من بيتها سافرة بغير حجاب، وبملابس ضيقة مثيرة للشهوة، مخالفة تماماً للأعراف والتقاليد، ولولا سلوكها السيئ وتصرفاتها المشينة وحركاتها، لما تعرضت لذلك، ولما سمعت كل هذا من هؤلاء الشباب بل الذئاب، متناسين أن هؤلاء الذئاب لا يفرقون بين ملتزمة بالزى الشرعى وغير الملتزمة، وإن كان تعرضهم لغير الملتزمة أكثر بالطبع، إلا أنهم يتعرضون أيضا للمحجبات والمنتقبات، وهو ما يؤكد أن الفتاة لا تتحمل المسئولية وحدها.
وقد نشرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women) فى عام 2015 نتائج بحث قامت به على الفتيات والنساء فى بعض محافظات مصر، أكدت فيه زيادة نسبة التحرش بمصر بصورة غير مسبوقة، حيث أجابت 99.3% من النساء والفتيات اللواتى شملهن البحث، بأنهن تعرضن لنوع من أنواع التحرش.
وأشارت الدراسة إلى أن أشهر أنواع التحرش كان لمس جسد الأنثى، حيث عانى 59.9% من النساء إلى هذا النوع بينما جاء فى المرتبة الثانية التصفير والمعاكسات الكلامية حيث عانى منها 54.5% من النساء والفتيات.
وحتى عام 2014 لم تذكر كلمة تحرش جنسى فى أى مواد بالقانون المصرى وكان المحامون يستخدمون المواد الخاصة بهتك العرض والفعل الفاضح بالطريق العام من قانون العقوبات، إلى أن تم تعديل تلك القوانين وظهر مصطلح التحرش الجنسى بمسماه الحقيقى, ولكن العقوبة ما زالت غير كافية بالمرة.
واعتبر القانون المصرى أن التحرش الجنسى جريمة، ويحاكم مرتكبها استنادًا إلى المادتين 306 (أ)، و306 (ب) من قانون العقوبات، وقد تصل عقوبة مرتكب جريمة التحرش -سواء كان لفظيا، أو بالفعل، أو سلوكيا، أو عن طريق الهاتف أو الإنترنت - إلى السجن لمدة تتراوح ما بين 6 أشهر و5 سنوات, بالإضافة إلى غرامة قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصرى.
ومما يلفت النظر هو أنه حتى الآن لم يتم تنفيذ أحكام رادعة ضد أى متحرش مما يعطى انطباعاً بالرضوخ العام للظاهرة مما جعلها تمتد لأول مرة إلى الجامعة من فترة طويلة لنجد مجموعة شباب يتحرشون بطالبة داخل أسوار الجامعة لنفاجأ بعد ذلك برئيس الجامعة آنذاك وبعض الإعلاميين يهاجمون الفتاة الضحية ويبررون ذلك بأن ملابس الفتاة لم تكن محتشمة.
ولا شك أن السبب وراء تفشى الظاهرة هو انحدار مستوى الأخلاق العامة وغياب الأمن بعد ثورة يناير، وتقبل المجتمع للظاهرة متعللين بلبس الفتيات رغم أن هناك سيدات منتقبات تعرضن للتحرش فالظاهرة لا ترتبط بملابس الفتاة.
ولكن انتشار الظاهرة بهذا الحجم المخيف لم يبدأ إلا عقب ثورة 25 يناير وبعد الانفلات الأمنى الذى اجتاح مصر منذ حينها وحتى الآن.. باختصار هناك رابط بين زوال نظام مبارك وبين تفشى هذه الظواهر وهو ما يفسره الدكتور سعيد صادق – أستاذ الاجتماع السياسى - بأن الكبت هو المتهم الرئيسى فى هذا التحول, حيث يقول: «السبب فى هذا التحول هو الكبت الذى خرج من المصريين بعد 30 عاماً عانوا فيها من حكم ديكتاتورى، وفجأة شموا نسيم الحرية فى يناير 2011، كل الأمراض النفسية المختبئة بداخلهم بدأت فى الصعود إلى السطح موجهة نحو الأضعف وهو المرأة لتصبح البجاحة فى كل شيء طبعاً فى الشارع المصرى خاصة مع انعدام الأمن فى الشارع فالأقوى يفعل ما يريد تجاه الأضعف.
والمعروف فى مجتمعاتنا الشرقية أن المرأة هى من فئات المجتمع الأضعف التى يمكن أن يراها بعض غير المتزنين من الرجال فريسة يمكن ممارسة القهر عليها.
مبادرة «شفت تحرش»
وتقول هالة مصطفى، المنسق العام لمبادرة شفت تحرش: بدأت المبادرة فى أكتوبر 2012 وتهتم المبادرة بالعمل على مكافحة جريمة التحرش عن تطريق التوعية والرصد والتوثيق.. وقد أكدت الإحصائيات أن 99.3% من النساء يتعرضن للتحرش فى المواصلات العامة والشوارع.. فضلاً عن أن مصر تحتل المركز الثانى عالميا بعد أفغانستان فى التحرش. باختصار إن ما يحدث من تحرش ليس ظاهرة لكنه جريمة ترتكب بشكل يومى.. هذا وقد كشف التقرير الأخير لجهاز التعبئة والإحصاء أن مصر تتكلف سنويا 2 مليار و800 مليون تكلفة العنف ضد النساء فى مصر الذى يعد التحرش أحد أشكاله. وتؤكد هالة أن التحرش فى مصر يحظى بحاضنة اجتماعية مباركة.. ويكفى أن فتاة الشرقية كانت ترتدى فستاناً قصيراً بسبب ذهابها إلى حفل زفاف فكانت النتيجة أن تم التحرش بها ثم صرحت الداخلية بعد ذلك بأن السبب وراء ذلك هو ملابسها وحملت المجنى عليها مسئولية تعرضها للتحرش.. ومما يلفت النظر هو «الهاشتاج» الذى انتشر بشكل كبير وهو «أول محاولة تحرش كان عمرى» ليكشف حقائق مفزعة وهى أن هناك حالات تعرضت للتحرش فى سن الرابعة أو الخمس سنوات والمؤسف هو أن هؤلاء الأطفال عندما حاولوا إبلاغ أمهاتهم بهذا الأمر، تمت معاقبتهم بدلاً من معاقبة المتحرش.. وتؤكد هالة أن لدينا نظاماً لا يعنيه مسألة التحرش فى شىء ويلقى اللوم على الضحية.. فضلاً عن الخطاب الدينى الذى يدعو المرأة إلى المكوث فى بيتها حفاظاً على نفسها مما يعطى مبرراً شرعياً للتحرش.. وفى النهاية المطلوب تغليظ العقوبات على مرتكبى تلك الجريمة لأن القوانين غير رادعة ويشوبها عوار شديد.
العقوبة الجنائية
ويرى المستشار كمال الإسلامبولى – رئيس المجلس الوطنى المصرى وعضو مجلس أمناء التيار الشعبى - أن قانون العقوبات على المتحرش قد تم تعديله لأقصى عقوبة لتصل إلى السجن ثلاث سنوات فى حالة التحرش والإعدام فى حالة الاغتصاب ولكنها عقوبة غير مفعلة.
ويفسر «الإسلامبولى» ذلك قائلاً: «يجب أن تكون الفتاة أو السيدة المتحرش بها أكثر شجاعة وتبلغ الشرطة ولكن ما يحدث أن الفتاة وأهلها يخشون على سمعتها إذا عرف أنها تعرضت للتحرش فرغم أنها ضحية إلا أن المجتمع يحملها وصمة عار إذا عرف أنها تم التحرش بها أو اغتصابها».
الممنوع مرغوب
ويشير الدكتور هاشم بحرى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، إلى أن جميع المتحرشين يشتركون فى صفة مشتركة، فهم يرفضون المجتمع ويتعاملون بعنف، ويمكن ملاحظة اضطراباتهم النفسية والسلوكية، فيما يقدمون عليه من سلوكيات ضد المجتمع، فهم لا يبالون ولا يهتمون بالعواقب التى قد تقع عليهم، كل ما يهتمون به هو اللذة الجنسية والشعور الوقتى الذى يعيش فيه للحظات.
وأكد الدكتور هاشم أن «التحرش ما هو إلا هوس جنسى بالأشياء نتيجة انتشار ثقافة الحرمان فى العموم.. كما أن المجتمع المصرى والعربى ينظر إلى المرأة على أنها مجرد جسد، كلما زادت فكرة الغطاء يزداد الهوس، الممنوع مرغوب».
وأضاف أن الكبت والفصل بين الجنسين له عامل كبير فى التحرش، لأنه يزيد من التخيل لدى الرجل من وجهة نظره فقط، وهذا يؤدى إلى عدم إدراك متطلبات المرأة كإنسان، مضيفاً أن التفكير بهذا الأسلوب ينتزع الإنسانية فتصبح المرأة للرجل مجرد جسد.
اك متطلبات المرأة كإنسان، مضيفاً أن التفكير بهذا الأسلوب ينتزع الإنسانية فتصبح المرأة للرجل مجرد جسد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.